إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: الخبر مقدّس والتّعليق حرّ وما بينهما ضرورة تسمية الأشياء بمسمّياتها

 

بقلم:مصدّق الشّريف

يُجمع العاملون والعاملات في الحقل الإعلامي وخارجه على أنّ الخبر مقدّس والتّعليق حرّ. ونرى، من ناحيتنا، ضرورة إثراء هذه القاعدة بتسمية الأشياء بمسمّياتها. فإذا تعلّقت همّة أهل السّلطة الرّابعة بالحرفيّة، كان لزاما على أصحابها تدقيق المفاهيم وإيضاح المعاني وعدم التّعسف في قراءة التاريخ أو الأحداث بإخضاعها للظنّ وما تهوى الأنفس.

وما نلاحظه اليوم تداول أغلب الإعلاميّات والإعلاميّين بمختلف مشاربهم ومراكز عملهم إذاعية كانت أو تلفزية الجملة التالية:"الصّراع قائم بين القصر والاتحاد". وفي هذا، حسب رأينا المتواضع، غياب للدّقة وتسمية للأشياء بغير مسمّياتها. والأسلم عندنا أن نقول إنّ الصّراع قائم بين قيادة الاتحاد والقصر.

ويُصرّ الإعلام المكتوب والمسموع والمرئيّ على التذكير بخسران كلّ من خاض معركة ضدّ الاتحاد العام التونسيّ للشّغل وأبرزها معارك 1964، 1978، 1984 و1985. ولئن كان الأمر حقيقة تاريخيّة لا مناص منها، فإنّه لا بُدّ أيضا من التّذكير بصورة المنظمة الشّغيلة عموما وقيادتها خصوصا في المحطّات المشار إليها. في ذلك الزّمان، كانت قواعد الاتحاد وهياكله في انسجام شبه تام مع القيادة النقابيّة جهويا ومركزيّا فانخرط جميع النّاس في المنظّمة لا يلوون على شيء. ورفع كلّ النّقابيّات والنّقابيّين الشعار المركزي"بالرّوح، بالدّم، نفديك يا اتحاد". وكانوا لا يدّخرون جهدا في الذّود عن منظمة الحامي وحشاد والتليلي وعاشور الخالدي الذّكر وعن استقلال قراراتها مردّدين "الاتحاد مستقلّ والقواعد هي الكلّ". لقد دافعوا عن مطالب العمّال بالفكر والسّاعد وعن سيادة البلاد وحرمتها وأسهموا في اتخاذ المواقف الحاسمة لمصيرها حين كانت دور الاتحاد وقاعاته تعجّ بالاجتماعات العامة وندوات الاطارات من حين إلى آخر لأخذ آراء القواعد وتحويلها مباشرة إلى الهياكل الجهوية ثم إلى المركزية النقابية.

وبصراحة، فإنّ الوضع النقابي يختلف اليوم عمّا كان عليه في تلك المحطات التاريخية. ولنقل إنّ العمل النقابي قد أخذ منعرجا جديدا منذ انتفاضة 17-12-2010/ ثورة 14-01-2011 شابته الكثير من الاختلافات إن لم نقل الصّراعات الحادّة. ومن أبرز الأحداث المؤثرة تأثيرا سلبيّا في المسار النقابي اتجاه نيّة القيادة الحالية للاتحاد العام التونسي للشغل إلى تعديل الفصل العشرين من القانون الداخلي للمنظمة والإصرار على عقد مؤتمر غير انتخابي في أوت 2021 رغم اعتراض السّلطة الجهوية والصحية لمدينة سوسة على ذلك خشية مزيد من التّفشي لجائحة كورونا وما ينتج عنها من أخطار صحية. لكنّ قيادة الاتحاد الحالية أبت إلاّ أن تنجز أشغال المؤتمر ضاربة عرض الحائط بكلّ القوانين.ثم انعقد في فيفري 2022 مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل بإحدى غابات مدينة صفاقس البعيدة عن مقرّ الاتحاد الجهوي للشغل قلعة نضال المدينة النقابي لإعطاء "الشرعية" لأعضاء المكتب التنفيذي القدامى. وانعقد المؤتمر في ظروف اتسمت بقطع الصّلة المعنوية بأبناء منظمة حشاد.ومن يومها خرج إلى العلن الانشقاق بين النقابييّن قواعد وهياكل، وحتى بين من كانوا في المكتب التنفيذي القديم وبين من أصبحوا في المكتب التنفيذي الجديد. وأصبح غسيل النقابيّين منشورا وقدحهم مكسورا. هذا فضلا على أن الخاصّ والعام بالبلاد يعلم أن هناك مجرى قضائيا طعن في طوره الابتدائي في "شرعية" المكتب التنفيذي الحالي.

وعلى العموم، فإنّه لا ريب في أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عتيدة، تاريخها مجيد تليد، وأنها قدّمت جحافل من أبنائها في معركة تحرّر البلاد الوطني. بالإضافة إلى أنّها لعبت دورا مهمّا في الدّفاع عن مصلحة الشّغيلة المادية والمعنوية بعد 1956 ووقفت مع قضايا الحرّية الفكرية والعقائدية وقضايا التحرّر في العالم وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني التي اعتبرتها المنظمة قضيتها الأم منذ أن دافع عنها الزعيم الخالد الذكر فرحات حشاد في الأمم المتحدة في أربعينيات القرن الماضي. ولكن ما ضرّ أن نقول للمخطئ لقد أخطأت وإنّ مواصلة سيرك في الطريق الخطأ سيؤدي بالمنظمة وبالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه؟ ما ضرّ لو يقيّم الواحد منا تجربته؟ وما ضرّ لو يقدّم نقده الذاتي؟ ألم يقل أحدهم إنّ عدم المكابرة هو من شيم الكرام؟

 

 

منتدى الصباح: الخبر مقدّس والتّعليق حرّ وما بينهما ضرورة تسمية الأشياء بمسمّياتها

 

بقلم:مصدّق الشّريف

يُجمع العاملون والعاملات في الحقل الإعلامي وخارجه على أنّ الخبر مقدّس والتّعليق حرّ. ونرى، من ناحيتنا، ضرورة إثراء هذه القاعدة بتسمية الأشياء بمسمّياتها. فإذا تعلّقت همّة أهل السّلطة الرّابعة بالحرفيّة، كان لزاما على أصحابها تدقيق المفاهيم وإيضاح المعاني وعدم التّعسف في قراءة التاريخ أو الأحداث بإخضاعها للظنّ وما تهوى الأنفس.

وما نلاحظه اليوم تداول أغلب الإعلاميّات والإعلاميّين بمختلف مشاربهم ومراكز عملهم إذاعية كانت أو تلفزية الجملة التالية:"الصّراع قائم بين القصر والاتحاد". وفي هذا، حسب رأينا المتواضع، غياب للدّقة وتسمية للأشياء بغير مسمّياتها. والأسلم عندنا أن نقول إنّ الصّراع قائم بين قيادة الاتحاد والقصر.

ويُصرّ الإعلام المكتوب والمسموع والمرئيّ على التذكير بخسران كلّ من خاض معركة ضدّ الاتحاد العام التونسيّ للشّغل وأبرزها معارك 1964، 1978، 1984 و1985. ولئن كان الأمر حقيقة تاريخيّة لا مناص منها، فإنّه لا بُدّ أيضا من التّذكير بصورة المنظمة الشّغيلة عموما وقيادتها خصوصا في المحطّات المشار إليها. في ذلك الزّمان، كانت قواعد الاتحاد وهياكله في انسجام شبه تام مع القيادة النقابيّة جهويا ومركزيّا فانخرط جميع النّاس في المنظّمة لا يلوون على شيء. ورفع كلّ النّقابيّات والنّقابيّين الشعار المركزي"بالرّوح، بالدّم، نفديك يا اتحاد". وكانوا لا يدّخرون جهدا في الذّود عن منظمة الحامي وحشاد والتليلي وعاشور الخالدي الذّكر وعن استقلال قراراتها مردّدين "الاتحاد مستقلّ والقواعد هي الكلّ". لقد دافعوا عن مطالب العمّال بالفكر والسّاعد وعن سيادة البلاد وحرمتها وأسهموا في اتخاذ المواقف الحاسمة لمصيرها حين كانت دور الاتحاد وقاعاته تعجّ بالاجتماعات العامة وندوات الاطارات من حين إلى آخر لأخذ آراء القواعد وتحويلها مباشرة إلى الهياكل الجهوية ثم إلى المركزية النقابية.

وبصراحة، فإنّ الوضع النقابي يختلف اليوم عمّا كان عليه في تلك المحطات التاريخية. ولنقل إنّ العمل النقابي قد أخذ منعرجا جديدا منذ انتفاضة 17-12-2010/ ثورة 14-01-2011 شابته الكثير من الاختلافات إن لم نقل الصّراعات الحادّة. ومن أبرز الأحداث المؤثرة تأثيرا سلبيّا في المسار النقابي اتجاه نيّة القيادة الحالية للاتحاد العام التونسي للشغل إلى تعديل الفصل العشرين من القانون الداخلي للمنظمة والإصرار على عقد مؤتمر غير انتخابي في أوت 2021 رغم اعتراض السّلطة الجهوية والصحية لمدينة سوسة على ذلك خشية مزيد من التّفشي لجائحة كورونا وما ينتج عنها من أخطار صحية. لكنّ قيادة الاتحاد الحالية أبت إلاّ أن تنجز أشغال المؤتمر ضاربة عرض الحائط بكلّ القوانين.ثم انعقد في فيفري 2022 مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل بإحدى غابات مدينة صفاقس البعيدة عن مقرّ الاتحاد الجهوي للشغل قلعة نضال المدينة النقابي لإعطاء "الشرعية" لأعضاء المكتب التنفيذي القدامى. وانعقد المؤتمر في ظروف اتسمت بقطع الصّلة المعنوية بأبناء منظمة حشاد.ومن يومها خرج إلى العلن الانشقاق بين النقابييّن قواعد وهياكل، وحتى بين من كانوا في المكتب التنفيذي القديم وبين من أصبحوا في المكتب التنفيذي الجديد. وأصبح غسيل النقابيّين منشورا وقدحهم مكسورا. هذا فضلا على أن الخاصّ والعام بالبلاد يعلم أن هناك مجرى قضائيا طعن في طوره الابتدائي في "شرعية" المكتب التنفيذي الحالي.

وعلى العموم، فإنّه لا ريب في أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عتيدة، تاريخها مجيد تليد، وأنها قدّمت جحافل من أبنائها في معركة تحرّر البلاد الوطني. بالإضافة إلى أنّها لعبت دورا مهمّا في الدّفاع عن مصلحة الشّغيلة المادية والمعنوية بعد 1956 ووقفت مع قضايا الحرّية الفكرية والعقائدية وقضايا التحرّر في العالم وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني التي اعتبرتها المنظمة قضيتها الأم منذ أن دافع عنها الزعيم الخالد الذكر فرحات حشاد في الأمم المتحدة في أربعينيات القرن الماضي. ولكن ما ضرّ أن نقول للمخطئ لقد أخطأت وإنّ مواصلة سيرك في الطريق الخطأ سيؤدي بالمنظمة وبالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه؟ ما ضرّ لو يقيّم الواحد منا تجربته؟ وما ضرّ لو يقدّم نقده الذاتي؟ ألم يقل أحدهم إنّ عدم المكابرة هو من شيم الكرام؟

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews