تنظر غدا الاثنين دائرة العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف اغتيال المختار عطية والتي جدت في ديسمبر 1955.
وللاشارة فإن المختار عطيّة ولد في 12 ديسمبر 1917 بحومة السوق بجربة ودرس بالزيتونة بالعاصمة وامتهن التجارة وناضل في صلب الحزب الحر الدستوري الجديد منذ 1937 وكان من العناصر التي أسست اتحاد الصناعة والتجارة ومن مموّلي الحزب.
وشارك في المقاومة السرية في العاصمة وحكم عليه في احداث 9 افريل 1938 بعشرين عاما أشغالا شاقة و15 سنة تحجير اقامة وتصفية املاكه وامضى خمس سنوات في السجن بين تونس والجزائر واطلق سراحه بعد الحرب العالمية الثانية لينخرط من جديد كعنصر فاعل في المقاومة في الخمسينات وكان من المقاومين الناشطين في العاصمة وفي ارتباط بمقاومي الجهات.
وعند انقسام الدستوريين والوطنيين حول اتفاقيات الاستقلال الداخلي سنة 1955 لازم المختار عطية الحياد وكان المتحمسون لبورقيبة يسترابون في انتمائه للشق اليوسفي خاصة وانّ عطية أصيل جربة كما هو زعيم الأمانة العامة صالح بن يوسف، فأوعزوا لمقاوم قديم وأحد العناصر التي كانت ناشطة في لجان الرعاية في تتبع اليوسفيين، اي الشيخ حسن العيّادي لاغتيال مختار عطية وقد تمّ اطلاق الرصاص عليه في وضح النهار بدكانه بباب الجزيرة في 23 ديسمبر 1955 ليتوفاه الأجل صبيحة 24 ديسمبر في المستشفى ويبدو انه تُرك ينزف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة لتسجل آنذاك عملية اغتياله ضد مجهول.
وفي ذات السياق تنظر غدا دائرة العدالة الانتقالية في ملف اغتيال الزعيم صالح بن يوسف.
وتعود أطوار القضية إلى يوم 12 أوت 1961، حيث يذكر أن بورقيبة أرسل فريقًا تمكّن من استدراج صالح بن يوسف إلى نزل رويال الكائن وسط مدينة فرنكفورت بألمانيا.
قام فريق الاغتيال في إطار التحضير للتصفية بالتنقل عدة مرات عام 1961 بين سويسرا وألمانيا لرصد ومتابعة تحركات بن يوسف الذي كانت تصفه الصحف الوطنية زمن الاستعمار بـ"الزعيم الأكبر".
في الصباح الباكر من يوم 12 أوت 1961، غادر حميدة بنتربوت فندق "فالدورف" مع المنفذين الإثنين، عبد الله بن مبروك ومحمد بن خليفة محرز، واقتنوا تذاكر ذهابا وإيابا من مطار زيورخ إلى فرانكفورت فيما ظلّ زرق العيون في المدينة السويسرية.
في فرانكفورت، حجز بنتربوت غرفة في فندق "رويال" الواقع قبالة محطة قطارات المدينة، باسم المنفذين الإثنين، وعلى الساعة الرابعة بعد الزوال من نفس اليوم، هاتف بنتربوت بن يوسف وطلب منه القدوم من مدينة "فيزبادن" أين يقيم إلى فرانكفورت وذلك لمقابلة الضابطين المزعومين في النزل.
امتنع بن يوسف في البداية لأنه كان يستعد مساء ذلك اليوم للسفر إلى غينيا بدعوة من رئيسها سيكو توري لحضور قمة دول عدم الانحياز، ولكنه استجاب بالنهاية على اعتبار ثقته في بنتربوت وحكم القرابة العائلية وفي مساء ذلك اليوم، وصل بن يوسف للنزل مع زوجته صوفية واستقبله كل من مبروك ومحرز وطلبا منه الصعود إلى غرفة بالطابق العلوي وهو ما استجاب إليه بن يوسف الذي طلب من زوجته انتظاره في مقهى النزل.
ما بين الساعة الرابعة ونصف والخامسة تحديدًا، وبينما كان بن يوسف جالسًا على أريكة الغرفة، أطلق المنفذان النار من مسافة قصيرة باستعمال مسدس من عيار 7.65 ملم على مستوى جمجمة بن يوسف ومن الخلف أيضًا ليُردى قتيلًا.
غادر المنفذان الغرفة تاركين مفتاحها بالباب من الخارج وأعلما عون الاستقبال أنهما سيعودان بعد وقت قريب لأنهما ينتظران مكالمة هاتفية، ولكنهما لم يعودا.
خلال الساعتين اللاحقتين لمغادرة منفذي الاغتيال، تلقى موظف الاستقبال بالنزل 3 مكالمات هاتفية لم يحوّلها للغرفة مشيرًا على المخاطب بأن نزلاء الغرفة لم يعودا بعد، وطلب المخاطب في المكالمة الأخيرة إعلامهما عند حضورهما بضرورة التحول إلى مكان حدده لعون الاستقبال.
في الأثناء ومع الساعة السابعة إلا ربع، استرابت صوفية بن صالح من عدم رجوع زوجها خاصة مع اقتراب موعد سفرهما إلى غينيا، فصعدت للغرفة لتجد زوجها ملقى على الأريكة وهو يلهث وتصدر منه حشرجة والدماء تنزف من مؤخرة رأسه ويداه مفتوحتان ومفكرته ممزقة وملقاة على الأرض مع القلم، فصاحت بأعلى صوت طالبة النجدة.
نقلت سيارة إسعاف بن يوسف مضجرًا بالدماء إلى مستشفى فرانكفورت أين جرت محاولة إنقاذه وأجريت له عملية جراحية لكنه توفي تحديدًا على الساعة الحادية عشر إلا ربع من ذلك اليوم.
في تلك الليلة الفاصلة عن يوم الأحد، شوهد فريق الاغتيال بزعامة زرق العيون في فندق "روايال" في زيورخ السويسرية ليغادروا جميعًا صبيحة اليوم الموالي إلى تونس.
مفيدة القيزاني
تونس-الصباح
تنظر غدا الاثنين دائرة العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف اغتيال المختار عطية والتي جدت في ديسمبر 1955.
وللاشارة فإن المختار عطيّة ولد في 12 ديسمبر 1917 بحومة السوق بجربة ودرس بالزيتونة بالعاصمة وامتهن التجارة وناضل في صلب الحزب الحر الدستوري الجديد منذ 1937 وكان من العناصر التي أسست اتحاد الصناعة والتجارة ومن مموّلي الحزب.
وشارك في المقاومة السرية في العاصمة وحكم عليه في احداث 9 افريل 1938 بعشرين عاما أشغالا شاقة و15 سنة تحجير اقامة وتصفية املاكه وامضى خمس سنوات في السجن بين تونس والجزائر واطلق سراحه بعد الحرب العالمية الثانية لينخرط من جديد كعنصر فاعل في المقاومة في الخمسينات وكان من المقاومين الناشطين في العاصمة وفي ارتباط بمقاومي الجهات.
وعند انقسام الدستوريين والوطنيين حول اتفاقيات الاستقلال الداخلي سنة 1955 لازم المختار عطية الحياد وكان المتحمسون لبورقيبة يسترابون في انتمائه للشق اليوسفي خاصة وانّ عطية أصيل جربة كما هو زعيم الأمانة العامة صالح بن يوسف، فأوعزوا لمقاوم قديم وأحد العناصر التي كانت ناشطة في لجان الرعاية في تتبع اليوسفيين، اي الشيخ حسن العيّادي لاغتيال مختار عطية وقد تمّ اطلاق الرصاص عليه في وضح النهار بدكانه بباب الجزيرة في 23 ديسمبر 1955 ليتوفاه الأجل صبيحة 24 ديسمبر في المستشفى ويبدو انه تُرك ينزف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة لتسجل آنذاك عملية اغتياله ضد مجهول.
وفي ذات السياق تنظر غدا دائرة العدالة الانتقالية في ملف اغتيال الزعيم صالح بن يوسف.
وتعود أطوار القضية إلى يوم 12 أوت 1961، حيث يذكر أن بورقيبة أرسل فريقًا تمكّن من استدراج صالح بن يوسف إلى نزل رويال الكائن وسط مدينة فرنكفورت بألمانيا.
قام فريق الاغتيال في إطار التحضير للتصفية بالتنقل عدة مرات عام 1961 بين سويسرا وألمانيا لرصد ومتابعة تحركات بن يوسف الذي كانت تصفه الصحف الوطنية زمن الاستعمار بـ"الزعيم الأكبر".
في الصباح الباكر من يوم 12 أوت 1961، غادر حميدة بنتربوت فندق "فالدورف" مع المنفذين الإثنين، عبد الله بن مبروك ومحمد بن خليفة محرز، واقتنوا تذاكر ذهابا وإيابا من مطار زيورخ إلى فرانكفورت فيما ظلّ زرق العيون في المدينة السويسرية.
في فرانكفورت، حجز بنتربوت غرفة في فندق "رويال" الواقع قبالة محطة قطارات المدينة، باسم المنفذين الإثنين، وعلى الساعة الرابعة بعد الزوال من نفس اليوم، هاتف بنتربوت بن يوسف وطلب منه القدوم من مدينة "فيزبادن" أين يقيم إلى فرانكفورت وذلك لمقابلة الضابطين المزعومين في النزل.
امتنع بن يوسف في البداية لأنه كان يستعد مساء ذلك اليوم للسفر إلى غينيا بدعوة من رئيسها سيكو توري لحضور قمة دول عدم الانحياز، ولكنه استجاب بالنهاية على اعتبار ثقته في بنتربوت وحكم القرابة العائلية وفي مساء ذلك اليوم، وصل بن يوسف للنزل مع زوجته صوفية واستقبله كل من مبروك ومحرز وطلبا منه الصعود إلى غرفة بالطابق العلوي وهو ما استجاب إليه بن يوسف الذي طلب من زوجته انتظاره في مقهى النزل.
ما بين الساعة الرابعة ونصف والخامسة تحديدًا، وبينما كان بن يوسف جالسًا على أريكة الغرفة، أطلق المنفذان النار من مسافة قصيرة باستعمال مسدس من عيار 7.65 ملم على مستوى جمجمة بن يوسف ومن الخلف أيضًا ليُردى قتيلًا.
غادر المنفذان الغرفة تاركين مفتاحها بالباب من الخارج وأعلما عون الاستقبال أنهما سيعودان بعد وقت قريب لأنهما ينتظران مكالمة هاتفية، ولكنهما لم يعودا.
خلال الساعتين اللاحقتين لمغادرة منفذي الاغتيال، تلقى موظف الاستقبال بالنزل 3 مكالمات هاتفية لم يحوّلها للغرفة مشيرًا على المخاطب بأن نزلاء الغرفة لم يعودا بعد، وطلب المخاطب في المكالمة الأخيرة إعلامهما عند حضورهما بضرورة التحول إلى مكان حدده لعون الاستقبال.
في الأثناء ومع الساعة السابعة إلا ربع، استرابت صوفية بن صالح من عدم رجوع زوجها خاصة مع اقتراب موعد سفرهما إلى غينيا، فصعدت للغرفة لتجد زوجها ملقى على الأريكة وهو يلهث وتصدر منه حشرجة والدماء تنزف من مؤخرة رأسه ويداه مفتوحتان ومفكرته ممزقة وملقاة على الأرض مع القلم، فصاحت بأعلى صوت طالبة النجدة.
نقلت سيارة إسعاف بن يوسف مضجرًا بالدماء إلى مستشفى فرانكفورت أين جرت محاولة إنقاذه وأجريت له عملية جراحية لكنه توفي تحديدًا على الساعة الحادية عشر إلا ربع من ذلك اليوم.
في تلك الليلة الفاصلة عن يوم الأحد، شوهد فريق الاغتيال بزعامة زرق العيون في فندق "روايال" في زيورخ السويسرية ليغادروا جميعًا صبيحة اليوم الموالي إلى تونس.