اقتحم الفنان عباس بوخبزة عالم الألوان في سن مبكرة، غير آبه بفضاءات الفن التشكيلي في تونس باعتبارها لم تتجاوز بعد العقلية الكلاسيكية ولم يسع أصحابها إلى تطوير سياسة استقطاب أهم الفنانين من داخل وخارج الوطن..
وقد تبنى بوخبزة خلال مشواره الفني مشاريع على المدى الطويل وترك أثرا أينما حل، على غرار مشاركته بقاعة الفنانين المستقلين بالقصر الكبير بباريس وغيرها من المعارض الدولية ليحقق عمله "حوش وبيبان" مؤخرا نجاحا كبيرا وتم إدراجه من بين الاعمال المبرمجة في قصر الامم المتحدة بجنيف..
كما لم تثنه كورونا من مواصلة نشاطه الفني بالتنسيق مع العديد من التشكيليين الاوروبيين مثل الفنانة الفرنسية آني ليفي، ورسم جداريات بمدارس في جربة ثم بفرنسا تكريما للمؤسسات التربوية، فضلا عن العديد من المشاريع الفنية الاخرى.
"الصباح" كان لها لقاء مع التشكيلي عباس بوخبزة ابن جزيرة الأحلام والناشط حاليا بألمانيا للحديث عن أهم أعماله الفنية وعن آرائه حول وضعية وآفاق الفن التشكيلي في تونس. فكان الحوار التالي:
وليد عبداللاوي
+هل من جديد بعد "حوش البيبان"؟
استدعيت مؤخرا من طرف Peace week و Peace-talks وهي جمعيات تنشط تحت إشراف البعثة السويسرية الدائمة لدى الأمم المتحدة شعارها السلام في جميع أنحاء العالم.. ومشاركتي هذه كانت إثر تأجيل الذهاب الى امريكيا والمساهة في فعاليات معرض هام، ذلك أنني واصلت العمل على الجداريات والمدارس وشاركت بالزوم للحديث عن تفاصيل المشروع الى أن التحقت بسويسرا وعرض آليات ومحتوى الأعمال.
الحضور هناك يمثل أغلب بلدان العالم وأعتى منظمات السلام، اصريت بينهم أن أتحدث بإطناب عن مشروع المدارس والمجهود الكبير لأهالي التلاميذ من حيث الدعم المالي والمعنوي.. وهنا أود أن أشير الى أنه ليس لدي نموذج محدد لأتبعه بل أعمل على تجسيد مسائل تجسد مميزاتالبحر الابيض المتوسط فضرل عن إبراز رموز الهوية التونسية و"الجربية" على وجه الخصوص.
+كيف كان التعامل مع المعارض الأجنبية؟
- بالنسبة للقائمين على العروض الأجنبية لم يتوقعوا في بداية الأمر مدى جدية مشروع "السلام" الذي أعمل على إنجازه، وقد نبهت الى العديد من مزايا بلادنا لا سيما وأنهم يعتقدون أن العنصرية قد تغلغلت عندنا وأن الهجرة غير الشرعية استفحلت ولا مفر من تفاقمها.. نبهت الى أن المجتمع الدولي لا بد أن يولي تونس أهمية كبرى مساهمة في السلام الاجتماعي واستقرار البلاد.
كما تحدثت عن أهمية التعامل مع الراحل الصادق بن مهني وتأثيره على مسريتي الفنية بل أصريت على تكريمه من خلال مشروع "السلام" كذلك ابنته لينا التي رفضت قبل رحيلها أن تتداوى في المصحات الخاصة وأصرت على أن تتداوى في المستشفيات العمومية رغم المشاكل والنقائص من حيث الإمكانيات..ثم إن المعرض غايته ليست ربحية، الفكرة من ورائه كانت عرض علاقتي المتينة مع فقيدنا الصادق بن مهني وتطور المشاريع التي تناقشنا حولها، هذا إضافة الى أني سأخصص ركنا في معرض "السلام" للراحل الصادق لأنه شخصية وطنية، هي لمسة اعتراف لأن ذاكرة التونسيين قصيرة ولا بد من استحضار مثل هذا الشخصيات الفاعلة في المجتمع.
+ماذا عن وضعية الفن التشكيلي في تونس؟
-بالنسبة للفن التشكيلي في تونس، أرى أنه لا وجود لآفاق، ذلك أن الفنان التشكيلي لا بد أن يتحرر من كل ماهو كلاسيكي والاقتصار على الاعمال قصيرة المدى لغاية ربحية فقط.. طبعا –وبكل صراحة- لا يمكن أن يتحقق ذلك دون رؤية واضحة للدولة ودعمها للمجالات الثقافية عامة.. لماذا لا تنتهج دولتنا سياسة أغلب البلدان الاوروبية التي تخصص نسبة من مصاريف المشاريع الكبرى للثقافة، وأن يتبنى كل مشروع ضخم عمل fresque mirale أو fresque céramique وغيرها من الانماط التشكيلية التي من شأنها أن تحفز الفنانين وتكون في متناول المجتمع الى أن يتعود الجميع بمثل تلك الفنون.
هذا اضافة الى أن أصحاب فضاءات الفن التشكيلي les galleristes يجب أن يتصلوا بأغلبية الفنانين سواء داخل الوطن أو خارجه..يكفي أن يكونوا منفتحين على جميع الأجيال ومواكبة الاسواق العالمية لتجاوز كل الممارسات الكلاسيكية.
في ذات السياق هناك عوائق تطال هذا الفن كندرة المختصين في النقد الفني لأننا لم نشهد تصالحا مع الأجيال، الأمر الذي تسبب في تغلغل الأنانية التي حالت دون تأطير وإعانة فنانين موهوبين من طرف تشكيليين مشهورين وأصحاب تجارب.. ثم لا ننسى أن أغلبية الفضاءات في تونس لها نزعة تجارية، النجاح بالنسبة لأصحابها يتعلق بنسبة المبيعات فقط.."
وعن الانسياق وراء المعارض الالكترونية لربح الاموال أرى أنه يجب أن تعاش الثقافة في الواقع لا في العالم الافتراضي "لانو الشيخة" حين تتحدث مع الرسام وتتأمل في مختلف الأعمال.. نفس الشيء بالنسبة لأي عمل فني سواء كان مسرحا أو سينما..
تونس-الصباح
اقتحم الفنان عباس بوخبزة عالم الألوان في سن مبكرة، غير آبه بفضاءات الفن التشكيلي في تونس باعتبارها لم تتجاوز بعد العقلية الكلاسيكية ولم يسع أصحابها إلى تطوير سياسة استقطاب أهم الفنانين من داخل وخارج الوطن..
وقد تبنى بوخبزة خلال مشواره الفني مشاريع على المدى الطويل وترك أثرا أينما حل، على غرار مشاركته بقاعة الفنانين المستقلين بالقصر الكبير بباريس وغيرها من المعارض الدولية ليحقق عمله "حوش وبيبان" مؤخرا نجاحا كبيرا وتم إدراجه من بين الاعمال المبرمجة في قصر الامم المتحدة بجنيف..
كما لم تثنه كورونا من مواصلة نشاطه الفني بالتنسيق مع العديد من التشكيليين الاوروبيين مثل الفنانة الفرنسية آني ليفي، ورسم جداريات بمدارس في جربة ثم بفرنسا تكريما للمؤسسات التربوية، فضلا عن العديد من المشاريع الفنية الاخرى.
"الصباح" كان لها لقاء مع التشكيلي عباس بوخبزة ابن جزيرة الأحلام والناشط حاليا بألمانيا للحديث عن أهم أعماله الفنية وعن آرائه حول وضعية وآفاق الفن التشكيلي في تونس. فكان الحوار التالي:
وليد عبداللاوي
+هل من جديد بعد "حوش البيبان"؟
استدعيت مؤخرا من طرف Peace week و Peace-talks وهي جمعيات تنشط تحت إشراف البعثة السويسرية الدائمة لدى الأمم المتحدة شعارها السلام في جميع أنحاء العالم.. ومشاركتي هذه كانت إثر تأجيل الذهاب الى امريكيا والمساهة في فعاليات معرض هام، ذلك أنني واصلت العمل على الجداريات والمدارس وشاركت بالزوم للحديث عن تفاصيل المشروع الى أن التحقت بسويسرا وعرض آليات ومحتوى الأعمال.
الحضور هناك يمثل أغلب بلدان العالم وأعتى منظمات السلام، اصريت بينهم أن أتحدث بإطناب عن مشروع المدارس والمجهود الكبير لأهالي التلاميذ من حيث الدعم المالي والمعنوي.. وهنا أود أن أشير الى أنه ليس لدي نموذج محدد لأتبعه بل أعمل على تجسيد مسائل تجسد مميزاتالبحر الابيض المتوسط فضرل عن إبراز رموز الهوية التونسية و"الجربية" على وجه الخصوص.
+كيف كان التعامل مع المعارض الأجنبية؟
- بالنسبة للقائمين على العروض الأجنبية لم يتوقعوا في بداية الأمر مدى جدية مشروع "السلام" الذي أعمل على إنجازه، وقد نبهت الى العديد من مزايا بلادنا لا سيما وأنهم يعتقدون أن العنصرية قد تغلغلت عندنا وأن الهجرة غير الشرعية استفحلت ولا مفر من تفاقمها.. نبهت الى أن المجتمع الدولي لا بد أن يولي تونس أهمية كبرى مساهمة في السلام الاجتماعي واستقرار البلاد.
كما تحدثت عن أهمية التعامل مع الراحل الصادق بن مهني وتأثيره على مسريتي الفنية بل أصريت على تكريمه من خلال مشروع "السلام" كذلك ابنته لينا التي رفضت قبل رحيلها أن تتداوى في المصحات الخاصة وأصرت على أن تتداوى في المستشفيات العمومية رغم المشاكل والنقائص من حيث الإمكانيات..ثم إن المعرض غايته ليست ربحية، الفكرة من ورائه كانت عرض علاقتي المتينة مع فقيدنا الصادق بن مهني وتطور المشاريع التي تناقشنا حولها، هذا إضافة الى أني سأخصص ركنا في معرض "السلام" للراحل الصادق لأنه شخصية وطنية، هي لمسة اعتراف لأن ذاكرة التونسيين قصيرة ولا بد من استحضار مثل هذا الشخصيات الفاعلة في المجتمع.
+ماذا عن وضعية الفن التشكيلي في تونس؟
-بالنسبة للفن التشكيلي في تونس، أرى أنه لا وجود لآفاق، ذلك أن الفنان التشكيلي لا بد أن يتحرر من كل ماهو كلاسيكي والاقتصار على الاعمال قصيرة المدى لغاية ربحية فقط.. طبعا –وبكل صراحة- لا يمكن أن يتحقق ذلك دون رؤية واضحة للدولة ودعمها للمجالات الثقافية عامة.. لماذا لا تنتهج دولتنا سياسة أغلب البلدان الاوروبية التي تخصص نسبة من مصاريف المشاريع الكبرى للثقافة، وأن يتبنى كل مشروع ضخم عمل fresque mirale أو fresque céramique وغيرها من الانماط التشكيلية التي من شأنها أن تحفز الفنانين وتكون في متناول المجتمع الى أن يتعود الجميع بمثل تلك الفنون.
هذا اضافة الى أن أصحاب فضاءات الفن التشكيلي les galleristes يجب أن يتصلوا بأغلبية الفنانين سواء داخل الوطن أو خارجه..يكفي أن يكونوا منفتحين على جميع الأجيال ومواكبة الاسواق العالمية لتجاوز كل الممارسات الكلاسيكية.
في ذات السياق هناك عوائق تطال هذا الفن كندرة المختصين في النقد الفني لأننا لم نشهد تصالحا مع الأجيال، الأمر الذي تسبب في تغلغل الأنانية التي حالت دون تأطير وإعانة فنانين موهوبين من طرف تشكيليين مشهورين وأصحاب تجارب.. ثم لا ننسى أن أغلبية الفضاءات في تونس لها نزعة تجارية، النجاح بالنسبة لأصحابها يتعلق بنسبة المبيعات فقط.."
وعن الانسياق وراء المعارض الالكترونية لربح الاموال أرى أنه يجب أن تعاش الثقافة في الواقع لا في العالم الافتراضي "لانو الشيخة" حين تتحدث مع الرسام وتتأمل في مختلف الأعمال.. نفس الشيء بالنسبة لأي عمل فني سواء كان مسرحا أو سينما..