إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"الصباح" في مناطق نائمة بجندوبة: دوار "النشم".. "جنة أرضية".. يتلاشى فيها البؤس شيئا فشيئا..

 

 

تونس-الصباح

غالبا ما يولّد الشتاء القارس قصصا مؤلمة في جل أرياف تونس نظرا لافتقارها أبسط مقومات العيش بل أدنى ما يمكن أن يؤمن عيشا كريما.. لكن الامر لم يعد يقتصر على فصل او جهة معينة إن كانت بحاجة الى تدخل عاجل او هي تزخر بكل اساسيات الحياة ولم تجد في المقابل داعما او ممولا لبعض المشاريع التنموية التي من شأنها أن تنهض بجهة كاملة وتحقق آمال اهاليها ، بدليل أن مظاهر البؤس والمعاناة اليومية أصبحت "تتحس وتتشاف" في كل مكان بأريافنا .. فالكثير منها لا تزال الى اليوم تحت خط الفقر لا يعبأ بها أحد ولا يطالها الاهتمام ..كأنها لا تنتمي الى ربوعنا..هي فقط ملجأ السياسيين في الانتخابات.. او محط أنظار بعض البلديات المحدثة التي تعاني بدورها العديد من النقائص على جميع المستويات..

"الصباح" كانت متواجدة في "دوار النشم" من معتمدية عين دراهم التابعة لبلدية القْلعة.. حيث الفقر المتقع وكل مظاهر الحياة البدائية رغم توفر سبل الارتقاء بتلك الأحياء البائسة وبعث الأمل والفرح في قلوب المتساكنين الذين أضنتهم قلة ذات اليد وكأن لسان حالهم يقول أين انتم معشر البشر من التوادد والتراحم؟!..لماذا ننسى كأننا لم نكن؟ ماذا لو لم تتدخل منظمة العمل الدولية لإصلاح طريق يعتبر العمود الفقري للنشاط اليومي والتنقل نحو عيون الماء من هنا وهناك؟

لكن عزة النفس تأبى أن تنقل الإحساس ب"الحقْرة" أو التظلم ناهيك أننا اُستقبلنا بالزغاريد وقُدم لنا "الملاوي" و"العظم العربي" والحليب والابتسامة لم تبارح محياهم الى أن غادرنا المكان..وإن كان ثمة خبر مفرح في ظل تلك الاجواء المشحونة بخليط من المشاعر فهو تدخل منظمة العمل الدولية الذي أسكن وجعهم بعض الشيء على أمل أن تفك العزلة عن الدوار..

العم صالح والعم طاهر و"الحاجة" صالحة تحدثوا لـ"الصباح" -والعبارات تخنقهم بؤسا وفرحا- عن مدى سعادتهم بإنجاز الطريق في "النشم" لأنهم في فصل الشتاء سابقا لا يستطيعون التنقل من حي الى آخر لأن المياه تغمر كل الدوار ولا يتسنى لهم قضاء حاجاتهم البسيطة إلا عند توفر جرار!

نفس الشيء أكده لنا احد متساكني الدوار بعد أن كنا في انتظاره وهو بصدد النزول من أعلى الجبل رفقة حماره المثقل بالاحمال على ظهره.. يسير بمحاذاة صاحبه بخطى وئيدة أعياها التعب وحرارة الطقس.. حيث عبر عن امتنانه لأي مجهود يساهم في فك عزلتهم ويزيح عقبة التنقل وإمكانية استغلال الموارد المائية والغابية على حد السواء..

وعن "العطار" الوحيد في الدوار الذي أغلق نظرا لعدم قدرة وصول مزود اليه امام تردي وضع الطرقات ومنسوب المياه في فصل الشتاء..استبشر محدثنا بإمكانية إيجاد حل بعد انتهاء عائق الطريق..

حمام ومنطقة سقوية باولاد علي

من دوار "النشم" إلى منطقة القْلعة حيث التقينا بكاتب عام البلدية والمستشار البلدي وبنت المنطقة الفلاحة سعيدة الزواوي للحديث عن أهم الإنجازات المحدثة بتدخل من منظمة العمل الدولية وولاية جندوبة..

إذ لم يقتصر دعم المنظمة على إصلاح طريق فحسب بل ستعمل-حسب ما جاء به الزاهي كاتب عام البلدية- على إحداث مناطق اقتصادية من شأنها أن تساهم في تنمية المنطقة وتخلق موارد ذاتية للبلدية لضمان استمراريتها.. فضلا عن التكفل بتهيئة المنطقة السقوية بأولاد علي وتهيئة الحمام الشعبي بسيدي بلقاسم بعد أن كان مستغلا بطريقة عشوائية..ودعم المشروع -حسب محدثنا - جاء في شكل هبة من صندوق القروض ليصادق المجلس البلدي على 563 الف دينار، علما وأن جل الإدارات العمومية شاركت في هذا المشروع على غرار ديوان المياه المعدنية..منظمات وطنية..جمعيات..كما ستنطلق الأشغال في سبتمبر القادم على ان تتواصل الى تسعة أشهر..بجانب أقدم قنطرة رومانية بالمنطقة.. وهو ما جعل السكان يستحسنون مجهودات منظمة العمل الدولية ودعمها للبلدية المحدثة(70% بلدية غابية)..

ليس ببعيد عن المكان المهيإ لمشروع الحمام الشعبي بسيدي بلقاسم وصلنا إلى دوار القرافة التابع الى بلدية حمام بورقيبة.. هناك شعرنا بأن المنطقة نجت بأعجوبة بعد بناء قنطرة حديثة.. ساهمت في فك عزلة عشرات التلاميذ نظرا لسيول المياه التي تتراكم من شهر نوفمبر الى شهر مارس.. تكلفة المعبر المائي بلغت 85الف دينار وهو مبلغ -وإن بدا مبلغا غير ضخم- فإن وقع مثل هكذا مشاريع سيظل مكسبا لأجيال وأجيال.. أما السؤال الذي يطرح نفسه وبألحاح: ماذا لو لم تتدخل منظمة العمل الدولية؟!

سعيدة.. رمز الكفاح والتفاؤل

سعيدة الزواوي هي فلاحة أب عن جد وأم لـ5اطفال من اصول جزائرية تونسية تحدثت للصباح بكل فخر عن مسيرتها في قطاع يصعب ممارسته في ظل صعوبات يواجهها الفلاحون.. بمنطقة تشهد

 شحا من حيث منسوب الماء.. لكنها وبعزيمة بدت على ملامحها الطفولية أصرت كبنت في نعومة أظافرها على بلوغ أحلامها التي لا حصر لها..

سعيدة أثنت في بداية حديثها على تدخل منظمة العمل الدولية وكل من ساهم في تهيئة ساقية رئيسية تمتد الى نحو 70هكتارا.. ذلك أن "قيمة مخزون الماء كبيرة لكن طرق استغلالها كانت بدائية، ما تسبب في عزوف الشباب عن الفلاحة نظرا لصعوبة التنقل وانسداد الآفاق"..

وهو ما لم يثن عزيمتها في بداية مشوارها الفلاحي حيث استعانت بطرق بدائية كملإ اكياس بالرمل قصد تغيير مجرى المياه حيث الغلال واشجار الزياتين الى أن قررت منظمة العمل الدولية تشجيعها عبر تجهيز الباراج بأدوات عصرية جعلتها كما الفلاحين يستغلون منسوب الماء 100%.. ذلك أن سعيدة بينت لـ"الصباح" أن الماء يتحول في الشتاء الى الآبار ويتم استغلاله في الصيف..عكس ما كان سائدا حين كان ينزل الماء من الجبال بقوة ليجرف التربة ويضر الزرع"..

سعيدة بينت كذلك للصباح أن المشروع من شأنه أن يمتدد لو تتسع عدد "الجوابي" "لنتمكن حينها من السقي قطرة قطرة وتعم الفائدة على الجميع.."

تغطية:وليد عبداللاوي

 

 

 

"الصباح" في مناطق نائمة بجندوبة: دوار "النشم".. "جنة أرضية".. يتلاشى فيها البؤس شيئا فشيئا..

 

 

تونس-الصباح

غالبا ما يولّد الشتاء القارس قصصا مؤلمة في جل أرياف تونس نظرا لافتقارها أبسط مقومات العيش بل أدنى ما يمكن أن يؤمن عيشا كريما.. لكن الامر لم يعد يقتصر على فصل او جهة معينة إن كانت بحاجة الى تدخل عاجل او هي تزخر بكل اساسيات الحياة ولم تجد في المقابل داعما او ممولا لبعض المشاريع التنموية التي من شأنها أن تنهض بجهة كاملة وتحقق آمال اهاليها ، بدليل أن مظاهر البؤس والمعاناة اليومية أصبحت "تتحس وتتشاف" في كل مكان بأريافنا .. فالكثير منها لا تزال الى اليوم تحت خط الفقر لا يعبأ بها أحد ولا يطالها الاهتمام ..كأنها لا تنتمي الى ربوعنا..هي فقط ملجأ السياسيين في الانتخابات.. او محط أنظار بعض البلديات المحدثة التي تعاني بدورها العديد من النقائص على جميع المستويات..

"الصباح" كانت متواجدة في "دوار النشم" من معتمدية عين دراهم التابعة لبلدية القْلعة.. حيث الفقر المتقع وكل مظاهر الحياة البدائية رغم توفر سبل الارتقاء بتلك الأحياء البائسة وبعث الأمل والفرح في قلوب المتساكنين الذين أضنتهم قلة ذات اليد وكأن لسان حالهم يقول أين انتم معشر البشر من التوادد والتراحم؟!..لماذا ننسى كأننا لم نكن؟ ماذا لو لم تتدخل منظمة العمل الدولية لإصلاح طريق يعتبر العمود الفقري للنشاط اليومي والتنقل نحو عيون الماء من هنا وهناك؟

لكن عزة النفس تأبى أن تنقل الإحساس ب"الحقْرة" أو التظلم ناهيك أننا اُستقبلنا بالزغاريد وقُدم لنا "الملاوي" و"العظم العربي" والحليب والابتسامة لم تبارح محياهم الى أن غادرنا المكان..وإن كان ثمة خبر مفرح في ظل تلك الاجواء المشحونة بخليط من المشاعر فهو تدخل منظمة العمل الدولية الذي أسكن وجعهم بعض الشيء على أمل أن تفك العزلة عن الدوار..

العم صالح والعم طاهر و"الحاجة" صالحة تحدثوا لـ"الصباح" -والعبارات تخنقهم بؤسا وفرحا- عن مدى سعادتهم بإنجاز الطريق في "النشم" لأنهم في فصل الشتاء سابقا لا يستطيعون التنقل من حي الى آخر لأن المياه تغمر كل الدوار ولا يتسنى لهم قضاء حاجاتهم البسيطة إلا عند توفر جرار!

نفس الشيء أكده لنا احد متساكني الدوار بعد أن كنا في انتظاره وهو بصدد النزول من أعلى الجبل رفقة حماره المثقل بالاحمال على ظهره.. يسير بمحاذاة صاحبه بخطى وئيدة أعياها التعب وحرارة الطقس.. حيث عبر عن امتنانه لأي مجهود يساهم في فك عزلتهم ويزيح عقبة التنقل وإمكانية استغلال الموارد المائية والغابية على حد السواء..

وعن "العطار" الوحيد في الدوار الذي أغلق نظرا لعدم قدرة وصول مزود اليه امام تردي وضع الطرقات ومنسوب المياه في فصل الشتاء..استبشر محدثنا بإمكانية إيجاد حل بعد انتهاء عائق الطريق..

حمام ومنطقة سقوية باولاد علي

من دوار "النشم" إلى منطقة القْلعة حيث التقينا بكاتب عام البلدية والمستشار البلدي وبنت المنطقة الفلاحة سعيدة الزواوي للحديث عن أهم الإنجازات المحدثة بتدخل من منظمة العمل الدولية وولاية جندوبة..

إذ لم يقتصر دعم المنظمة على إصلاح طريق فحسب بل ستعمل-حسب ما جاء به الزاهي كاتب عام البلدية- على إحداث مناطق اقتصادية من شأنها أن تساهم في تنمية المنطقة وتخلق موارد ذاتية للبلدية لضمان استمراريتها.. فضلا عن التكفل بتهيئة المنطقة السقوية بأولاد علي وتهيئة الحمام الشعبي بسيدي بلقاسم بعد أن كان مستغلا بطريقة عشوائية..ودعم المشروع -حسب محدثنا - جاء في شكل هبة من صندوق القروض ليصادق المجلس البلدي على 563 الف دينار، علما وأن جل الإدارات العمومية شاركت في هذا المشروع على غرار ديوان المياه المعدنية..منظمات وطنية..جمعيات..كما ستنطلق الأشغال في سبتمبر القادم على ان تتواصل الى تسعة أشهر..بجانب أقدم قنطرة رومانية بالمنطقة.. وهو ما جعل السكان يستحسنون مجهودات منظمة العمل الدولية ودعمها للبلدية المحدثة(70% بلدية غابية)..

ليس ببعيد عن المكان المهيإ لمشروع الحمام الشعبي بسيدي بلقاسم وصلنا إلى دوار القرافة التابع الى بلدية حمام بورقيبة.. هناك شعرنا بأن المنطقة نجت بأعجوبة بعد بناء قنطرة حديثة.. ساهمت في فك عزلة عشرات التلاميذ نظرا لسيول المياه التي تتراكم من شهر نوفمبر الى شهر مارس.. تكلفة المعبر المائي بلغت 85الف دينار وهو مبلغ -وإن بدا مبلغا غير ضخم- فإن وقع مثل هكذا مشاريع سيظل مكسبا لأجيال وأجيال.. أما السؤال الذي يطرح نفسه وبألحاح: ماذا لو لم تتدخل منظمة العمل الدولية؟!

سعيدة.. رمز الكفاح والتفاؤل

سعيدة الزواوي هي فلاحة أب عن جد وأم لـ5اطفال من اصول جزائرية تونسية تحدثت للصباح بكل فخر عن مسيرتها في قطاع يصعب ممارسته في ظل صعوبات يواجهها الفلاحون.. بمنطقة تشهد

 شحا من حيث منسوب الماء.. لكنها وبعزيمة بدت على ملامحها الطفولية أصرت كبنت في نعومة أظافرها على بلوغ أحلامها التي لا حصر لها..

سعيدة أثنت في بداية حديثها على تدخل منظمة العمل الدولية وكل من ساهم في تهيئة ساقية رئيسية تمتد الى نحو 70هكتارا.. ذلك أن "قيمة مخزون الماء كبيرة لكن طرق استغلالها كانت بدائية، ما تسبب في عزوف الشباب عن الفلاحة نظرا لصعوبة التنقل وانسداد الآفاق"..

وهو ما لم يثن عزيمتها في بداية مشوارها الفلاحي حيث استعانت بطرق بدائية كملإ اكياس بالرمل قصد تغيير مجرى المياه حيث الغلال واشجار الزياتين الى أن قررت منظمة العمل الدولية تشجيعها عبر تجهيز الباراج بأدوات عصرية جعلتها كما الفلاحين يستغلون منسوب الماء 100%.. ذلك أن سعيدة بينت لـ"الصباح" أن الماء يتحول في الشتاء الى الآبار ويتم استغلاله في الصيف..عكس ما كان سائدا حين كان ينزل الماء من الجبال بقوة ليجرف التربة ويضر الزرع"..

سعيدة بينت كذلك للصباح أن المشروع من شأنه أن يمتدد لو تتسع عدد "الجوابي" "لنتمكن حينها من السقي قطرة قطرة وتعم الفائدة على الجميع.."

تغطية:وليد عبداللاوي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews