إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. ربطة العنق ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

في الصورة الجماعية التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي لرئيسة الحكومة نجلاء بودن مع قيادات وباعثين وأصحاب مبادرات وأفكار ومشاريع لشركات ناشئة حققت نجاحات على المستوى العالمي، لم يكن أي واحد ممّن في الصورة يحمل ربطة عنق !!.

        لربطة العنق في الأصل فائدة جسدية: فقد جعلت من الممكن الحفاظ على اللّياقة، والتشبث بها بشكل أفضل.

  لكن بمرور الوقت، فإن الوظيفة الرمزية المنسوبة إليها هي التي استحوذت على زمام الأمور.

 بعيدًا عن كونها شيئا غير ذي أهمية، ينظر إليها البعض على أنها مكامن قوة، حتى رمز سلطة ونفوذ.

 تأتي الآثار الأولى للملابس التي يتم ارتداؤها حول الرقبة من العالم العسكري. قبل ثلاثة وعشرين قرنا، ارتدى الجنود في فرقة الحرس  الشخصي للإمبراطور الصيني تشين شي هوانغدي وشاحًا حول أعناقهم يشبه ربطة عنق، يُنظر إليه على أنه علامة على امتياز رتبتهم.

بعد ذلك بوقت طويل، لا يزال الأقوياء هم من سيصطفون هذه القطعة من النسيج حول أعناقهم.  مستوحى من المرتزقة الكرواتيين الذين استأجرهم خلال حرب الثلاثين عاما، تبنى الملك لويس الثالث عشر هذا النسيج وشاعه في محكمة فرساي.

   في عصرنا الحديث  إلى جانب إضفاء الأناقة على بدلة رسمية، كانت  ربطة  العنق  إلى عهد قريب تشير إلى انتماء الرجل إلى مدرسة أو جامعة معينة أو ناد نخبوي أو حزب ..

   أحوال ربطة العنق مثل أحوال البورصة، لم تعد عنوانا للصفة الرسمية بقدر ما أصبحت كذلك تعبيرا عن التفرد الشخصي والموقف العقائدي أو الإيديولوجي.

  بل غدا هذا الإكسسوار أداة سياسة كذلك، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعاصمة الأوكرانية، كييف، اعتمد خلال لقائه والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ربطة عنق بألوان علم أوكرانيا، الأزرق والأصفر كأنه يقول لروسيا أنّ أوكرانيا في عنقي!!..

  كما حينما زار السادات إسرائيل (1977) ارتدى ربطة عنق تحمل شعار النازية (الصليب المعكوف) بما كان لذلك من مدلول واثر أليم في نفوس القادة الإسرائيليين .

 انّه عالم السياسة المليء بالرسائل المبطنة التي قد تحمل تأثيراً أكثر دلالة من المواقف المباشرة.

  توجد دراسة أميركية حول موضوع فرضية التأثير الدبلوماسي للأزياء، يشير الباحث الأميركي ديفيد أوكونيل، إلى أن الأزياء لعبت دورا  بارزا  في تأثير رؤساء الولايات المتحدة الأميركية على مدار حقب زمنية متتالية وفي ظروف سياسية متباينة. وتوصل من خلال قراءته للمشهد إلى أن نجاح الرؤساء يتعلق بما يرتدون !.

 وهو الأمر الذي قد يكون أدركه رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي في لحظة فارقة ما، عندما ظهر فجأة وفي حوار تلفزيوني آجراه معه الإعلامي الصديق خليفة بن سالم على قناة نسمة بربطة عنق وهو الذي لم يضعها حول رقبته طوال حياته .

 كانت اللحظة تاريخية، باعتبار توقيتها عشية استحقاق انتخابي رئاسي، لم يجد رئيس "النهضة" من تبرير لموقفه إلا القول بأنّ "الدنيا تتبدّل"، وفق تعبيره !!.

ألم يقل، كم بائع دينا بدنيا يرومها.. فلم يحصل على دنيا ولم يسلم دين بيده.

حكاياتهم  .. ربطة العنق ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

في الصورة الجماعية التي يتم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي لرئيسة الحكومة نجلاء بودن مع قيادات وباعثين وأصحاب مبادرات وأفكار ومشاريع لشركات ناشئة حققت نجاحات على المستوى العالمي، لم يكن أي واحد ممّن في الصورة يحمل ربطة عنق !!.

        لربطة العنق في الأصل فائدة جسدية: فقد جعلت من الممكن الحفاظ على اللّياقة، والتشبث بها بشكل أفضل.

  لكن بمرور الوقت، فإن الوظيفة الرمزية المنسوبة إليها هي التي استحوذت على زمام الأمور.

 بعيدًا عن كونها شيئا غير ذي أهمية، ينظر إليها البعض على أنها مكامن قوة، حتى رمز سلطة ونفوذ.

 تأتي الآثار الأولى للملابس التي يتم ارتداؤها حول الرقبة من العالم العسكري. قبل ثلاثة وعشرين قرنا، ارتدى الجنود في فرقة الحرس  الشخصي للإمبراطور الصيني تشين شي هوانغدي وشاحًا حول أعناقهم يشبه ربطة عنق، يُنظر إليه على أنه علامة على امتياز رتبتهم.

بعد ذلك بوقت طويل، لا يزال الأقوياء هم من سيصطفون هذه القطعة من النسيج حول أعناقهم.  مستوحى من المرتزقة الكرواتيين الذين استأجرهم خلال حرب الثلاثين عاما، تبنى الملك لويس الثالث عشر هذا النسيج وشاعه في محكمة فرساي.

   في عصرنا الحديث  إلى جانب إضفاء الأناقة على بدلة رسمية، كانت  ربطة  العنق  إلى عهد قريب تشير إلى انتماء الرجل إلى مدرسة أو جامعة معينة أو ناد نخبوي أو حزب ..

   أحوال ربطة العنق مثل أحوال البورصة، لم تعد عنوانا للصفة الرسمية بقدر ما أصبحت كذلك تعبيرا عن التفرد الشخصي والموقف العقائدي أو الإيديولوجي.

  بل غدا هذا الإكسسوار أداة سياسة كذلك، خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعاصمة الأوكرانية، كييف، اعتمد خلال لقائه والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ربطة عنق بألوان علم أوكرانيا، الأزرق والأصفر كأنه يقول لروسيا أنّ أوكرانيا في عنقي!!..

  كما حينما زار السادات إسرائيل (1977) ارتدى ربطة عنق تحمل شعار النازية (الصليب المعكوف) بما كان لذلك من مدلول واثر أليم في نفوس القادة الإسرائيليين .

 انّه عالم السياسة المليء بالرسائل المبطنة التي قد تحمل تأثيراً أكثر دلالة من المواقف المباشرة.

  توجد دراسة أميركية حول موضوع فرضية التأثير الدبلوماسي للأزياء، يشير الباحث الأميركي ديفيد أوكونيل، إلى أن الأزياء لعبت دورا  بارزا  في تأثير رؤساء الولايات المتحدة الأميركية على مدار حقب زمنية متتالية وفي ظروف سياسية متباينة. وتوصل من خلال قراءته للمشهد إلى أن نجاح الرؤساء يتعلق بما يرتدون !.

 وهو الأمر الذي قد يكون أدركه رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي في لحظة فارقة ما، عندما ظهر فجأة وفي حوار تلفزيوني آجراه معه الإعلامي الصديق خليفة بن سالم على قناة نسمة بربطة عنق وهو الذي لم يضعها حول رقبته طوال حياته .

 كانت اللحظة تاريخية، باعتبار توقيتها عشية استحقاق انتخابي رئاسي، لم يجد رئيس "النهضة" من تبرير لموقفه إلا القول بأنّ "الدنيا تتبدّل"، وفق تعبيره !!.

ألم يقل، كم بائع دينا بدنيا يرومها.. فلم يحصل على دنيا ولم يسلم دين بيده.