قرابة 1000 مليون دينار قيمة المطالب الاجتماعية التي يطالب اتحاد الشغل بتفعيلها !
تونس- الصباح
قدر خبراء المالية أن تتجاوز خسائر الإضراب الذي نفذه اتحاد الشغل، أمس الخميس، في قرابة 159 مؤسسة حكومية تنتمي للقطاع العام وهي مؤسسات ربحية، قرابة 200 مليون دينار، ويتوقعون تضاعف الرقم في حال شمل قطاع الوظيفة العمومية، والقطاع الخاص، ما يزيد في إنهاك الميزانية العامة للبلاد التونسية، مشددين على أن تواصل الإضراب سيخلق أزمة خطيرة في التوازنات المالية، ويؤثر على المناخ الاقتصادي والاجتماعي.
ويخوض أعوان القطاع العام، منذ أمس، إضرابا من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد اتهامات بمماطلة الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانتها ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 ماي 2022 والتي جاءت بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية منذ 23 ماي 2022 وبعد جلسة لم تقدم أي حل لتجاوز الأزمة منذ يوم الاثنين 13 جوان الجاري ضمن اللجنة المركزية، تقدّمت فيها الحكومة بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضات الاجتماعية لتجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، نجاح إضراب القطاع العام بنسبة مشاركة بلغت 96.22 بالمائة، وفق ما جاء في كلمة الأمين العام لإتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، على هامش مشاركته في الإضراب بالعاصمة.
وشارك في الإضراب حسب مسؤولي اتحاد الشغل 159 مؤسسة عمومية، للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى، وطالب الطبوبي، في كلمته، الحكومة بـ"تعديل المقدرة الشرائية وزيادة أجور العاملين في القطاع العام، وباحترام الاتفاقيات المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية".
خسائر الدولة من الإضراب العام
وحسب تقديرات أولية من خبراء المالية والاقتصاد، في تصريحات لـ"الصباح"، أمس، فإن الخسائر الأولية من الإضراب تناهز 200 مليون دينار، وذلك بسبب أن جزءا كبيرا من مؤسسات القطاع العام المضربة يوم أمس، جلها مؤسسات ربحية، وتساهم بدور كبير في الحركة الاقتصادية بالبلاد، علما وأن اتحاد الشغل يطالب بتفعيل مفعول مالي لاتفاقيات سابقة بقيمة 1000 مليون دينار، في وضع اقتصادي صعب للغاية تمر به البلاد.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد، أن كل يوم إضراب يؤثر على معدلات النمو للبلاد، حيث أن تعطل العمل في شركة واحدة ينجر عنه آليا تعطل الحركة الاقتصادية في جزء كبير من الشركات، ما يؤثر سلبا على الإيرادات التي تحتاجها الدولة لإدارة شؤونها.
وانطلقت الحكومة موفى السنة الماضية، في تطبيق حزمة من الإصلاحات المتعثرة المطلوبة من صندوق النقد الدولي وتشمل إصلاح 7 من المؤسسات العمومية والشركات والضغط على كتلة الأجور ومراجعة منظومة الدعم، وهي خطوات تزامنت مع ارتفاع حدة الاحتقان الشعبي في العديد من الولايات بالجمهورية، ما يزيد من مخاوف الخبراء حول الخطة المعتمدة من الحكومة والتي ستكون ضمنيا موجعة وقاسية.
وتشمل عملية الإصلاح والهيكلة حسب الاتفاق المعلن بين الحكومة واتحاد الشغل شركة الخطوط التونسية وشركة الفولاذ والشركة التونسية للشحن والترصيف وديوان الأراضي الدولية والصيدلية المركزية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للكهرباء والغاز.
اختلال التوازنات المالية
وتجاوزت مديونية المؤسسات العمومية اليوم الحد المسموح به، ما دفع بالمسؤولين بوزارة المالية إلى دق ناقوس الخطر، فيما قدر تقرير صادر عن الوزارة أن المؤسسات العمومية في حاجة إلى أكثر من 10.000 مليون دينار لإنقاذها من الإفلاس الوشيك.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تشهد موارد الدولة موفى السنة الحالية مزيدا من التراجع بسبب ارتفاع نفقات الدولة، مقارنة بالسنة الماضية، مشددين على أن أزمة "كورونا" تسببت في اختلال التوازنات المالية، وباتت البلاد في حاجة إلى قروض خارجية بأكثر من 5000 مليون دينار إضافية وتعبئة قروض قبل نهاية السنة بأكثر من 12 مليار دينار، في حين يقدر بعض الخبراء أن البلاد في حاجة إلى تمويلات إضافية تفوق 24 مليار دينار، لتغطية العجز المالي في سنة 2021، وأيضا نفقات الدولة المتنامية خلال 2022، وهو أمر جد صعب، ما يعني أن العجز في ميزانية الدولة لهذه السنة سيكون قياسيا.
وكشف تقرير صادر عن وزارة المالية يتعلق بالمنشآت العمومية عن عجز متفاقم لقرابة 31 منشأة عمومية من إجمالي 110 وبلغ العجز فيها أكثر من 10 مليار دينار، وهو رقم جد ضخم يعود بالأساس إلى العديد من المشاكل التي تعاني منها وهي مشاكل هيكلية وتشغيلية وإدارية وسوء تسيير ما تسبب في تراكم العجز، إضافة إلى خسائر تكبدتها البنوك العمومية.
ويضاف إلى هذه الأزمة تعرض البلاد أيضا لضغوط من مقرضين دوليين لإصلاح المؤسسات العمومية وتجميد أجور القطاع العام التي زادت إلى أكثر من 21.5 مليار دينار في 2022 من 7.6 مليار في 2010، وذلك في إطار إجراءات للتقليص من عجز الميزانية.
إعادة هيكلة المؤسسات العمومية
وتعد شركة الخطوط التونسية للطيران واحدة من أبرز الشركات التي تواجه مصاعب مالية. وقد تضاعفت هذه المصاعب بسبب فيروس كورونا، وكانت الشركة طلبت من الحكومة هذا العام دعما ماليا لمواجهة هذه المصاعب.
ويجمع الخبراء الاقتصاديون، على ضرورة العمل على تحقيق الاستقرار المالي من خلال العمل على دفع معدل النمو الاقتصادي وتطوير الاستثمار العمومي والخاص وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير المنظومات الإنتاجية، ودفع التصدير والبحث عن المزيد من الأسواق، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي، وخاصة التحكم في كتلة الأجور، وإحداث وكالة عمومية للتصرف في الدين العمومي من خلال الفصل بين الدين العمومي الداخلي والخارجي، وإعادة هيكلة الدين الخارجي والعمومي.
كما يطالب البعض الآخر بضرورة تحرير رأسمال هذه المؤسسات، وإشراك القطاع الخاص في رأسمالها وإعادة هيكلتها وتأهيل مواردها البشرية، وتكوينها من أجل مردودية أفضل، فأغلب المؤسسات العمومية تعاني من فائض كبير في عدد موظفيها، مقابل غياب شبه كلي للإنتاج، ما يعني أن ملف إصلاحها وإعادة هيكلتها سيكون صعبا وقاسيا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس منذ ظهور جائحة كوفيد-19.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة، والحكومة الحالية، بحزمة من الإصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى 2021، وتشمل الضغط على كتلة الأجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري من خلال رفع الدعم عن بعض المواد لتخفيض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.
سفيان المهداوي
قرابة 1000 مليون دينار قيمة المطالب الاجتماعية التي يطالب اتحاد الشغل بتفعيلها !
تونس- الصباح
قدر خبراء المالية أن تتجاوز خسائر الإضراب الذي نفذه اتحاد الشغل، أمس الخميس، في قرابة 159 مؤسسة حكومية تنتمي للقطاع العام وهي مؤسسات ربحية، قرابة 200 مليون دينار، ويتوقعون تضاعف الرقم في حال شمل قطاع الوظيفة العمومية، والقطاع الخاص، ما يزيد في إنهاك الميزانية العامة للبلاد التونسية، مشددين على أن تواصل الإضراب سيخلق أزمة خطيرة في التوازنات المالية، ويؤثر على المناخ الاقتصادي والاجتماعي.
ويخوض أعوان القطاع العام، منذ أمس، إضرابا من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد اتهامات بمماطلة الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانتها ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 ماي 2022 والتي جاءت بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية منذ 23 ماي 2022 وبعد جلسة لم تقدم أي حل لتجاوز الأزمة منذ يوم الاثنين 13 جوان الجاري ضمن اللجنة المركزية، تقدّمت فيها الحكومة بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضات الاجتماعية لتجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، نجاح إضراب القطاع العام بنسبة مشاركة بلغت 96.22 بالمائة، وفق ما جاء في كلمة الأمين العام لإتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، على هامش مشاركته في الإضراب بالعاصمة.
وشارك في الإضراب حسب مسؤولي اتحاد الشغل 159 مؤسسة عمومية، للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى، وطالب الطبوبي، في كلمته، الحكومة بـ"تعديل المقدرة الشرائية وزيادة أجور العاملين في القطاع العام، وباحترام الاتفاقيات المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية".
خسائر الدولة من الإضراب العام
وحسب تقديرات أولية من خبراء المالية والاقتصاد، في تصريحات لـ"الصباح"، أمس، فإن الخسائر الأولية من الإضراب تناهز 200 مليون دينار، وذلك بسبب أن جزءا كبيرا من مؤسسات القطاع العام المضربة يوم أمس، جلها مؤسسات ربحية، وتساهم بدور كبير في الحركة الاقتصادية بالبلاد، علما وأن اتحاد الشغل يطالب بتفعيل مفعول مالي لاتفاقيات سابقة بقيمة 1000 مليون دينار، في وضع اقتصادي صعب للغاية تمر به البلاد.
ويرى بعض خبراء الاقتصاد، أن كل يوم إضراب يؤثر على معدلات النمو للبلاد، حيث أن تعطل العمل في شركة واحدة ينجر عنه آليا تعطل الحركة الاقتصادية في جزء كبير من الشركات، ما يؤثر سلبا على الإيرادات التي تحتاجها الدولة لإدارة شؤونها.
وانطلقت الحكومة موفى السنة الماضية، في تطبيق حزمة من الإصلاحات المتعثرة المطلوبة من صندوق النقد الدولي وتشمل إصلاح 7 من المؤسسات العمومية والشركات والضغط على كتلة الأجور ومراجعة منظومة الدعم، وهي خطوات تزامنت مع ارتفاع حدة الاحتقان الشعبي في العديد من الولايات بالجمهورية، ما يزيد من مخاوف الخبراء حول الخطة المعتمدة من الحكومة والتي ستكون ضمنيا موجعة وقاسية.
وتشمل عملية الإصلاح والهيكلة حسب الاتفاق المعلن بين الحكومة واتحاد الشغل شركة الخطوط التونسية وشركة الفولاذ والشركة التونسية للشحن والترصيف وديوان الأراضي الدولية والصيدلية المركزية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للصناعات الصيدلية والشركة التونسية للكهرباء والغاز.
اختلال التوازنات المالية
وتجاوزت مديونية المؤسسات العمومية اليوم الحد المسموح به، ما دفع بالمسؤولين بوزارة المالية إلى دق ناقوس الخطر، فيما قدر تقرير صادر عن الوزارة أن المؤسسات العمومية في حاجة إلى أكثر من 10.000 مليون دينار لإنقاذها من الإفلاس الوشيك.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تشهد موارد الدولة موفى السنة الحالية مزيدا من التراجع بسبب ارتفاع نفقات الدولة، مقارنة بالسنة الماضية، مشددين على أن أزمة "كورونا" تسببت في اختلال التوازنات المالية، وباتت البلاد في حاجة إلى قروض خارجية بأكثر من 5000 مليون دينار إضافية وتعبئة قروض قبل نهاية السنة بأكثر من 12 مليار دينار، في حين يقدر بعض الخبراء أن البلاد في حاجة إلى تمويلات إضافية تفوق 24 مليار دينار، لتغطية العجز المالي في سنة 2021، وأيضا نفقات الدولة المتنامية خلال 2022، وهو أمر جد صعب، ما يعني أن العجز في ميزانية الدولة لهذه السنة سيكون قياسيا.
وكشف تقرير صادر عن وزارة المالية يتعلق بالمنشآت العمومية عن عجز متفاقم لقرابة 31 منشأة عمومية من إجمالي 110 وبلغ العجز فيها أكثر من 10 مليار دينار، وهو رقم جد ضخم يعود بالأساس إلى العديد من المشاكل التي تعاني منها وهي مشاكل هيكلية وتشغيلية وإدارية وسوء تسيير ما تسبب في تراكم العجز، إضافة إلى خسائر تكبدتها البنوك العمومية.
ويضاف إلى هذه الأزمة تعرض البلاد أيضا لضغوط من مقرضين دوليين لإصلاح المؤسسات العمومية وتجميد أجور القطاع العام التي زادت إلى أكثر من 21.5 مليار دينار في 2022 من 7.6 مليار في 2010، وذلك في إطار إجراءات للتقليص من عجز الميزانية.
إعادة هيكلة المؤسسات العمومية
وتعد شركة الخطوط التونسية للطيران واحدة من أبرز الشركات التي تواجه مصاعب مالية. وقد تضاعفت هذه المصاعب بسبب فيروس كورونا، وكانت الشركة طلبت من الحكومة هذا العام دعما ماليا لمواجهة هذه المصاعب.
ويجمع الخبراء الاقتصاديون، على ضرورة العمل على تحقيق الاستقرار المالي من خلال العمل على دفع معدل النمو الاقتصادي وتطوير الاستثمار العمومي والخاص وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير المنظومات الإنتاجية، ودفع التصدير والبحث عن المزيد من الأسواق، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي، وخاصة التحكم في كتلة الأجور، وإحداث وكالة عمومية للتصرف في الدين العمومي من خلال الفصل بين الدين العمومي الداخلي والخارجي، وإعادة هيكلة الدين الخارجي والعمومي.
كما يطالب البعض الآخر بضرورة تحرير رأسمال هذه المؤسسات، وإشراك القطاع الخاص في رأسمالها وإعادة هيكلتها وتأهيل مواردها البشرية، وتكوينها من أجل مردودية أفضل، فأغلب المؤسسات العمومية تعاني من فائض كبير في عدد موظفيها، مقابل غياب شبه كلي للإنتاج، ما يعني أن ملف إصلاحها وإعادة هيكلتها سيكون صعبا وقاسيا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس منذ ظهور جائحة كوفيد-19.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب الحكومات السابقة، والحكومة الحالية، بحزمة من الإصلاحات، منذ 2016 وجدد تطبيقها موفى 2021، وتشمل الضغط على كتلة الأجور وتسريح الموظفين وتعبئة الإيرادات واحتواء الإنفاق الجاري من خلال رفع الدعم عن بعض المواد لتخفيض عجز الميزانية، مع الحفاظ على الاستثمارات العامة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض، وفرض سياسة نقدية صارمة لكبح التضخم، وتحسين مناخ الأعمال، وتوسيع فرص الحصول على التمويل للمؤسسات الخاصة، ومكافحة الفساد.