إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح.. مثقف دستوري من الزمن البورقيبي : لماذا سأصوت بنعم على الدستور الجديد ؟

بقلم: نوفل سلامة

لي صديق مثقف من الرعيل الأول من الزمن البورقيبي انتمنى إلى الحزب الاشتراكي الدستوري في بداية الاستقلال حينما كان طالبا بفرنسا ولعب دورا مؤثرا في المنظمة الطلابية الاتحاد العام لطلبة تونس في أواخر الستينات وبداية سبعينات القرن الماضي وعاش محنة التفاف النظام على المنظمة والانقلاب عليها فيما بات يعرف بمؤتمر قربة الشهير كان ينتمي إلى الشق الديمقراطي في الحزب وإلى التيار الفكري والسياسي الذي حاول تثبيت الممارسة الديمقراطية الفعلية في الحزب أولا قبل الممارسة خارجه كان مؤمنا بالتعددية النقابية في اتحاد الطلبة حينما قبل بدخول الطلبة اليساريين إلى الاتحاد ومؤمنا بالتعددية الحزبية في المشهد السياسي وبضرورة التداول السلمي على السلطة لم يكن موافقا على تأبيد السلطة في يد رجل واحد ، هو محب للمعرفة ولحرية الرأي والتعبير ومنفتح على الآخر له صداقات كثيرة من تيارات فكرية وسياسية مختلفة ورغم انتمائه للحزب واعترافه بدور الرئيس بورقيبة فيما تحقق للبلاد من انجازات إلا أنه كان يرى أنه كان بالإمكان أن تتخذ البلاد مسارا سياسيا مختلفا وتصبح بلدا ديمقراطيا لو طبق بورقيبة الديمقراطية مبكرا وكانت له الرغبة والإرادة السياسية في بناء نظام ديمقراطي حقيقي كان يقول لقد فوتنا على أنفسنا فرصا كثيرة كانت تغنينا عن الوقوع في كل هذه التعثرات التي حصلت ولربما كنا في غنى و في غير حاجة إلى القيام بثورة لو طبقنا الديمقراطية مبكرا في بداية سبعينات القرن الماضي ولم ننقح دستور 1959 وقد كلفته مواقفه وآراءه هذه التجاهل والإقصاء من الحزب الذي انتمى إليه ودافع عنه ولا يزال وحرمانه من التوزير والتعيين السياسي ليبقى مناضلا دستوريا ضمن تيار ديمقراطي تم الاجهاض عليه وتحاصرته وبورقيبيا بفكره وتاريخه.

هذا الصديق يجمعني به لسنوات لقاء أسبوعي في جلسة صباحية كل يوم سبت في مكتبه نتجاذب فيها أطراف الحديث ونبادل الرأي حول قضايا مختلفة تشغلنا وخاصة نناقش ما أكتبه وما يكتبه إذ كلانا تجمعنا صحيفة يومية واحدة فتحت لنا صفحاتها قبل أن تتحول من ورقية إلى الكترونية ومع هذا التحول الاضطراري الذي اتجه فيه العالم نحو رقمنة كل شيء بما في ذلك الفكر والمعرفة فقدت الكتابة نكهتها .. في لقائنا الأخير سألت صديقي رأيه في الاستفتاء الذي سيمقبل عليه الشعب يوم 25 جويلية وموقفه من وثيقة الدستور الجديد الذي أحدث الكثير من اللغط والضجيج والاختلاف حول مضمون فصوله في علاقة بتجميع السلطة في يد رجل واحد من دون أن تكون هناك وسيلة أو آلية قانونية لمحاسبته وفي علاقة بتأسيس نظام سلطوي أعاد البلاد إلى زمن ما قبل الثورة والحال أن الشعب قد ثار ضد نظام بن علي الاستبدادي الذي استحوذ علي كل شيء .

انصت إليّ هذا الصديق جيدا وبنظرة فيها الكثير من التأمل وبنبرة هادئة تكلم فقال : أنا من الأشخاص الذين أيدوا حراك 25 جويلية لقناعة عندي أن ما وصلت إليه البلاد من عبث وفوضى كان عليه أن ينتهي وكنت سأؤيّد أية طريقة أخرى تنهيه لو لم يتحرك الرئيس قيس سعيد وقد أيدت الفكرة والمشروع الذي أعلن عنه من قبل أن أطلع على المضمون السياسي للرجل ولكن بعد نشر مسودة الدستور وإطلاعي على فصولها حصلت لي فكرة حول المشروع السياسي للرئيس الذي لي حوله الكثير من التحفظات والمخاوف بخصوص نظام الحكم وحول مسألة حصر كل السلطات في يد الرئيس وغير ذلك من المسائل التي التقي فيها مع ناقدي الدستور ومعارضي الرئيس ولكن رغم كل ما يقال اليوم عن النص الدستوري وما يثار من مخاوف يثيرها الحقوقيون فإني سوف أصوت بنعم لأسباب ثلاث :

السب الأول : أن التصويت بنعم هو من أجل القطع مع مرحلة تاريخية عاشتها تونس عرفت فشلا كبيرا في الانتقال بالبلاد إلى وضع وحالة أفضل مما كانت عليه قبل الثورة وعرفت فوضى وعبثا كبيرين كان من غير الممكن أن تتواصل أكثر لذلك كان لا بد أن تنتهي هذه المرحلة وكان من الضروري فعل أي شيء من أجل إنهاء مرحلة اللادولة والقطع مع مرحلة صعبة تراجع فيها كل شيء وخاصة الخدمات الاجتماعية والوضع الاجتماعي للناس لذلك كان من الضروري القطع مع مرحلة ما قبل 25 جويلية والذهاب إلى أفق جديد ومرحلة أخرى فعملية التخلص من القديم ضرورية من الناحية النفسية ومهمة للسياسي حتى لا نجد أنفسنا نتأرجح بين مرحلتين تتنازعان الصلاحيات والشرعيات.إذ لا يمكن تأسيس مرحلة سياسية جديدة من دون الانتهاء قانونيا وسياسيا من المرحلة السابقة وهذا لا يكون إلا بالتصويت بنعم.

السبب الثاني : أن التصويت بنعم سوف يمكن الشعب من محاسبة جهة محددة وتقييم أداء المسؤول على الدولة والمسؤول على تنفيذ السياسة العامة ومحاسبة الرئيس عندما يفشل أو حينما لا يفي بوعوده والتزاماته فما كان حاصلا بمقتضى الدستور الحالي لسنة 2014 أن المسؤولية السياسية موزعة ومفرقة ما جعل من الصعب محاسبة أي كان وهذا فعلا ما حصل إذ أن كل القوى والأحزاب والشخصيات التي حكمت تنفي مسؤوليتها ونعلن أنها لم تحكم مما حال دون وجود شخص أو حزب محدد يمكن محاسبته عن الفشل وعن الخيارات و حال دون تحميل المسؤولية لأي جهة كانت عن الاخفاقات لهذا فان التصويت بنعم هذه المرة هو تصويت من أجل حصر المسؤولية عند الرئيس الذي أصبح المسؤول الوحيد في الدولة وعندها يمكن محاسبته عن خياراته وقراراته وسياسيته سلبا وإيجابا وبهذه الطريقة يمكن أن تكون لنا جهة واضحة يمكن محاسبتها وتقييم أدائها .

السبب الثالث : أن التصويت بنعم فرضه غياب البديل عما يعرضه الرئيس قيس سعيد والبديل عن مشروعه السياسي فالمشكلة أننا إزاء مشهد سياسي لا يوجد فيه بديل آخر أفضل من الرئيس قيس سعيد فلو نظرا يمينا ويسارا وتأملنا في صفوف المعارضة بمختلف أطيافها والتي نجدها اليوم تكثف معارضتها للرئيس فإننا لا نجد لها بديلا مقبولا يرضى به الشعب فإذا سألت اليوم عن البديل السياسي وقلت ما هو البديل عن قيس سعيد فإنك لا تظفر بجواب واحد .. إن الشعب اليوم من عامة الناس وبسطاء القوم لا يهمهم ما تثيره الطبقة المثقفة من مخاوف وما يتناوله الاعلام حول الدستور وفصوله المثيرة للجدل والنقاش حول النظام السياسي الذي يعمل قيس سعيد على ارسائه والذي يوصف بالاستبدادي إن الذي يهم غالبية الناس اليوم هو إرجاع الدولة يحكمها شخص واحد قادر على فرض النظام والقانون وله كامل الصلاحيات لمحاربة اللصوص والفاسدين وكل العابثين بمقدرات الدولة ، شخص واحد تمنح له الثقة لتحسين حالهم نحو الافضل بدل كل العبث والانتهازية واللصوصية التي مارسها من يطالب بالديمقراطية .. اليوم مطلب الناس هو تحقيق الأمن الغذائي والآمن النفسي والهدوء المجتمعي وغير ذلك مرفوض .

قلت لصديقي المثقف والدستوري من الرعيل الأول من الزمن البورقيبي والسياسي المحنك هذا رأيك احترمه ولا أناقشك قناعاتك ولكن ألا ترى أن تفكيرك هذا والتحليل الذي قدمته يقوم على ازدواجية عجيبة فأنت من ناحية لك مؤاخذات حول وثيقة الدستور وتحفظات حول النص القانوني ومن ناحية ثانية موافق على التمشي السياسي الذي سارت فيه البلاد بعد حراك 25 جويلية وقابل بالمرحلة المقبلة على هناتها الكبيرة على الحريات والنظام السياسي المختار وعلى نظام الحكم برمته ؟ كيف تقبل أن تصوت بنعم وأنت لك تحفظات كثيرة على النص المؤسس للمرحلة المقبلة ؟ وما هي الضمانات المتوفرة حتى نجد كل الاماني والطموحات التي أعلنت عنها ؟

كانت إجابة صديقي حول كل هذه الأسئلة التي هي أسئلة الكثيرين من أبناء الشعب الحائرين التائهين أن هذا الخيار بالنسبة إليه هو مقامرة معلنة ومخاطرة لا بد منها وأنه رغم علمه أنه لا يعرف أين سيذهب بنا قيس سعيد وليست لديه تطمينات حول نجاح المسار الجديد ولكن مع ذلك فنحن في مفترق طريق فإما أن نسير إلى الأمام وإلا أن نعود إلى الوراء وفي كل الحالات فإن تاريخ يتقدم وتصويتي هو مبايعة للرئيس لثقتي في قدرته على إخراج البلاد من أزماتها الكثيرة ..

 

منتدى الصباح.. مثقف دستوري من الزمن البورقيبي : لماذا سأصوت بنعم على الدستور الجديد ؟

بقلم: نوفل سلامة

لي صديق مثقف من الرعيل الأول من الزمن البورقيبي انتمنى إلى الحزب الاشتراكي الدستوري في بداية الاستقلال حينما كان طالبا بفرنسا ولعب دورا مؤثرا في المنظمة الطلابية الاتحاد العام لطلبة تونس في أواخر الستينات وبداية سبعينات القرن الماضي وعاش محنة التفاف النظام على المنظمة والانقلاب عليها فيما بات يعرف بمؤتمر قربة الشهير كان ينتمي إلى الشق الديمقراطي في الحزب وإلى التيار الفكري والسياسي الذي حاول تثبيت الممارسة الديمقراطية الفعلية في الحزب أولا قبل الممارسة خارجه كان مؤمنا بالتعددية النقابية في اتحاد الطلبة حينما قبل بدخول الطلبة اليساريين إلى الاتحاد ومؤمنا بالتعددية الحزبية في المشهد السياسي وبضرورة التداول السلمي على السلطة لم يكن موافقا على تأبيد السلطة في يد رجل واحد ، هو محب للمعرفة ولحرية الرأي والتعبير ومنفتح على الآخر له صداقات كثيرة من تيارات فكرية وسياسية مختلفة ورغم انتمائه للحزب واعترافه بدور الرئيس بورقيبة فيما تحقق للبلاد من انجازات إلا أنه كان يرى أنه كان بالإمكان أن تتخذ البلاد مسارا سياسيا مختلفا وتصبح بلدا ديمقراطيا لو طبق بورقيبة الديمقراطية مبكرا وكانت له الرغبة والإرادة السياسية في بناء نظام ديمقراطي حقيقي كان يقول لقد فوتنا على أنفسنا فرصا كثيرة كانت تغنينا عن الوقوع في كل هذه التعثرات التي حصلت ولربما كنا في غنى و في غير حاجة إلى القيام بثورة لو طبقنا الديمقراطية مبكرا في بداية سبعينات القرن الماضي ولم ننقح دستور 1959 وقد كلفته مواقفه وآراءه هذه التجاهل والإقصاء من الحزب الذي انتمى إليه ودافع عنه ولا يزال وحرمانه من التوزير والتعيين السياسي ليبقى مناضلا دستوريا ضمن تيار ديمقراطي تم الاجهاض عليه وتحاصرته وبورقيبيا بفكره وتاريخه.

هذا الصديق يجمعني به لسنوات لقاء أسبوعي في جلسة صباحية كل يوم سبت في مكتبه نتجاذب فيها أطراف الحديث ونبادل الرأي حول قضايا مختلفة تشغلنا وخاصة نناقش ما أكتبه وما يكتبه إذ كلانا تجمعنا صحيفة يومية واحدة فتحت لنا صفحاتها قبل أن تتحول من ورقية إلى الكترونية ومع هذا التحول الاضطراري الذي اتجه فيه العالم نحو رقمنة كل شيء بما في ذلك الفكر والمعرفة فقدت الكتابة نكهتها .. في لقائنا الأخير سألت صديقي رأيه في الاستفتاء الذي سيمقبل عليه الشعب يوم 25 جويلية وموقفه من وثيقة الدستور الجديد الذي أحدث الكثير من اللغط والضجيج والاختلاف حول مضمون فصوله في علاقة بتجميع السلطة في يد رجل واحد من دون أن تكون هناك وسيلة أو آلية قانونية لمحاسبته وفي علاقة بتأسيس نظام سلطوي أعاد البلاد إلى زمن ما قبل الثورة والحال أن الشعب قد ثار ضد نظام بن علي الاستبدادي الذي استحوذ علي كل شيء .

انصت إليّ هذا الصديق جيدا وبنظرة فيها الكثير من التأمل وبنبرة هادئة تكلم فقال : أنا من الأشخاص الذين أيدوا حراك 25 جويلية لقناعة عندي أن ما وصلت إليه البلاد من عبث وفوضى كان عليه أن ينتهي وكنت سأؤيّد أية طريقة أخرى تنهيه لو لم يتحرك الرئيس قيس سعيد وقد أيدت الفكرة والمشروع الذي أعلن عنه من قبل أن أطلع على المضمون السياسي للرجل ولكن بعد نشر مسودة الدستور وإطلاعي على فصولها حصلت لي فكرة حول المشروع السياسي للرئيس الذي لي حوله الكثير من التحفظات والمخاوف بخصوص نظام الحكم وحول مسألة حصر كل السلطات في يد الرئيس وغير ذلك من المسائل التي التقي فيها مع ناقدي الدستور ومعارضي الرئيس ولكن رغم كل ما يقال اليوم عن النص الدستوري وما يثار من مخاوف يثيرها الحقوقيون فإني سوف أصوت بنعم لأسباب ثلاث :

السب الأول : أن التصويت بنعم هو من أجل القطع مع مرحلة تاريخية عاشتها تونس عرفت فشلا كبيرا في الانتقال بالبلاد إلى وضع وحالة أفضل مما كانت عليه قبل الثورة وعرفت فوضى وعبثا كبيرين كان من غير الممكن أن تتواصل أكثر لذلك كان لا بد أن تنتهي هذه المرحلة وكان من الضروري فعل أي شيء من أجل إنهاء مرحلة اللادولة والقطع مع مرحلة صعبة تراجع فيها كل شيء وخاصة الخدمات الاجتماعية والوضع الاجتماعي للناس لذلك كان من الضروري القطع مع مرحلة ما قبل 25 جويلية والذهاب إلى أفق جديد ومرحلة أخرى فعملية التخلص من القديم ضرورية من الناحية النفسية ومهمة للسياسي حتى لا نجد أنفسنا نتأرجح بين مرحلتين تتنازعان الصلاحيات والشرعيات.إذ لا يمكن تأسيس مرحلة سياسية جديدة من دون الانتهاء قانونيا وسياسيا من المرحلة السابقة وهذا لا يكون إلا بالتصويت بنعم.

السبب الثاني : أن التصويت بنعم سوف يمكن الشعب من محاسبة جهة محددة وتقييم أداء المسؤول على الدولة والمسؤول على تنفيذ السياسة العامة ومحاسبة الرئيس عندما يفشل أو حينما لا يفي بوعوده والتزاماته فما كان حاصلا بمقتضى الدستور الحالي لسنة 2014 أن المسؤولية السياسية موزعة ومفرقة ما جعل من الصعب محاسبة أي كان وهذا فعلا ما حصل إذ أن كل القوى والأحزاب والشخصيات التي حكمت تنفي مسؤوليتها ونعلن أنها لم تحكم مما حال دون وجود شخص أو حزب محدد يمكن محاسبته عن الفشل وعن الخيارات و حال دون تحميل المسؤولية لأي جهة كانت عن الاخفاقات لهذا فان التصويت بنعم هذه المرة هو تصويت من أجل حصر المسؤولية عند الرئيس الذي أصبح المسؤول الوحيد في الدولة وعندها يمكن محاسبته عن خياراته وقراراته وسياسيته سلبا وإيجابا وبهذه الطريقة يمكن أن تكون لنا جهة واضحة يمكن محاسبتها وتقييم أدائها .

السبب الثالث : أن التصويت بنعم فرضه غياب البديل عما يعرضه الرئيس قيس سعيد والبديل عن مشروعه السياسي فالمشكلة أننا إزاء مشهد سياسي لا يوجد فيه بديل آخر أفضل من الرئيس قيس سعيد فلو نظرا يمينا ويسارا وتأملنا في صفوف المعارضة بمختلف أطيافها والتي نجدها اليوم تكثف معارضتها للرئيس فإننا لا نجد لها بديلا مقبولا يرضى به الشعب فإذا سألت اليوم عن البديل السياسي وقلت ما هو البديل عن قيس سعيد فإنك لا تظفر بجواب واحد .. إن الشعب اليوم من عامة الناس وبسطاء القوم لا يهمهم ما تثيره الطبقة المثقفة من مخاوف وما يتناوله الاعلام حول الدستور وفصوله المثيرة للجدل والنقاش حول النظام السياسي الذي يعمل قيس سعيد على ارسائه والذي يوصف بالاستبدادي إن الذي يهم غالبية الناس اليوم هو إرجاع الدولة يحكمها شخص واحد قادر على فرض النظام والقانون وله كامل الصلاحيات لمحاربة اللصوص والفاسدين وكل العابثين بمقدرات الدولة ، شخص واحد تمنح له الثقة لتحسين حالهم نحو الافضل بدل كل العبث والانتهازية واللصوصية التي مارسها من يطالب بالديمقراطية .. اليوم مطلب الناس هو تحقيق الأمن الغذائي والآمن النفسي والهدوء المجتمعي وغير ذلك مرفوض .

قلت لصديقي المثقف والدستوري من الرعيل الأول من الزمن البورقيبي والسياسي المحنك هذا رأيك احترمه ولا أناقشك قناعاتك ولكن ألا ترى أن تفكيرك هذا والتحليل الذي قدمته يقوم على ازدواجية عجيبة فأنت من ناحية لك مؤاخذات حول وثيقة الدستور وتحفظات حول النص القانوني ومن ناحية ثانية موافق على التمشي السياسي الذي سارت فيه البلاد بعد حراك 25 جويلية وقابل بالمرحلة المقبلة على هناتها الكبيرة على الحريات والنظام السياسي المختار وعلى نظام الحكم برمته ؟ كيف تقبل أن تصوت بنعم وأنت لك تحفظات كثيرة على النص المؤسس للمرحلة المقبلة ؟ وما هي الضمانات المتوفرة حتى نجد كل الاماني والطموحات التي أعلنت عنها ؟

كانت إجابة صديقي حول كل هذه الأسئلة التي هي أسئلة الكثيرين من أبناء الشعب الحائرين التائهين أن هذا الخيار بالنسبة إليه هو مقامرة معلنة ومخاطرة لا بد منها وأنه رغم علمه أنه لا يعرف أين سيذهب بنا قيس سعيد وليست لديه تطمينات حول نجاح المسار الجديد ولكن مع ذلك فنحن في مفترق طريق فإما أن نسير إلى الأمام وإلا أن نعود إلى الوراء وفي كل الحالات فإن تاريخ يتقدم وتصويتي هو مبايعة للرئيس لثقتي في قدرته على إخراج البلاد من أزماتها الكثيرة ..

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews