إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عثمان الجرندي لـ"الصباح": توافق في الرؤى بين تونس والجزائر وليبيا في ظل وضع إقليمي ودولي بالغ التعقيد

 

- مشروع رائد مع اليابان لإطلاق أول قمر صناعي أكاديمي في الفضاء في تونس والوطن العربي

- نعمل على تطوير التعاون مع اليابان ولا سيما في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبحوث العلمية

- لا مجال بأي شكل من الأشكال لأية محادثات مع سلطات الاحتلال.. وموقفنا واضح وثابت ومساندتنا للحق الفلسطيني مساندة غير مشروطة

- لهذا لم التق وزير الخارجية الياباني لدى زيارتي إلى طوكيو

تونس-الصباح

تشهد الديبلوماسية التونسية هذه الأيام حركية كبيرة في ظل استعداد بلادنا لاحتضان عديد التظاهرات الدولية الهامة ومنها الندوة الثامنة لقمة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا، والمعروفة بـ"تيكاد 8"، يوميْ 27 و28 أوت القادم بمشاركة الحكومة اليابانية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.. ثم القمة الـ18 للفرنكوفونية بجزيرة جربة يومي 19 و20 نوفمبر 2022 التي تتزامن مع الاحتفال بخمسينية منظمة الفرنكوفونية وقبلهما ملتقى تونس للاستثمار يومي 23 و24 جوان.. هذا إلى جانب الوضع الإقليمي والدولي الحساس وخاصة التطورات في ليبيا واللقاء الأخير بين وزراء خارجية تونس والجزائر وليبيا..

حول كل هذه الملفات، كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع عثمان الجارندي وزير الخارجية فيما يلي فحواه.

حاوره: سفيان رجب

• احتضنت بلادنا الأسبوع الماضي اجتماع ثلاثي على مستوى وزراء الخارجية جمع تونس وليبيا والجزائر..فما هي مخرجات ذلك اللقاء؟

هو اجتماع ثلاثي تنسيقي تكريسا لسنة التشاور التي أسسنا لها بين الدول الثلاثة حول مختلف المواضيع والمسائل سواء التي تهم علاقاتنا الثنائية والسبل الكفيلة بتطويرها أو القضايا الإقليمية والدولية في ظل التحديات القائمة والرهانات التي تتطلبها المرحلة الراهنة في ضوء المستجدات العالمية.

وقد ناقشنا صحبة نظيرينا الجزائري رمطان العمامرة، والليبية نجلاء المنقوش جميع التطورات والاهتمامات وتداعياتها على دولنا الثلاثة وعلى مختلف فضاءات انتماءاتنا ولا سيما العربية والإفريقية.

  نحن اليوم إزاء وضع إقليمي ودولي بالغ التعقيد يستوجب تنسيقا في المواقف وبلورة رؤى موحدة. وقد أسفر هذا الاجتماع عن توافق في الرؤى خاصة فيما يتعلق الوضع في ليبيا. فقد أكدنا على ضرورة المضي قدما نحو استكمال المسار السياسي وإجراء الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية في كنف الوفاق الوطني بما يسهم في تركيز دعائم الأمن والاستقرار فيها. وقد أكد سيادة رئيس الجمهورية عند استقباله لنا على أهمية الحوار الليبي- الليبي وضرورة إيجاد تسوية للأزمة في ليبيا تحفظ أمنها وسيادتها ووحدتها الترابية.

اجتماعنا أيضا كان مناسبة لاستعراض مختلف القضايا التي تهم أمننا في مفهومه الواسع بما في ذلك الأمن الصحي والأمن الطاقي والأمن الغذائي ناهيك طبعا عن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وتطرقنا أيضا لموضوع الهجرة غير النظامية وضرورة معالجتها وفق مقاربة شاملة قائمة على المسؤولية المشتركة وتأخذ بعين الاعتبار الأبعاد التنموية والإنسانية والأمنية.

● قبل أيام قليلة من انعقاد قمة "تيكاد 8" في بلادنا، أديتم مؤخّرا زيارة عمل إلى اليابان، فماذا عن هذه الزيارة.. وأيّة مخرجات خاصة بالقمة وبالعلاقات الثنائية بين البلدين؟

بالفعل، لقد أديْت يوميْ 2 و3 جوان 2022 زيارة عمل إلى اليابان الذي تجمعنا به روابط صداقة عريقة ومتينة. وهي زيارة بدعوة من نظيري الياباني. فالبلدان يحتفلان هذه الأيام بمرور 66 عاما على إنشاء علاقات دبلوماسية بينهما وهو ما يحتم علينا ترجمة الإرادة التي تحدونا جميعا إلى مزيد تعزيز علاقات التعاون والشراكة الثنائية بما يمكن من الارتقاء بها إلى مرتبة الشراكة المتميزة في جميع المجالات التقليدية والمستجدة.

والحقيقة رغم طابعها الثنائي إلا أن الزيارة كانت أيضا مناسبة هامة لإطلاع الجانب الياباني على الاستعدادات الجارية لاحتضان بلادنا للندوة الثامنة لقمة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا، والمعروفة بـ"تيكاد 8"، يومي 27 و28 أوت 2022 بمشاركة الحكومة اليابانية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

الزيارة جاءت أيضا في إطار دعم التوجه الذي انطلقنا فيه بتعزيز العلاقات مع مختلف الشركاء وتنويعها، والتوجه نحو أسواق جديدة على غرار منطقة جنوب وشرق آسيا.

ولا يخفى على أحد بأن التحديات التي يشهدها العالم تفرض اليوم البحث عن القيمة المضافة والجودة في علاقات التعاون. ونحن نعتقد بأن دولة مثل اليابان تتوفر فيها أعلى معايير الجودة في التعاون ولا سيما في مجالات المعرفة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي والبحوث العلمية.

وباعتبار ما تتوفر عليه بلادنا من كفاءات في هذه المجالات فيمكن خلق فرص كبيرة للتعاون في إطار من المصلحة المشتركة.

ولقد تطرّقت في لقاءاتي مع مختلف المسؤولين اليابانيين إلى دعم مجالات التعاون هذه والاستفادة من الخبرات التونسية ولمست استعدادا وتجاوبا من الجانب الياباني لتعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين ومع أصحاب الأعمال والباحثين التونسيين في مجالات التكنولوجيا الحديثة خاصة في ضوء ما برهنت عليه جاليتنا باليابان من كفاءة واقتدار حيث قدمت نموذجا رائعا للشباب التونسي وللطموح التونسي وقدرة بناتنا وأبنائنا على استيعاب آليات العصر الحديثة والثورة التكنولوجية والرقمية.

وهنالك اليوم بالفعل مشروع رائد مع الجانب الياباني لإطلاق أول قمر صناعي أكاديمي في الفضاء في تونس والوطن العربي برعاية وكالة الفضاء اليابانية "JAXA" والأمم المتحدة.

● إجابتكم تحيلني إلى السؤال عن مدى استعداد الجانب الياباني لإرساء شراكة إستراتيجية مع تونس خاصة ونحن نعلم أن اليابان هو أحد دول مجموعة السبعة وقد يتأثر التعاون بالظرف السياسي الداخلي. ثم إن عدم برمجة لقاء مع نظيركم الياباني أثار عديد التساؤلات والانتقادات والتأويلات في هذا الاتجاه؟

أود أن أطمئنكم وأطمئن الجميع بأن علاقاتنا مع اليابان تسير نحو الأفضل ونحو شراكة حقيقية قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين.

اللقاءات التي أجريتها كانت مثمرة للغاية ومتنوعة جمعت بين اللقاءات الرسمية واللقاءات مع الفاعلين الاقتصاديين. فعلى المستوى الرسمي التقيت بالسيد Matsuno Hirokazu، كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، الذي سلّمته رسالة الدعوة الموجّهة من قبل سيادة رئيس الجمهورية إلى الوزير الأوّل الياباني، السيد Fumio Kishida، لأداء زيارة ثنائية إلى بلادنا تزامنا مع قمّة "تيكاد 8" لتكون بذلك أول زيارة لرئيس وزراء ياباني في تاريخ العلاقات بين تونس واليابان. ونحن اليوم بصدد الإعداد لهذه الزيارة مع الجانب الياباني.

كما كانت لي جلسة عمل مطولة بالخارجية اليابانية مع وفد من كبار المسؤولين ترأسته وزيرة الدولة السيدة Suzuki Takao،

ومثّلت أيضا هذه الزيارة مناسبة لكيْ أجتمع مع رؤساء أبرز الهياكل اليابانية التي تُعنى بالتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمار، على غرار الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA ومنظمة التجارة الخارجية اليابانية JETRO واتحاد رجال الأعمال اليابانيين KEIDANREN والرابطة اليابانية لرؤساء المؤسسات Keizai Doyukai والجمعية اليابانية الإفريقية لتطوير البنية التحتية JAIDA، إضافة إلى لقاءات مع مُمثّلين عن عدد من الشركات اليابانية المستثمرة في تونس.

وفعلا لقد لمست من الجميع دون استثناء استعدادا لدعم التعاون مع تونس ومساندة بلادنا في الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية. ولقد كانت لي فرصة لإطلاع المسؤولين اليابانيين على الاستحقاقات السياسية المقبلة والاستعدادات الحثيثة لتأمين أوفر ظروف النجاح لهذه المحطات المفصلية في تاريخ تونس والتي تهيئنا لبناء جمهورية جديدة بمؤسسات ديمقراطية قوية قائمة على سيادة القانون والحوكمة الرشيدة.

كما أكدت ان الإصلاحات الاقتصادية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد وتعزيز البيئة الاستثمارية ببلادنا.

وقد عبّر رؤساء الهياكل الاقتصادية اليابانية ورجال الأعمال اليابانيون عن اهتمامهم البالغ بهذه الإصلاحات بشكل يدعم القدرة التنافسية لبلادنا وجاذبيتها في محيطها الإقليمي والدولي، لا سيما وأن بلادنا تتوفّر على جميع المقومات والمزايا التفاضلية التي تؤهلها إلى أن تكون منصّة بالنسبة للمستثمرين اليابانيين للولوج إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية.

كما أبدوا اهتماما خاصا بمنتدى تونس للاستثمار والذي سيُقام يوميْ 23 و24 جوان بتونس هذا طبعا إلى جانب مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي اليابان-إفريقيا الذي سيلتئم بمناسبة ندوة "تيكاد 8".

•لكن لم تجبني عن السؤال الخاص بعدم لقائكم بنظيركم الياباني Hayashi Yoshimasa وهو أمر أثار عديد التعليقات؟

أود أن أذكر بأن الزيارة جاءت بدعوة شخصية منه. وإني على تواصل دائم مع نظيري قبل الزيارة وأثناءها وبعدها. ولقد كان اللقاء مبرمجا ولكن لم يتسن إنجازه لإصابة الوزير بفيروس كورونا وقد أعلن مكتبه رسميا عن هذه الإصابة. وهي أمور طارئة قد تحدث في أي مكان وزمان. أنا بدوري اضطررت إلى إلغاء أو تأجيل لقاءات لأسباب طارئة. ولا يجب أن تحمّل هذه المسائل تأويلات مجانبة تماما للصواب.

ويجب أن أشير هنا أن لمهنتنا كدبلوماسيين نواميس وتقاليد نتفق عليها جميعا عبر العالم وهي أن الأهم بالنسبة إلينا في كل تحركاتنا هو مضمون الرسالة التي نود تبليغها للشركاء وتأمين الحضور في كل المناسبات على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف إقليميا كان أو دوليا باعتبار أن الدبلوماسية تمثل خط الدفاع الأول عن مصالح بلادنا العليا في علاقاتها الخارجية.

وبالعودة إلى اللقاءات في طوكيو فقد هيأ الجانب الياباني مشكورا كل الظروف لنجاح الزيارة وأمنت سفارتنا بطوكيو جميع اللقاءات وكانت كما سبق وأن أشرت لقاءات هامة ومثمرة ستجد ترجمتها في الأيام القليلة القادمة.

● في ظل هذا الزخم الذي تشهده علاقاتنا الاقتصادية مع اليابان، ما هي أبرز المحطّات المقبلة حتى انعقاد قمة "تيكاد 8"؟

في إطار متابعة زيارتي إلى طوكيو ومع اقتراب موعد القمّة ستشهد هذه الأيام حركية خاصة بهدف مواصلة التنسيق مع الجانب الياباني بشأن تنظيم ندوة "تيكاد 8". وفي هذا الإطار، تمت برمجة عديد الزيارات إلى بلادنا على غرار زيارة وفد وزارة الإقليم والبنية التحتية والنقل والسياحة باليابان وزيارة لرئيس المنظمة اليابانية للتنمية في إفريقيا AFRECO ولنائب رئيس منظمة التجارة الخارجية اليابانية JETRO.

كما سيتم في غضون الأيام القليلة القادمة عقد اجتماع للجنة الوطنية لتنظيم الندوة سيتم خلاله الإعلان رسميا عن برنامج الندوة وجدول أعمالها.

● أشرتم سابقا إلى الجالية التونسية باليابان ولقد كانت لكم لقاءات بعدد من أفرادها فماذا يمكن أن تقدم الجالية للعلاقات التونسية اليابانية؟

سعدت بلقاء عدد هام من كفاءاتنا باليابان والذين قدموا من عديد المقاطعات اليابانية ويحق لنا أن نفخر بهم فهم يعملون في مناصب جامعية راقية وفي عديد القطاعات الحيوية ذات الجودة التكنولوجية العالية ويتمتعون بسمعة متميزة في الأوساط اليابانية.

وفعلا أعتبرهم سفراء تونس الحقيقيين الذين يمثلون تونس الكفاءة والعلم والمعرفة والثروة البشرية. أغلب هؤلاء هم خريجو المدرسة العمومية التونسية التي نفخر بها وعلينا أن نسعى جميعا إلى الحفاظ عليها وتطويرها.

● أود أن أغتنم هذا اللقاء معكم لأستفسر لديكم عما راج مؤخرا من معلومات تشير إلى وجود محادثات مع الكيان الإسرائيلي لإقامة علاقات دبلوماسية مع تونس. أدرك أن الخارجية التونسية قد أصدرت بيانا واضحا وصريحا في هذا الشأن ونفت وجود مثل هذه المحادثات نفيا قاطعا. ولكن ما هي قراءتكم لخلفية هذه الادعاءات خاصة أمام موجة التطبيع السائدة؟

شكرا على سؤالك وأنا بدوري أود أن أؤكد أولا للرأي العام التونسي الذي تسكن القضية الفلسطينية في وجدانه بأنه لا مجال بأي شكل من الأشكال لأية محادثات مع سلطات الاحتلال. نحترم القرارات السيادية لأية دولة ولا نتدخل في خيارات أحد. ولكن موقفنا واضح وثابت ومساندتنا للحق الفلسطيني مساندة غير مشروطة إلى حين انتهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

أما رسالتي الثانية فهي لمن يقف وراء هذه الإشاعات كائنا من كان فأود أن أقول بأنها محاولات متكررة تبوء في كل مرة بالفشل وستلقى في كل مرة نفس المصير لأنها مغالطات وإشاعات الهدف منها إثارة الرأي العام وإرباك علاقاتنا الخارجية مع جوارنا والتشكيك في توجهات تونس وسنكون دائما بالمرصاد لمثل هذه الادعاءات التي تستهدف صورة تونس ومواقفها المبدئية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عثمان الجرندي لـ"الصباح": توافق في الرؤى بين تونس والجزائر وليبيا في ظل وضع إقليمي ودولي بالغ التعقيد

 

- مشروع رائد مع اليابان لإطلاق أول قمر صناعي أكاديمي في الفضاء في تونس والوطن العربي

- نعمل على تطوير التعاون مع اليابان ولا سيما في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبحوث العلمية

- لا مجال بأي شكل من الأشكال لأية محادثات مع سلطات الاحتلال.. وموقفنا واضح وثابت ومساندتنا للحق الفلسطيني مساندة غير مشروطة

- لهذا لم التق وزير الخارجية الياباني لدى زيارتي إلى طوكيو

تونس-الصباح

تشهد الديبلوماسية التونسية هذه الأيام حركية كبيرة في ظل استعداد بلادنا لاحتضان عديد التظاهرات الدولية الهامة ومنها الندوة الثامنة لقمة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا، والمعروفة بـ"تيكاد 8"، يوميْ 27 و28 أوت القادم بمشاركة الحكومة اليابانية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.. ثم القمة الـ18 للفرنكوفونية بجزيرة جربة يومي 19 و20 نوفمبر 2022 التي تتزامن مع الاحتفال بخمسينية منظمة الفرنكوفونية وقبلهما ملتقى تونس للاستثمار يومي 23 و24 جوان.. هذا إلى جانب الوضع الإقليمي والدولي الحساس وخاصة التطورات في ليبيا واللقاء الأخير بين وزراء خارجية تونس والجزائر وليبيا..

حول كل هذه الملفات، كان لـ"الصباح" هذا اللقاء مع عثمان الجارندي وزير الخارجية فيما يلي فحواه.

حاوره: سفيان رجب

• احتضنت بلادنا الأسبوع الماضي اجتماع ثلاثي على مستوى وزراء الخارجية جمع تونس وليبيا والجزائر..فما هي مخرجات ذلك اللقاء؟

هو اجتماع ثلاثي تنسيقي تكريسا لسنة التشاور التي أسسنا لها بين الدول الثلاثة حول مختلف المواضيع والمسائل سواء التي تهم علاقاتنا الثنائية والسبل الكفيلة بتطويرها أو القضايا الإقليمية والدولية في ظل التحديات القائمة والرهانات التي تتطلبها المرحلة الراهنة في ضوء المستجدات العالمية.

وقد ناقشنا صحبة نظيرينا الجزائري رمطان العمامرة، والليبية نجلاء المنقوش جميع التطورات والاهتمامات وتداعياتها على دولنا الثلاثة وعلى مختلف فضاءات انتماءاتنا ولا سيما العربية والإفريقية.

  نحن اليوم إزاء وضع إقليمي ودولي بالغ التعقيد يستوجب تنسيقا في المواقف وبلورة رؤى موحدة. وقد أسفر هذا الاجتماع عن توافق في الرؤى خاصة فيما يتعلق الوضع في ليبيا. فقد أكدنا على ضرورة المضي قدما نحو استكمال المسار السياسي وإجراء الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية في كنف الوفاق الوطني بما يسهم في تركيز دعائم الأمن والاستقرار فيها. وقد أكد سيادة رئيس الجمهورية عند استقباله لنا على أهمية الحوار الليبي- الليبي وضرورة إيجاد تسوية للأزمة في ليبيا تحفظ أمنها وسيادتها ووحدتها الترابية.

اجتماعنا أيضا كان مناسبة لاستعراض مختلف القضايا التي تهم أمننا في مفهومه الواسع بما في ذلك الأمن الصحي والأمن الطاقي والأمن الغذائي ناهيك طبعا عن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وتطرقنا أيضا لموضوع الهجرة غير النظامية وضرورة معالجتها وفق مقاربة شاملة قائمة على المسؤولية المشتركة وتأخذ بعين الاعتبار الأبعاد التنموية والإنسانية والأمنية.

● قبل أيام قليلة من انعقاد قمة "تيكاد 8" في بلادنا، أديتم مؤخّرا زيارة عمل إلى اليابان، فماذا عن هذه الزيارة.. وأيّة مخرجات خاصة بالقمة وبالعلاقات الثنائية بين البلدين؟

بالفعل، لقد أديْت يوميْ 2 و3 جوان 2022 زيارة عمل إلى اليابان الذي تجمعنا به روابط صداقة عريقة ومتينة. وهي زيارة بدعوة من نظيري الياباني. فالبلدان يحتفلان هذه الأيام بمرور 66 عاما على إنشاء علاقات دبلوماسية بينهما وهو ما يحتم علينا ترجمة الإرادة التي تحدونا جميعا إلى مزيد تعزيز علاقات التعاون والشراكة الثنائية بما يمكن من الارتقاء بها إلى مرتبة الشراكة المتميزة في جميع المجالات التقليدية والمستجدة.

والحقيقة رغم طابعها الثنائي إلا أن الزيارة كانت أيضا مناسبة هامة لإطلاع الجانب الياباني على الاستعدادات الجارية لاحتضان بلادنا للندوة الثامنة لقمة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا، والمعروفة بـ"تيكاد 8"، يومي 27 و28 أوت 2022 بمشاركة الحكومة اليابانية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

الزيارة جاءت أيضا في إطار دعم التوجه الذي انطلقنا فيه بتعزيز العلاقات مع مختلف الشركاء وتنويعها، والتوجه نحو أسواق جديدة على غرار منطقة جنوب وشرق آسيا.

ولا يخفى على أحد بأن التحديات التي يشهدها العالم تفرض اليوم البحث عن القيمة المضافة والجودة في علاقات التعاون. ونحن نعتقد بأن دولة مثل اليابان تتوفر فيها أعلى معايير الجودة في التعاون ولا سيما في مجالات المعرفة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي والبحوث العلمية.

وباعتبار ما تتوفر عليه بلادنا من كفاءات في هذه المجالات فيمكن خلق فرص كبيرة للتعاون في إطار من المصلحة المشتركة.

ولقد تطرّقت في لقاءاتي مع مختلف المسؤولين اليابانيين إلى دعم مجالات التعاون هذه والاستفادة من الخبرات التونسية ولمست استعدادا وتجاوبا من الجانب الياباني لتعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين ومع أصحاب الأعمال والباحثين التونسيين في مجالات التكنولوجيا الحديثة خاصة في ضوء ما برهنت عليه جاليتنا باليابان من كفاءة واقتدار حيث قدمت نموذجا رائعا للشباب التونسي وللطموح التونسي وقدرة بناتنا وأبنائنا على استيعاب آليات العصر الحديثة والثورة التكنولوجية والرقمية.

وهنالك اليوم بالفعل مشروع رائد مع الجانب الياباني لإطلاق أول قمر صناعي أكاديمي في الفضاء في تونس والوطن العربي برعاية وكالة الفضاء اليابانية "JAXA" والأمم المتحدة.

● إجابتكم تحيلني إلى السؤال عن مدى استعداد الجانب الياباني لإرساء شراكة إستراتيجية مع تونس خاصة ونحن نعلم أن اليابان هو أحد دول مجموعة السبعة وقد يتأثر التعاون بالظرف السياسي الداخلي. ثم إن عدم برمجة لقاء مع نظيركم الياباني أثار عديد التساؤلات والانتقادات والتأويلات في هذا الاتجاه؟

أود أن أطمئنكم وأطمئن الجميع بأن علاقاتنا مع اليابان تسير نحو الأفضل ونحو شراكة حقيقية قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين.

اللقاءات التي أجريتها كانت مثمرة للغاية ومتنوعة جمعت بين اللقاءات الرسمية واللقاءات مع الفاعلين الاقتصاديين. فعلى المستوى الرسمي التقيت بالسيد Matsuno Hirokazu، كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، الذي سلّمته رسالة الدعوة الموجّهة من قبل سيادة رئيس الجمهورية إلى الوزير الأوّل الياباني، السيد Fumio Kishida، لأداء زيارة ثنائية إلى بلادنا تزامنا مع قمّة "تيكاد 8" لتكون بذلك أول زيارة لرئيس وزراء ياباني في تاريخ العلاقات بين تونس واليابان. ونحن اليوم بصدد الإعداد لهذه الزيارة مع الجانب الياباني.

كما كانت لي جلسة عمل مطولة بالخارجية اليابانية مع وفد من كبار المسؤولين ترأسته وزيرة الدولة السيدة Suzuki Takao،

ومثّلت أيضا هذه الزيارة مناسبة لكيْ أجتمع مع رؤساء أبرز الهياكل اليابانية التي تُعنى بالتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمار، على غرار الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA ومنظمة التجارة الخارجية اليابانية JETRO واتحاد رجال الأعمال اليابانيين KEIDANREN والرابطة اليابانية لرؤساء المؤسسات Keizai Doyukai والجمعية اليابانية الإفريقية لتطوير البنية التحتية JAIDA، إضافة إلى لقاءات مع مُمثّلين عن عدد من الشركات اليابانية المستثمرة في تونس.

وفعلا لقد لمست من الجميع دون استثناء استعدادا لدعم التعاون مع تونس ومساندة بلادنا في الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية. ولقد كانت لي فرصة لإطلاع المسؤولين اليابانيين على الاستحقاقات السياسية المقبلة والاستعدادات الحثيثة لتأمين أوفر ظروف النجاح لهذه المحطات المفصلية في تاريخ تونس والتي تهيئنا لبناء جمهورية جديدة بمؤسسات ديمقراطية قوية قائمة على سيادة القانون والحوكمة الرشيدة.

كما أكدت ان الإصلاحات الاقتصادية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد وتعزيز البيئة الاستثمارية ببلادنا.

وقد عبّر رؤساء الهياكل الاقتصادية اليابانية ورجال الأعمال اليابانيون عن اهتمامهم البالغ بهذه الإصلاحات بشكل يدعم القدرة التنافسية لبلادنا وجاذبيتها في محيطها الإقليمي والدولي، لا سيما وأن بلادنا تتوفّر على جميع المقومات والمزايا التفاضلية التي تؤهلها إلى أن تكون منصّة بالنسبة للمستثمرين اليابانيين للولوج إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية.

كما أبدوا اهتماما خاصا بمنتدى تونس للاستثمار والذي سيُقام يوميْ 23 و24 جوان بتونس هذا طبعا إلى جانب مشاركتهم في المنتدى الاقتصادي اليابان-إفريقيا الذي سيلتئم بمناسبة ندوة "تيكاد 8".

•لكن لم تجبني عن السؤال الخاص بعدم لقائكم بنظيركم الياباني Hayashi Yoshimasa وهو أمر أثار عديد التعليقات؟

أود أن أذكر بأن الزيارة جاءت بدعوة شخصية منه. وإني على تواصل دائم مع نظيري قبل الزيارة وأثناءها وبعدها. ولقد كان اللقاء مبرمجا ولكن لم يتسن إنجازه لإصابة الوزير بفيروس كورونا وقد أعلن مكتبه رسميا عن هذه الإصابة. وهي أمور طارئة قد تحدث في أي مكان وزمان. أنا بدوري اضطررت إلى إلغاء أو تأجيل لقاءات لأسباب طارئة. ولا يجب أن تحمّل هذه المسائل تأويلات مجانبة تماما للصواب.

ويجب أن أشير هنا أن لمهنتنا كدبلوماسيين نواميس وتقاليد نتفق عليها جميعا عبر العالم وهي أن الأهم بالنسبة إلينا في كل تحركاتنا هو مضمون الرسالة التي نود تبليغها للشركاء وتأمين الحضور في كل المناسبات على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف إقليميا كان أو دوليا باعتبار أن الدبلوماسية تمثل خط الدفاع الأول عن مصالح بلادنا العليا في علاقاتها الخارجية.

وبالعودة إلى اللقاءات في طوكيو فقد هيأ الجانب الياباني مشكورا كل الظروف لنجاح الزيارة وأمنت سفارتنا بطوكيو جميع اللقاءات وكانت كما سبق وأن أشرت لقاءات هامة ومثمرة ستجد ترجمتها في الأيام القليلة القادمة.

● في ظل هذا الزخم الذي تشهده علاقاتنا الاقتصادية مع اليابان، ما هي أبرز المحطّات المقبلة حتى انعقاد قمة "تيكاد 8"؟

في إطار متابعة زيارتي إلى طوكيو ومع اقتراب موعد القمّة ستشهد هذه الأيام حركية خاصة بهدف مواصلة التنسيق مع الجانب الياباني بشأن تنظيم ندوة "تيكاد 8". وفي هذا الإطار، تمت برمجة عديد الزيارات إلى بلادنا على غرار زيارة وفد وزارة الإقليم والبنية التحتية والنقل والسياحة باليابان وزيارة لرئيس المنظمة اليابانية للتنمية في إفريقيا AFRECO ولنائب رئيس منظمة التجارة الخارجية اليابانية JETRO.

كما سيتم في غضون الأيام القليلة القادمة عقد اجتماع للجنة الوطنية لتنظيم الندوة سيتم خلاله الإعلان رسميا عن برنامج الندوة وجدول أعمالها.

● أشرتم سابقا إلى الجالية التونسية باليابان ولقد كانت لكم لقاءات بعدد من أفرادها فماذا يمكن أن تقدم الجالية للعلاقات التونسية اليابانية؟

سعدت بلقاء عدد هام من كفاءاتنا باليابان والذين قدموا من عديد المقاطعات اليابانية ويحق لنا أن نفخر بهم فهم يعملون في مناصب جامعية راقية وفي عديد القطاعات الحيوية ذات الجودة التكنولوجية العالية ويتمتعون بسمعة متميزة في الأوساط اليابانية.

وفعلا أعتبرهم سفراء تونس الحقيقيين الذين يمثلون تونس الكفاءة والعلم والمعرفة والثروة البشرية. أغلب هؤلاء هم خريجو المدرسة العمومية التونسية التي نفخر بها وعلينا أن نسعى جميعا إلى الحفاظ عليها وتطويرها.

● أود أن أغتنم هذا اللقاء معكم لأستفسر لديكم عما راج مؤخرا من معلومات تشير إلى وجود محادثات مع الكيان الإسرائيلي لإقامة علاقات دبلوماسية مع تونس. أدرك أن الخارجية التونسية قد أصدرت بيانا واضحا وصريحا في هذا الشأن ونفت وجود مثل هذه المحادثات نفيا قاطعا. ولكن ما هي قراءتكم لخلفية هذه الادعاءات خاصة أمام موجة التطبيع السائدة؟

شكرا على سؤالك وأنا بدوري أود أن أؤكد أولا للرأي العام التونسي الذي تسكن القضية الفلسطينية في وجدانه بأنه لا مجال بأي شكل من الأشكال لأية محادثات مع سلطات الاحتلال. نحترم القرارات السيادية لأية دولة ولا نتدخل في خيارات أحد. ولكن موقفنا واضح وثابت ومساندتنا للحق الفلسطيني مساندة غير مشروطة إلى حين انتهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

أما رسالتي الثانية فهي لمن يقف وراء هذه الإشاعات كائنا من كان فأود أن أقول بأنها محاولات متكررة تبوء في كل مرة بالفشل وستلقى في كل مرة نفس المصير لأنها مغالطات وإشاعات الهدف منها إثارة الرأي العام وإرباك علاقاتنا الخارجية مع جوارنا والتشكيك في توجهات تونس وسنكون دائما بالمرصاد لمثل هذه الادعاءات التي تستهدف صورة تونس ومواقفها المبدئية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews