إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هذه فرضيات تنظيم انتخابات تشريعية في ديسمبر.. وأيّة توجهات للقانون الانتخابي؟

-هل سيلجأ سعيّد إلى هيئة استشارية لوضع القانون الانتخابي أم سيتم نشره مباشرة عبر مرسوم رئاسي؟

-غموض في موعد انتخاب نواب مجلس الجهات والأقاليم وكيفية تنظيمها؟

تونس- الصباح

من أبرز التساؤلات التي قد تطرح بعد نهاية الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد، والمقرر ليوم الاثنين المقبل 25 جويلية، ومهما كانت نتيجة الاستفتاء، هي في فرضيات تنظيم انتخابات تشريعية أو رئاسية سابقة لأوانها، والتي يفترض أن تتم في جل الحالات وفق قانون انتخابي جديد لا أحد يعلم متى وكيف سيتم إعداده، وماهي أبرز توجهاته وطريقة الاقتراع التي سيتم اعتمادها؟

وبالنظر إلى ما سبق مشروع الدستور الجديد من إجراءات وحيثيات واستعانة بخبراء في القانون الدستوري، هل سيُعيد الرئيس سعيّد تشكيل هيئة استشارية جديدة كالتي أُحدثت بهدف كتابة مسودة الدستور، تكلّف هذه المرة بكتابة مشروع نص القانون الانتخابي الجديد، أم سيكتفي بنشر مرسوم رئاسي دون الحاجة إلى القيام باستشارة موسعة أو حوار وطني مثلما تطالب بذلك أحزاب ومنظمات وطنية؟

الملفت للانتباه أن مشروع الدستور في نسخته المعدلة لم يُشرْ في باب الأحكام الانتقالية إلى تاريخ تنظيم الانتخابات التشريعية، بل اكتفى في الفصل 139 إلى التأكيد بأن "العمل في المجال التّشريعيّ يستمرّ بأحكام الأمر الرّئاسيّ عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائيّة إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشّعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه."

علما أن الموعد المتداول حاليا ومنذ أشهر لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها يستمد وجوده من خطاب رئيس الجمهورية يوم 13 ديسمبر 2021 حين وضع ما يشبه خارطة طريق أو روزنامة مواعيد تهدف للخروج من وضع التدابير الاستثنائية، تنتهي بتنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 وهو التاريخ الذي يوافق ذكرى اندلاع الثورة التونسية. وقد سبق هذا الموعد إعلان تاريخ الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية الجاري.

في حين لم يتم ذكر إمكانية تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لا في خطاب الرئيس المرجعي ليوم 13 ديسمبر، ولا في الأحكام الانتقالية لمشروع الدستور، ما يعني أن فرضية تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الحالي مستبعدة تماما.

وفي ظل صمت المشرّع عن تثبيت موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة أن النسخة المعدّلة من الدستور أكدت - في تنصيص واضح نَزَع اللبس عن النسخة الأولى من مشروع الدستور- أن أعضاء البرلمان يُنتخبون "انتخابا حرا مباشرا"، ما يعني أن الانتخابات البرلمانية ستتم وفق قواعد التصويت المباشر السرّي والحرّ، على غرار الانتخابات البرلمانية السابقة.

عكس الطريقة التي سيتم بها تنظيم انتخابات للغرفة النيابية الثانية وهي مجلس الجهات والأقاليم التي نص عليها مشروع الدستور، وستتم مبدئيا بطريقة غير مباشرة أي عن طريق الترشيح والاختيار عبر آلية التصعيد والغربلة من المجالس المحلية والجهوية، وهذه المسألة قد تمهد لبناء النظام القاعدي الذي يسوّق له مناصرو الرئيس وتحدث عن ملامحه سعيّد في تصريحات إعلامية وفي خطابات سياسية سابقة.. وهنا تطرح فرضيتان:

الحسم بعد الاستفتاء؟

تتعلق الفرضية الأولى بإمكانية المضي قدما في الإعداد لموعد الانتخابات التشريعية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية نفسه في خطابه يوم 13 ديسمبر 2021، وتأكيد ذلك قد يتم مباشرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء.

وفي هذه الحالة فإن طرح مرسوم انتخابي جديد ينظم العملية الانتخابية مطلوب في أسرع وقت ممكن على اعتبار أن الهيئة المستقلة للانتخابات ليس أمامها الوقت الكثير لإعداد روزنامة انتخابية، تكون مستجيبة لقواعد الانتخابات الحرة والنزيهة، وتضبطها في أريحية من أمرها وليس في ظرف زمني مضغوط يجعلها تسابق الزمن لتقسيم الروزنامة وفي الإعداد اللوجيستي والتقني والإداري والقانوني لانتخابات تتطلب تحضيرات ضخمة مسبقة وميزانية معلومة، وتركيزا شديدا وتناسقا مطلوبا داخل مجلس الهيئة المركزية، وهيئاتها الفرعية..

وقد يكون هذا الأمر – أي إعداد قانون انتخابي جديد - من أولويات المرحلة المقبلة، على اعتبار أن المبادئ العامة للانتخابات سواء تلك المنصوص عليها في القانون الانتخابي الحالي الجاري به العمل أو في قوانين مقارنة، تنصّ على انطلاق فترة ما قبل الحملة الانتخابية ثلاثة أشهر قبل انطلاق موعد الحملة الانتخابية التي تمتد بدورها لمدة 22 يوما قبل موعد الاقتراع..

أي أنه في صورة تطبيق الآجال المنصوص عليها في القانون الانتخابي الحالي فإن فترة ما قبل الحملة الانتخابية تنطلق مبدئيا يوم 25 أوت المقبل، والأمر الرئاسي لدعوة الناخبين يجب أن ينشر قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الاقتراع أي قبل يوم 17 سبتمبر 2022..

وهنا، تطرح تساؤلات بخصوص كيفية إدارة رئاسة الجمهورية لهذه المرحلة الحساسة لتوضع تشريعات جديدة للمنظومة الانتخابية، خاصة قي ظل فتور العلاقة بين الرئيس سعيد وأصدقائه المقربين من خبراء القانون الدستوري وعلى رأسهم العميد الصادق بلعيد، والأستاذ أمين محفوظ، وذلك على خلفية عدم أخذ سعيد بالنسخة المقترحة التي قدمها هؤلاء اثر نهاية أعمال الهيئة الاستشارية..

فهل سيكتفي الرئيس سعيّد باستشارة هيئة الانتخابات مثلا، أو هيئات أخرى مستقلة مختصة، أو يلجأ إلى خبراء جدد في القانون، أم سيوسّع من دائرة التشاور ويفتح حوارا للغرض مع بعض الأحزاب المؤيدة لمسار 25 جويلية، والمنظمات الوطنية مثل اتحاد الشغل الذي سبق أن أعد مقترحا شاملا في المنظومة الانتخابية؟؟

ويظل الغموض قائما في ما يتعلق بموعد انتخاب نواب مجلس الجهات والأقاليم، وهل يجوز مثلا أن يعمل البرلمان فقط بعد انتخابه دون الحاجة إلى استكمال انتخاب أعضاء الغرفة الثانية..؟

ملامح قانون انتخابي شبه جاهزة !

أما الفرضية الثانية، فهي تتمثل في إمكانية تأجيل موعد الانتخابات التشريعية إلى موعد لاحق، إلى حين إعداد تصور قانوني جديد للمنظومة الانتخابية تشمل القانون الانتخابي، وإطار قانوني جديد لتقسيم الدوائر الانتخابية، وتنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات. وذلك على اعتبار أن المدة الزمنية المتبقية لموعد الانتخابات التشريعية التي تقل عن خمسة أشهر، لن تكون كافية لإعداد ترسانة من مشاريع القوانين والتي تتطلب تدقيقا ومراجعة قبل المصادقة عليها ونشرها بالرائد الرسمي، وأيضا لتفادي حصول أخطاء كالتي حصلت في النسخة الأولى من مشروع الدستور قبل تعديلها..

في جلّ الأحوال، فإن ملامح القانون الانتخابي الجديد الذي قد يحمل في النهاية بصمات الفكر القانوني والتوجه السياسي للرئيس سعيد، وهي معلومة في شكلها العام، لكن تفاصيلها قد تختلف على اعتبار أن مشروع الدستور الذي أحال شروط تنظيم جل العمليات الانتخابية من برلمان، ومجلس جهات، ورئاسية، إلى القانون الانتخابي، مزج بين الاقتراع المباشر (البرلمان، رئيس الجمهورية) والاقتراع غير المباشر (مجلس الجهات)، ليظل المحور الرئيسي المتبقي الاختيار على نظام الاقتراع في حد ذاته، فهل سيكون على الأفراد، أم على القائمات؟

وبالعودة إلى تصريحات سعيد نفسه، خاصة تلك التي تناول فيها المسألة الانتخابية، وأكثرها وضوحا ودقة، تلك التي تحدث فيها نظام الاقتراع والتصويت في الانتخابات التشريعية.

إذ كشف سعيد يوم 6 أفريل 2022 على هامش زيارته لضريح الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بمناسبة إحياء ذكرى وفاته، أن الاقتراع في الانتخابات التشريعية القادمة سيكون على الأفراد لا على القائمات وفي دورتين.

وشدّد على أن نتائج الاستشارة الالكترونية الوطنية التي أجريت خلال الفترة من 15 جانفي إلى 20 مارس 2022، وشارك فيها حوالي 500 ألف مواطن، لاستطلاع آراء الناس في الإصلاحات السياسية، يجب أن تكون منطلقا لأي إصلاحات.

وبالتالي فإن مسألة نظام الاقتراع شبه محسومة، وتظل تفاصيل مرتبطة مثلا بطريقة توزيع الدوائر الانتخابية، وشروط المرور إلى دورة ثانية للحسم في المرشح الفائز، وأيضا تحديد شروط الترشح وكيفية تنظيم الانتخابات التشريعية أو للغرفة الثانية المستجدة، متروكة للمشرّع.

ومهما يكن من أمر، فإن الملامح الكبرى للقانون الانتخابي وتوجهاته الأساسية، لن تبتعد كثيرا عمّا ورد في مشروع الدستور الذي أورد تفاصيل أساسية مثل شروط المشاركة في الانتخابات بالنسبة لأعضاء البرلمان، أو للرئاسية، على غرار السن والجنسية والحالة المدنية، وشرط الحصول على تزكيات (للرئاسية) وأيضا التنصيص على شرط سحب الوكالة من النواب، ومنع السياحة الحزبية للنائب في صورة استقالته من الكتلة أو الحزب الذي ترشح عنه.. لتظل في النهاية ترتيب تلك التوجهات وتبويب شروط الترشح والتحديد نهائي لنظام الاقتراع وكيفية احتساب الأصوات متروكة للقانون الانتخابي الجديد..

رفيق بن عبد الله

..................

مؤطر

بعض الفصول الواردة بمشروع الدستور المرتبطة بتوجهات القانون الانتخابي

الفصل 58:

الترشّح لعضويّة مجلس نوّاب الشّعب حقّ لكلّ ناخب أو ناخبة وُلد لأب تونسيّ أو لأمّ تونسيّة وبلغ من العمر ثلاثا وعشرين سنة كاملة يوم تقديم ترشّحه، شرط ألاّ يكون مشمولا بأيّ صورة من صور الحرمان التي يضبطها القانون الانتخابيّ.

الفصل 59:

يُعتبر ناخبا كلّ مواطن أو مواطنة يتمتّع بالجنسيّة التّونسيّة وبلغ من العمر ثماني عشرة سنة كاملة، وتتوفّر فيه الشّروط التي يحدّدها القانون الانتخابيّ.

الفصل 60:

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشّعب انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا لمدّة خمس سنوات خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة النّيابيّة وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ.

الفصل 61:

يحجّر على النّائب ممارسة أيّ نشاط آخر بمقابل أو دون مقابل.

وكالة النّائب قابلة للسّحب وفق الشّروط التي يحدّدها القانون الانتخابيّ.

فصل 62:

إذا انسحب نائب من الكتلة النّيابيّة التي كان ينتمي إليها عند بداية المدّة النّيابيّة لا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى

الفصل 81:

يتكوّن المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم من نوّاب منتخبين عن الجهات والأقاليم.

ينتخب أعضاء كلّ مجلس جهويّ ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهاتهم بالمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

وينتخب الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهويّة في كلّ إقليم نائبا واحدا من بينهم يمثّل هذا الإقليم في المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

يتمّ تعويض النّائب الممثّل للإقليم طبقا لما يضبطه القانون الانتخابيّ.

الفصل 89:

التّرشّح لمنصب رئيس الجمهوريّة حقّ لكلّ تونسيّ أو تونسيّة غير حامل لجنسيّة أخرى مولود لأب وأمّ، وجدّ لأب، وجدّ لأمّ تونسيّين، وكلّهم تونسيّون دون انقطاع.

ويجب أن يكون المترشّح أو المترشّحة، يوم تقديم ترشّحه، بالغا من العمر أربعين سنة على الأقلّ ومتمتّعا بجميع حقوقه المدنيّة والسّياسيّة.

يقع تقديم التّرشّح للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات حسب الطّريقة والشّروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابيّ.

الفصل 90:

يُنتخب رئيس الجمهوريّة لمدّة خمسة أعوام انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة الرّئاسيّة وبالأغلبيّة المطلقة للأصوات المصرّح بها.

يُشترط أن يُزكِّي المترشّحَ أو المترشّحَة عددٌ من أعضاء المجالس النّيابيّة المنتخبة أو من النّاخبين وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ.

وفي صورة عدم حصول أيّ من المترشّحِين على الأغلبيّة المطلقة في الدّورة الأولى، تنظّم دورة ثانية خلال الأسبوعين التّاليين للإعلان عن النّتائج النّهائيّة للدّورة الأولى، ويتقدّم للدّورة الثّانية المترشّحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدّورة الأولى.

إذا توفّي أحد المترشّحِين في الدّورة الأولى أو أحد المترشّحَيْن في الدّورة الثّانية، يُعاد فتح باب التّرشّح وتُحدّد المواعيد الانتخابيّة من جديد في أجل لا يتجاوز خمسة وأربعين يوما. ولا يُعتدّ بالانسحاب لا في الدّورة الأولى ولا في الدّورة الثّانية.

الفصل 91:

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشّعب انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا لمدّة خمس سنوات خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة النّيابيّة وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ".

الفصل 139:

يستمرّ العمل في المجال التّشريعيّ بأحكام الأمر الرّئاسيّ عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائيّة إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشّعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه.

الفصل 140:

تدخل الأحكام المتعلّقة بالمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم حيز النّفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كلّ النّصوص ذات الصّلة.

رفيق بن عبد الله 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هذه فرضيات تنظيم انتخابات تشريعية في ديسمبر.. وأيّة توجهات للقانون الانتخابي؟

-هل سيلجأ سعيّد إلى هيئة استشارية لوضع القانون الانتخابي أم سيتم نشره مباشرة عبر مرسوم رئاسي؟

-غموض في موعد انتخاب نواب مجلس الجهات والأقاليم وكيفية تنظيمها؟

تونس- الصباح

من أبرز التساؤلات التي قد تطرح بعد نهاية الاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد، والمقرر ليوم الاثنين المقبل 25 جويلية، ومهما كانت نتيجة الاستفتاء، هي في فرضيات تنظيم انتخابات تشريعية أو رئاسية سابقة لأوانها، والتي يفترض أن تتم في جل الحالات وفق قانون انتخابي جديد لا أحد يعلم متى وكيف سيتم إعداده، وماهي أبرز توجهاته وطريقة الاقتراع التي سيتم اعتمادها؟

وبالنظر إلى ما سبق مشروع الدستور الجديد من إجراءات وحيثيات واستعانة بخبراء في القانون الدستوري، هل سيُعيد الرئيس سعيّد تشكيل هيئة استشارية جديدة كالتي أُحدثت بهدف كتابة مسودة الدستور، تكلّف هذه المرة بكتابة مشروع نص القانون الانتخابي الجديد، أم سيكتفي بنشر مرسوم رئاسي دون الحاجة إلى القيام باستشارة موسعة أو حوار وطني مثلما تطالب بذلك أحزاب ومنظمات وطنية؟

الملفت للانتباه أن مشروع الدستور في نسخته المعدلة لم يُشرْ في باب الأحكام الانتقالية إلى تاريخ تنظيم الانتخابات التشريعية، بل اكتفى في الفصل 139 إلى التأكيد بأن "العمل في المجال التّشريعيّ يستمرّ بأحكام الأمر الرّئاسيّ عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائيّة إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشّعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه."

علما أن الموعد المتداول حاليا ومنذ أشهر لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها يستمد وجوده من خطاب رئيس الجمهورية يوم 13 ديسمبر 2021 حين وضع ما يشبه خارطة طريق أو روزنامة مواعيد تهدف للخروج من وضع التدابير الاستثنائية، تنتهي بتنظيم انتخابات تشريعية يوم 17 ديسمبر 2022 وهو التاريخ الذي يوافق ذكرى اندلاع الثورة التونسية. وقد سبق هذا الموعد إعلان تاريخ الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية الجاري.

في حين لم يتم ذكر إمكانية تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة لا في خطاب الرئيس المرجعي ليوم 13 ديسمبر، ولا في الأحكام الانتقالية لمشروع الدستور، ما يعني أن فرضية تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الحالي مستبعدة تماما.

وفي ظل صمت المشرّع عن تثبيت موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة أن النسخة المعدّلة من الدستور أكدت - في تنصيص واضح نَزَع اللبس عن النسخة الأولى من مشروع الدستور- أن أعضاء البرلمان يُنتخبون "انتخابا حرا مباشرا"، ما يعني أن الانتخابات البرلمانية ستتم وفق قواعد التصويت المباشر السرّي والحرّ، على غرار الانتخابات البرلمانية السابقة.

عكس الطريقة التي سيتم بها تنظيم انتخابات للغرفة النيابية الثانية وهي مجلس الجهات والأقاليم التي نص عليها مشروع الدستور، وستتم مبدئيا بطريقة غير مباشرة أي عن طريق الترشيح والاختيار عبر آلية التصعيد والغربلة من المجالس المحلية والجهوية، وهذه المسألة قد تمهد لبناء النظام القاعدي الذي يسوّق له مناصرو الرئيس وتحدث عن ملامحه سعيّد في تصريحات إعلامية وفي خطابات سياسية سابقة.. وهنا تطرح فرضيتان:

الحسم بعد الاستفتاء؟

تتعلق الفرضية الأولى بإمكانية المضي قدما في الإعداد لموعد الانتخابات التشريعية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية نفسه في خطابه يوم 13 ديسمبر 2021، وتأكيد ذلك قد يتم مباشرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء.

وفي هذه الحالة فإن طرح مرسوم انتخابي جديد ينظم العملية الانتخابية مطلوب في أسرع وقت ممكن على اعتبار أن الهيئة المستقلة للانتخابات ليس أمامها الوقت الكثير لإعداد روزنامة انتخابية، تكون مستجيبة لقواعد الانتخابات الحرة والنزيهة، وتضبطها في أريحية من أمرها وليس في ظرف زمني مضغوط يجعلها تسابق الزمن لتقسيم الروزنامة وفي الإعداد اللوجيستي والتقني والإداري والقانوني لانتخابات تتطلب تحضيرات ضخمة مسبقة وميزانية معلومة، وتركيزا شديدا وتناسقا مطلوبا داخل مجلس الهيئة المركزية، وهيئاتها الفرعية..

وقد يكون هذا الأمر – أي إعداد قانون انتخابي جديد - من أولويات المرحلة المقبلة، على اعتبار أن المبادئ العامة للانتخابات سواء تلك المنصوص عليها في القانون الانتخابي الحالي الجاري به العمل أو في قوانين مقارنة، تنصّ على انطلاق فترة ما قبل الحملة الانتخابية ثلاثة أشهر قبل انطلاق موعد الحملة الانتخابية التي تمتد بدورها لمدة 22 يوما قبل موعد الاقتراع..

أي أنه في صورة تطبيق الآجال المنصوص عليها في القانون الانتخابي الحالي فإن فترة ما قبل الحملة الانتخابية تنطلق مبدئيا يوم 25 أوت المقبل، والأمر الرئاسي لدعوة الناخبين يجب أن ينشر قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الاقتراع أي قبل يوم 17 سبتمبر 2022..

وهنا، تطرح تساؤلات بخصوص كيفية إدارة رئاسة الجمهورية لهذه المرحلة الحساسة لتوضع تشريعات جديدة للمنظومة الانتخابية، خاصة قي ظل فتور العلاقة بين الرئيس سعيد وأصدقائه المقربين من خبراء القانون الدستوري وعلى رأسهم العميد الصادق بلعيد، والأستاذ أمين محفوظ، وذلك على خلفية عدم أخذ سعيد بالنسخة المقترحة التي قدمها هؤلاء اثر نهاية أعمال الهيئة الاستشارية..

فهل سيكتفي الرئيس سعيّد باستشارة هيئة الانتخابات مثلا، أو هيئات أخرى مستقلة مختصة، أو يلجأ إلى خبراء جدد في القانون، أم سيوسّع من دائرة التشاور ويفتح حوارا للغرض مع بعض الأحزاب المؤيدة لمسار 25 جويلية، والمنظمات الوطنية مثل اتحاد الشغل الذي سبق أن أعد مقترحا شاملا في المنظومة الانتخابية؟؟

ويظل الغموض قائما في ما يتعلق بموعد انتخاب نواب مجلس الجهات والأقاليم، وهل يجوز مثلا أن يعمل البرلمان فقط بعد انتخابه دون الحاجة إلى استكمال انتخاب أعضاء الغرفة الثانية..؟

ملامح قانون انتخابي شبه جاهزة !

أما الفرضية الثانية، فهي تتمثل في إمكانية تأجيل موعد الانتخابات التشريعية إلى موعد لاحق، إلى حين إعداد تصور قانوني جديد للمنظومة الانتخابية تشمل القانون الانتخابي، وإطار قانوني جديد لتقسيم الدوائر الانتخابية، وتنقيح القانون الأساسي لهيئة الانتخابات. وذلك على اعتبار أن المدة الزمنية المتبقية لموعد الانتخابات التشريعية التي تقل عن خمسة أشهر، لن تكون كافية لإعداد ترسانة من مشاريع القوانين والتي تتطلب تدقيقا ومراجعة قبل المصادقة عليها ونشرها بالرائد الرسمي، وأيضا لتفادي حصول أخطاء كالتي حصلت في النسخة الأولى من مشروع الدستور قبل تعديلها..

في جلّ الأحوال، فإن ملامح القانون الانتخابي الجديد الذي قد يحمل في النهاية بصمات الفكر القانوني والتوجه السياسي للرئيس سعيد، وهي معلومة في شكلها العام، لكن تفاصيلها قد تختلف على اعتبار أن مشروع الدستور الذي أحال شروط تنظيم جل العمليات الانتخابية من برلمان، ومجلس جهات، ورئاسية، إلى القانون الانتخابي، مزج بين الاقتراع المباشر (البرلمان، رئيس الجمهورية) والاقتراع غير المباشر (مجلس الجهات)، ليظل المحور الرئيسي المتبقي الاختيار على نظام الاقتراع في حد ذاته، فهل سيكون على الأفراد، أم على القائمات؟

وبالعودة إلى تصريحات سعيد نفسه، خاصة تلك التي تناول فيها المسألة الانتخابية، وأكثرها وضوحا ودقة، تلك التي تحدث فيها نظام الاقتراع والتصويت في الانتخابات التشريعية.

إذ كشف سعيد يوم 6 أفريل 2022 على هامش زيارته لضريح الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بمناسبة إحياء ذكرى وفاته، أن الاقتراع في الانتخابات التشريعية القادمة سيكون على الأفراد لا على القائمات وفي دورتين.

وشدّد على أن نتائج الاستشارة الالكترونية الوطنية التي أجريت خلال الفترة من 15 جانفي إلى 20 مارس 2022، وشارك فيها حوالي 500 ألف مواطن، لاستطلاع آراء الناس في الإصلاحات السياسية، يجب أن تكون منطلقا لأي إصلاحات.

وبالتالي فإن مسألة نظام الاقتراع شبه محسومة، وتظل تفاصيل مرتبطة مثلا بطريقة توزيع الدوائر الانتخابية، وشروط المرور إلى دورة ثانية للحسم في المرشح الفائز، وأيضا تحديد شروط الترشح وكيفية تنظيم الانتخابات التشريعية أو للغرفة الثانية المستجدة، متروكة للمشرّع.

ومهما يكن من أمر، فإن الملامح الكبرى للقانون الانتخابي وتوجهاته الأساسية، لن تبتعد كثيرا عمّا ورد في مشروع الدستور الذي أورد تفاصيل أساسية مثل شروط المشاركة في الانتخابات بالنسبة لأعضاء البرلمان، أو للرئاسية، على غرار السن والجنسية والحالة المدنية، وشرط الحصول على تزكيات (للرئاسية) وأيضا التنصيص على شرط سحب الوكالة من النواب، ومنع السياحة الحزبية للنائب في صورة استقالته من الكتلة أو الحزب الذي ترشح عنه.. لتظل في النهاية ترتيب تلك التوجهات وتبويب شروط الترشح والتحديد نهائي لنظام الاقتراع وكيفية احتساب الأصوات متروكة للقانون الانتخابي الجديد..

رفيق بن عبد الله

..................

مؤطر

بعض الفصول الواردة بمشروع الدستور المرتبطة بتوجهات القانون الانتخابي

الفصل 58:

الترشّح لعضويّة مجلس نوّاب الشّعب حقّ لكلّ ناخب أو ناخبة وُلد لأب تونسيّ أو لأمّ تونسيّة وبلغ من العمر ثلاثا وعشرين سنة كاملة يوم تقديم ترشّحه، شرط ألاّ يكون مشمولا بأيّ صورة من صور الحرمان التي يضبطها القانون الانتخابيّ.

الفصل 59:

يُعتبر ناخبا كلّ مواطن أو مواطنة يتمتّع بالجنسيّة التّونسيّة وبلغ من العمر ثماني عشرة سنة كاملة، وتتوفّر فيه الشّروط التي يحدّدها القانون الانتخابيّ.

الفصل 60:

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشّعب انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا لمدّة خمس سنوات خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة النّيابيّة وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ.

الفصل 61:

يحجّر على النّائب ممارسة أيّ نشاط آخر بمقابل أو دون مقابل.

وكالة النّائب قابلة للسّحب وفق الشّروط التي يحدّدها القانون الانتخابيّ.

فصل 62:

إذا انسحب نائب من الكتلة النّيابيّة التي كان ينتمي إليها عند بداية المدّة النّيابيّة لا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى

الفصل 81:

يتكوّن المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم من نوّاب منتخبين عن الجهات والأقاليم.

ينتخب أعضاء كلّ مجلس جهويّ ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهاتهم بالمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

وينتخب الأعضاء المنتخبون في المجالس الجهويّة في كلّ إقليم نائبا واحدا من بينهم يمثّل هذا الإقليم في المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

يتمّ تعويض النّائب الممثّل للإقليم طبقا لما يضبطه القانون الانتخابيّ.

الفصل 89:

التّرشّح لمنصب رئيس الجمهوريّة حقّ لكلّ تونسيّ أو تونسيّة غير حامل لجنسيّة أخرى مولود لأب وأمّ، وجدّ لأب، وجدّ لأمّ تونسيّين، وكلّهم تونسيّون دون انقطاع.

ويجب أن يكون المترشّح أو المترشّحة، يوم تقديم ترشّحه، بالغا من العمر أربعين سنة على الأقلّ ومتمتّعا بجميع حقوقه المدنيّة والسّياسيّة.

يقع تقديم التّرشّح للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات حسب الطّريقة والشّروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابيّ.

الفصل 90:

يُنتخب رئيس الجمهوريّة لمدّة خمسة أعوام انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة الرّئاسيّة وبالأغلبيّة المطلقة للأصوات المصرّح بها.

يُشترط أن يُزكِّي المترشّحَ أو المترشّحَة عددٌ من أعضاء المجالس النّيابيّة المنتخبة أو من النّاخبين وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ.

وفي صورة عدم حصول أيّ من المترشّحِين على الأغلبيّة المطلقة في الدّورة الأولى، تنظّم دورة ثانية خلال الأسبوعين التّاليين للإعلان عن النّتائج النّهائيّة للدّورة الأولى، ويتقدّم للدّورة الثّانية المترشّحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدّورة الأولى.

إذا توفّي أحد المترشّحِين في الدّورة الأولى أو أحد المترشّحَيْن في الدّورة الثّانية، يُعاد فتح باب التّرشّح وتُحدّد المواعيد الانتخابيّة من جديد في أجل لا يتجاوز خمسة وأربعين يوما. ولا يُعتدّ بالانسحاب لا في الدّورة الأولى ولا في الدّورة الثّانية.

الفصل 91:

يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نوّاب الشّعب انتخابا عامّا حرّا مباشرا سرّيا لمدّة خمس سنوات خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة من المدّة النّيابيّة وفق ما يضبطه القانون الانتخابيّ".

الفصل 139:

يستمرّ العمل في المجال التّشريعيّ بأحكام الأمر الرّئاسيّ عدد 117 لسنة 2021 المؤرّخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائيّة إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشّعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه.

الفصل 140:

تدخل الأحكام المتعلّقة بالمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم حيز النّفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كلّ النّصوص ذات الصّلة.

رفيق بن عبد الله 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews