انتهت آجال الترشح المفتوحة أمام القضاة المتقاعدين لعضوية المجالس القضائية المؤقتة الثلاثة العدلية والمالية والإدارية المكونة للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، والتي ضبطها المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرّخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بأجل أقصاه عشرة أيام بداية من تاريخ نشر المرسوم المذكور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وحسب هذا المرسوم فإن الترشحات بالنسبة إلى المجلس المؤقت للقضاء العدلي تقدم إلى وزارة العدل والترشحات بالنسبة إلى كل من المجلس المؤقت للقضاء الإداري والمجلس المؤقت للقضاء المالي تقدم إلى رئاسة الحكومة وبعد ذلك تحال قائمة المترشحين إلى رئيس الجمهورية الذي له تعيين ثلاثة قضاة متقاعدين لكل مجلس.
ولم تنشر وزارة العدل ورئاسة الحكومة إلى غاية ظهر أمس أسماء القضاة المتقاعدين المترشحين لعضوية المجالس القضائية الثلاثة، ولكن حسب معطيات أفادنا بها مصدر قضائي وقال إنها معطيات مؤكدة فإن الترشحات لم ترد بالعدد الكافي إذ توجد ترشحات لقضاة عدليين لكن لا توجد ترشحات بالنسبة إلى القضاة الإداريين والماليين.
ولئن نسوق هذه المعلومة باحتراز فإنه حتى في صورة عدم ورود ترشحات بالعدد المطلوب فإن المرسوم سالف الذكر أتاح لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين ثلاثة قضاة متقاعدين لكل مجلس من المجالس الثلاثة المؤقتة سواء ضمن قائمة المترشحين أو من خارجها عند الاقتضاء.
ولهذا السبب ترى جمعية القضاة التونسيين وغيرها من مكونات المجتمع المدني الرافضة للمرسوم عدد 11، أن هذا المرسوم فيه مساس باستقلالية السلطة القضائية لأنه يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين من يريد في المجلس الأعلى المؤقت للقضاء حتى وإن لم يقدم المعني بالأمر ترشحه من تلقاء نفسه في الآجال القانونية. وقد نبهت الجمعية في ندوتها الصحفية الأخيرة إلى وجود تهديد خطير للحقوق على اعتبار أن القاضي الذي يسميه ويعزله رئيس الجمهورية لا تتوفر فيه ضمانة الحياد في تطبيق القانون فهو على حد وصفها قاض تابع لرئيس الجمهورية وللسلطة ولن يطبق القانون بحرية وتجرد بل سيطبقه طبق إرادة وتوجهات السلطة التي تعينه وتنقله وتسنده المسؤولية وتأدبه وتعزله، وفضلا عن ذلك فإن الجمعية حذرت من أن المرسوم يضرب مبدأ التفريق بين السلط.
وبعد الندوة الصحفية للمكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين والوقفة الاحتجاجية للقضاة العدليين والإداريين والماليين بالزي القضائي التي التأمت بدعوة منها يوم الخميس 24 فيفري الماضي أمام محكمة التعقيب، تواصل الجمعية الضغط بهدف دفع رئيس الجمهورية إلى التراجع عن قراره المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء وإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وتواصل العمل على كسب تأييد الرأي العام الوطني وحتى الدولي، وفي هذا السياق وحسب بلاغ نشرته على موقعها الرسمي فإن رئيس الجمعية ونائبته عقدا يوم الخميس الماضي بمقر الجمعية بقصر العدالة بتونس لقاء من آنياتا يوهنسون المديرة التّنفيذيّة للمجمع الدّولي للمساعدة القانونيّة:International Legal Assistance Consortium وكريستيان أوهلوند المدير التّنفيذي السّابق لهذا المجمع والمحامي والرئيس السابق للجنة مجلس أوروبا لمكافحة العنصريّة وعدم التّسامح وسليم عبد السلام وإسماعيل بن خليفة المستشارين القانونيين للمجمع الدولي ومن أبرز المحاور التي تم التطرق إليها خلال هذا اللقاء وضع السلطة القضائية في ظل الأزمة الحالية وإثر التدابير المتخذة من قبل رئيس الجمهورية والمتمثلة في حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حسب وصفها وتعويضه بمجلس منصب تسيطر عليه السلطة التنفيذية، وإضافة إلى ذلك خصص اللقاء لاستعراض التحركات المتخذة من قبل جمعية القضاة للتصدي لما وصفته بالانحراف الخطير بمبادئ النظام الديمقراطي وبالمبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية واستقلال مؤسساتها، وفق ما جاء في نفس البلاغ .
حالة ترقب
بعد خوض سلسة من التحركات الاحتجاجية سواء أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء أو أمام محكمة التعقيب، ينتظر القضاة بفارغ الصبر الإعلان الرسمي عن أسماء القضاة المتقاعدين الذين قدموا ترشحاتهم لعضوية المجالس القضائية الثلاثة المؤقتة العدلية والمالية والإدارية، والأهم من ذلك فإنهم ينتظرون ما إذا كان الأعضاء المعينون بالصفة وعددهم 12 عضوا سيقبلون الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء أم أنهم سيرفضون أو يعتذرون خاصة وأنهم كانوا في المجلس الأعلى للقضاء المحلول من قبل رئيس الجمهورية.
وللتذكير تتكون مجموعة المعينين بالصفة من الآتي ذكرهم:
ـ في المجلس المؤقت للقضاء العدلي نجد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، (رئيس)، ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب، (نائب رئيس)، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، (مقرر)، ورئيس المحكمة العقارية، (عضو).
ـ في المجلس المؤقت للقضاء الإداري نجد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، (رئيس)، ورئيس الدائرة التعقيبية الأقدم في خطته على ألا يكون وكيلا للرئيس الأول، (نائب رئيس)، ومندوب الدولة العام الأقدم في خطته، مقرر، ورئيس الدائرة الاستئنافية الأقدم في خطته، (عضو).
ـ في المجلس المؤقت للقضاء المالي نجد الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، (رئيس)، ووكيل الدولة العام، نائب رئيس ووكيل الرئيس الأول، (مقرر)، ورئيس دائرة استئنافية الأقدم في الخطة، (عضو).
إحراج
وكانت جمعية القضاة التونسيين قد أشارت في ندوتها الصحفية الأخيرة إلى أن القضاة الاثني عشر المعينين بالصفة الأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حسب وصفها، والذي كان رئيس الجمهورية يتهمهم مع بقية زملائهم بالفساد والتسييس هم الآن أغلبية داخل كل مجلس من المجالس المكونة للمجلس المؤقت نظرا إلى أن كل مجلس يتركب من أربعة قضاة بالصفة وثلاثة قضاة متقاعدين، وجددت الجمعية دعوتها لمجموعة الاثني عشر قاض المعينين بالصفة لعدم الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاة معتبرة إياه في حكم المعدوم.
ولا شك أن الجمعية أرادت من خلال هذه الملاحظة إحراج القضاة المعينين بالصفة حتى لا يلتحقوا بالمجلس المؤقت، إذ كيف لهم أن يقبلوا الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت بعد أن كانوا في المجلس الأعلى الذي تم وصمه بعدم الاستقلالية والفساد والتسييس وكيف باستطاعتهم الإذعان لأحكام المرسوم عدد 11 و الحال أن مجلسهم رفض قرار الحل وقال في بيان صادر عن جلسته العامة بتاريخ 10 فيفري الماضي إن المجلس الأعلى للقضاء هو المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية وإن إحداث أي جسم انتقالي بديل له هو في عداد المعدوم ولا أثر قانوني له.
ولكن رغم إعلان المجلس الأعلى للقضاء عن البقاء في حالة انعقاد دائم فإنه لم يتخذ أي موقف جديد بعد بيانه المنشور في صفحته الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي بتاريخ 14 فيفري 2022 والذي نص على المرسوم عدد 11 يبقى عملا معدوما ولا أثر له لتعارضه التام مع مبدأ الفصل بين السلطتين التأسيسية والتشريعية، والذي حذر من تبعات توريط جزء من أعضائه بالصفة في المشاركة في تركيبة المجلس المؤقت والذي دعا هؤلاء إلى النأي بأنفسهم عن الاستجابة لذلك. وحسب ما توفر لنا من معطيات أفادتنا بها مصادرنا من داخل المجلس فإنه منذ حل المجلس الأعلى للقضاء لا يوجد تواصل بين كافة الأعضاء ولا توجد جلسات رسمية عن قرب أو بعد، وحتى البيان الأخير بتاريخ 14 فيفري فإنه خلافا لما ذهب إلى ظن البعض بأنه ملزم لجميع أعضاء المجلس بمن فيهم مجموعة الأعضاء المعينين بالصفة أي مجموعة 12، فإن ذلك البيان لم يكن محل توافق جميع الأعضاء، وهو ما يعني أن فرضية التحاق قضاة معينين بالصفة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء تبقى واردة وربما واردة جدا في ظل صمتهم وعدم إصدارهم أي موقف رسمي يوضحون فيه لعموم القضاة وللرأي العام إن كانوا سيلتحقون فعلا بالمجلس المؤقت أم سيرفضون أم سيعتذرون.
وبالعودة إلى المرسوم عدد 11 يتضح أنه لم يقرأ حسابا لسيناريو رفض القضاة المعينين بالصفة الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت، وهو ما جعل بعض المهتمين بالشأن القضائي يرجحون أن رئيس الجمهورية عندما أقدم على حل المجلس الأعلى للقضاء و إصدار المرسوم المحدث للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء الذي نص على تلك التركيبة التي تضمنت 12 عضوا من أعضاء المجلس الحلول، فهو لم يفعل ذلك من فراغ بل كان قراره بناء على اتفاق مسبق معهم أو مع بعضهم.. ولكن إن كانت هذه الفرضية مجرد التخمينات فإن المجلس الأعلى المؤقت لن ير النور إلا في صورة التحاق مجموعة 12 عضوا المعينين بالصفة به وهو ما فسره لنا أحد القضاة، وفي حال رفضهم وفي حال إصرار رئيس الجمهورية على نفس الموقف فلن يكون أمامه من خيار سوى تنقيح المرسوم عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
انتهت آجال الترشح المفتوحة أمام القضاة المتقاعدين لعضوية المجالس القضائية المؤقتة الثلاثة العدلية والمالية والإدارية المكونة للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، والتي ضبطها المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرّخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بأجل أقصاه عشرة أيام بداية من تاريخ نشر المرسوم المذكور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وحسب هذا المرسوم فإن الترشحات بالنسبة إلى المجلس المؤقت للقضاء العدلي تقدم إلى وزارة العدل والترشحات بالنسبة إلى كل من المجلس المؤقت للقضاء الإداري والمجلس المؤقت للقضاء المالي تقدم إلى رئاسة الحكومة وبعد ذلك تحال قائمة المترشحين إلى رئيس الجمهورية الذي له تعيين ثلاثة قضاة متقاعدين لكل مجلس.
ولم تنشر وزارة العدل ورئاسة الحكومة إلى غاية ظهر أمس أسماء القضاة المتقاعدين المترشحين لعضوية المجالس القضائية الثلاثة، ولكن حسب معطيات أفادنا بها مصدر قضائي وقال إنها معطيات مؤكدة فإن الترشحات لم ترد بالعدد الكافي إذ توجد ترشحات لقضاة عدليين لكن لا توجد ترشحات بالنسبة إلى القضاة الإداريين والماليين.
ولئن نسوق هذه المعلومة باحتراز فإنه حتى في صورة عدم ورود ترشحات بالعدد المطلوب فإن المرسوم سالف الذكر أتاح لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين ثلاثة قضاة متقاعدين لكل مجلس من المجالس الثلاثة المؤقتة سواء ضمن قائمة المترشحين أو من خارجها عند الاقتضاء.
ولهذا السبب ترى جمعية القضاة التونسيين وغيرها من مكونات المجتمع المدني الرافضة للمرسوم عدد 11، أن هذا المرسوم فيه مساس باستقلالية السلطة القضائية لأنه يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين من يريد في المجلس الأعلى المؤقت للقضاء حتى وإن لم يقدم المعني بالأمر ترشحه من تلقاء نفسه في الآجال القانونية. وقد نبهت الجمعية في ندوتها الصحفية الأخيرة إلى وجود تهديد خطير للحقوق على اعتبار أن القاضي الذي يسميه ويعزله رئيس الجمهورية لا تتوفر فيه ضمانة الحياد في تطبيق القانون فهو على حد وصفها قاض تابع لرئيس الجمهورية وللسلطة ولن يطبق القانون بحرية وتجرد بل سيطبقه طبق إرادة وتوجهات السلطة التي تعينه وتنقله وتسنده المسؤولية وتأدبه وتعزله، وفضلا عن ذلك فإن الجمعية حذرت من أن المرسوم يضرب مبدأ التفريق بين السلط.
وبعد الندوة الصحفية للمكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين والوقفة الاحتجاجية للقضاة العدليين والإداريين والماليين بالزي القضائي التي التأمت بدعوة منها يوم الخميس 24 فيفري الماضي أمام محكمة التعقيب، تواصل الجمعية الضغط بهدف دفع رئيس الجمهورية إلى التراجع عن قراره المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء وإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وتواصل العمل على كسب تأييد الرأي العام الوطني وحتى الدولي، وفي هذا السياق وحسب بلاغ نشرته على موقعها الرسمي فإن رئيس الجمعية ونائبته عقدا يوم الخميس الماضي بمقر الجمعية بقصر العدالة بتونس لقاء من آنياتا يوهنسون المديرة التّنفيذيّة للمجمع الدّولي للمساعدة القانونيّة:International Legal Assistance Consortium وكريستيان أوهلوند المدير التّنفيذي السّابق لهذا المجمع والمحامي والرئيس السابق للجنة مجلس أوروبا لمكافحة العنصريّة وعدم التّسامح وسليم عبد السلام وإسماعيل بن خليفة المستشارين القانونيين للمجمع الدولي ومن أبرز المحاور التي تم التطرق إليها خلال هذا اللقاء وضع السلطة القضائية في ظل الأزمة الحالية وإثر التدابير المتخذة من قبل رئيس الجمهورية والمتمثلة في حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حسب وصفها وتعويضه بمجلس منصب تسيطر عليه السلطة التنفيذية، وإضافة إلى ذلك خصص اللقاء لاستعراض التحركات المتخذة من قبل جمعية القضاة للتصدي لما وصفته بالانحراف الخطير بمبادئ النظام الديمقراطي وبالمبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية واستقلال مؤسساتها، وفق ما جاء في نفس البلاغ .
حالة ترقب
بعد خوض سلسة من التحركات الاحتجاجية سواء أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء أو أمام محكمة التعقيب، ينتظر القضاة بفارغ الصبر الإعلان الرسمي عن أسماء القضاة المتقاعدين الذين قدموا ترشحاتهم لعضوية المجالس القضائية الثلاثة المؤقتة العدلية والمالية والإدارية، والأهم من ذلك فإنهم ينتظرون ما إذا كان الأعضاء المعينون بالصفة وعددهم 12 عضوا سيقبلون الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء أم أنهم سيرفضون أو يعتذرون خاصة وأنهم كانوا في المجلس الأعلى للقضاء المحلول من قبل رئيس الجمهورية.
وللتذكير تتكون مجموعة المعينين بالصفة من الآتي ذكرهم:
ـ في المجلس المؤقت للقضاء العدلي نجد الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، (رئيس)، ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب، (نائب رئيس)، ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية، (مقرر)، ورئيس المحكمة العقارية، (عضو).
ـ في المجلس المؤقت للقضاء الإداري نجد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، (رئيس)، ورئيس الدائرة التعقيبية الأقدم في خطته على ألا يكون وكيلا للرئيس الأول، (نائب رئيس)، ومندوب الدولة العام الأقدم في خطته، مقرر، ورئيس الدائرة الاستئنافية الأقدم في خطته، (عضو).
ـ في المجلس المؤقت للقضاء المالي نجد الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، (رئيس)، ووكيل الدولة العام، نائب رئيس ووكيل الرئيس الأول، (مقرر)، ورئيس دائرة استئنافية الأقدم في الخطة، (عضو).
إحراج
وكانت جمعية القضاة التونسيين قد أشارت في ندوتها الصحفية الأخيرة إلى أن القضاة الاثني عشر المعينين بالصفة الأعضاء في المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حسب وصفها، والذي كان رئيس الجمهورية يتهمهم مع بقية زملائهم بالفساد والتسييس هم الآن أغلبية داخل كل مجلس من المجالس المكونة للمجلس المؤقت نظرا إلى أن كل مجلس يتركب من أربعة قضاة بالصفة وثلاثة قضاة متقاعدين، وجددت الجمعية دعوتها لمجموعة الاثني عشر قاض المعينين بالصفة لعدم الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاة معتبرة إياه في حكم المعدوم.
ولا شك أن الجمعية أرادت من خلال هذه الملاحظة إحراج القضاة المعينين بالصفة حتى لا يلتحقوا بالمجلس المؤقت، إذ كيف لهم أن يقبلوا الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت بعد أن كانوا في المجلس الأعلى الذي تم وصمه بعدم الاستقلالية والفساد والتسييس وكيف باستطاعتهم الإذعان لأحكام المرسوم عدد 11 و الحال أن مجلسهم رفض قرار الحل وقال في بيان صادر عن جلسته العامة بتاريخ 10 فيفري الماضي إن المجلس الأعلى للقضاء هو المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية وإن إحداث أي جسم انتقالي بديل له هو في عداد المعدوم ولا أثر قانوني له.
ولكن رغم إعلان المجلس الأعلى للقضاء عن البقاء في حالة انعقاد دائم فإنه لم يتخذ أي موقف جديد بعد بيانه المنشور في صفحته الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي بتاريخ 14 فيفري 2022 والذي نص على المرسوم عدد 11 يبقى عملا معدوما ولا أثر له لتعارضه التام مع مبدأ الفصل بين السلطتين التأسيسية والتشريعية، والذي حذر من تبعات توريط جزء من أعضائه بالصفة في المشاركة في تركيبة المجلس المؤقت والذي دعا هؤلاء إلى النأي بأنفسهم عن الاستجابة لذلك. وحسب ما توفر لنا من معطيات أفادتنا بها مصادرنا من داخل المجلس فإنه منذ حل المجلس الأعلى للقضاء لا يوجد تواصل بين كافة الأعضاء ولا توجد جلسات رسمية عن قرب أو بعد، وحتى البيان الأخير بتاريخ 14 فيفري فإنه خلافا لما ذهب إلى ظن البعض بأنه ملزم لجميع أعضاء المجلس بمن فيهم مجموعة الأعضاء المعينين بالصفة أي مجموعة 12، فإن ذلك البيان لم يكن محل توافق جميع الأعضاء، وهو ما يعني أن فرضية التحاق قضاة معينين بالصفة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء تبقى واردة وربما واردة جدا في ظل صمتهم وعدم إصدارهم أي موقف رسمي يوضحون فيه لعموم القضاة وللرأي العام إن كانوا سيلتحقون فعلا بالمجلس المؤقت أم سيرفضون أم سيعتذرون.
وبالعودة إلى المرسوم عدد 11 يتضح أنه لم يقرأ حسابا لسيناريو رفض القضاة المعينين بالصفة الالتحاق بالمجلس الأعلى المؤقت، وهو ما جعل بعض المهتمين بالشأن القضائي يرجحون أن رئيس الجمهورية عندما أقدم على حل المجلس الأعلى للقضاء و إصدار المرسوم المحدث للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء الذي نص على تلك التركيبة التي تضمنت 12 عضوا من أعضاء المجلس الحلول، فهو لم يفعل ذلك من فراغ بل كان قراره بناء على اتفاق مسبق معهم أو مع بعضهم.. ولكن إن كانت هذه الفرضية مجرد التخمينات فإن المجلس الأعلى المؤقت لن ير النور إلا في صورة التحاق مجموعة 12 عضوا المعينين بالصفة به وهو ما فسره لنا أحد القضاة، وفي حال رفضهم وفي حال إصرار رئيس الجمهورية على نفس الموقف فلن يكون أمامه من خيار سوى تنقيح المرسوم عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.