مع اقتراب موسم جني الزيتون خلال الأسابيع المقبلة، تواصل أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية (زيت الموسم الفارط) نسقها المرتفع وتتراوح حاليا وفق بعض التقديرات بين 23 و28 دينارا للتر الواحد.
واستنادا إلى بعض المتدخلين في القطاع منها هياكل فلاحية عمومية على غرار ديوان الزيت، وبعض الخبراء مثل الخبير في السياسات الفلاحية ورئيس نقابة الفلاحين فوزي الزياني أن ترتفع أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية لتصل إلى 30 دينارا، وذلك بسبب تأثر الأسعار المحلية بالأسعار الجارية بالسوق العالمية، وذلك بسبب انخفاض الإنتاج العالمي للزيت في أغلب الدول المنتجة مثل اسبانيا وايطاليا واليونان، مع تزايد الطلب على زيت الزيتون التونسي، ما يفسر ارتفاع العائدات المالية المتأتية من تصدير زيت الزيتون.
وكانت وزارة الفلاحة قد قدرت مؤخرا في لقاء إعلامي بمقرها بالعاصمة أن إنتاج زيت الزيتون للموسم 2023-2024 بـ200 ألف طن بارتفاع 11 بالمائة عن إنتاج الموسم الماضي.
ورغم أن موسم الجني لم يحل بعد، إلا أن الأسعار المتداولة حاليا لزيت الزيتون (المتبقي من الموسم الماضي) تبعث على الانشغال، إذ قفزت من 15 دينارا خلال شهر مارس 2023 لتصل إلى قرابة 25 دينارا خلال هذه الفترة، أي بأكثر من 80 بالمائة.
علما أن الأسعار خلال الموسم الماضي 2022-2023 تراوحت بين 14 و19 دينارا للتر الواحد وبين 9 و12 دينارا خلال موسم 2021-2022.
وأرجع ر.م.ع ديوان الزيت حامد الدالي في تصريحات إعلامية ارتفاع الأسعار محليا إلى تأثرها بالسعر المتداول في الأسواق العالمية وانخفاض الإنتاج للموسم الثاني على التوالي في أغلب البلدان المعروفة بإنتاجها لزيت الزيتون.
وشدد على أن سوق زيت الزيتون حرّة وتحدد فيها الأسعار حسب العرض والطلب وهي متغيرة عند الإنتاج خصوصا في اسبانيا التي تعتبر المرجع في السوق العالمية لزيت الزيتون.. كما شدد على أن دور الديوان الوطني للزيت يظل تعديليا.
وأضاف أن أسعار الموسم الماضي كانت في حدود 15 دينارا في السوق المحلية لترتفع تدريجيا وتصل إلى 28 دينارا للتر الواحد بسبب كثرة الطلب ونقص الإنتاج...
انخفاض الإنتاج في السوق العالمية
يذكر أن إنتاج زيت الزيتون في جنوب أوروبا شهد في السنوات الأخيرة انخفاضا حادا في إنتاج زيت الزيتون وزيادة كبيرة في أسعاره بسبب موجات الحر الشديدة والجفاف. ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، حيث يبلغ إنتاجه السنوي 2 مليون طن من 4 ملايين هكتار من مزارع الزيتون. ومع ذلك، تأثرت هذه الأرقام بشكل لافت بسبب الظروف الجوية القاسية.
وشهدت إسبانيا، أكبر منتج لزيت الزيتون في الاتحاد الأوروبي، انخفاضًا حادًا في إنتاجها، من حوالي 1.8 مليون طن قبل خمس سنوات إلى 663 ألف طن فقط خلال موسم 2022-2023. كما شهدت إيطاليا واليونان والبرتغال، وهي جهات منتجة رئيسية لزيت الزيتون في أوروبا، انخفاضا كبيرا في الإنتاج، مما ساهم في الأزمة الحالية. وسجلت اليونان زيادة طفيفة في الإنتاج، من 232 ألف طن في الموسم السابق إلى 340 ألف طن فحسب في الموسم الأخير.
وكان لهذا الانخفاض في الإنتاج تأثير مباشر على أسعار زيت الزيتون، التي وصلت إلى مستويات قياسية، بل تجاوزت العتبات التاريخية المسجلة في عام 1996، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. وساهم التضخم وارتفاع أسعار الأسمدة في هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة لتر زيت الزيتون البكر من 1.86 اورو (أو 6.138 دينار) في أوت 2020 إلى 7.82 أورو (أو 25.80 دينار) عقب الأزمة.
انتعاشة في صادرات الزيت التونسي
وتشير آخر الأرقام المتعلقة بالتصدير كشف عنها مؤخرا الديوان الوطني للزيت، في لقاء صحفي، أن صادرات تونس من زيت الزيتون شهدت زيادة بنسبة 54 بالمائة خلال الأشهر العشرة الأولى من موسم 2022/2023. وتمكنت تونس من تحقيق إنتاج تعادل قيمته حوالي ثلاثة مليارات دينار.
ويتوقع أن يصل الإنتاج الوطني من الزيتون إلى 200 ألف طن في موسم 2023-2024 بزيادة نسبتها 11 بالمائة مقارنة بالموسم السابق. كما يتوقع أن تزيد نسبة الكميات المصدرة نظرا لانخفاض الإنتاج العالمي إلى 2,5 مليون طن وذلك في حدود 26 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي.
وحسب المعطيات الصادرة حديثا عن المرصد الوطني للفلاحة، ارتفع متوسط السعر المسجل عند التصدير خلال الأشهر العشرة الأولى من الموسم بنسبة 57.7 بالمائة حيث تطور الى ما يعادل 16.92 دينار مقارنة بـ10.73 دينار للكيلوغرام كسعر مسجل خلال نفس الفترة من الموسم.
تدخل الدولة ضروري لتعديل الأسعار
ومهما يكن من أمر، فإن انتعاش صادرات تونس لزيت الزيتون بفعل تزايد الطلب عليه وارتفاع حصة تونس في السوق الأوروبية بسبب انخفاض الإنتاج العالمي، قد يكون ايجابيا لتوفير مداخيل إضافية بالعملة الصعبة، لكنه في المقابل سيعود بالسلب على القدرة الشرائية للمستهلك التونسي الذي قد يجد نفسه غير قادر عن اقتناء ما يحتاجه من استهلاكه السنوي من زيت الزيتون في صورة بقاء الأسعار في حدود 30 دينارا وربما أكثر خلال الفترة المقبلة.
علما أن جل العائلات التونسية تقوم بعادة تخزين حاجياتها من زيت الزيتون كل سنة مع انطلاق موسم جني الزيتون لكن وفق أسعار معقولة ومعدلة..
وعلى هذا الأساس، فإن كانت الدولة غير قادرة على ضبط أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية، فإن لها القدرة على التدخل لتعديل الأسعار وكبح جماحها وتوفير كميات يتم ضخها في السوق المحلية بأسعار مدروسة تفاضلية وفي متناول الجميع، وذلك عن طريق المؤسسات الناشطة في القطاع مثل ديوان الزيت أو التعاضديات الفلاحية وديوان الأراضي الدولية، والتي تتصرف في مساحات كبيرة في أشجار الزيتون مثل هنشير الشعّال أكبر غابة زيتون في تونس (حوالي 400 ألف شجرة زيتون منتجة).
علما أن الديوان الوطني للزيت عادة ما يتدخل في بعض المناسبات الاستهلاكية لتعديل الأسعار ويقوم ببيع كميات من زيت الزيتون بأسعار تعديلية، على غرار ما قام به خلال مارس 2023 حين تولى بيع كميات من زيت الزيتون معلبة في عبوات بلاستكية غذائية ذات سعة 5 لتر بسعر بقيمة 5ر74 دينارا مما يجعل سعر اللتر الواحد في حدود 900ر14 دينار.
يذكر أن تقديرات معدل الاستهلاك السوق المحلية لزيت الزيتون سنويا تتراوح بين 10 و15 بالمائة سنويا.. وعلى سبيل المثال، تفيد إحصاءات المجلس الدولي للزيتون لموسم 2021-2022 بأن تونس حلت في مرتبة رابعة عربيا في معدل استهلاك زيت الزيتون للفرد الواحد بـ2.6 لتر سنويا، و23.6 مليون لتر سنويا استهلاكا سنويا جمليا.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
مع اقتراب موسم جني الزيتون خلال الأسابيع المقبلة، تواصل أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية (زيت الموسم الفارط) نسقها المرتفع وتتراوح حاليا وفق بعض التقديرات بين 23 و28 دينارا للتر الواحد.
واستنادا إلى بعض المتدخلين في القطاع منها هياكل فلاحية عمومية على غرار ديوان الزيت، وبعض الخبراء مثل الخبير في السياسات الفلاحية ورئيس نقابة الفلاحين فوزي الزياني أن ترتفع أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية لتصل إلى 30 دينارا، وذلك بسبب تأثر الأسعار المحلية بالأسعار الجارية بالسوق العالمية، وذلك بسبب انخفاض الإنتاج العالمي للزيت في أغلب الدول المنتجة مثل اسبانيا وايطاليا واليونان، مع تزايد الطلب على زيت الزيتون التونسي، ما يفسر ارتفاع العائدات المالية المتأتية من تصدير زيت الزيتون.
وكانت وزارة الفلاحة قد قدرت مؤخرا في لقاء إعلامي بمقرها بالعاصمة أن إنتاج زيت الزيتون للموسم 2023-2024 بـ200 ألف طن بارتفاع 11 بالمائة عن إنتاج الموسم الماضي.
ورغم أن موسم الجني لم يحل بعد، إلا أن الأسعار المتداولة حاليا لزيت الزيتون (المتبقي من الموسم الماضي) تبعث على الانشغال، إذ قفزت من 15 دينارا خلال شهر مارس 2023 لتصل إلى قرابة 25 دينارا خلال هذه الفترة، أي بأكثر من 80 بالمائة.
علما أن الأسعار خلال الموسم الماضي 2022-2023 تراوحت بين 14 و19 دينارا للتر الواحد وبين 9 و12 دينارا خلال موسم 2021-2022.
وأرجع ر.م.ع ديوان الزيت حامد الدالي في تصريحات إعلامية ارتفاع الأسعار محليا إلى تأثرها بالسعر المتداول في الأسواق العالمية وانخفاض الإنتاج للموسم الثاني على التوالي في أغلب البلدان المعروفة بإنتاجها لزيت الزيتون.
وشدد على أن سوق زيت الزيتون حرّة وتحدد فيها الأسعار حسب العرض والطلب وهي متغيرة عند الإنتاج خصوصا في اسبانيا التي تعتبر المرجع في السوق العالمية لزيت الزيتون.. كما شدد على أن دور الديوان الوطني للزيت يظل تعديليا.
وأضاف أن أسعار الموسم الماضي كانت في حدود 15 دينارا في السوق المحلية لترتفع تدريجيا وتصل إلى 28 دينارا للتر الواحد بسبب كثرة الطلب ونقص الإنتاج...
انخفاض الإنتاج في السوق العالمية
يذكر أن إنتاج زيت الزيتون في جنوب أوروبا شهد في السنوات الأخيرة انخفاضا حادا في إنتاج زيت الزيتون وزيادة كبيرة في أسعاره بسبب موجات الحر الشديدة والجفاف. ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، حيث يبلغ إنتاجه السنوي 2 مليون طن من 4 ملايين هكتار من مزارع الزيتون. ومع ذلك، تأثرت هذه الأرقام بشكل لافت بسبب الظروف الجوية القاسية.
وشهدت إسبانيا، أكبر منتج لزيت الزيتون في الاتحاد الأوروبي، انخفاضًا حادًا في إنتاجها، من حوالي 1.8 مليون طن قبل خمس سنوات إلى 663 ألف طن فقط خلال موسم 2022-2023. كما شهدت إيطاليا واليونان والبرتغال، وهي جهات منتجة رئيسية لزيت الزيتون في أوروبا، انخفاضا كبيرا في الإنتاج، مما ساهم في الأزمة الحالية. وسجلت اليونان زيادة طفيفة في الإنتاج، من 232 ألف طن في الموسم السابق إلى 340 ألف طن فحسب في الموسم الأخير.
وكان لهذا الانخفاض في الإنتاج تأثير مباشر على أسعار زيت الزيتون، التي وصلت إلى مستويات قياسية، بل تجاوزت العتبات التاريخية المسجلة في عام 1996، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. وساهم التضخم وارتفاع أسعار الأسمدة في هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة لتر زيت الزيتون البكر من 1.86 اورو (أو 6.138 دينار) في أوت 2020 إلى 7.82 أورو (أو 25.80 دينار) عقب الأزمة.
انتعاشة في صادرات الزيت التونسي
وتشير آخر الأرقام المتعلقة بالتصدير كشف عنها مؤخرا الديوان الوطني للزيت، في لقاء صحفي، أن صادرات تونس من زيت الزيتون شهدت زيادة بنسبة 54 بالمائة خلال الأشهر العشرة الأولى من موسم 2022/2023. وتمكنت تونس من تحقيق إنتاج تعادل قيمته حوالي ثلاثة مليارات دينار.
ويتوقع أن يصل الإنتاج الوطني من الزيتون إلى 200 ألف طن في موسم 2023-2024 بزيادة نسبتها 11 بالمائة مقارنة بالموسم السابق. كما يتوقع أن تزيد نسبة الكميات المصدرة نظرا لانخفاض الإنتاج العالمي إلى 2,5 مليون طن وذلك في حدود 26 بالمائة مقارنة بالموسم الماضي.
وحسب المعطيات الصادرة حديثا عن المرصد الوطني للفلاحة، ارتفع متوسط السعر المسجل عند التصدير خلال الأشهر العشرة الأولى من الموسم بنسبة 57.7 بالمائة حيث تطور الى ما يعادل 16.92 دينار مقارنة بـ10.73 دينار للكيلوغرام كسعر مسجل خلال نفس الفترة من الموسم.
تدخل الدولة ضروري لتعديل الأسعار
ومهما يكن من أمر، فإن انتعاش صادرات تونس لزيت الزيتون بفعل تزايد الطلب عليه وارتفاع حصة تونس في السوق الأوروبية بسبب انخفاض الإنتاج العالمي، قد يكون ايجابيا لتوفير مداخيل إضافية بالعملة الصعبة، لكنه في المقابل سيعود بالسلب على القدرة الشرائية للمستهلك التونسي الذي قد يجد نفسه غير قادر عن اقتناء ما يحتاجه من استهلاكه السنوي من زيت الزيتون في صورة بقاء الأسعار في حدود 30 دينارا وربما أكثر خلال الفترة المقبلة.
علما أن جل العائلات التونسية تقوم بعادة تخزين حاجياتها من زيت الزيتون كل سنة مع انطلاق موسم جني الزيتون لكن وفق أسعار معقولة ومعدلة..
وعلى هذا الأساس، فإن كانت الدولة غير قادرة على ضبط أسعار زيت الزيتون في السوق المحلية، فإن لها القدرة على التدخل لتعديل الأسعار وكبح جماحها وتوفير كميات يتم ضخها في السوق المحلية بأسعار مدروسة تفاضلية وفي متناول الجميع، وذلك عن طريق المؤسسات الناشطة في القطاع مثل ديوان الزيت أو التعاضديات الفلاحية وديوان الأراضي الدولية، والتي تتصرف في مساحات كبيرة في أشجار الزيتون مثل هنشير الشعّال أكبر غابة زيتون في تونس (حوالي 400 ألف شجرة زيتون منتجة).
علما أن الديوان الوطني للزيت عادة ما يتدخل في بعض المناسبات الاستهلاكية لتعديل الأسعار ويقوم ببيع كميات من زيت الزيتون بأسعار تعديلية، على غرار ما قام به خلال مارس 2023 حين تولى بيع كميات من زيت الزيتون معلبة في عبوات بلاستكية غذائية ذات سعة 5 لتر بسعر بقيمة 5ر74 دينارا مما يجعل سعر اللتر الواحد في حدود 900ر14 دينار.
يذكر أن تقديرات معدل الاستهلاك السوق المحلية لزيت الزيتون سنويا تتراوح بين 10 و15 بالمائة سنويا.. وعلى سبيل المثال، تفيد إحصاءات المجلس الدولي للزيتون لموسم 2021-2022 بأن تونس حلت في مرتبة رابعة عربيا في معدل استهلاك زيت الزيتون للفرد الواحد بـ2.6 لتر سنويا، و23.6 مليون لتر سنويا استهلاكا سنويا جمليا.