إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد بلوغه أرقاما قياسية.. التهرب الضريبي مجرم من الدستور الجديد.. في اتجاه تحقيق العدالة الجبائية

 

 

- التهرب الضريبي في تونس يمثل 50 % من الموارد الضريبية

تونس-الصباح

تضمن الدستور الجديد لسنة 2022 الذي صدر أمس الأول فصلا يجرم التهرب الضريبي على اعتبار أن "أداة الضرائب والتكاليف العامة واجب على كل شخص على أساس العدل والإنصاف وكل تهرب ضريبي يعتبر جريمة في حق الدولة والمجتمع"، حسب ما جاء في الفصل الخامس عشر من الدستور..

هذا الفصل الذي بمجرد الاستفتاء عليه في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، سيدخل حيز النفاذ بما قد يغير في التوازنات المالية العمومية إلى الأفضل خاصة أن ابرز أسباب اختلالها لسنوات طويلة هو استشراء ظاهرة التهرب الجبائي وارتفاع عدد المتهربين من دفع الضرائب المفروضة عليهم.

فاليوم، يمثل التهرب الضريبي في تونس نحو 50 في المائة من قيمة الموارد الضريبية الجملية، وتقدر التقارير الدولية التي صدرت مؤخرا قيمة الخسائر الناتجة عن التهرب الضريبي بما يناهز الـ 374.25 مليون دولار أي حوالي الـ 1084 مليون دينار وتهريب الثروة خارج الحدود تقارب 38.7مليون دولار أي زهاء 112 مليون دينار.

وتصل نسبة الخسائر المتأتية من التهرب الضريبي على المؤسسات في حدود الـ 0.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لتونس، وهو ما اثر سلبا على مناخ الاستثمار في البلاد جراء تنامي هذه الظاهرة الخطيرة، وبالرغم من الاستفاقة المتأخرة للدولة التي تعود إلى عشر سنوات من خلال إطلاق أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد لفائدة رجال الأعمال والمستثمرين، إلا أن العملية لم تنجح في كبح جماح التهرب الجبائي بل عمقت من الضغط الجبائي في البلاد ليصل إلى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية، مما أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد والتي تراجعت بشكل لافت بعد أن كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والأفراد.

كما اثر توسع الظاهرة في السنوات الأخيرة سلبا على ميزانية الدولة مما عمق من عجزها وتراجعت مواردها الذاتية ولم تعد تعول إلا على الاقتراض، وحتى التطور الطفيف في المداخيل الجبائية منها إلا أن هوة التهرب الضريبي مازالت متسعة ولم تجد لها الحكومات المتعاقبة أي حلول عبر السنوات.

وبعد النتائج المالية المتعلقة بالميزانية العامة للدولة والتي كشفت عنها مؤخرا وزارة المالية مختلفة على مستوى النتائج المسجلة في السنة المنقضية، وفيها تحسن في الموازنة العامة لكامل أشهر الثلاثية الأولى من السنة الجارية بتسجيلها لفائض بـ 314 مليون دينار، مقابل عجز بـ 885 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2021، تبقى مشكلة التهرب موجودة لان الفائض متأت بالأساس من المداخيل الجبائية المتأتية من المرتبات والأجور.

حيث قدرت هذه المداخيل بـ 9.1 بالمائة وهي في الحقيقة من بين أسباب تسجيل الفائض في الموازنة العامة، فضلا عن الزيادة المحققة في المداخيل الجبائية المتأتية من الشركات البترولية بـ 32.6 بالمائة لتقفز من 6.4 مليار دينار إلى 9.2 مليار دينار في ما بين 2021 و2022 تحديدا في الثلاثية الأولى من السنتين.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الإيرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى أكثر من 30 مليار دينار في عام 2020، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2020 نسبة 25.3 %، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

في حين يؤكد خبراء المال والأعمال باعتمادهم عملية محاسباتية تختلف عن الدولة أن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، بما يجعلها الأعلى من بين النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات أخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب، ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فقد ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس وأن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها.

كما سجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المائة.

وبالتالي فان ارتفاع الضغط الجبائي في تونس يعد من ابرز الأسباب التي تساعد المتهربين على العزوف عن دفع الضرائب وتخير ترحيلها في شكل أموال مهربة إلى الخارج مما ينتج عنه تداعيات خطيرة على اقتصاد البلاد من جهة ويكرس الحيف الجبائي بين طبقات المجتمع التونسي باعتبار مواصلة تعويلها واستنزافها لفئة الأجراء الذين يقومون بانتظام باستخلاص الجباية، وقد يكون قرار التجريم هذه المرة من بين الحلول البارزة للحد من هذه الظاهرة، والطريقة المثلى لتعقب المتهربين من دافعي الضرائب...

وفاء بن محمد

 

 

بعد بلوغه أرقاما قياسية.. التهرب الضريبي مجرم من الدستور الجديد.. في اتجاه تحقيق العدالة الجبائية

 

 

- التهرب الضريبي في تونس يمثل 50 % من الموارد الضريبية

تونس-الصباح

تضمن الدستور الجديد لسنة 2022 الذي صدر أمس الأول فصلا يجرم التهرب الضريبي على اعتبار أن "أداة الضرائب والتكاليف العامة واجب على كل شخص على أساس العدل والإنصاف وكل تهرب ضريبي يعتبر جريمة في حق الدولة والمجتمع"، حسب ما جاء في الفصل الخامس عشر من الدستور..

هذا الفصل الذي بمجرد الاستفتاء عليه في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، سيدخل حيز النفاذ بما قد يغير في التوازنات المالية العمومية إلى الأفضل خاصة أن ابرز أسباب اختلالها لسنوات طويلة هو استشراء ظاهرة التهرب الجبائي وارتفاع عدد المتهربين من دفع الضرائب المفروضة عليهم.

فاليوم، يمثل التهرب الضريبي في تونس نحو 50 في المائة من قيمة الموارد الضريبية الجملية، وتقدر التقارير الدولية التي صدرت مؤخرا قيمة الخسائر الناتجة عن التهرب الضريبي بما يناهز الـ 374.25 مليون دولار أي حوالي الـ 1084 مليون دينار وتهريب الثروة خارج الحدود تقارب 38.7مليون دولار أي زهاء 112 مليون دينار.

وتصل نسبة الخسائر المتأتية من التهرب الضريبي على المؤسسات في حدود الـ 0.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لتونس، وهو ما اثر سلبا على مناخ الاستثمار في البلاد جراء تنامي هذه الظاهرة الخطيرة، وبالرغم من الاستفاقة المتأخرة للدولة التي تعود إلى عشر سنوات من خلال إطلاق أكثر من 500 إجراء ضريبي جديد لفائدة رجال الأعمال والمستثمرين، إلا أن العملية لم تنجح في كبح جماح التهرب الجبائي بل عمقت من الضغط الجبائي في البلاد ليصل إلى أكثر من 25 بالمائة وفق بيانات حكومية رسمية، مما أثر بشكل مباشر على نسق الاستثمارات بالبلاد والتي تراجعت بشكل لافت بعد أن كانت نسبتها أكثر من 24.6 بالمائة سنة 2010، وكلفت الدولة خسائر ناهزت 6 مليار دينار سنويا نتيجة التهرب الضريبي من المؤسسات والأفراد.

كما اثر توسع الظاهرة في السنوات الأخيرة سلبا على ميزانية الدولة مما عمق من عجزها وتراجعت مواردها الذاتية ولم تعد تعول إلا على الاقتراض، وحتى التطور الطفيف في المداخيل الجبائية منها إلا أن هوة التهرب الضريبي مازالت متسعة ولم تجد لها الحكومات المتعاقبة أي حلول عبر السنوات.

وبعد النتائج المالية المتعلقة بالميزانية العامة للدولة والتي كشفت عنها مؤخرا وزارة المالية مختلفة على مستوى النتائج المسجلة في السنة المنقضية، وفيها تحسن في الموازنة العامة لكامل أشهر الثلاثية الأولى من السنة الجارية بتسجيلها لفائض بـ 314 مليون دينار، مقابل عجز بـ 885 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2021، تبقى مشكلة التهرب موجودة لان الفائض متأت بالأساس من المداخيل الجبائية المتأتية من المرتبات والأجور.

حيث قدرت هذه المداخيل بـ 9.1 بالمائة وهي في الحقيقة من بين أسباب تسجيل الفائض في الموازنة العامة، فضلا عن الزيادة المحققة في المداخيل الجبائية المتأتية من الشركات البترولية بـ 32.6 بالمائة لتقفز من 6.4 مليار دينار إلى 9.2 مليار دينار في ما بين 2021 و2022 تحديدا في الثلاثية الأولى من السنتين.

وتساهم الضرائب في تمويل ميزانية الدولة بنسبة تجاوزت 60 بالمائة، وارتفعت الإيرادات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى أكثر من 30 مليار دينار في عام 2020، مقابل 12,5 مليار دينار في سنة 2010، وبلغ الضغط الجبائي في العام 2020 نسبة 25.3 %، وعلى الرغم من التشكيك في بعض الأرقام واعتبار الضغط الجبائي ارفع من النسب المعلنة إلا أن تونس تعد الأعلى إفريقيا في هذا المقياس.

في حين يؤكد خبراء المال والأعمال باعتمادهم عملية محاسباتية تختلف عن الدولة أن نسبة الضغط الجبائي في تونس تقترب من 35٪، بما يجعلها الأعلى من بين النسب المعلنة باعتبار وجود اداءات أخرى غير معتمدة في طريقة الاحتساب، ووفق دراسة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية فقد ارتفعت نسبة الضريبة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس وأن نحو 26 بلدا إفريقيا حافظ على درجة 17.2 % خلال الفترة نفسها.

كما سجلت تونس أعلى نسبة ضغط جبائي مقارنة بمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي بلغ المعدل فيها 15.4 في المائة وأعلى كذلك من معدل دول الاتحاد الأوروبي الذي بلغ 20.2 في المائة.

وبالتالي فان ارتفاع الضغط الجبائي في تونس يعد من ابرز الأسباب التي تساعد المتهربين على العزوف عن دفع الضرائب وتخير ترحيلها في شكل أموال مهربة إلى الخارج مما ينتج عنه تداعيات خطيرة على اقتصاد البلاد من جهة ويكرس الحيف الجبائي بين طبقات المجتمع التونسي باعتبار مواصلة تعويلها واستنزافها لفئة الأجراء الذين يقومون بانتظام باستخلاص الجباية، وقد يكون قرار التجريم هذه المرة من بين الحلول البارزة للحد من هذه الظاهرة، والطريقة المثلى لتعقب المتهربين من دافعي الضرائب...

وفاء بن محمد

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews