الصغير الزكراوي لـ"الصباح": خارج سياق الفلسفة العامة لكن دون تأثير على "الاستفتاء"
تونس – الصباح
لم تكن توطئة دستور الجمهورية الجديدة بمنأى عن القراءات التقييمية والنقدية للباحثين والمختصين في القانون الدستوري بالأساس والمباحث القانونية بالأساس في مستوى الشكل والمضمون، نظرا لأهمية التوطئة بما تحمله العبارة التي تم استعمالها في دستور تونس 1959 وتمت المحافظة عليها في مختلف المراحل والفترات التي عرف فيها الدستور تنقيحات وتغييرات بما في ذلك دستور 2014 ، من إحالة على الفلسفة السياسية التي يقوم عليها نظام الحكم وما يتضمنه من مبادئ وحقوق وتوجهات عامة.
فتباينت القراءات لهذه التوطئة، إذ شبهها الصغير الزكراوي، أستاذ القانون العام في الجامعة التونسية، بـ"ثرثرة قانونية جعل من خلالها تاريخ تونس المعاصر يبدأ مع فترة مسكه بكل صلاحيات تسيير الدولة يوم 25 جويلية". واعتبر الفلسفة العامة خارج سياق التوطئات شكلا ومضمونا موضحا بالقول في حديثه عن المسألة لـ"الصباح": "يفترض أن تكون التوطئة تقعيد لمسائل ومبادئ قانونية ودستورية تتضمن إشارة تاريخية لدساتير الدولة وتعطي الفلسفة العامة والإطار المرجعي لدستور الدولة لأن التوطئة ستصبح كتلة دستورانية وجزءا لا يتجزأ من الدستور لكنها جاءت أقرب لخطاب سياسي بعيد كل البعد عن فلسفة التوطئة". واعتبر أستاذ القانون العام، أن هذه النسخة من التوطئة كما الدستور هي رديئة نظرا لما تتضمنه من أخطاء وتركيبة ركيكة وجب مراجعتها حتى تتواءم مع التوطئات المعمول بها في الغرض. لأنه يرى أنها كانت طرحا آخر لما دأب عليه الجميع في خطابات رئيس الجمهورية قيس سعيد ووضع فيها كل تصوراته وفرض كتابته للتاريخ.
في جانب آخر من حديثه عن نفس التوطئة أكد الزكراوي أنه رغم كل ذلك فإن ما تضمنته التوطئة من هنات لا يمكن أن يؤثر على تقبل وفهم المتلقي التونسي لهذا الدستور ولا يمكن أن يؤثر أيضا على تحديد موقف المواطنين من الاستفتاء عبر المشاركة بنعم أو لا. لأن ما يمكن أن يؤثر في ذلك هي مسائل أخرى من بينها طبيعة النظام ومسألة الحريات والحقوق.
كما ذهبت إحدى المختصات في القانون، وعضو بالجمعية التونسية للقانون الدستوري، في حديثها عن المسألة لـ"الصباح" رفضت ذكر اسمها، أن توطئة هذا الدستور الذي انتظره الجميع، جاءت من حيث المضمون حمّالة لأفكار ورؤى رئيس الجمهورية قيس سعيد وانعكاسا حقيقيا لأفكاره وتصوره لنظام الدولة التي لطالما تحدث عنها في عديد المناسبات، أما من حيث الشكل فوصفتها بتوطئة مكتوبة بأسلوب إنشائي لا يخلو من حشو، جعلها تكون أقرب إلى خطاب سياسي وذلك من خلال ما تضمنته من إشارة إلى المعارضين السياسيين وتوجيه انتقاد لهم بوضوح.
ويذكر أن نص الدستور بدأ بتوطئة مطولة حملت في تفاصيلها وأبعادها وخطوطها العريضة، نَفَسا سياسيا واضحا لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي صاغها في شكل خطاب كرر فيه عبارة "نحن الشعب" تسع مرات بما يحمله هذا الرقم، الذي يعد آخر الأعداد الصحيحة وأعلاها، من رمزية في العلم والفكر وفي الثقافات القديمة. اختار فيها رئيس الجمهورية أن يتحدث باسم الشعب التونسي للتأكيد أن مقومات تأسيس الجمهورية الجديدة هي استجابة وانعكاس فعلي لإرادة ورؤى ومطالب الشعب الذي يعود فيه بالجميع إلى مربع الإرهاصات الأولى للثورة في ديسمبر 2010، رغم تطرقه في نفس التوطئة إلى وجود معارضين ورافضين لمبادراته الإصلاحية. فيما اعتبر أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي في كلية الحقوق والعلوم السياسية ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية، شاكر الحوكي أن التوطئة، جاءت محشوة بـ"الهرطقات" التاريخية والإنجازات المفتعلة خاصة ما تعلق بذكر عدد المشاركين في الاستشارة الالكترونية.
ولم تخف قراءات أخرى لبعض الخبراء والمختصين في القانون والدستور من استحسان لما تضمنه نفس التوطئة من إشارات "جيدة" تبعث على التفاؤل واستبشار واقع بيئي واقتصادي جديد من خلال المراهنة على الفلاحة وتحويل تونس الخضراء إلى واقع التنمية في "بيئة سليمة خالية من كل أسباب التلوث". وانتقد البعض الآخر تركز بعض القراءات على ما هو شكلي في التوطئة بالأساس على اعتبار أن هذه القراءات كانت مجملها من زاوية نقدية معارضة للمسار الذي يقوده سعيد لاسيما أنه اختار التفرد برأيه في ذلك دون تشريك أهل الاختصاص وما تزخر به الدولة من كفاءات في المجال.
نزيهة الغضباني
الصغير الزكراوي لـ"الصباح": خارج سياق الفلسفة العامة لكن دون تأثير على "الاستفتاء"
تونس – الصباح
لم تكن توطئة دستور الجمهورية الجديدة بمنأى عن القراءات التقييمية والنقدية للباحثين والمختصين في القانون الدستوري بالأساس والمباحث القانونية بالأساس في مستوى الشكل والمضمون، نظرا لأهمية التوطئة بما تحمله العبارة التي تم استعمالها في دستور تونس 1959 وتمت المحافظة عليها في مختلف المراحل والفترات التي عرف فيها الدستور تنقيحات وتغييرات بما في ذلك دستور 2014 ، من إحالة على الفلسفة السياسية التي يقوم عليها نظام الحكم وما يتضمنه من مبادئ وحقوق وتوجهات عامة.
فتباينت القراءات لهذه التوطئة، إذ شبهها الصغير الزكراوي، أستاذ القانون العام في الجامعة التونسية، بـ"ثرثرة قانونية جعل من خلالها تاريخ تونس المعاصر يبدأ مع فترة مسكه بكل صلاحيات تسيير الدولة يوم 25 جويلية". واعتبر الفلسفة العامة خارج سياق التوطئات شكلا ومضمونا موضحا بالقول في حديثه عن المسألة لـ"الصباح": "يفترض أن تكون التوطئة تقعيد لمسائل ومبادئ قانونية ودستورية تتضمن إشارة تاريخية لدساتير الدولة وتعطي الفلسفة العامة والإطار المرجعي لدستور الدولة لأن التوطئة ستصبح كتلة دستورانية وجزءا لا يتجزأ من الدستور لكنها جاءت أقرب لخطاب سياسي بعيد كل البعد عن فلسفة التوطئة". واعتبر أستاذ القانون العام، أن هذه النسخة من التوطئة كما الدستور هي رديئة نظرا لما تتضمنه من أخطاء وتركيبة ركيكة وجب مراجعتها حتى تتواءم مع التوطئات المعمول بها في الغرض. لأنه يرى أنها كانت طرحا آخر لما دأب عليه الجميع في خطابات رئيس الجمهورية قيس سعيد ووضع فيها كل تصوراته وفرض كتابته للتاريخ.
في جانب آخر من حديثه عن نفس التوطئة أكد الزكراوي أنه رغم كل ذلك فإن ما تضمنته التوطئة من هنات لا يمكن أن يؤثر على تقبل وفهم المتلقي التونسي لهذا الدستور ولا يمكن أن يؤثر أيضا على تحديد موقف المواطنين من الاستفتاء عبر المشاركة بنعم أو لا. لأن ما يمكن أن يؤثر في ذلك هي مسائل أخرى من بينها طبيعة النظام ومسألة الحريات والحقوق.
كما ذهبت إحدى المختصات في القانون، وعضو بالجمعية التونسية للقانون الدستوري، في حديثها عن المسألة لـ"الصباح" رفضت ذكر اسمها، أن توطئة هذا الدستور الذي انتظره الجميع، جاءت من حيث المضمون حمّالة لأفكار ورؤى رئيس الجمهورية قيس سعيد وانعكاسا حقيقيا لأفكاره وتصوره لنظام الدولة التي لطالما تحدث عنها في عديد المناسبات، أما من حيث الشكل فوصفتها بتوطئة مكتوبة بأسلوب إنشائي لا يخلو من حشو، جعلها تكون أقرب إلى خطاب سياسي وذلك من خلال ما تضمنته من إشارة إلى المعارضين السياسيين وتوجيه انتقاد لهم بوضوح.
ويذكر أن نص الدستور بدأ بتوطئة مطولة حملت في تفاصيلها وأبعادها وخطوطها العريضة، نَفَسا سياسيا واضحا لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي صاغها في شكل خطاب كرر فيه عبارة "نحن الشعب" تسع مرات بما يحمله هذا الرقم، الذي يعد آخر الأعداد الصحيحة وأعلاها، من رمزية في العلم والفكر وفي الثقافات القديمة. اختار فيها رئيس الجمهورية أن يتحدث باسم الشعب التونسي للتأكيد أن مقومات تأسيس الجمهورية الجديدة هي استجابة وانعكاس فعلي لإرادة ورؤى ومطالب الشعب الذي يعود فيه بالجميع إلى مربع الإرهاصات الأولى للثورة في ديسمبر 2010، رغم تطرقه في نفس التوطئة إلى وجود معارضين ورافضين لمبادراته الإصلاحية. فيما اعتبر أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي في كلية الحقوق والعلوم السياسية ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية، شاكر الحوكي أن التوطئة، جاءت محشوة بـ"الهرطقات" التاريخية والإنجازات المفتعلة خاصة ما تعلق بذكر عدد المشاركين في الاستشارة الالكترونية.
ولم تخف قراءات أخرى لبعض الخبراء والمختصين في القانون والدستور من استحسان لما تضمنه نفس التوطئة من إشارات "جيدة" تبعث على التفاؤل واستبشار واقع بيئي واقتصادي جديد من خلال المراهنة على الفلاحة وتحويل تونس الخضراء إلى واقع التنمية في "بيئة سليمة خالية من كل أسباب التلوث". وانتقد البعض الآخر تركز بعض القراءات على ما هو شكلي في التوطئة بالأساس على اعتبار أن هذه القراءات كانت مجملها من زاوية نقدية معارضة للمسار الذي يقوده سعيد لاسيما أنه اختار التفرد برأيه في ذلك دون تشريك أهل الاختصاص وما تزخر به الدولة من كفاءات في المجال.