إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أقرها مجلس البرلمان.. منحة استثنائية للنواب تُثير الجدل من جديد.. وهذا ما ينص عليه القانون

 

وحيد الفرشيشي لـ"الصباح": لا داعي للبطولات الوهمية والترفيع في سقف النضال ثم الانصدام بالواقع"

تونس – الصباح

استأنف مجلس نواب الشعب أشغال دورته النيابية الثانية منذ 3 أكتوبر 2023 بجلسة افتتاحية عادية عبر خلالها رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة في كلمته الافتتاحية "عن اعتزازه بما اتسمت به المرحلة الأولى من عمل المجلس من حوار بناء مثمر ساهم فيه الجميع وبرهن فيه النواب عن مدى استعدادهم للعمل الجدي خدمة للمصلحة العليا للوطن"، مشيرا إلى "تواصل هذا المؤشر على امتداد الدورة والذي بعث برسائل طمأنة ترجمت مدى إيمان نواب الشعب بجسامة التحديات المطروحة ووعيهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم".

لكن على ما يبدو أن رسائل الطمأنة هذه لم تدم طويلا بعد الضجة التي أثارها قرار إسناد منحة استثنائية للنواب ما يثير العديد من التساؤلات من بينها مدى قانونية هذه المنحة.

إيمان عبد اللطيف

 

قرر مكتب مجلس نواب الشعب في جلسته المنعقدة يوم الخميس 19 أكتوبر الجاري إسناد منحة استثنائية للنواب قدرها ألف دينار شهريا وفق محضر لجلسة المكتب نشره الناشط السياسي عبد الوهاب الهاني بصفحته على موقع "فايسبوك"، وعلل المكتب قرار إسناد المنحة للنواب بـ"تغطية تكاليف السكن والتنقل خلال أشهر اكتوبر ونوفمبر وديسمبر من السنة الحالية".

قرار لم يمر مرور الكرام، بل أثار موجة من الانتقادات والسخرية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" من طرف العديد من التونسيين من بينهم سياسيون ونواب سابقون.

وتعليقا على  ذلك، أكد النائب المستقل بلال المشري أمس الاثنين 23 أكتوبر الجاري أن "أغلب النواب فوجئوا بقرار مكتب المجلس إقرار منحة بألف دينار على امتداد 3 أشهر وأنهم علموا بذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، وحقيقة لم يزعجني هذا فربما هناك وضعيات خاصة لبعض الزملاء النواب".

وذكّر بأنه كان للنواب في السابق منحة للسكن والهندام والأكل وبأنّه تم التخلي عنها، موضحا أن المنحة الحالية التي يحصل عليها النائب في حدود 3250 دينارا.

وأوضح أنه لم يتم مناقشة هذه المسألة في جلسة عامة وأنها تمت بموجب قرار من مكتب المجلس، لافتا إلى أن ذلك يدخل ضمن صلاحياته. وأضاف أنه ليست له حيثيات حول أسباب ودواعي هذا القرار، مرجحا أن يكون ذلك بناء على “وضعيات معينة في علاقة بالنواب”.

دُونت في ذات السياق العديد من العناوين تعليقا على هذا القرار على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" على غرار "مجلس نواب الشعب يُعطي المثال في التقشف بمنحة جديدة بألف دينار لكل نائب..، الوقت مناسب للزيادة..، هذه البلاد مشغولة بحرب التهجير والإبادة على غزة"..

وكتب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي على صفحته الرسمية "في هذه الأثناء، و في غفلة من الجميع، قرر أعضاء مجلس نواب الشعب منح أنفسهم منحة استثنائية بألف دينار لكل نائب..، طبعا في إطار الحرص على المالية العمومية و ضمانا لخدمة الشعب الكريم..، وانخراطا في العلو الشاهق".

في ذات التوجه أصدر "وطنيون أحرار لدعم المسار"، بيانا "تضمن رسالة إلى مجلس الشعب الموقر (الموقر أقصد به الشعب التونسي الحر) هذا إذا كان خبر طلبكم منحة سكن وتنقل قيمتها ألف دينار..، وطنيون أحرار لدعم المسار نستنكر وضد مطلب منحة السكن والتنقل بألف دينار لأعضاء مجلس الشعب عهد المساومات وعدم المسؤولية ولى ولن يعود".

وأضاف البيان "گأنكم ليس لكم علم بالمشاكل المالية والاقتصادية للبلاد، كما أنه كان من الأولى أنكم ناقشتم منح للعائلات ذات الدخل المحدود والمعوزة أو منح للشباب المتخرج المعطل عن العمل.. قراراتكم ومطالبكم غير مسؤولة ونحن لن نوافق على هذا التمشي ولنا الكثير من الاحترازات في هذا الخصوص".

ليست المرة الأولى التي يُثار فيها قرار زيادة منح النواب نقاشا واسعا، ففي سنة 2016 أثار قرار المجلس زيادة رواتب النواب الكثير من الجدل في المشهد العام والذي تزامن في ذلك الوقت مع اتساع رقعة الاحتجاجات في عدة مناطق وجهات بسبب البطالة والفقر والتهميش وبسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد.

فنواب البرلمان البالغ عددهم 217 نائبا في تلك السنة كانوا يحصلون على 2300 دينار شهريا لكل نائب فصوتوا على زيادة بقيمة 900 دينار تم فيها إدماج منحة السكن والتنقل للجميع.

قبل هذه السنة، وتحديدا سنة 2012، أثارت رواتب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الكثير من الجدل واللغو والغضب الشعبي إلى درجة أنه تم إيقاف صرف رواتبهم بقرار من المحكمة الإدارية إلى حين تعديل قيمتها.

وبخصوص هذه المنحة الاستثنائية بألف دينار، أوضح أستاذ القانون العام وحيد الفرشيشي في تصريح لـ "الصباح" أنّه "إمّا أولا يتم إحالتها في إطار قانون ميزانية الدولة التعديلي الموجود الآن أو يتم تعديله بأمر صادر عن رئيس الجمهورية أو إحالته على جلسة عامة مع تفكير النواب في الموارد الذي سيغطون بها هذه المنح".

أما "المسألة التي يجب التذكير بها هو ذلك اللغط الذي حدث بخصوص أجور النواب ومنحهم، وأن هذا المجلس لن يكلف الدولة وسيتبع سياسة التقشف خدمة للوطن، غير أن نرى بصفة استثنائية ولكن بصفة تصاعدية من الممكن أن نعود إلى الوضعية التي كنا فيها".

وأفاد "في حقيقة الأمر وبصفة مطلقة فإن المنح التي ضبطها القانون غير كافية، فلا يمكن محاسبة النواب بنفس قدر المنح وقيمتها بما أنهم لا ينتمون إلى نفس الجهات. ولكن هؤلاء النواب قبلوا بهذا الأمر وهذه الأجور منذ البداية وقبلوا أن يخدموا الصالح الوطني كما سبق أن ذكروا ذلك وبالتالي لا داعي للبطولات الوهمية التي تنصدم بالواقع في ما بعد".

وقال وحيد الفرشيشي "ليس الإشكال في أن يتحصل النواب على رواتب مرتفعة ولا يجب أن يتم استغلالها في إطار الشعبوية، فمن الأصل يعلم أعضاء المجلس أن مستوى العيش قد ارتفع، مستويات العيش تختلف من جهة إلى أخرى وبالتالي لا يجب التكابر والترفيع في سقف النضال ثم الانصدام بالواقع".   

أقرها مجلس البرلمان..   منحة استثنائية للنواب تُثير الجدل من جديد.. وهذا ما ينص عليه القانون

 

وحيد الفرشيشي لـ"الصباح": لا داعي للبطولات الوهمية والترفيع في سقف النضال ثم الانصدام بالواقع"

تونس – الصباح

استأنف مجلس نواب الشعب أشغال دورته النيابية الثانية منذ 3 أكتوبر 2023 بجلسة افتتاحية عادية عبر خلالها رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة في كلمته الافتتاحية "عن اعتزازه بما اتسمت به المرحلة الأولى من عمل المجلس من حوار بناء مثمر ساهم فيه الجميع وبرهن فيه النواب عن مدى استعدادهم للعمل الجدي خدمة للمصلحة العليا للوطن"، مشيرا إلى "تواصل هذا المؤشر على امتداد الدورة والذي بعث برسائل طمأنة ترجمت مدى إيمان نواب الشعب بجسامة التحديات المطروحة ووعيهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم".

لكن على ما يبدو أن رسائل الطمأنة هذه لم تدم طويلا بعد الضجة التي أثارها قرار إسناد منحة استثنائية للنواب ما يثير العديد من التساؤلات من بينها مدى قانونية هذه المنحة.

إيمان عبد اللطيف

 

قرر مكتب مجلس نواب الشعب في جلسته المنعقدة يوم الخميس 19 أكتوبر الجاري إسناد منحة استثنائية للنواب قدرها ألف دينار شهريا وفق محضر لجلسة المكتب نشره الناشط السياسي عبد الوهاب الهاني بصفحته على موقع "فايسبوك"، وعلل المكتب قرار إسناد المنحة للنواب بـ"تغطية تكاليف السكن والتنقل خلال أشهر اكتوبر ونوفمبر وديسمبر من السنة الحالية".

قرار لم يمر مرور الكرام، بل أثار موجة من الانتقادات والسخرية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" من طرف العديد من التونسيين من بينهم سياسيون ونواب سابقون.

وتعليقا على  ذلك، أكد النائب المستقل بلال المشري أمس الاثنين 23 أكتوبر الجاري أن "أغلب النواب فوجئوا بقرار مكتب المجلس إقرار منحة بألف دينار على امتداد 3 أشهر وأنهم علموا بذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، وحقيقة لم يزعجني هذا فربما هناك وضعيات خاصة لبعض الزملاء النواب".

وذكّر بأنه كان للنواب في السابق منحة للسكن والهندام والأكل وبأنّه تم التخلي عنها، موضحا أن المنحة الحالية التي يحصل عليها النائب في حدود 3250 دينارا.

وأوضح أنه لم يتم مناقشة هذه المسألة في جلسة عامة وأنها تمت بموجب قرار من مكتب المجلس، لافتا إلى أن ذلك يدخل ضمن صلاحياته. وأضاف أنه ليست له حيثيات حول أسباب ودواعي هذا القرار، مرجحا أن يكون ذلك بناء على “وضعيات معينة في علاقة بالنواب”.

دُونت في ذات السياق العديد من العناوين تعليقا على هذا القرار على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" على غرار "مجلس نواب الشعب يُعطي المثال في التقشف بمنحة جديدة بألف دينار لكل نائب..، الوقت مناسب للزيادة..، هذه البلاد مشغولة بحرب التهجير والإبادة على غزة"..

وكتب الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي نبيل حجي على صفحته الرسمية "في هذه الأثناء، و في غفلة من الجميع، قرر أعضاء مجلس نواب الشعب منح أنفسهم منحة استثنائية بألف دينار لكل نائب..، طبعا في إطار الحرص على المالية العمومية و ضمانا لخدمة الشعب الكريم..، وانخراطا في العلو الشاهق".

في ذات التوجه أصدر "وطنيون أحرار لدعم المسار"، بيانا "تضمن رسالة إلى مجلس الشعب الموقر (الموقر أقصد به الشعب التونسي الحر) هذا إذا كان خبر طلبكم منحة سكن وتنقل قيمتها ألف دينار..، وطنيون أحرار لدعم المسار نستنكر وضد مطلب منحة السكن والتنقل بألف دينار لأعضاء مجلس الشعب عهد المساومات وعدم المسؤولية ولى ولن يعود".

وأضاف البيان "گأنكم ليس لكم علم بالمشاكل المالية والاقتصادية للبلاد، كما أنه كان من الأولى أنكم ناقشتم منح للعائلات ذات الدخل المحدود والمعوزة أو منح للشباب المتخرج المعطل عن العمل.. قراراتكم ومطالبكم غير مسؤولة ونحن لن نوافق على هذا التمشي ولنا الكثير من الاحترازات في هذا الخصوص".

ليست المرة الأولى التي يُثار فيها قرار زيادة منح النواب نقاشا واسعا، ففي سنة 2016 أثار قرار المجلس زيادة رواتب النواب الكثير من الجدل في المشهد العام والذي تزامن في ذلك الوقت مع اتساع رقعة الاحتجاجات في عدة مناطق وجهات بسبب البطالة والفقر والتهميش وبسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد.

فنواب البرلمان البالغ عددهم 217 نائبا في تلك السنة كانوا يحصلون على 2300 دينار شهريا لكل نائب فصوتوا على زيادة بقيمة 900 دينار تم فيها إدماج منحة السكن والتنقل للجميع.

قبل هذه السنة، وتحديدا سنة 2012، أثارت رواتب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الكثير من الجدل واللغو والغضب الشعبي إلى درجة أنه تم إيقاف صرف رواتبهم بقرار من المحكمة الإدارية إلى حين تعديل قيمتها.

وبخصوص هذه المنحة الاستثنائية بألف دينار، أوضح أستاذ القانون العام وحيد الفرشيشي في تصريح لـ "الصباح" أنّه "إمّا أولا يتم إحالتها في إطار قانون ميزانية الدولة التعديلي الموجود الآن أو يتم تعديله بأمر صادر عن رئيس الجمهورية أو إحالته على جلسة عامة مع تفكير النواب في الموارد الذي سيغطون بها هذه المنح".

أما "المسألة التي يجب التذكير بها هو ذلك اللغط الذي حدث بخصوص أجور النواب ومنحهم، وأن هذا المجلس لن يكلف الدولة وسيتبع سياسة التقشف خدمة للوطن، غير أن نرى بصفة استثنائية ولكن بصفة تصاعدية من الممكن أن نعود إلى الوضعية التي كنا فيها".

وأفاد "في حقيقة الأمر وبصفة مطلقة فإن المنح التي ضبطها القانون غير كافية، فلا يمكن محاسبة النواب بنفس قدر المنح وقيمتها بما أنهم لا ينتمون إلى نفس الجهات. ولكن هؤلاء النواب قبلوا بهذا الأمر وهذه الأجور منذ البداية وقبلوا أن يخدموا الصالح الوطني كما سبق أن ذكروا ذلك وبالتالي لا داعي للبطولات الوهمية التي تنصدم بالواقع في ما بعد".

وقال وحيد الفرشيشي "ليس الإشكال في أن يتحصل النواب على رواتب مرتفعة ولا يجب أن يتم استغلالها في إطار الشعبوية، فمن الأصل يعلم أعضاء المجلس أن مستوى العيش قد ارتفع، مستويات العيش تختلف من جهة إلى أخرى وبالتالي لا يجب التكابر والترفيع في سقف النضال ثم الانصدام بالواقع".