إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المجلس الأعلى للتربية في مشروع الدستور.. مخاوف من إعادة التعليم إلى مربع الصراعات الإيديولوجية

مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان: يجب النأي بالقطاع التربوي عن التجاذبات السياسية وتفعيل مشروع الإصلاح

تونس: الصباح

تضمن مشروع الدستور الجديد المنتظر عرضه على الاستفتاء في الخامس والعشرين من جويلية الجاري بابا عنوانه المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو الباب الثامن، وقد ورد في فصل وحيد وهو الفصل 135. ونص هذا الفصل على أن "يتولى المجلس الأعلى للتربية والتعليم إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق التشغيل. يضبط القانون تركيبة هذا المجلس واختصاصاته وطرق سيره"..، ولئن يعتبر إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم مطلبا ملحا للأسرة التربوية، فإن إدراجه في مشروع الدستور الجديد آثار حفيظة بعض الجامعيين، حيث أبدى هؤلاء مخاوفهم من فرضية أسلمة المجتمع عن طريق التعليم وإعادة التعليم إلى مربع الصراعات الإيديولوجية، وعبروا عن خشيتهم من أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد قدم بهذا الفصل، للإسلام السياسي هدية لم تخطر على البال، لأنها جاءت بعد فشل مساعيهم في دسترة المجلس الأعلى للتربية سنة 2014 وبعد إخفاقهم في تغيير النموذج المجتمعي عبر المدارس القرآنية وعبر الهيمنة على التعليم ووضع اليد على مشروع الإصلاح التربوي وتمرير مقترحهم المتعلق بهذا المجلس سنة 2015..، وتأتي هذه المخاوف على اعتبار أن الفصل 135 سالف الذكر ليس في جزيرة مستقلة بمعنى أنه لا يمكن قراءته وفهمه وتأويله بمعزل عن بقية أحكام مشروع الدستور وخاصة الفصل الخامس الذي لئن تم تعديله يوم 8 جويلية في اتجاه إضافة عبارة "نظام ديمقراطي"، فإنه نص على أن تونس جزء من الأمة الإسلاميّة وألزم الدولة بالعمل لوحدها، في نظام ديمقراطي، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية..

ويقول عدد من الجامعيين إن التونسيين في مخيالهم الجمعي يعتبرون أنفسهم منذ قديم الزمان أمة تونسية، وهم في هذا السياق يستدلون بكتاب "نحن أمة" الذي ألفه الزعيم علي بلهوان منذ الاستعمار، والذي تحدث فيه عن الأمة التونسية واعتبر حياة الأمة التونسية في استقلال دولتها.

مخاوف مشروعة

المخاوف التي أبداها بعض الجامعيين بمناسبة نقاش مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، حسب رأي الأستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان المهتم بالشأن التربوي، مخاوف مشروعة نظرا إلى أن هناك جهات حاولت في السابق أن تدخل التعليم في متاهات إيديولوجية ومصالح قد تتعارض مع التراث الإصلاحي التونسي والحق في التعليم بمعناه الكوني، وهو ما يجب على حد تأكيده مواجهته بكل وضوح في صورة ما إذا كانت هناك محاولات للزج بالتعليم في نقاشات هامشية أو محاولات للهيمنة عليه من قبل أطراف معينة.

وأضاف بن حسن في تصريح لـ "الصباح" أن تونس تحتاج إلى إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية، وذكر أنهم كانوا في شبكة عهد قد اقترحوا بمعية وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل منذ سنة 2015 قانونا أساسيا جديدا للتعليم، وقد انبثق هذا المقترح عن لجان فنية اشتغلت على كل عناصر المنظومة التعليمية، وأشار إلى أن هناك اليوم حاجة ملحة إلى تفعيل كل هذه المنجزات وإلى مواصلة المسار التشاركي لإصلاح التعليم في تونس.

وبخصوص المجلس الأعلى للتربية المنصوص عليه في مشروع الدستور، فهو حسب قول الأستاذ بن حسن آلية من الآليات التي لا يعرف بوضوح اختصاصاته وأهدافه ورؤاه، لكن كل الأدوات التي من شأنها أن تساعد على بلورة الرؤية المنظومية للإصلاح التربوي ستكون ذات فائدة إذا اندمجت في إطار بناء منظومة جيدة للتعليم وتطوير الحق في التعليم والنهوض بتعليم يخدم الاندماج والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ويرى محدثنا أن التخوف الذي أبداه عدد من الجامعيين مفهوم، خاصة وأن هناك جدلا كبيرا حول مسارات صياغة مشروع الدستور وحول عدد من النقاط التي تثير الانشغال، وأضاف أنه يجب إبعاد عملية إصلاح التعليم عن كل التجاذبات الإيديولوجية أو محاولات الهيمنة، وشدد بن حسن على أن أي هيكل من الهياكل التي ستنشأ مستقبلا لضمان إصلاح منظومي للتعليم، يجب أن تكون ذات طابع علمي وفني، وأن تتشكل من كفاءات مشهود لها بالموضوعية وبالتمكن من نظريات وممارسات التربية والتعليم.

وبين بن حسن أنه يمكن القول أيضا إن الفاعلين في المجال التربوي من وزارة إشراف ونقابات ومجتمع مدني ومنظمات دولية وخبراء وخبيرات قد راكموا على مدى السنوات الأخيرة تجارب كبرى يمكن مواصلة الاعتماد عليها في إصلاح المنظومة التربوية وفق رؤية مستدامة لا تعيد إنتاج الأخطاء، رؤية تبنى على التراكمات والتجارب الجيدة.

أسس تطوير التعليم

تعقيبا عن استفسار حول سبل مجابهة المخاوف التي عبر عن بعض الجامعيين من فرضية هيمنة الإسلام السياسي على الشأن التربوي في حال دسترة المجلس الأعلى للتربية وتأويل الفصل المتعلق بهذا المجلس في إطار مقاصد الفصل الخامس، أجاب الأستاذ عبد الباسط بن حسن أنه لمواجهة هذه المخاوف يجب أن نذهب نحو تأسيس هياكل ولجان تقوم على المهنية وتهتم بالأولويات المطروحة، وهذه الأولويات حسب قوله ليست أن ننجز أجسادا هلامية بل أن نؤسس لمراكز تدريب وتكوين لكل الأطراف المتدخلة في العملية التعليمية وأن ندعم المراكز التي تعنى باستراتيجيات التربية والتعليم والمراكز التي تبحث في مستقل التعليم والتي تساعد على تطوير الوسائل البيداغوجية المواكبة للعصر والتي يمكن أن تستفيد من التكنولوجيا.

ولاحظ الأستاذ بن حسن أنه بعد جائحة كورونا هناك حاجة ملحة للاستفادة من التكنولوجيات الحديثة وخاصة لتطوير وضع المدرسات والمدرسين، وفسر أن التطوير المؤسسي يجب أن يكون في اتجاه تطوير التعليم.

وفي سياق حديثه عن تطوير التعليم، تطرق الأستاذ عبد الباسط بن حسن إلى الاستشارات الجهوية التي تم إطلاقها مؤخرا من مدينة صفاقس حول"مستقبل التعليم من أجل عقد اجتماعي جديد للتعليم في تونس". وبين أن المعهد العربي لحقوق الإنسان يقوم بهذه الاستشارات بالشراكة مع وزارة التربية واليونسكو واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وهي على حد قوله تهدف إلى النظر في مستقبل التعليم وكيفية الاستفادة من التقرير الدولي للجنة الدولية حول مستقبل التعليم التي أنشأتها اليونسكو والتي حصل له الشرف بعضويتها، وبين أنهم أرادوا من خلال الاستشارة جمع كل المتدخلين في العملية التربوية من أجل التباحث حول هذا التقرير وفهم عناصره ونقاش القضايا المستجدة في مجال التعليم وتبادل الرأي في مفهوم يكتسي أهمية كبيرة وهو العقد الاجتماعي الجديد للتعليم. وفسر أنه في إطار الاستشارة يتم نقاش مسودة عقد اجتماعي يعيد التأكيد على أهمية العمل الجماعي من أجل تطوير التعليم في تونس، وذكر أنه سيتم عرض حصيلة هذا العمل في القمة العالمية حول تغيير التعليم التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة والتي ستقام في شهر سبتمبر 2022 في نيويورك، وذكر أن هذا التقرير هو فرصة هامة لمزيد البحث في طرق تطوير المنظومات التعليمية والتربوية خاصة وأن هناك قضايا كبرى مستجدة في العالم مثل تداعيات كورونا وقضايا البيئة والتكنولوجيات الحديثة والبحث العلمي وغيرها من القضايا التي تتطلب نقاشا مجتمعيا.

وعن مدى تجاوب الفاعلين في القطاع التربوي في تونس مع مقترح صياغة عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم في تونس، بين مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان أنه لمس استعدادا لبحث عناصر هذه الفكرة الأساسية من أجل مزيد جمع كل الأطراف المعنية بالشأن التربوي للتفكير معا في قضية جودة التعليم والحق في التعليم وكيفية مواصلة المجهودات لتطويره، وعبر محدثنا عن رغبته الكبيرة في أن يتم في هذه المرحلة جلب الانتباه إلى القضايا الحقيقية التي تهم الناس وفي صدارتها التربية والتعليم والصحة والتشغيل.

وردا عن سؤال آخر حول رأيه في المنهجية التي اتبعتها وزارة التربية الحالية في إصلاح التعليم حيث اشتغلت في مرحلة أولى على التعليم الابتدائي ثم مرت في مرحلة ثانية للتعليم الإعدادي والثانوي، أشار الأستاذ عبد الباسط بن حسن إلى أنه ينظر بإيجابية لكل المجهودات التي تهدف إلى ضمان التمتع بحق التعليم وإلى تطوير جودة التعليم، وأكد أنه لن يدخر جهدا من أجل تطوير التعليم وإصلاحه في إطار رؤية منظومية شاملة تستفيد من كل الطاقات وتربط مستويات التعليم ببعضها البعض ابتدائي وإعدادي وثانوي وعالي وتربط التعليم بقضايا أخرى مثل التكنولوجيا والمواطنة والبيئة والمعرفة والإدماج.. كما أشار الأستاذ بن حسن إلى مساهمة المعهد العربي لحقوق الإنسان مع وزارة التربية ومنظمة اليونسكو وعدد من منظمات الأمم المتحدة في أعمال إصلاحية في عديد المحطات من قبيل تطوير الخطة الوطنية للتربية على المواطنة وبرنامج نوادي المواطنة في المدارس والحوار المجتمعي حول إصلاح التعليم وغيرها فضلا عن المساهمة في الاستشارات الجهورية حول مستقبل التعليم، وهي استشارات متواصلة مع جميع الأطراف من أجل مناقشة التطورات الوطنية والإقليمية والدولية في مجال الحق في التعليم ولتبادل الأفكار والتجارب وتجميع الناس حول فكرة عقد اجتماعي جديد للتعليم في تونس. وذكر أن المؤتمر الدولي حول تغيير التعليم في نيويورك سيكون فرصة لعرض الأفكار حول مستقبل التعليم.

سعيدة بوهلال

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المجلس الأعلى للتربية في مشروع الدستور.. مخاوف من إعادة التعليم إلى مربع الصراعات الإيديولوجية

مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان: يجب النأي بالقطاع التربوي عن التجاذبات السياسية وتفعيل مشروع الإصلاح

تونس: الصباح

تضمن مشروع الدستور الجديد المنتظر عرضه على الاستفتاء في الخامس والعشرين من جويلية الجاري بابا عنوانه المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو الباب الثامن، وقد ورد في فصل وحيد وهو الفصل 135. ونص هذا الفصل على أن "يتولى المجلس الأعلى للتربية والتعليم إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي والتكوين المهني وآفاق التشغيل. يضبط القانون تركيبة هذا المجلس واختصاصاته وطرق سيره"..، ولئن يعتبر إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم مطلبا ملحا للأسرة التربوية، فإن إدراجه في مشروع الدستور الجديد آثار حفيظة بعض الجامعيين، حيث أبدى هؤلاء مخاوفهم من فرضية أسلمة المجتمع عن طريق التعليم وإعادة التعليم إلى مربع الصراعات الإيديولوجية، وعبروا عن خشيتهم من أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد قدم بهذا الفصل، للإسلام السياسي هدية لم تخطر على البال، لأنها جاءت بعد فشل مساعيهم في دسترة المجلس الأعلى للتربية سنة 2014 وبعد إخفاقهم في تغيير النموذج المجتمعي عبر المدارس القرآنية وعبر الهيمنة على التعليم ووضع اليد على مشروع الإصلاح التربوي وتمرير مقترحهم المتعلق بهذا المجلس سنة 2015..، وتأتي هذه المخاوف على اعتبار أن الفصل 135 سالف الذكر ليس في جزيرة مستقلة بمعنى أنه لا يمكن قراءته وفهمه وتأويله بمعزل عن بقية أحكام مشروع الدستور وخاصة الفصل الخامس الذي لئن تم تعديله يوم 8 جويلية في اتجاه إضافة عبارة "نظام ديمقراطي"، فإنه نص على أن تونس جزء من الأمة الإسلاميّة وألزم الدولة بالعمل لوحدها، في نظام ديمقراطي، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية..

ويقول عدد من الجامعيين إن التونسيين في مخيالهم الجمعي يعتبرون أنفسهم منذ قديم الزمان أمة تونسية، وهم في هذا السياق يستدلون بكتاب "نحن أمة" الذي ألفه الزعيم علي بلهوان منذ الاستعمار، والذي تحدث فيه عن الأمة التونسية واعتبر حياة الأمة التونسية في استقلال دولتها.

مخاوف مشروعة

المخاوف التي أبداها بعض الجامعيين بمناسبة نقاش مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، حسب رأي الأستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان المهتم بالشأن التربوي، مخاوف مشروعة نظرا إلى أن هناك جهات حاولت في السابق أن تدخل التعليم في متاهات إيديولوجية ومصالح قد تتعارض مع التراث الإصلاحي التونسي والحق في التعليم بمعناه الكوني، وهو ما يجب على حد تأكيده مواجهته بكل وضوح في صورة ما إذا كانت هناك محاولات للزج بالتعليم في نقاشات هامشية أو محاولات للهيمنة عليه من قبل أطراف معينة.

وأضاف بن حسن في تصريح لـ "الصباح" أن تونس تحتاج إلى إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية، وذكر أنهم كانوا في شبكة عهد قد اقترحوا بمعية وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل منذ سنة 2015 قانونا أساسيا جديدا للتعليم، وقد انبثق هذا المقترح عن لجان فنية اشتغلت على كل عناصر المنظومة التعليمية، وأشار إلى أن هناك اليوم حاجة ملحة إلى تفعيل كل هذه المنجزات وإلى مواصلة المسار التشاركي لإصلاح التعليم في تونس.

وبخصوص المجلس الأعلى للتربية المنصوص عليه في مشروع الدستور، فهو حسب قول الأستاذ بن حسن آلية من الآليات التي لا يعرف بوضوح اختصاصاته وأهدافه ورؤاه، لكن كل الأدوات التي من شأنها أن تساعد على بلورة الرؤية المنظومية للإصلاح التربوي ستكون ذات فائدة إذا اندمجت في إطار بناء منظومة جيدة للتعليم وتطوير الحق في التعليم والنهوض بتعليم يخدم الاندماج والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ويرى محدثنا أن التخوف الذي أبداه عدد من الجامعيين مفهوم، خاصة وأن هناك جدلا كبيرا حول مسارات صياغة مشروع الدستور وحول عدد من النقاط التي تثير الانشغال، وأضاف أنه يجب إبعاد عملية إصلاح التعليم عن كل التجاذبات الإيديولوجية أو محاولات الهيمنة، وشدد بن حسن على أن أي هيكل من الهياكل التي ستنشأ مستقبلا لضمان إصلاح منظومي للتعليم، يجب أن تكون ذات طابع علمي وفني، وأن تتشكل من كفاءات مشهود لها بالموضوعية وبالتمكن من نظريات وممارسات التربية والتعليم.

وبين بن حسن أنه يمكن القول أيضا إن الفاعلين في المجال التربوي من وزارة إشراف ونقابات ومجتمع مدني ومنظمات دولية وخبراء وخبيرات قد راكموا على مدى السنوات الأخيرة تجارب كبرى يمكن مواصلة الاعتماد عليها في إصلاح المنظومة التربوية وفق رؤية مستدامة لا تعيد إنتاج الأخطاء، رؤية تبنى على التراكمات والتجارب الجيدة.

أسس تطوير التعليم

تعقيبا عن استفسار حول سبل مجابهة المخاوف التي عبر عن بعض الجامعيين من فرضية هيمنة الإسلام السياسي على الشأن التربوي في حال دسترة المجلس الأعلى للتربية وتأويل الفصل المتعلق بهذا المجلس في إطار مقاصد الفصل الخامس، أجاب الأستاذ عبد الباسط بن حسن أنه لمواجهة هذه المخاوف يجب أن نذهب نحو تأسيس هياكل ولجان تقوم على المهنية وتهتم بالأولويات المطروحة، وهذه الأولويات حسب قوله ليست أن ننجز أجسادا هلامية بل أن نؤسس لمراكز تدريب وتكوين لكل الأطراف المتدخلة في العملية التعليمية وأن ندعم المراكز التي تعنى باستراتيجيات التربية والتعليم والمراكز التي تبحث في مستقل التعليم والتي تساعد على تطوير الوسائل البيداغوجية المواكبة للعصر والتي يمكن أن تستفيد من التكنولوجيا.

ولاحظ الأستاذ بن حسن أنه بعد جائحة كورونا هناك حاجة ملحة للاستفادة من التكنولوجيات الحديثة وخاصة لتطوير وضع المدرسات والمدرسين، وفسر أن التطوير المؤسسي يجب أن يكون في اتجاه تطوير التعليم.

وفي سياق حديثه عن تطوير التعليم، تطرق الأستاذ عبد الباسط بن حسن إلى الاستشارات الجهوية التي تم إطلاقها مؤخرا من مدينة صفاقس حول"مستقبل التعليم من أجل عقد اجتماعي جديد للتعليم في تونس". وبين أن المعهد العربي لحقوق الإنسان يقوم بهذه الاستشارات بالشراكة مع وزارة التربية واليونسكو واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وهي على حد قوله تهدف إلى النظر في مستقبل التعليم وكيفية الاستفادة من التقرير الدولي للجنة الدولية حول مستقبل التعليم التي أنشأتها اليونسكو والتي حصل له الشرف بعضويتها، وبين أنهم أرادوا من خلال الاستشارة جمع كل المتدخلين في العملية التربوية من أجل التباحث حول هذا التقرير وفهم عناصره ونقاش القضايا المستجدة في مجال التعليم وتبادل الرأي في مفهوم يكتسي أهمية كبيرة وهو العقد الاجتماعي الجديد للتعليم. وفسر أنه في إطار الاستشارة يتم نقاش مسودة عقد اجتماعي يعيد التأكيد على أهمية العمل الجماعي من أجل تطوير التعليم في تونس، وذكر أنه سيتم عرض حصيلة هذا العمل في القمة العالمية حول تغيير التعليم التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة والتي ستقام في شهر سبتمبر 2022 في نيويورك، وذكر أن هذا التقرير هو فرصة هامة لمزيد البحث في طرق تطوير المنظومات التعليمية والتربوية خاصة وأن هناك قضايا كبرى مستجدة في العالم مثل تداعيات كورونا وقضايا البيئة والتكنولوجيات الحديثة والبحث العلمي وغيرها من القضايا التي تتطلب نقاشا مجتمعيا.

وعن مدى تجاوب الفاعلين في القطاع التربوي في تونس مع مقترح صياغة عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم في تونس، بين مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان أنه لمس استعدادا لبحث عناصر هذه الفكرة الأساسية من أجل مزيد جمع كل الأطراف المعنية بالشأن التربوي للتفكير معا في قضية جودة التعليم والحق في التعليم وكيفية مواصلة المجهودات لتطويره، وعبر محدثنا عن رغبته الكبيرة في أن يتم في هذه المرحلة جلب الانتباه إلى القضايا الحقيقية التي تهم الناس وفي صدارتها التربية والتعليم والصحة والتشغيل.

وردا عن سؤال آخر حول رأيه في المنهجية التي اتبعتها وزارة التربية الحالية في إصلاح التعليم حيث اشتغلت في مرحلة أولى على التعليم الابتدائي ثم مرت في مرحلة ثانية للتعليم الإعدادي والثانوي، أشار الأستاذ عبد الباسط بن حسن إلى أنه ينظر بإيجابية لكل المجهودات التي تهدف إلى ضمان التمتع بحق التعليم وإلى تطوير جودة التعليم، وأكد أنه لن يدخر جهدا من أجل تطوير التعليم وإصلاحه في إطار رؤية منظومية شاملة تستفيد من كل الطاقات وتربط مستويات التعليم ببعضها البعض ابتدائي وإعدادي وثانوي وعالي وتربط التعليم بقضايا أخرى مثل التكنولوجيا والمواطنة والبيئة والمعرفة والإدماج.. كما أشار الأستاذ بن حسن إلى مساهمة المعهد العربي لحقوق الإنسان مع وزارة التربية ومنظمة اليونسكو وعدد من منظمات الأمم المتحدة في أعمال إصلاحية في عديد المحطات من قبيل تطوير الخطة الوطنية للتربية على المواطنة وبرنامج نوادي المواطنة في المدارس والحوار المجتمعي حول إصلاح التعليم وغيرها فضلا عن المساهمة في الاستشارات الجهورية حول مستقبل التعليم، وهي استشارات متواصلة مع جميع الأطراف من أجل مناقشة التطورات الوطنية والإقليمية والدولية في مجال الحق في التعليم ولتبادل الأفكار والتجارب وتجميع الناس حول فكرة عقد اجتماعي جديد للتعليم في تونس. وذكر أن المؤتمر الدولي حول تغيير التعليم في نيويورك سيكون فرصة لعرض الأفكار حول مستقبل التعليم.

سعيدة بوهلال

.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews