إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خبير مدقق في السلامة المعلوماتية وعضو سابق بهيئة الانتخابات.. لا يمكن أن تكون هناك انتخابات بصفر مخاطر وصفر اختراقات

تونس: الصباح

تبنت أغلب الجمعيات المعنية بمراقبة الانتخابات نفس الموقف من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إذ أنها أجمعت تقريبا على ضعف جاهزية الهيئة لتنظيم استفتاء 25 جويلية 2022، وانتقدت بشدة أعمال الهيئة خلال فترة التسجيل خاصة إثر ما تم رصده من عمليات اختراق للموقع المخصص للتسجيل وتغيير مراكز اقتراع لناخبين دون علمهم وما يمكن أن ينجر عن ذلك من مخاطر انتخابية وحتى أمنية. ولكن في المقابل يرى بلقاسم العياشي الخبير المدقق في السلامة المعلوماتية والعضو السابق بمجلس الهيئة التي كان يرأسها نبيل بفون، أن حملات التشكيك في قدرة الهيئة على تنظيم الاستفتاء ليست في محلها..

وأشار في تصريح لـ "الصباح" إلى أن الإشكاليات التي تمت ملاحظتها بخصوص علميات التسجيل والتحيين من الناحية الفنية البحتة، ليس مردها قصور في عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفسر أنه للقيام بالتسجيل الآلي تطلب الهيئة معطيات وقاعدة بيانات الناخبين المحتملين الذين ستبلغ أعمارهم يوم 25 جويلية 18 سنة وبيانات الأشخاص الذين لم يسجلوا سابقا، ويقع الحصول على بيانات هؤلاء من منظومة بطاقات التعريف وأهم هذه البيانات نجد عنوان الإقامة، وعلى أساس تلك البيانات تتولى التطبيقة الإعلامية المعتمدة للتسجيل البحث عن أقرب مركز اقتراع من العنوان الموجود في بطاقة التعريف ويقع تسجيل صاحب تلك البطاقة في ذلك المركز، وبقدر ما يكون العنوان المنصوص عليه في بطاقة التعريف دقيقا وواضحا وفيه اسم المنطقة والحي والنهج والترقيم البريدي بقدر ما يتم التسجيل في أقرب مركز اقتراع من عنوان إقامة الناخب، ولكن عندما يقتصر عنوان بطاقة التعريف على اسم الحي وعندما يكون هذا الحي شاسعا فإن إسناد مكتب الاقتراع للناخب يكون أقل دقة.

عملية معقدة

  وذكر بلقاسم العياشي أنه يجب على جميع التونسيين أن يدركوا أن عملية التسجيل الآلي هي عملية معقدة تقنيا، وبين أنه في تونس تم اعتماد التسجيل الآلي سنة 2011 فقط وقد حصلت وقتها إشكاليات عديدة، لأن العملية حقا معقدة حتى وإن كانت التطبيقات المستخدمة متطورة، فعملية التسجيل الآلي حسب تأكيده فيها هامش خطأ وبقدر ما يكون العنوان المنصوص عليه في بطاقة التعريف الوطنية غير دقيق بقدر ما يكبر هامش الخطأ، وبقدر ما يكون العنوان دقيق بقدر ما يقل هامش الخطأ. وأشار العياشي إلى أنه لا ننسى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبعد قيامها بعمليات التسجيل الآلي لغير المسجلين، وضعت إجراءات مساندة وفسحت المجال لجميع المسجلين لتغيير مراكز الاقتراع الخاصة بهم إن أرادوا ذلك، كما وضعت لفائدتهم خدمة اتصال مهيكلة وتطبيقات لتحيين التسجيل، وبالتالي فإن ما قامت به الهيئة ليس بالعمل الهين بل تطلب منها بذل جهود كبيرة على المستوى التقني الفني.

وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا كانت عمليات تغيير مراكز اقتراع ناخبين دون علمهم ناجمة عن قصور في عمل الهيئة، أجاب بلقاسم العياشي أنه من الناحية الفنية ليس باستطاعة أي فرد أن يغير مركز اقتراع دون أن تكون في حوزته معطيات حول اسم الشخص ولقبه ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وتاريخ إصدارها وقال إنه يعتقد أن من يحصل على كل هذه المعطيات الشخصية عادة ما يكون قريبا من صاحب بطاقة التعريف، ولكن هذا لا ينفي وجود أشخاص يمتهنون الاختراق وهم يتمتعون بخبرات تقنية عالية وبمعارف دقيقة في علوم الهندسة والإعلامية تسمح لهم باختراق قواعد بيانات حساسة وهم يعملون في إطار شبكات منظمة، وسبق في تونس أن حصلت عمليات اختراق مؤسسات وبنوك وبالتالي تبقى المخاطر قائمة مهما كانت درجة اليقظة والحذر.

وأشار الخبير المدقق في السلامة المعلوماتية أن كل من درس السلامة المعلوماتية يتذكر جيدا ما كان يقوله الأساتذة لطلبتهم، فقد كانوا يقولون إنه في مجال السلامة المعلوماتية لا يوجد صفر خطأ وهذا ليس في تونس فقط بل في كافة بلدان العالم، وبين العياشي أنه في 80 بالمائة من الاختراقات التي تسجل في العالم نجد أن المخترق لا يقوم بعملية الاختراق بمحض الصدفة بل يكون قد خطط لها وأمضى وقتا طويلا وهو يبحث ويستقي المعطيات حول الموقع الذي سيقوم باختراقه ويسعى حتى للتسلل إلى داخل المؤسسة نفسها للحصول على معطيات من داخلها، وبعد ذلك يتولى تحليل تلك المعطيات ثم ينفذ هجومه ويقوم بعملية الاختراق. ولاحظ بلقاسم العياشي أن هذه المخاطر تقاس بالنسب، فعلى سبيل الذكر، فإنه بمناسبة الحديث عن اختراق موقع تسجيل الناخبين كان يجب تقديم العدد الجملي للمسجلين وتقديم نسبة المسجلين الذين تم تغيير مراكز اقتراعهم دون علمهم مقارنة بالعدد الجملي، وإذا لم تتجاوز هذه النسبة أربعة بالمائة فلا يمكن القول إن هناك مخاطر انتخابية، فالنسبة إذا تراوحت بين اثنين وأربعة بالمائة تبقى نسبة مقبولة حيث يمكن إصلاح الأخطاء وتجاوزها من خلال وضع إجراءات مساندة، ولكن في كل الأحوال فإن أي عملية اختراق يجب أن يرافقها فتح تحقيق والقيام بتتبع كل الضالعين فيها وتطبيق القانون عليهم ومعاقبتهم. وأشار إلى أنه كخبير لدى المحاكم فإنه يقوم بمأموريات من هذا القبيل ويستند في أعماله إلى معطيات الوكالة الوطنية للاتصالات، وحسب تجربته فإنه في أغلب الأحيان يتم التفطن للمخترقين حتى وإن طالت مدة البحث لأن هناك عماليات اختراق تشارك فيها أطراف من الخارج وهو ما يجعل الأبحاث طويلة ومتشعبة ومعقدة..

الخطأ وارد

ردا عن استفسار آخر حول ما إذا كانت هناك مخاطر حقيقية على مستوى السلامة المعلوماتية تحف بتنظيم الاستفتاء، قال الخبير بلقاسم العياشي بمنتهى الوضوح إنه في جميع أنحاء العالم لا يمكن أن تكون هناك انتخابات بصفر مخاطر وصفر اختراقات، لأن هناك أشخاصا بارعون في الاختراق، ولأن صناعة الفيروسات الالكترونية أصبحت تخصصا والشركات التي تصنع الفيروسات الالكترونية هي نفسها التي تصنع مضادات لتلك الفيروسات.

وذكر أن من يشككون في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ومن يخشون من سيناريو لجوئها يوم الاقتراع إلى إجراءات استثنائية من قبيل إضافة أسماء أو قائمات ناخبين في مراكز الاقتراع في آخر لحظة لأن هؤلاء تم تغيير مراكز اقتراعهم دون إعلامهم، عليهم أن يدركوا جيدا أن مثل هذه الأشياء لن تحدث ولا يمكن أن تحدث لأن الهيئة محكومة في أعمالها بقوانين وقواعد وإجراءات، ولأنه لا يمكن لأعضاء مجلس الهيئة ولأعضاء هيئاتها الفرعية ولأعوانها ومراقبيها المحلفين وأعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع بالداخل والخارج القيام بأعمال من وحي اللحظة فكل فرد من هؤلاء يقوم بالعمل الموكول له وفق نصوص قانونية وقواعد وإجراءات مضبوطة ومعلن عنها بصفة مسبقة وهي عموما نصوص تمت صياغتها منذ سنوات وبمناسبة كل عملية انتخابية تقوم الهيئة بتحيينها وتعمل على تكوين منظوريها حتى يكونوا على بينة منها وحتى يحصنوا أنفسهم من ارتكاب أخطاء وبالتالي من العقوبات المترتبة عن تلك الأخطاء.

وأشار بلقاسم العياشي إلى أن الأخطاء يمكن أن تحصل بمناسبة أي انتخابات ولكن القانون لا يغض الطرف عن أي خطأ لأن الهيئة ملزمة بتحرير محاضر في الغرض وتكليف عدول إشهاد للمعاينة، وقال العضو السابق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه بحكم المدة التي قضاها داخل الهيئة يستطيع أن يجزم أن الهيئة تعمل بحرفية تامة بحكم جودة النصوص القانونية والإجرائية التي تحكم أعمالها، وهي نصوص تمت صياغتها في إطار مراعاة المعايير الدولية والقواعد الفضلى للانتخابات والاستفتاءات، ولكن إذ حصل تجاوز من أي طرف بما عليه إلا أن يتحمل مسؤولياته كاملة. وبين أن التجاوزات يقع التفطن إليها بسهولة لأن كل عضو وكل عون وكل مراقب مطالب بالقيام بمهام محددة ومضبوطة أي أنه يعرف مسبقا ما هو المطلوب منه القيام به ويعلم أيضا ما هو الجزاء الذي يترتب عن الإخلال بواجبه. وأضاف أن معرفته للهيئة من الداخل ولأعوانها تجعله يثق في قدرتها على تنظيم استفتاء وفق المعايير المطلوبة، لأن الهيئة حسب قوله نظمت العديد من الانتخابات وراكمت بالتالي الخبرة والتجربة وأصبحت محترفة في تنظيم المواعيد الانتخابية، وبين أنه يجب ألا ننسى أيضا أن الاستفتاء أسهل من الناحية التنظيمية من الانتخابات الرئاسية أو التشريعية وأن الهيئة حتى وإن واجهت صعوبات فهي قادرة على تجاوزها، ويرى عضو مجلس الهيئة السابق أن هذه الصعوبات تعود بالأساس إلى ضيق الوقت والروزنامة الضاغطة، ولكن رغم ذلك فإن الهيئة سعت إلى إيجاد الحلول من قبيل طلب تدخل تشريعي لتمكينها من اعتماد التسجيل الآلي، وخلص محدثنا إلى أن عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هو في نهاية الأمر عمل إنساني والخطأ في كل عمل إنساني وارد والانتخابات في أعرق التجارب الديمقراطية تحصل فيها أخطاء.

سعيدة بوهلال

 

خبير مدقق في السلامة المعلوماتية وعضو سابق بهيئة الانتخابات.. لا يمكن أن تكون هناك انتخابات بصفر مخاطر وصفر اختراقات

تونس: الصباح

تبنت أغلب الجمعيات المعنية بمراقبة الانتخابات نفس الموقف من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إذ أنها أجمعت تقريبا على ضعف جاهزية الهيئة لتنظيم استفتاء 25 جويلية 2022، وانتقدت بشدة أعمال الهيئة خلال فترة التسجيل خاصة إثر ما تم رصده من عمليات اختراق للموقع المخصص للتسجيل وتغيير مراكز اقتراع لناخبين دون علمهم وما يمكن أن ينجر عن ذلك من مخاطر انتخابية وحتى أمنية. ولكن في المقابل يرى بلقاسم العياشي الخبير المدقق في السلامة المعلوماتية والعضو السابق بمجلس الهيئة التي كان يرأسها نبيل بفون، أن حملات التشكيك في قدرة الهيئة على تنظيم الاستفتاء ليست في محلها..

وأشار في تصريح لـ "الصباح" إلى أن الإشكاليات التي تمت ملاحظتها بخصوص علميات التسجيل والتحيين من الناحية الفنية البحتة، ليس مردها قصور في عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفسر أنه للقيام بالتسجيل الآلي تطلب الهيئة معطيات وقاعدة بيانات الناخبين المحتملين الذين ستبلغ أعمارهم يوم 25 جويلية 18 سنة وبيانات الأشخاص الذين لم يسجلوا سابقا، ويقع الحصول على بيانات هؤلاء من منظومة بطاقات التعريف وأهم هذه البيانات نجد عنوان الإقامة، وعلى أساس تلك البيانات تتولى التطبيقة الإعلامية المعتمدة للتسجيل البحث عن أقرب مركز اقتراع من العنوان الموجود في بطاقة التعريف ويقع تسجيل صاحب تلك البطاقة في ذلك المركز، وبقدر ما يكون العنوان المنصوص عليه في بطاقة التعريف دقيقا وواضحا وفيه اسم المنطقة والحي والنهج والترقيم البريدي بقدر ما يتم التسجيل في أقرب مركز اقتراع من عنوان إقامة الناخب، ولكن عندما يقتصر عنوان بطاقة التعريف على اسم الحي وعندما يكون هذا الحي شاسعا فإن إسناد مكتب الاقتراع للناخب يكون أقل دقة.

عملية معقدة

  وذكر بلقاسم العياشي أنه يجب على جميع التونسيين أن يدركوا أن عملية التسجيل الآلي هي عملية معقدة تقنيا، وبين أنه في تونس تم اعتماد التسجيل الآلي سنة 2011 فقط وقد حصلت وقتها إشكاليات عديدة، لأن العملية حقا معقدة حتى وإن كانت التطبيقات المستخدمة متطورة، فعملية التسجيل الآلي حسب تأكيده فيها هامش خطأ وبقدر ما يكون العنوان المنصوص عليه في بطاقة التعريف الوطنية غير دقيق بقدر ما يكبر هامش الخطأ، وبقدر ما يكون العنوان دقيق بقدر ما يقل هامش الخطأ. وأشار العياشي إلى أنه لا ننسى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبعد قيامها بعمليات التسجيل الآلي لغير المسجلين، وضعت إجراءات مساندة وفسحت المجال لجميع المسجلين لتغيير مراكز الاقتراع الخاصة بهم إن أرادوا ذلك، كما وضعت لفائدتهم خدمة اتصال مهيكلة وتطبيقات لتحيين التسجيل، وبالتالي فإن ما قامت به الهيئة ليس بالعمل الهين بل تطلب منها بذل جهود كبيرة على المستوى التقني الفني.

وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا كانت عمليات تغيير مراكز اقتراع ناخبين دون علمهم ناجمة عن قصور في عمل الهيئة، أجاب بلقاسم العياشي أنه من الناحية الفنية ليس باستطاعة أي فرد أن يغير مركز اقتراع دون أن تكون في حوزته معطيات حول اسم الشخص ولقبه ورقم بطاقة تعريفه الوطنية وتاريخ إصدارها وقال إنه يعتقد أن من يحصل على كل هذه المعطيات الشخصية عادة ما يكون قريبا من صاحب بطاقة التعريف، ولكن هذا لا ينفي وجود أشخاص يمتهنون الاختراق وهم يتمتعون بخبرات تقنية عالية وبمعارف دقيقة في علوم الهندسة والإعلامية تسمح لهم باختراق قواعد بيانات حساسة وهم يعملون في إطار شبكات منظمة، وسبق في تونس أن حصلت عمليات اختراق مؤسسات وبنوك وبالتالي تبقى المخاطر قائمة مهما كانت درجة اليقظة والحذر.

وأشار الخبير المدقق في السلامة المعلوماتية أن كل من درس السلامة المعلوماتية يتذكر جيدا ما كان يقوله الأساتذة لطلبتهم، فقد كانوا يقولون إنه في مجال السلامة المعلوماتية لا يوجد صفر خطأ وهذا ليس في تونس فقط بل في كافة بلدان العالم، وبين العياشي أنه في 80 بالمائة من الاختراقات التي تسجل في العالم نجد أن المخترق لا يقوم بعملية الاختراق بمحض الصدفة بل يكون قد خطط لها وأمضى وقتا طويلا وهو يبحث ويستقي المعطيات حول الموقع الذي سيقوم باختراقه ويسعى حتى للتسلل إلى داخل المؤسسة نفسها للحصول على معطيات من داخلها، وبعد ذلك يتولى تحليل تلك المعطيات ثم ينفذ هجومه ويقوم بعملية الاختراق. ولاحظ بلقاسم العياشي أن هذه المخاطر تقاس بالنسب، فعلى سبيل الذكر، فإنه بمناسبة الحديث عن اختراق موقع تسجيل الناخبين كان يجب تقديم العدد الجملي للمسجلين وتقديم نسبة المسجلين الذين تم تغيير مراكز اقتراعهم دون علمهم مقارنة بالعدد الجملي، وإذا لم تتجاوز هذه النسبة أربعة بالمائة فلا يمكن القول إن هناك مخاطر انتخابية، فالنسبة إذا تراوحت بين اثنين وأربعة بالمائة تبقى نسبة مقبولة حيث يمكن إصلاح الأخطاء وتجاوزها من خلال وضع إجراءات مساندة، ولكن في كل الأحوال فإن أي عملية اختراق يجب أن يرافقها فتح تحقيق والقيام بتتبع كل الضالعين فيها وتطبيق القانون عليهم ومعاقبتهم. وأشار إلى أنه كخبير لدى المحاكم فإنه يقوم بمأموريات من هذا القبيل ويستند في أعماله إلى معطيات الوكالة الوطنية للاتصالات، وحسب تجربته فإنه في أغلب الأحيان يتم التفطن للمخترقين حتى وإن طالت مدة البحث لأن هناك عماليات اختراق تشارك فيها أطراف من الخارج وهو ما يجعل الأبحاث طويلة ومتشعبة ومعقدة..

الخطأ وارد

ردا عن استفسار آخر حول ما إذا كانت هناك مخاطر حقيقية على مستوى السلامة المعلوماتية تحف بتنظيم الاستفتاء، قال الخبير بلقاسم العياشي بمنتهى الوضوح إنه في جميع أنحاء العالم لا يمكن أن تكون هناك انتخابات بصفر مخاطر وصفر اختراقات، لأن هناك أشخاصا بارعون في الاختراق، ولأن صناعة الفيروسات الالكترونية أصبحت تخصصا والشركات التي تصنع الفيروسات الالكترونية هي نفسها التي تصنع مضادات لتلك الفيروسات.

وذكر أن من يشككون في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ومن يخشون من سيناريو لجوئها يوم الاقتراع إلى إجراءات استثنائية من قبيل إضافة أسماء أو قائمات ناخبين في مراكز الاقتراع في آخر لحظة لأن هؤلاء تم تغيير مراكز اقتراعهم دون إعلامهم، عليهم أن يدركوا جيدا أن مثل هذه الأشياء لن تحدث ولا يمكن أن تحدث لأن الهيئة محكومة في أعمالها بقوانين وقواعد وإجراءات، ولأنه لا يمكن لأعضاء مجلس الهيئة ولأعضاء هيئاتها الفرعية ولأعوانها ومراقبيها المحلفين وأعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع بالداخل والخارج القيام بأعمال من وحي اللحظة فكل فرد من هؤلاء يقوم بالعمل الموكول له وفق نصوص قانونية وقواعد وإجراءات مضبوطة ومعلن عنها بصفة مسبقة وهي عموما نصوص تمت صياغتها منذ سنوات وبمناسبة كل عملية انتخابية تقوم الهيئة بتحيينها وتعمل على تكوين منظوريها حتى يكونوا على بينة منها وحتى يحصنوا أنفسهم من ارتكاب أخطاء وبالتالي من العقوبات المترتبة عن تلك الأخطاء.

وأشار بلقاسم العياشي إلى أن الأخطاء يمكن أن تحصل بمناسبة أي انتخابات ولكن القانون لا يغض الطرف عن أي خطأ لأن الهيئة ملزمة بتحرير محاضر في الغرض وتكليف عدول إشهاد للمعاينة، وقال العضو السابق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنه بحكم المدة التي قضاها داخل الهيئة يستطيع أن يجزم أن الهيئة تعمل بحرفية تامة بحكم جودة النصوص القانونية والإجرائية التي تحكم أعمالها، وهي نصوص تمت صياغتها في إطار مراعاة المعايير الدولية والقواعد الفضلى للانتخابات والاستفتاءات، ولكن إذ حصل تجاوز من أي طرف بما عليه إلا أن يتحمل مسؤولياته كاملة. وبين أن التجاوزات يقع التفطن إليها بسهولة لأن كل عضو وكل عون وكل مراقب مطالب بالقيام بمهام محددة ومضبوطة أي أنه يعرف مسبقا ما هو المطلوب منه القيام به ويعلم أيضا ما هو الجزاء الذي يترتب عن الإخلال بواجبه. وأضاف أن معرفته للهيئة من الداخل ولأعوانها تجعله يثق في قدرتها على تنظيم استفتاء وفق المعايير المطلوبة، لأن الهيئة حسب قوله نظمت العديد من الانتخابات وراكمت بالتالي الخبرة والتجربة وأصبحت محترفة في تنظيم المواعيد الانتخابية، وبين أنه يجب ألا ننسى أيضا أن الاستفتاء أسهل من الناحية التنظيمية من الانتخابات الرئاسية أو التشريعية وأن الهيئة حتى وإن واجهت صعوبات فهي قادرة على تجاوزها، ويرى عضو مجلس الهيئة السابق أن هذه الصعوبات تعود بالأساس إلى ضيق الوقت والروزنامة الضاغطة، ولكن رغم ذلك فإن الهيئة سعت إلى إيجاد الحلول من قبيل طلب تدخل تشريعي لتمكينها من اعتماد التسجيل الآلي، وخلص محدثنا إلى أن عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هو في نهاية الأمر عمل إنساني والخطأ في كل عمل إنساني وارد والانتخابات في أعرق التجارب الديمقراطية تحصل فيها أخطاء.

سعيدة بوهلال

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews