إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ما الذي يشرع اليوم ضرورة طرح إشكالية التقييم المدرسي؟

بقلم: د. مراد البهلول(*)

ثمة ما يشرع لنا اليوم إعادة طرح مسألة التقييم في المنظومة التربوية التونسية. إنّ طرح هذه المسألة يمثل حسب رأيي محاولة جريئة لتشخيص أداء المدرسة، وبحثا عن مواطن ضعف مكتسبات التلاميذ بقصد تحسين العملية التعليمية وتطوير آليات الاستثمار المدرسي في الذكاء التونسي. يمكن في هذا المجال أن نستحضر مجموعة من الهينات التي تمثل مدخلا لطرح إشكالية تقييم مكتسبات التلاميذ  والتي من أهمها:

أ- محدودية أجهزة التكوين والتمهين البيداغوجي للمّدرسين في مجال التقييم. يمثل التقييم الكفاية المهنية الأضعف اشتغالا لدى العديد من المدرسين سواء في مجال التكوين الأساسي (وحدات التكوين في علاقتها بالتقييم في مستوى الإجازة الوطنية للتربية والتعليم) ولكن أيضا التكوين المستمر للمدرسين

ب- انغلاق الممارسات التقييمية لبعض المدرسين في نمطية واحدة متعلقة بالاختبارات التحريرية والشفوية. إن صياغة أشكالا تقييمية أخرى ممكنة مثل ملفات الأعمال وصياغة ملاحظات والاستبيانات والمقابلات وبلورة مشاريع وربطها بالمهارات الحياتية تكاد تكون منعدمة.

ثمة انغلاق كلي لبعض المدرسين ضمن النموذج التحريري الكتابي. ولنا أن .نتساءل عمّا يعيق المدرسين عن التفكير في استخدام هذه  الأساليب التقييمية.

ج- ضعف القدرة على بناء أساليب تقييم مناسبة للكفايات كموضوع للتقييم: لا شك أنّ المدرسين يبذلون جهدا كبيرا في هذا المجال ومع ذلك لا بد من التأكيد على أننا نسجل في العديد من الوضعيات التقييمية غياب الانسجام بين نوعية الاختبار وبين الكفايات والاقتدارات المراد تقييمها. فغالبا ما يقيّم الاختبار شيئا آخر غير الكفاية التي يتم تحديدها.

ج- هشاشة تفسير نتائج التقييم: يعد  تفسير وتأويل نتائج الاختبارات أكثر الكفايات والمهارات تعقيدا. فالتفسير ليس مجرد تقرير نتائج أو إصدار حكم قيمة أو حكما تقديريا. إنّ تفسير نتائج التقييم يتطلب تحديد الإطار المرجعي الذي تستند إليه الدرجات: مثل جهود التلميذ السابقة أو مستوى النمو الذي حققه والعوائق التي تحيل دون الانتظارات. وعموما فإنّ كثيرا من المدرسين يفتقرون إلى المعارف والمهارات اللازمة لتفسير نتائج التقييم، ويحتاجون إلى فهم العلاقة بين نوعية وجودة التقييم وأثر ذلك في عمليتي التعليم والتعلم.

د- تناقض بين ما تظهره تقييمات المدرسين من اقتدارات ومكتسبات للتلاميذ وبين ما تظهره المناظرات الوطنية والإقليمية والدولية. ففي الوقت الذي تظهر فيه تقييمات بعض المدرسين تضخما للإعداد تبين لنا التقييمات الوطنية و الدولية ضعف مردودية النظام التربوي لتونس. ضمن هذا السياق لا بد من التأكيد على أنّ 92% من التلاميذ المشاركين في مناظرة الدخول إلى الاعداديات النموذجية دورة 2020 قد تحصلوا على عدد أقل من عشرة من عشرين في امتحان الرياضيات و62% قد تحصلوا على عدد اقل من عشرة من عشرين في الفرنسية وكذلك الأمر تقريبا في مجال اللغة العربية. الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لمناظرة 2021 التي تطلبت إعادة توزيع معايير ومقاييس إسناد الأعداد في مادة الرياضيات تفاديا لكارثة قد تحصل. كذلك لابد من التأكيد على أنّ التلاميذ التونسيين المشاركين في المناظرات الدولية تحصلوا على المراتب الأخيرة في البرنامج الدولي لتقييم مكتسبات التلاميذ سن 16 PISA في دورة 2012 ودورة 2015. وقد غابت وزارة التربية لأسباب لا نفهمها عن المشاركة دورة. لكل هذه الأسباب اعتقد انه من الوجاهة طرح مسألة التقييم بكثير من الجدية في المنظومة التربوية.

  • أستاذ علوم التربية، جامعة صفاقس
ما الذي يشرع اليوم ضرورة طرح إشكالية التقييم المدرسي؟

بقلم: د. مراد البهلول(*)

ثمة ما يشرع لنا اليوم إعادة طرح مسألة التقييم في المنظومة التربوية التونسية. إنّ طرح هذه المسألة يمثل حسب رأيي محاولة جريئة لتشخيص أداء المدرسة، وبحثا عن مواطن ضعف مكتسبات التلاميذ بقصد تحسين العملية التعليمية وتطوير آليات الاستثمار المدرسي في الذكاء التونسي. يمكن في هذا المجال أن نستحضر مجموعة من الهينات التي تمثل مدخلا لطرح إشكالية تقييم مكتسبات التلاميذ  والتي من أهمها:

أ- محدودية أجهزة التكوين والتمهين البيداغوجي للمّدرسين في مجال التقييم. يمثل التقييم الكفاية المهنية الأضعف اشتغالا لدى العديد من المدرسين سواء في مجال التكوين الأساسي (وحدات التكوين في علاقتها بالتقييم في مستوى الإجازة الوطنية للتربية والتعليم) ولكن أيضا التكوين المستمر للمدرسين

ب- انغلاق الممارسات التقييمية لبعض المدرسين في نمطية واحدة متعلقة بالاختبارات التحريرية والشفوية. إن صياغة أشكالا تقييمية أخرى ممكنة مثل ملفات الأعمال وصياغة ملاحظات والاستبيانات والمقابلات وبلورة مشاريع وربطها بالمهارات الحياتية تكاد تكون منعدمة.

ثمة انغلاق كلي لبعض المدرسين ضمن النموذج التحريري الكتابي. ولنا أن .نتساءل عمّا يعيق المدرسين عن التفكير في استخدام هذه  الأساليب التقييمية.

ج- ضعف القدرة على بناء أساليب تقييم مناسبة للكفايات كموضوع للتقييم: لا شك أنّ المدرسين يبذلون جهدا كبيرا في هذا المجال ومع ذلك لا بد من التأكيد على أننا نسجل في العديد من الوضعيات التقييمية غياب الانسجام بين نوعية الاختبار وبين الكفايات والاقتدارات المراد تقييمها. فغالبا ما يقيّم الاختبار شيئا آخر غير الكفاية التي يتم تحديدها.

ج- هشاشة تفسير نتائج التقييم: يعد  تفسير وتأويل نتائج الاختبارات أكثر الكفايات والمهارات تعقيدا. فالتفسير ليس مجرد تقرير نتائج أو إصدار حكم قيمة أو حكما تقديريا. إنّ تفسير نتائج التقييم يتطلب تحديد الإطار المرجعي الذي تستند إليه الدرجات: مثل جهود التلميذ السابقة أو مستوى النمو الذي حققه والعوائق التي تحيل دون الانتظارات. وعموما فإنّ كثيرا من المدرسين يفتقرون إلى المعارف والمهارات اللازمة لتفسير نتائج التقييم، ويحتاجون إلى فهم العلاقة بين نوعية وجودة التقييم وأثر ذلك في عمليتي التعليم والتعلم.

د- تناقض بين ما تظهره تقييمات المدرسين من اقتدارات ومكتسبات للتلاميذ وبين ما تظهره المناظرات الوطنية والإقليمية والدولية. ففي الوقت الذي تظهر فيه تقييمات بعض المدرسين تضخما للإعداد تبين لنا التقييمات الوطنية و الدولية ضعف مردودية النظام التربوي لتونس. ضمن هذا السياق لا بد من التأكيد على أنّ 92% من التلاميذ المشاركين في مناظرة الدخول إلى الاعداديات النموذجية دورة 2020 قد تحصلوا على عدد أقل من عشرة من عشرين في امتحان الرياضيات و62% قد تحصلوا على عدد اقل من عشرة من عشرين في الفرنسية وكذلك الأمر تقريبا في مجال اللغة العربية. الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لمناظرة 2021 التي تطلبت إعادة توزيع معايير ومقاييس إسناد الأعداد في مادة الرياضيات تفاديا لكارثة قد تحصل. كذلك لابد من التأكيد على أنّ التلاميذ التونسيين المشاركين في المناظرات الدولية تحصلوا على المراتب الأخيرة في البرنامج الدولي لتقييم مكتسبات التلاميذ سن 16 PISA في دورة 2012 ودورة 2015. وقد غابت وزارة التربية لأسباب لا نفهمها عن المشاركة دورة. لكل هذه الأسباب اعتقد انه من الوجاهة طرح مسألة التقييم بكثير من الجدية في المنظومة التربوية.

  • أستاذ علوم التربية، جامعة صفاقس

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews