إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية زمن السلم والحرب.. ما هو كائن وما يجب أن يكون..

 

 

الاتفاقيات التي خطّها الغرب وانخرط العرب فيها فشلت في أول اختبار حقيقي في غزة

بقلم: ريم بالخذيري

خلال الحرب الدائرة في غزة تجدّد الحديث عن المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية ودورها في تخفيف معاناة أكثر من مليوني غزّاوي يفتقدون لكل مقوّمات الحياة .وبين منتقد لهذا الدور ومتفهّم للصعوبات التي تعترضها باتت هذه المنظمات في موقع المتّهم بل والمتواطئ أحيانا حتى بصمتها مع المجازر التي تحدث على مرأى ومسمع العالم وهو ما جعلها تحيد عن أهدافها وعن المبادئ التي أسست عليها .

ومن المعروف أنّ هذه المنظمات منها ما هو أممي ومنها ما هو إقليمي لكن أهدافها تبقى واحدة في زمن السلم و الحرب والكوارث هو إغاثة المحتاجين واللاجئين.

أما المحاكم الدولية فهي تنظر في جرائم الحرب والإبادة والتعذيب .

المنظمات الإنسانية

تعرّف على أنّها مجموعة الهيئات والمؤسسات التي يتكون منها المجتمع الدولي بشكلٍ أساسي، والتي تشارك في تحقيق إرادة الجماعات الدولية، كما أنّها عبارةٌ عن منظّمات تقوم على هيكلٍ إداري تنفيذي وتنظيمي من خلال مجموعةٍ من الشخصيات الاعتبارية والمؤسسات التي تتكون منها الدول وأهمها منظمة الأمم المتحدة.

أنواع المنظمات الدولية

المنظمات الدولية العالمية العامة: وهي المنظمات التي يتركز نشاطها بشكلٍ أساسي على حلّ كافة أنواع النزاع والخلافات الحاصلة بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى تدعيم الصلات السلمية بينها وبين المنظمات الأخرى مثل هيئة الأمم المتحدة.

المنظمات الدولية الفنية وهي المؤسسات التي تُعرف باسم الوكالات، مثل:

 العمل الدولية، والتغذية والزراعة، واليونسكو، ووكالة الصحة الدولية.

المنظمات الدولية القضائية: وهي المنظمات الخاصة بالفصل في المنازعات الدولية بناءً على أساس القانون الدولي مثل محكمة العدل الدولية، ومحاكم التحكيم.

المنظمات الدولية الإقليمية: ومن الأمثلة عليها جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة الدول الأمريكية.

وتنقسم المنظمات الى عدد من الفروع والاختصاصات. وسنتعرف هنا على المنظمات الدولية الانسانية ودورها وأهميتها.

فهذا النوع من المنظمات عادة ما يكون مستقلا بذاته وله فروع في كل الدول تقريبا مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر(الصليب الأحمر والهلال الأحمر نجد أن كلا منهما منظمة مستقلة تقدم خدماتها في مجموعة كبيرة من البلدان حول العالم، فالـهلال الأحمر يقدم خدماته في الدول التي تكون حكوماتها إسلامية أو غالبية سكانها مسلمون، بينما يقدم الصليب الأحمر خدماته في الدول ذات الديانة المسيحية أو غيرها) ويكوّنان معا الحركة الدولية للصليب الأحمر ويجتمعان كل سنتين للتنسيق بينهما.

كما تجري الحركة كل أربع سنوات محادثات مع ممثلي الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وتعرّف على أنها منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة، تتمثّل مهمتها الإنسانية البحتة في حماية أرواح وكرامة ضحايا النزاع المسلح وحالات العنف الأخرى وتقديم المساعدة لهم. وتسعى لتفادي المعاناة الإنسانية من خلال نشر وتعزيز أحكام القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية العالمية.

ومنها ما هو مرتبط بالأمم المتحدة كالمنظمة الدولية للهجرة (IOM) ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ومنها ما هو خاص أو إقليمي أنشطته وعمليات الاغاثة والمساعدة تقتصر على أماكن وبلدان محددة كوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.

غزة والمنظمات الإنسانية

من المعروف أنّ قطاع غزة ومنذ سنوات مرتبط ارتباطا وثيقا بهذه المنظمات الإنسانية لا يمكنه الاستغناء عنها في ظل الحصار الشامل المفروض عنها من قبل الاحتلال. وهي التي تشرف على توزيع المساعدات الدولية وتشرف على بناء المستشفيات التي تقدّم كهبات.

وقد بذلت هذه المنظمات مجهودات كبيرة منذ 7أكتوبرلكنها سرعان ما كبّلت بالقصف الإسرائيلي وقصفت أغلب مخازنها من الادوية والأغذية .هذا على المستوى الميداني أمّا على المستوى الرسمي فكان صوت هذه المنظمات خافتا ولم تمارس ضغوطا كافية لفك الحصار على أكثر من مليوني مواطن. وهو ما جعل عددا من الاستقالات تحدث وسط هذه المنظمات والهيئات آخرها كانت استقالة مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان كريغ مخيبر الذي صرّح في تبريره للاستقالة بالقول"نشهد، مرة أخرى، إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، ويبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقفها، ما يحدث بغزة حالة إبادة جماعية، وهيئات رئيسية بالأمم المتحدة استسلمت للولايات المتحدة واللوبي الإسرائيلي".

وأضافأن "المشروع الاستعماري الأوروبي دخل المرحلة النهائية لتدمير بقايا الحياة الفلسطينية الأصلية".

مراجعة الاتفاقيات الدولية

من المعروف أن المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية هي نتيجة اتفاقيات دولية هدفها الاساسي حماية الانسان وحفظ كرامته زمن الحرب والسلم . لكن هذه الاتفاقيات التي خطّها الغرب وانخرط العرب فيها فشلت في أول اختبار حقيقي في غزة فمعاهدات حماية الأطفال والنساء والمدنيين تخرق يوميا من قبل الاحتلال الإسرائيلي الموقع عليها زورا وتتم بمباركة أمريكية وغربية تحت يافطة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" .

والمحصلة أنّ هذه الاتفاقيات ومن ورائها المنظمات فشلت فشلا ذريعا ولابدّ من مراجعتها ولابد أن تتخذ الدول العربية والإسلامية منها موقفا واضحا فهي نافذة حينما يتعلق الامر بالإسرائيليين وهي مسكوت عنها ومتروكة حينما يتعلق الامر بالعرب والفلسطينيين.

والمفارقة أنّ الدول العربية لاتهتم كثيرا بدعم منظماته سياسيا ولا حتى مادّيا مقابل التهافت على دعم المنظمات الأجنبية بكل الطرق الممكنة لاعتبارات سياسية لا إنسانية.

محكمة جنائية لإسرائيل

ما قامت به إسرائيل في أسابيع من جرائم وإبادة لم يحدث في أي مكان آخر في العالم وقد اتفق عدد من الخبراء الدوليين في القانون الجنائي أن إسرائيل بصدد القيام بجرائم حرب وإبادة.

وبالتالي فان محاسبة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية مطلب ملح. بل انّه من الواجب على الأمم المتحدة أن تحدث محكمة جنائية دولية مؤقتة للجرائم الإسرائيلية على غرار محكمة الجنائية الدولية لرواندا والتي خصصت لمقاضاة الأفراد المسؤولين عن الإبادة الجماعية في هذا البلد وباقي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي أو من قبل مواطنين روانديين في الدول المجاورة في الفترة بين 1 جانفي و31 ديسمبر 1994.

أو المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وهي لجنة أسستها منظمة الأمم المتحدة لمحاكمة جرائم الحرب التي ارتكبت هناك. ولديها الولاية القضائية حول عدة أنواع من الجرائم المرتكبة في المنطقة التي كانت تمثل يوغوسلافيا سابقاً منذ عام 1991، كالمخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، ومخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم مثل الإبادة الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى.

هذه الخطوة ليست مستحيلة طالما تشبّث بها العرب وطالبوا بها لكن الخوف أن يصيبهم داء النسيان كما نسوا أن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.

 

 

 

 

 

 

 

المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية زمن السلم والحرب.. ما هو كائن وما يجب أن يكون..

 

 

الاتفاقيات التي خطّها الغرب وانخرط العرب فيها فشلت في أول اختبار حقيقي في غزة

بقلم: ريم بالخذيري

خلال الحرب الدائرة في غزة تجدّد الحديث عن المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية ودورها في تخفيف معاناة أكثر من مليوني غزّاوي يفتقدون لكل مقوّمات الحياة .وبين منتقد لهذا الدور ومتفهّم للصعوبات التي تعترضها باتت هذه المنظمات في موقع المتّهم بل والمتواطئ أحيانا حتى بصمتها مع المجازر التي تحدث على مرأى ومسمع العالم وهو ما جعلها تحيد عن أهدافها وعن المبادئ التي أسست عليها .

ومن المعروف أنّ هذه المنظمات منها ما هو أممي ومنها ما هو إقليمي لكن أهدافها تبقى واحدة في زمن السلم و الحرب والكوارث هو إغاثة المحتاجين واللاجئين.

أما المحاكم الدولية فهي تنظر في جرائم الحرب والإبادة والتعذيب .

المنظمات الإنسانية

تعرّف على أنّها مجموعة الهيئات والمؤسسات التي يتكون منها المجتمع الدولي بشكلٍ أساسي، والتي تشارك في تحقيق إرادة الجماعات الدولية، كما أنّها عبارةٌ عن منظّمات تقوم على هيكلٍ إداري تنفيذي وتنظيمي من خلال مجموعةٍ من الشخصيات الاعتبارية والمؤسسات التي تتكون منها الدول وأهمها منظمة الأمم المتحدة.

أنواع المنظمات الدولية

المنظمات الدولية العالمية العامة: وهي المنظمات التي يتركز نشاطها بشكلٍ أساسي على حلّ كافة أنواع النزاع والخلافات الحاصلة بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى تدعيم الصلات السلمية بينها وبين المنظمات الأخرى مثل هيئة الأمم المتحدة.

المنظمات الدولية الفنية وهي المؤسسات التي تُعرف باسم الوكالات، مثل:

 العمل الدولية، والتغذية والزراعة، واليونسكو، ووكالة الصحة الدولية.

المنظمات الدولية القضائية: وهي المنظمات الخاصة بالفصل في المنازعات الدولية بناءً على أساس القانون الدولي مثل محكمة العدل الدولية، ومحاكم التحكيم.

المنظمات الدولية الإقليمية: ومن الأمثلة عليها جامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة الدول الأمريكية.

وتنقسم المنظمات الى عدد من الفروع والاختصاصات. وسنتعرف هنا على المنظمات الدولية الانسانية ودورها وأهميتها.

فهذا النوع من المنظمات عادة ما يكون مستقلا بذاته وله فروع في كل الدول تقريبا مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر(الصليب الأحمر والهلال الأحمر نجد أن كلا منهما منظمة مستقلة تقدم خدماتها في مجموعة كبيرة من البلدان حول العالم، فالـهلال الأحمر يقدم خدماته في الدول التي تكون حكوماتها إسلامية أو غالبية سكانها مسلمون، بينما يقدم الصليب الأحمر خدماته في الدول ذات الديانة المسيحية أو غيرها) ويكوّنان معا الحركة الدولية للصليب الأحمر ويجتمعان كل سنتين للتنسيق بينهما.

كما تجري الحركة كل أربع سنوات محادثات مع ممثلي الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف في المؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وتعرّف على أنها منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة، تتمثّل مهمتها الإنسانية البحتة في حماية أرواح وكرامة ضحايا النزاع المسلح وحالات العنف الأخرى وتقديم المساعدة لهم. وتسعى لتفادي المعاناة الإنسانية من خلال نشر وتعزيز أحكام القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية العالمية.

ومنها ما هو مرتبط بالأمم المتحدة كالمنظمة الدولية للهجرة (IOM) ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ومنها ما هو خاص أو إقليمي أنشطته وعمليات الاغاثة والمساعدة تقتصر على أماكن وبلدان محددة كوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.

غزة والمنظمات الإنسانية

من المعروف أنّ قطاع غزة ومنذ سنوات مرتبط ارتباطا وثيقا بهذه المنظمات الإنسانية لا يمكنه الاستغناء عنها في ظل الحصار الشامل المفروض عنها من قبل الاحتلال. وهي التي تشرف على توزيع المساعدات الدولية وتشرف على بناء المستشفيات التي تقدّم كهبات.

وقد بذلت هذه المنظمات مجهودات كبيرة منذ 7أكتوبرلكنها سرعان ما كبّلت بالقصف الإسرائيلي وقصفت أغلب مخازنها من الادوية والأغذية .هذا على المستوى الميداني أمّا على المستوى الرسمي فكان صوت هذه المنظمات خافتا ولم تمارس ضغوطا كافية لفك الحصار على أكثر من مليوني مواطن. وهو ما جعل عددا من الاستقالات تحدث وسط هذه المنظمات والهيئات آخرها كانت استقالة مدير مكتب نيويورك للمفوضية السامية لحقوق الإنسان كريغ مخيبر الذي صرّح في تبريره للاستقالة بالقول"نشهد، مرة أخرى، إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا، ويبدو أن المنظمة التي نخدمها عاجزة عن وقفها، ما يحدث بغزة حالة إبادة جماعية، وهيئات رئيسية بالأمم المتحدة استسلمت للولايات المتحدة واللوبي الإسرائيلي".

وأضافأن "المشروع الاستعماري الأوروبي دخل المرحلة النهائية لتدمير بقايا الحياة الفلسطينية الأصلية".

مراجعة الاتفاقيات الدولية

من المعروف أن المنظمات الإنسانية والمحاكم الدولية هي نتيجة اتفاقيات دولية هدفها الاساسي حماية الانسان وحفظ كرامته زمن الحرب والسلم . لكن هذه الاتفاقيات التي خطّها الغرب وانخرط العرب فيها فشلت في أول اختبار حقيقي في غزة فمعاهدات حماية الأطفال والنساء والمدنيين تخرق يوميا من قبل الاحتلال الإسرائيلي الموقع عليها زورا وتتم بمباركة أمريكية وغربية تحت يافطة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" .

والمحصلة أنّ هذه الاتفاقيات ومن ورائها المنظمات فشلت فشلا ذريعا ولابدّ من مراجعتها ولابد أن تتخذ الدول العربية والإسلامية منها موقفا واضحا فهي نافذة حينما يتعلق الامر بالإسرائيليين وهي مسكوت عنها ومتروكة حينما يتعلق الامر بالعرب والفلسطينيين.

والمفارقة أنّ الدول العربية لاتهتم كثيرا بدعم منظماته سياسيا ولا حتى مادّيا مقابل التهافت على دعم المنظمات الأجنبية بكل الطرق الممكنة لاعتبارات سياسية لا إنسانية.

محكمة جنائية لإسرائيل

ما قامت به إسرائيل في أسابيع من جرائم وإبادة لم يحدث في أي مكان آخر في العالم وقد اتفق عدد من الخبراء الدوليين في القانون الجنائي أن إسرائيل بصدد القيام بجرائم حرب وإبادة.

وبالتالي فان محاسبة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية مطلب ملح. بل انّه من الواجب على الأمم المتحدة أن تحدث محكمة جنائية دولية مؤقتة للجرائم الإسرائيلية على غرار محكمة الجنائية الدولية لرواندا والتي خصصت لمقاضاة الأفراد المسؤولين عن الإبادة الجماعية في هذا البلد وباقي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي أو من قبل مواطنين روانديين في الدول المجاورة في الفترة بين 1 جانفي و31 ديسمبر 1994.

أو المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وهي لجنة أسستها منظمة الأمم المتحدة لمحاكمة جرائم الحرب التي ارتكبت هناك. ولديها الولاية القضائية حول عدة أنواع من الجرائم المرتكبة في المنطقة التي كانت تمثل يوغوسلافيا سابقاً منذ عام 1991، كالمخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، ومخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم مثل الإبادة الجماعية والجرائم الإنسانية الأخرى.

هذه الخطوة ليست مستحيلة طالما تشبّث بها العرب وطالبوا بها لكن الخوف أن يصيبهم داء النسيان كما نسوا أن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين.