إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالسرعة القصوى ... الحكومة تنطلق في التفاوض مع صندوق النقد وحظوظ الحصول على القرض شبه مؤكدة

 

 

صاحبت المفاوضات الجديدة التي انطلقت فيها الحكومة امس الاول مع صندوق النقد الدولي ردود فعل واراء متباينة بين الاوساط التونسية حول مصير اقتصادنا المنهك ووضعية المالية العمومية في صورة فشل هذه المشاورات البينية، والحال ان الحكومة تعول عليها لتعبئة تمويلات جديدة هي في امس الحاجة اليها في الوقت الراهن حتى تتجنب الوقوع في ازمة مالية على المدى القصير وفي افق هذه الصائفة...

وتسير هذه المفاوضات تبعا لمخرجات زيارة الحكومة التونسية لواشنطن مطلع الشهر الجاري، بنسق متسارع وبمعدل اجتماع كل يومين على ان يتم الاتفاق بشان حصول تونس على قرض جديد قبل موفى شهر جوان المقبل، موعد توقف نشاط مجلس ادارة صندوق النقد الدولي ودخوله في الدورة الصيفية الى غاية استئنافه في الخريف المقبل...

كل هذه التحديات التي تواجه الحكومة تضعها في وضعية صعبة باعتبار ان الاقتراض الخيار الوحيد في الوقت الراهن مع تعطل مصادر التمويل التقليدية على غرار استخلاص الاداءات والتصدير...كما ان الجهة المناسبة هي صندوق النقد الدولي في ظل صعوبة خروج بلادنا الى الاقتراض من الاسواق الدولية بسبب غموض الرؤية والصراعات السياسية والاجتماعية التي تسيطر على المشهد العام للبلاد...

هذه العوامل هي التي اعتمدت عليها العديد من الاوساط المالية في تونس وخارجها وتوقعت من خلالها فشل المفاوضات وبالتالي استحالة الحصول على تمويلات جديدة لتغطية عجز الموازنة العامة وتغطية المصاريف العمومية والتي على راسها خلاص اجور الموظفين في الاشهر المقبلة، حتى ان العديد منهم نبه من خطر الافلاس الذي قد يحل بالبلاد قريبا.....

بالمقابل، كانت الحكومة قد صرحت ابان زيارة الوفد الحكومي الى واشنطن بان مسار المفاوضات مع الصندوق سيكون مثمرا وايجابيا باعتبار الارتياح الذي لقاه الوفد من قبل الادارة الامريكية ومنح بلادنا هبة تقدر بـ 1400 مليون دينار ، كما افاد وزير المالية والاقتصاد ودعم الاستثمار علي الكعلي في اخر تصريح له بعد الزيارة بان هناك مساندة وتفاهم وإرادة لمساعدة تونس من طرف السلط الأمريكية.

واكد الوزير ان الحكومة استعدت تقنيا لهذه المشاورات ، مدعمة بحزمة من البرامج والملفات الاصلاحية، لاقناع الجهة الممولة من اجل الحصول على تمويلات جديدة تحتاجها هذه السنة لدعم ميزانيتها والتي تناهز الـ 18.5 مليار دينار تزامنا مع انطلاقها في سداد قروضها القديمة والتي تصل الى حدود الـ 15.2 مليار دينار...

دعم دولي يسهل عملية التفاوض

ولم تكن اراء عدد من المتدخلين في الشان الاقتصادي في البلاد ببعيدة عن رسائل الطمانة التي بعث بها وزير المالية في تصريحاته الاخيرة في ما يتعلق بحظوظ نجاح المفاوضات بين الحكومة والصندوق، حيث افاد الاستشاري في الاستثمار والمختص في الاقتصاد محمد الصادق جبنون في تصريحه لـ"الصباح" ان الصندوق متجه نحو قبول مطلب تونس وبالتالي تمكينها من تمويلات جديدة، مبينا ان الاجتماعات الاخيرة لمجموعة العشرين ومن بعدها مجموعة السبع G7 قد اقرت تسهيلات للبدان المتعثرة مثل تونس بقيمة تناهز الـ 670 مليار دولار مما يؤكد وجود التمويلات التي ستستفيد منها تونس لدى الصندوق وبالتالي فان الاتفاق سياتي ولو بصعوبة ..حسب تعبيره..

وبشان نسق المفاوضات المتسارع، فقد بين جبنون انه طبيعي في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى اتمام اتفاق قرض مع الصندوق قبل الدورة الصيفية لمجلس ادارته اواخر شهر جوان بهدف الحصول على تمويلات وتجنب الوقوع في مازق سداد ديونها التي سيحل اجلها في ما بين شهري جوان واوت من السنة الجارية، مشيرا الى انها تقدر بـ 2 مليار دولار ...

وبين جبنون ان هذه المفاوضات التي انطلقت مع الصندوق تخص اعادة هيكلة المالية العمومية والاصلاحات الهيكلية ومستقبل المؤسسات العمومية مع طلب لخطة اقتصادية واضحة تمكن من تحقيق التوازن الاجتماعي ، وفق ما صرح به رئيس البنك الدولي مؤخرا، في حين ان الصندوق في متابعة مستمرة وحينية لطل المؤشرات الاقتصادية في تونس تبعا للاتفاق المبرم مع الدولة زمن حكومة يوسف الشاهد الذي من خلاله يتحصل الصندوق شهريا على 30 مؤشرا . حسب ما افاد به جبنون..

وحول قيمة القرض المزمع التحصل عليها بعد هذه المشاورات، اكد محدثنا انه سيكون في حدود الـ 3.2 مليار دولار بعد ان تحصلنا على نسبة 300 في المائة من مجموع الحصة الخاصة بتونس خلافا للقيمة التي صرح بها رئيس الحكومة هشام المشيشي والتي تناهز الـ 4 مليار دولار....

سيناريو فشل المفاوضات

وبالرغم من هذه التوقعات الايجابية حول مسار المفاوضات مع الصندوق، الا ان العديد من الاوساط التونسية تتوقع العكس وتؤكد تعثر المشاورات وبالتالي استحالة حصول تونس على قرض من الصندوق، وهو ما يضعنا امام سيناريو خطير قد تعرفه البلاد في قادم الايام...

حول هذه الفرضية - ولو ان حدوثها بنسبة ضئيلة- ، اكد جبنون في تصريحه لـ "الصباح" انه في حال فشل المفاوضات فستكون تونس في مواجهة مع السوق الدولية بهامش فائض في القروض يصل الى 13 بالمائة، مع فقدان قيمة السندات التونسية في هذه السوق بل حتى التخلي عنها بعد ان تصبح سندات "ملوثة"، وهو ما سيضعها في ازمة مالية يصل بالبلاد الى طلب اعادة جدولة ديونها وهي خطوة خطيرة تذكرنا بالوضع الذي الت اليه طل من اليونان ولبنان...

كما اضاف محدثنا ان من بين التداعيات المنتظرة في حال فشل التفاوض مع الصندوق، ستواجه بلادنا عاصفة السوق دون ضمانات وهي التي تسجل نسبة نمو اقتصادي سلبي بـ (-3 بالمائة)، النسبة الاضعف التي تسجلها بلادنا في ثلاثي واحد منذ الاستقلال مع تنافسية منعدمة كوجهة استثمارية وبانتاجية معطلة، فضلا عن غياب رؤيا سياسية واجتماعية واضحة ...

ومع انطلاق المفاوضات مطلع الاسبوع الجاري بخطى متسارعة، تبقى التمويلات المنتظرة المزمع منحها الصندوق لبلادنا في شكل قرض، مهمة في الوقت الراهن وهي التي تحتاج ما قيمته 18.5 مليار دينار، فضلا عن تعهداتها الخارجية التي تناهز الـ 15.2 مليار دينار، انطلقت الحكومة في سداد ما قيمته 2.7 مليار دينا في الثلاثي الاول، وتنوي في الثلاثي الثاني خلاص 3.6 مليار دينار اخرى على ان تغلق السداسي الاول من 2021 بـ 9 مليارات دينار قروض مستخلصة حتى تواصل مع حلول شهر جويلية المقبل سداد القرض الذي ضمنت فيه الولايات المتحدة الامريكي والمقدر بملياري دينار...

وفاء بن محمد                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              

بالسرعة القصوى ...  الحكومة تنطلق في التفاوض مع صندوق النقد وحظوظ الحصول على القرض شبه مؤكدة

 

 

صاحبت المفاوضات الجديدة التي انطلقت فيها الحكومة امس الاول مع صندوق النقد الدولي ردود فعل واراء متباينة بين الاوساط التونسية حول مصير اقتصادنا المنهك ووضعية المالية العمومية في صورة فشل هذه المشاورات البينية، والحال ان الحكومة تعول عليها لتعبئة تمويلات جديدة هي في امس الحاجة اليها في الوقت الراهن حتى تتجنب الوقوع في ازمة مالية على المدى القصير وفي افق هذه الصائفة...

وتسير هذه المفاوضات تبعا لمخرجات زيارة الحكومة التونسية لواشنطن مطلع الشهر الجاري، بنسق متسارع وبمعدل اجتماع كل يومين على ان يتم الاتفاق بشان حصول تونس على قرض جديد قبل موفى شهر جوان المقبل، موعد توقف نشاط مجلس ادارة صندوق النقد الدولي ودخوله في الدورة الصيفية الى غاية استئنافه في الخريف المقبل...

كل هذه التحديات التي تواجه الحكومة تضعها في وضعية صعبة باعتبار ان الاقتراض الخيار الوحيد في الوقت الراهن مع تعطل مصادر التمويل التقليدية على غرار استخلاص الاداءات والتصدير...كما ان الجهة المناسبة هي صندوق النقد الدولي في ظل صعوبة خروج بلادنا الى الاقتراض من الاسواق الدولية بسبب غموض الرؤية والصراعات السياسية والاجتماعية التي تسيطر على المشهد العام للبلاد...

هذه العوامل هي التي اعتمدت عليها العديد من الاوساط المالية في تونس وخارجها وتوقعت من خلالها فشل المفاوضات وبالتالي استحالة الحصول على تمويلات جديدة لتغطية عجز الموازنة العامة وتغطية المصاريف العمومية والتي على راسها خلاص اجور الموظفين في الاشهر المقبلة، حتى ان العديد منهم نبه من خطر الافلاس الذي قد يحل بالبلاد قريبا.....

بالمقابل، كانت الحكومة قد صرحت ابان زيارة الوفد الحكومي الى واشنطن بان مسار المفاوضات مع الصندوق سيكون مثمرا وايجابيا باعتبار الارتياح الذي لقاه الوفد من قبل الادارة الامريكية ومنح بلادنا هبة تقدر بـ 1400 مليون دينار ، كما افاد وزير المالية والاقتصاد ودعم الاستثمار علي الكعلي في اخر تصريح له بعد الزيارة بان هناك مساندة وتفاهم وإرادة لمساعدة تونس من طرف السلط الأمريكية.

واكد الوزير ان الحكومة استعدت تقنيا لهذه المشاورات ، مدعمة بحزمة من البرامج والملفات الاصلاحية، لاقناع الجهة الممولة من اجل الحصول على تمويلات جديدة تحتاجها هذه السنة لدعم ميزانيتها والتي تناهز الـ 18.5 مليار دينار تزامنا مع انطلاقها في سداد قروضها القديمة والتي تصل الى حدود الـ 15.2 مليار دينار...

دعم دولي يسهل عملية التفاوض

ولم تكن اراء عدد من المتدخلين في الشان الاقتصادي في البلاد ببعيدة عن رسائل الطمانة التي بعث بها وزير المالية في تصريحاته الاخيرة في ما يتعلق بحظوظ نجاح المفاوضات بين الحكومة والصندوق، حيث افاد الاستشاري في الاستثمار والمختص في الاقتصاد محمد الصادق جبنون في تصريحه لـ"الصباح" ان الصندوق متجه نحو قبول مطلب تونس وبالتالي تمكينها من تمويلات جديدة، مبينا ان الاجتماعات الاخيرة لمجموعة العشرين ومن بعدها مجموعة السبع G7 قد اقرت تسهيلات للبدان المتعثرة مثل تونس بقيمة تناهز الـ 670 مليار دولار مما يؤكد وجود التمويلات التي ستستفيد منها تونس لدى الصندوق وبالتالي فان الاتفاق سياتي ولو بصعوبة ..حسب تعبيره..

وبشان نسق المفاوضات المتسارع، فقد بين جبنون انه طبيعي في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى اتمام اتفاق قرض مع الصندوق قبل الدورة الصيفية لمجلس ادارته اواخر شهر جوان بهدف الحصول على تمويلات وتجنب الوقوع في مازق سداد ديونها التي سيحل اجلها في ما بين شهري جوان واوت من السنة الجارية، مشيرا الى انها تقدر بـ 2 مليار دولار ...

وبين جبنون ان هذه المفاوضات التي انطلقت مع الصندوق تخص اعادة هيكلة المالية العمومية والاصلاحات الهيكلية ومستقبل المؤسسات العمومية مع طلب لخطة اقتصادية واضحة تمكن من تحقيق التوازن الاجتماعي ، وفق ما صرح به رئيس البنك الدولي مؤخرا، في حين ان الصندوق في متابعة مستمرة وحينية لطل المؤشرات الاقتصادية في تونس تبعا للاتفاق المبرم مع الدولة زمن حكومة يوسف الشاهد الذي من خلاله يتحصل الصندوق شهريا على 30 مؤشرا . حسب ما افاد به جبنون..

وحول قيمة القرض المزمع التحصل عليها بعد هذه المشاورات، اكد محدثنا انه سيكون في حدود الـ 3.2 مليار دولار بعد ان تحصلنا على نسبة 300 في المائة من مجموع الحصة الخاصة بتونس خلافا للقيمة التي صرح بها رئيس الحكومة هشام المشيشي والتي تناهز الـ 4 مليار دولار....

سيناريو فشل المفاوضات

وبالرغم من هذه التوقعات الايجابية حول مسار المفاوضات مع الصندوق، الا ان العديد من الاوساط التونسية تتوقع العكس وتؤكد تعثر المشاورات وبالتالي استحالة حصول تونس على قرض من الصندوق، وهو ما يضعنا امام سيناريو خطير قد تعرفه البلاد في قادم الايام...

حول هذه الفرضية - ولو ان حدوثها بنسبة ضئيلة- ، اكد جبنون في تصريحه لـ "الصباح" انه في حال فشل المفاوضات فستكون تونس في مواجهة مع السوق الدولية بهامش فائض في القروض يصل الى 13 بالمائة، مع فقدان قيمة السندات التونسية في هذه السوق بل حتى التخلي عنها بعد ان تصبح سندات "ملوثة"، وهو ما سيضعها في ازمة مالية يصل بالبلاد الى طلب اعادة جدولة ديونها وهي خطوة خطيرة تذكرنا بالوضع الذي الت اليه طل من اليونان ولبنان...

كما اضاف محدثنا ان من بين التداعيات المنتظرة في حال فشل التفاوض مع الصندوق، ستواجه بلادنا عاصفة السوق دون ضمانات وهي التي تسجل نسبة نمو اقتصادي سلبي بـ (-3 بالمائة)، النسبة الاضعف التي تسجلها بلادنا في ثلاثي واحد منذ الاستقلال مع تنافسية منعدمة كوجهة استثمارية وبانتاجية معطلة، فضلا عن غياب رؤيا سياسية واجتماعية واضحة ...

ومع انطلاق المفاوضات مطلع الاسبوع الجاري بخطى متسارعة، تبقى التمويلات المنتظرة المزمع منحها الصندوق لبلادنا في شكل قرض، مهمة في الوقت الراهن وهي التي تحتاج ما قيمته 18.5 مليار دينار، فضلا عن تعهداتها الخارجية التي تناهز الـ 15.2 مليار دينار، انطلقت الحكومة في سداد ما قيمته 2.7 مليار دينا في الثلاثي الاول، وتنوي في الثلاثي الثاني خلاص 3.6 مليار دينار اخرى على ان تغلق السداسي الاول من 2021 بـ 9 مليارات دينار قروض مستخلصة حتى تواصل مع حلول شهر جويلية المقبل سداد القرض الذي ضمنت فيه الولايات المتحدة الامريكي والمقدر بملياري دينار...

وفاء بن محمد                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews