إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التقاعد قبل بلوغ 62 سنة.. ضبط الفئات المعنية والأولوية لهؤلاء..

 

الأولوية لمن يعانون مشاكل صحية ويكفلون ذوي الإعاقة

الناطق الرسمي للجمعية العامة للمتقاعدين: المطلوب توحيد أنظمة التقاعد..والمتقاعدون في تونس شريحة مهدورة ومهجورة

تونس- الصباح

بعد مرور أكثر من ستة أشهر عن نشر قانون المالية الذي تضمن برنامجا خصوصيا للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية المحدد بـ62 سنة، صدر أخيرا الأمر الرئاسي الذي انتظره الكثير من الموظفين الراغبين في التمتع بهذا البرنامج، وهو أمر يضبط الفئات المعنية به وإجراءات وصيغ وآجال تطبيقه، وأشار بالخصوص إلى أن الأولوية ستمنح لمن يعانون من مشاكل صحية ومن يكفلون أشخاصا من ذوي الإعاقة.

ونص قانون المالية لسنة 2022 في الفصل 14 والوارد تحت عنوان "برنامج خصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية" على أنه "خلافا لأحكام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 والمتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي يمكن للأعوان العموميين طلب إحالتهم على التقاعد المبكر قبل بلوغهم السن القانونية المحددة بــ 62 سنة. ويمكن أن ينتفع بهذا البرنامج الأعوان الذين يبلغون سن 57 سنة على الأقل خلال الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2022 و31 ديسمبر 2024 والذين قضوا فترة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد. ويتمتع المعني بجراية بصفة فورية ابتداء من تاريخ الإحالة على التقاعد وبتنفيل يساوي الفترة المتبقية لبلوغ السن القانونية للإحالة على التقاعد. ويتكفل المشغل بمبالغ الجرايات وكذلك بالمساهمات الاجتماعية المستوجبة طيلة المدة الفاصلة بين تاريخ الإحالة على التقاعد وتاريخ بلوغ السن القانونية للإحالة على التقاعد.. وسبق لوزيرة المالية سهام بوغديري نمصية خلال ندوة صحفية انعقدت موفى ديسمبر الماضي أن أشارت إلى أن قانون المالية تضمن إجراءات اجتماعية من ضمنها إحداث برنامج خصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، وأكدت وقتها على أن هذا الإجراء سيسمح لمن سيتم قبول ملفاتهم بالحصول على جراية تقاعد بصفة فورية أي ابتداء من تاريخ إحالتهم على التقاعد كما لو أنهم واصلوا العمل فعليا إلى سن 62 سنة.. وذكرت أن هذا الإجراء المهم تم العمل به في السابق ونجح وكانت هناك نسبة إقبال كبيرة عليه، حيث انتفع به ستة آلاف شخص، وفسرت سبب لجوء الحكومة إلى إقرار البرنامج الخصوصي للإحالة على سن التقاعد قبل بلوغ السن القانونية بارتفاع كتلة الأجور.

جرايات زهيدة

تعليقا على مضامين الأمر الرئاسـي الجديد عدد 542 لسنة 2022 المؤرخ في 13 جوان 2022 المتعلق بضبط الفئات المعنية وإجراءات وصيغ وآجال تطبيق البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، أشار عز الدين الدخيلي عضو المكتب الوطني للجمعية العامة للمتقاعدين المكلف بالدعاية والإعلام إلى أن هذا الأمر تأخر كثيرا، وبين في تصريح لـ " الصباح" أنه كان من المفروض أن يتم إصدار الأمر في بداية السنة المالية لكنه جاء بعد مرور قرابة ستة أشهر ونصف وهذا التأخير قد يكون مرده عدم التنسيق المسبق بين الأطراف المتداخلة في ملف التقاعد، ثم أنه بعد صدور الأمر الرئاسي أول أمس في الرائد الرسمي لا بد من انتظار نشر القرار الحكومي الذي سيضبط آجال تقديم المطالب للانتفاع بالبرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل السن القانونية، فالأمر الرئاسي نص على أن ضبط هذه الآجال يتم بمقتضى قرار من رئيس الحكومة، وهذا يعني أنه لا بد من انتظار صدور هذا القرار، وذكر أنه كان بالإمكان أن يتم التنصيص عن الآجال في الأمر الرئاسي لكن يبدو أن هناك سببا عجل بإصدار الأمر قبل أن يتم الاتفاق بين الأطراف المتداخلة حول آجال تقديم المطالب، إذ هناك عدة أطراف متداخلة في الملف، حيث نجد رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.

وأضاف محدثنا أن البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل 62 سنة يكتسي صبغة اختيارية،فمن يريد الانتفاع به هو الذي يبادر من تلقاء نفسه بتقديم طلب في الغرض، وطالما لم يقع البت في المطلب هناك إمكانية للعدول عنه، وبالتالي راعى الإجراء أن هناك من لا يناسبهم الخروج في التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وهذا مفهوم لأن وضعيات الأعوان تختلف من وزارة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى وهناك من ينتظرون بفارغ الصبر المغادرة قبل سن التقاعد وهناك من لا يريدون المغادرة حتى عند بلوغ 62 سنة.

وذكر الدخيلي أنه يستشف من الإجراء المذكور رغبة الحكومة في التخلص من بعض الصعوبات الماثلة على مستوى المالية العمومية وخاصة ما تعلق منها بارتفاع كتلة الأجور. وأضاف أن معالجة مشاكل المالية العمومية والتقليص من كتلة الأجور استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي، يجب أن لا تكون على حساب الأعوان، ويجب أن لا يؤثر البرنامج الخصوصي سلبيا على الوضعية المادية لمن سينتفعون به إثر خروجهم إلى التقاعد، لأن وضعية من سيغادر للتقاعد بعد أن قضى فترة عمل تساوي خمسة عشر سنة ليس كمن يغادر بعد فترة عمل تتجاوز خمسة وعشرين أو ثلاثين سنة.

وقال الناطق الرسمي للجمعية العامة للمتقاعدين إنه بحكم اطلاعه عن كثب على وضعيات الكثير من المتقاعدين من مختلف القطاعات من الذين يترددون على الجمعية يدرك جيدا حجم معاناتهم جراء ضعف الجرايات التي يحصلون عليها مقارنة بغلاء المعيشة، فهناك من غادروا إلى التقاعد بعد أكثر من ثلاثين سنة عمل بجرايات قدرها 300 دينار فقط وهي لا تكفي لشراء أدوية، ولهذا السبب هناك من أطلق على المتقاعدين تسمية "الموتى القاعدون"، وهذا ليس فيه مبالغة لأن شريحة المتقاعدين في تونس مهمشة للغاية، وهي الشريحة المهدورة والمهجورة.

وذكر عضو المكتب الوطني للجمعية العامة للمتقاعدين أن هناك مسألة حيرت المتقاعدين كثيرا، فجرايات المتقاعدين من القطاع العام تختلف عن جرايات المتقاعدين من القطاع الخاص بشكل لافت حتى وإن كانوا يشتغلون في نفس الاختصاص وبنفس الشهادات العلمية ويقومون بنفس المهام، فالعاملون في القطاع الخاص عند المباشرة عادة ما تكون أجورهم أعلى من العاملين في القطاع العمومي لكن بعد التقاعد تنعكس الوضعية وتصبح جرايات الراجعين بالنظر إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي زهيدة مقارنة بجرايات المتقاعدين الراجعين بالنظر إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ويصل الفرق أحيانا إلى خمس مائة أو ست مائة دينار وهو أمر غير مستساغ ولهذا السبب كثيرا ما طالبت الجمعية بتوحيد أنظمة التقاعد وذلك تحقيقا للانسجام.

وخلص محدثنا إلى دعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي حول إصلاح أنظمة التقاعد لأن عدد المتقاعدين يرتفع من سنة إلى أخرى وقد تجاوز هذا العدد حاليا مليون و250 ألف متقاعد.

وجاء في الأمر الرئاسي الجديد أن إجراء الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية ينطبق على الأعوان العموميين الذين بلغوا سن 57 سنة على الأقل خلال الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2022 و31 ديسمبر 2024والذين قضوا مدة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد والمحددة بخمسة عشر سنة باستثناء أعوان الجماعات المحلية، وأعوان المنشآت والمؤسسات العمومية ذات الصبغة غير الإدارية، بما في ذلك المؤسسات التي يخضع أعوانها لأحكام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وأعوان الهيئات العمومية والهيئات الدستورية المستقلة.

لجان تبت في المطالب

للانتفاع بإجراء الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، وحسب ما جاء في الأمر الرئاسي، يجب على المعنيين تقديم المطالب عن طريق التسلسل الإداري. ويتولى الرؤساء المباشرون النظر في تلك المطالب وإعداد تقارير تتضمن آراءهم فيها ليقع عرض تلك المطالب مرفقة بالتقارير على لجان مختصة تحدث على مستوى الوزارات وكل لجنة يترأسها الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو الإشراف الإداري أو من ينوبه وهي تتركب من ممثل عن إدارة الموارد البشرية وممثلين عن الإدارة العامة للمصالح الإدارية والوظيفة العمومية برئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.

وتتولى اللجنة الوزارية دراسة المطالب والبت فيها بصفة نهائية على ضوء توفر الشروط المطلوبة وفي إطار ضمان استمرارية السير العادي للعمل وتوازن هيكلة الموارد البشرية للمصالح المعنية وخصوصيات القطاع الذي ينتمي إليه العون المعني. وتعطى الأولوية للأعوان الذين هم في عطلة مرض طويلة الأمد أو الذين هم في حالة عدم مباشرة وجوبية لأسباب صحية وكذلك للأعوان الذين في كفالتهم أحد الفروع أو أحد الأصول من ذوي الإعاقة.

وتقوم اللجان بالبت في الملفات المعروضة عليها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ التعهد بها، وبالنسبة إلى من يقع قبول مطالبهم تتولى إداراتهم التي يعودون إليها بالنظر إعداد قرار الإحالة على التقاعد وإرساله بصفة فورية إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ليتم التمتع بالجراية بصفة فورية ابتداء من تاريخ الإحالة على التقاعد. حيث يتكفل المشغل بمبالغ الجرايات وكذلك بالمساهمات الاجتماعية المستوجبة طيلة المدة الفاصلة بين تاريخ الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وتاريخ بلوغ سن 62 سنة، وتحول مبالغ الجرايات والمساهمات الاجتماعية إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.وتتم تصفية الجرايات المسندة للأعوان المحالين على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية في إطار هذا البرنامج الخصوصي، على أساس الأقدمية الفعلية مع الانتفاع بتنفيل يساوي المدة المتبقية لبلوغ العون سن 62 سنة.

متابعة وتقييم

لمتابعة مدى تقدم تنفيذ برنامج الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وحلحلة الصعوبات والإشكاليات التي يمكن أن تعترض اللجان التي سيقع إحداثها على مستوى الوزارات، نص الأمر الرئاسي على بعث لجنة مركزية برئاسة الحكومة يرأسها المدير العام للمصالح الإدارية والوظيفة العمومية وهي تتركب من المدير العام للتأجير العمومي بوزارة الملية المالية، والمدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية والرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو من ينوبه، وتقوم هذه اللجنة كل ستة أشهر برفع تقرير لرئيس الحكومة حول مدى تقدم تنفيذ البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية يتضمن مختلف المعطيات والإحصائيات وكذلك الملاحظات والاقتراحات خلال مراحل تنفيذ البرنامج كما تتولى إعداد وتقديم تقرير ختامي حول نتائج البرنامج وتوصياتها في الغرض.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

التقاعد قبل بلوغ 62 سنة.. ضبط الفئات المعنية والأولوية لهؤلاء..

 

الأولوية لمن يعانون مشاكل صحية ويكفلون ذوي الإعاقة

الناطق الرسمي للجمعية العامة للمتقاعدين: المطلوب توحيد أنظمة التقاعد..والمتقاعدون في تونس شريحة مهدورة ومهجورة

تونس- الصباح

بعد مرور أكثر من ستة أشهر عن نشر قانون المالية الذي تضمن برنامجا خصوصيا للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية المحدد بـ62 سنة، صدر أخيرا الأمر الرئاسي الذي انتظره الكثير من الموظفين الراغبين في التمتع بهذا البرنامج، وهو أمر يضبط الفئات المعنية به وإجراءات وصيغ وآجال تطبيقه، وأشار بالخصوص إلى أن الأولوية ستمنح لمن يعانون من مشاكل صحية ومن يكفلون أشخاصا من ذوي الإعاقة.

ونص قانون المالية لسنة 2022 في الفصل 14 والوارد تحت عنوان "برنامج خصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية" على أنه "خلافا لأحكام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 والمتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي يمكن للأعوان العموميين طلب إحالتهم على التقاعد المبكر قبل بلوغهم السن القانونية المحددة بــ 62 سنة. ويمكن أن ينتفع بهذا البرنامج الأعوان الذين يبلغون سن 57 سنة على الأقل خلال الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2022 و31 ديسمبر 2024 والذين قضوا فترة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد. ويتمتع المعني بجراية بصفة فورية ابتداء من تاريخ الإحالة على التقاعد وبتنفيل يساوي الفترة المتبقية لبلوغ السن القانونية للإحالة على التقاعد. ويتكفل المشغل بمبالغ الجرايات وكذلك بالمساهمات الاجتماعية المستوجبة طيلة المدة الفاصلة بين تاريخ الإحالة على التقاعد وتاريخ بلوغ السن القانونية للإحالة على التقاعد.. وسبق لوزيرة المالية سهام بوغديري نمصية خلال ندوة صحفية انعقدت موفى ديسمبر الماضي أن أشارت إلى أن قانون المالية تضمن إجراءات اجتماعية من ضمنها إحداث برنامج خصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، وأكدت وقتها على أن هذا الإجراء سيسمح لمن سيتم قبول ملفاتهم بالحصول على جراية تقاعد بصفة فورية أي ابتداء من تاريخ إحالتهم على التقاعد كما لو أنهم واصلوا العمل فعليا إلى سن 62 سنة.. وذكرت أن هذا الإجراء المهم تم العمل به في السابق ونجح وكانت هناك نسبة إقبال كبيرة عليه، حيث انتفع به ستة آلاف شخص، وفسرت سبب لجوء الحكومة إلى إقرار البرنامج الخصوصي للإحالة على سن التقاعد قبل بلوغ السن القانونية بارتفاع كتلة الأجور.

جرايات زهيدة

تعليقا على مضامين الأمر الرئاسـي الجديد عدد 542 لسنة 2022 المؤرخ في 13 جوان 2022 المتعلق بضبط الفئات المعنية وإجراءات وصيغ وآجال تطبيق البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، أشار عز الدين الدخيلي عضو المكتب الوطني للجمعية العامة للمتقاعدين المكلف بالدعاية والإعلام إلى أن هذا الأمر تأخر كثيرا، وبين في تصريح لـ " الصباح" أنه كان من المفروض أن يتم إصدار الأمر في بداية السنة المالية لكنه جاء بعد مرور قرابة ستة أشهر ونصف وهذا التأخير قد يكون مرده عدم التنسيق المسبق بين الأطراف المتداخلة في ملف التقاعد، ثم أنه بعد صدور الأمر الرئاسي أول أمس في الرائد الرسمي لا بد من انتظار نشر القرار الحكومي الذي سيضبط آجال تقديم المطالب للانتفاع بالبرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل السن القانونية، فالأمر الرئاسي نص على أن ضبط هذه الآجال يتم بمقتضى قرار من رئيس الحكومة، وهذا يعني أنه لا بد من انتظار صدور هذا القرار، وذكر أنه كان بالإمكان أن يتم التنصيص عن الآجال في الأمر الرئاسي لكن يبدو أن هناك سببا عجل بإصدار الأمر قبل أن يتم الاتفاق بين الأطراف المتداخلة حول آجال تقديم المطالب، إذ هناك عدة أطراف متداخلة في الملف، حيث نجد رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.

وأضاف محدثنا أن البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل 62 سنة يكتسي صبغة اختيارية،فمن يريد الانتفاع به هو الذي يبادر من تلقاء نفسه بتقديم طلب في الغرض، وطالما لم يقع البت في المطلب هناك إمكانية للعدول عنه، وبالتالي راعى الإجراء أن هناك من لا يناسبهم الخروج في التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وهذا مفهوم لأن وضعيات الأعوان تختلف من وزارة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى وهناك من ينتظرون بفارغ الصبر المغادرة قبل سن التقاعد وهناك من لا يريدون المغادرة حتى عند بلوغ 62 سنة.

وذكر الدخيلي أنه يستشف من الإجراء المذكور رغبة الحكومة في التخلص من بعض الصعوبات الماثلة على مستوى المالية العمومية وخاصة ما تعلق منها بارتفاع كتلة الأجور. وأضاف أن معالجة مشاكل المالية العمومية والتقليص من كتلة الأجور استجابة لتوصيات صندوق النقد الدولي، يجب أن لا تكون على حساب الأعوان، ويجب أن لا يؤثر البرنامج الخصوصي سلبيا على الوضعية المادية لمن سينتفعون به إثر خروجهم إلى التقاعد، لأن وضعية من سيغادر للتقاعد بعد أن قضى فترة عمل تساوي خمسة عشر سنة ليس كمن يغادر بعد فترة عمل تتجاوز خمسة وعشرين أو ثلاثين سنة.

وقال الناطق الرسمي للجمعية العامة للمتقاعدين إنه بحكم اطلاعه عن كثب على وضعيات الكثير من المتقاعدين من مختلف القطاعات من الذين يترددون على الجمعية يدرك جيدا حجم معاناتهم جراء ضعف الجرايات التي يحصلون عليها مقارنة بغلاء المعيشة، فهناك من غادروا إلى التقاعد بعد أكثر من ثلاثين سنة عمل بجرايات قدرها 300 دينار فقط وهي لا تكفي لشراء أدوية، ولهذا السبب هناك من أطلق على المتقاعدين تسمية "الموتى القاعدون"، وهذا ليس فيه مبالغة لأن شريحة المتقاعدين في تونس مهمشة للغاية، وهي الشريحة المهدورة والمهجورة.

وذكر عضو المكتب الوطني للجمعية العامة للمتقاعدين أن هناك مسألة حيرت المتقاعدين كثيرا، فجرايات المتقاعدين من القطاع العام تختلف عن جرايات المتقاعدين من القطاع الخاص بشكل لافت حتى وإن كانوا يشتغلون في نفس الاختصاص وبنفس الشهادات العلمية ويقومون بنفس المهام، فالعاملون في القطاع الخاص عند المباشرة عادة ما تكون أجورهم أعلى من العاملين في القطاع العمومي لكن بعد التقاعد تنعكس الوضعية وتصبح جرايات الراجعين بالنظر إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي زهيدة مقارنة بجرايات المتقاعدين الراجعين بالنظر إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، ويصل الفرق أحيانا إلى خمس مائة أو ست مائة دينار وهو أمر غير مستساغ ولهذا السبب كثيرا ما طالبت الجمعية بتوحيد أنظمة التقاعد وذلك تحقيقا للانسجام.

وخلص محدثنا إلى دعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي حول إصلاح أنظمة التقاعد لأن عدد المتقاعدين يرتفع من سنة إلى أخرى وقد تجاوز هذا العدد حاليا مليون و250 ألف متقاعد.

وجاء في الأمر الرئاسي الجديد أن إجراء الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية ينطبق على الأعوان العموميين الذين بلغوا سن 57 سنة على الأقل خلال الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2022 و31 ديسمبر 2024والذين قضوا مدة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد والمحددة بخمسة عشر سنة باستثناء أعوان الجماعات المحلية، وأعوان المنشآت والمؤسسات العمومية ذات الصبغة غير الإدارية، بما في ذلك المؤسسات التي يخضع أعوانها لأحكام القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وأعوان الهيئات العمومية والهيئات الدستورية المستقلة.

لجان تبت في المطالب

للانتفاع بإجراء الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية، وحسب ما جاء في الأمر الرئاسي، يجب على المعنيين تقديم المطالب عن طريق التسلسل الإداري. ويتولى الرؤساء المباشرون النظر في تلك المطالب وإعداد تقارير تتضمن آراءهم فيها ليقع عرض تلك المطالب مرفقة بالتقارير على لجان مختصة تحدث على مستوى الوزارات وكل لجنة يترأسها الوزير الذي يمارس سلطة التسلسل أو الإشراف الإداري أو من ينوبه وهي تتركب من ممثل عن إدارة الموارد البشرية وممثلين عن الإدارة العامة للمصالح الإدارية والوظيفة العمومية برئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.

وتتولى اللجنة الوزارية دراسة المطالب والبت فيها بصفة نهائية على ضوء توفر الشروط المطلوبة وفي إطار ضمان استمرارية السير العادي للعمل وتوازن هيكلة الموارد البشرية للمصالح المعنية وخصوصيات القطاع الذي ينتمي إليه العون المعني. وتعطى الأولوية للأعوان الذين هم في عطلة مرض طويلة الأمد أو الذين هم في حالة عدم مباشرة وجوبية لأسباب صحية وكذلك للأعوان الذين في كفالتهم أحد الفروع أو أحد الأصول من ذوي الإعاقة.

وتقوم اللجان بالبت في الملفات المعروضة عليها في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ التعهد بها، وبالنسبة إلى من يقع قبول مطالبهم تتولى إداراتهم التي يعودون إليها بالنظر إعداد قرار الإحالة على التقاعد وإرساله بصفة فورية إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ليتم التمتع بالجراية بصفة فورية ابتداء من تاريخ الإحالة على التقاعد. حيث يتكفل المشغل بمبالغ الجرايات وكذلك بالمساهمات الاجتماعية المستوجبة طيلة المدة الفاصلة بين تاريخ الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وتاريخ بلوغ سن 62 سنة، وتحول مبالغ الجرايات والمساهمات الاجتماعية إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.وتتم تصفية الجرايات المسندة للأعوان المحالين على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية في إطار هذا البرنامج الخصوصي، على أساس الأقدمية الفعلية مع الانتفاع بتنفيل يساوي المدة المتبقية لبلوغ العون سن 62 سنة.

متابعة وتقييم

لمتابعة مدى تقدم تنفيذ برنامج الإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية وحلحلة الصعوبات والإشكاليات التي يمكن أن تعترض اللجان التي سيقع إحداثها على مستوى الوزارات، نص الأمر الرئاسي على بعث لجنة مركزية برئاسة الحكومة يرأسها المدير العام للمصالح الإدارية والوظيفة العمومية وهي تتركب من المدير العام للتأجير العمومي بوزارة الملية المالية، والمدير العام للضمان الاجتماعي بوزارة الشؤون الاجتماعية والرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو من ينوبه، وتقوم هذه اللجنة كل ستة أشهر برفع تقرير لرئيس الحكومة حول مدى تقدم تنفيذ البرنامج الخصوصي للإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية يتضمن مختلف المعطيات والإحصائيات وكذلك الملاحظات والاقتراحات خلال مراحل تنفيذ البرنامج كما تتولى إعداد وتقديم تقرير ختامي حول نتائج البرنامج وتوصياتها في الغرض.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews