مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح" : تراجع دور المؤسسات وغياب المرجعية القيمية من بين عوامل تفشي الجريمة
تونس - الصباح
جرائم كثيرة شهدتها بلادنا خلال الفترة الأخيرة اكتست طابع العدوانية والفظاعة، ذبح، تنكيل، تخلص من جثث بشكل مريع، جرائم تكشف ردات فعل عنيفة وصلت حد إزهاق روح بشرية لاتفه الأسباب.
صباح الشابي
جريمة صادمة تم الكشف عنها الأسبوع الجاري.. أب يقتل أبنه و يدفنه داخل حفرة للصرف الصحي في منطقة بوحجلة من ولاية القيروان وبعد عامين من الواقعة يتم استخراج جثة الشاب البالغ من العمر 31 سنة من داخل (حفرة) مخصّصة للصرف الصحي بعمادة الشرايطية الشمالية.
وحسب رواية الأهالي، فإن المتوفي كان قد اختفى منذ أكثر من عامين وهو أب لطفلين ومفقود منذ أواخر سنة 2022، وروّج على أنه غادر البلاد في هجرة غير نظامية، وتوفي غرقا في البحر، لكن منذ أيام أدلى والده لابنه الثاني المقيم معه في ليبيا بغرض العمل أنه قتل ابنه، ودفنه بالقرب من منزلهم.
جريمة ثانية تشير وقائعها ان خلافا جد بين طفل يبلغ من العمر 17 سنة مع احد الركاب داخل حافلة للنقل العمومي كانت متجهة الى منطقة الجديدة ينتهي بإزهاق روحه من قبل ذلك الراكب بمجرد نزولهما من الحافلة بشارع 20 مارس بباردو بطلب من السائق حيث سدد الثاني للأول طعنة على مستوى الرقبة انهت حياته وهو لا يزال في عمر الزهور.
جريمة قتل أخرى راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 35 سنة كان عثر عليه فجر الخميس المنقضي ملقى بطريق منطقة القابل من معتمدية سليانة الجنوبية، وكان يحمل أثار عنف وبنقله إلى المستشفى الجهوي بسليانة توفي متأثرا بالاعتداء المادي الذي لحقه على مستوى الرقبة بآلة حادة وعلى مستوى الفم.
وقد أذنت النيابة العمومية بفتح بحث عهدت به لفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني لمزيد التحري.
جرائم قتل فظيعة البعض منها أسبابها تافهة والبعض الآخر لم تكشف الأبحاث بعد عما وراءها على غرار الأب الذي قتل ابنه ودفنه بكل برودة دم بحفرة للصرف الصحي فضلا عن جرائم عدة أخرى ولا ننسى الحادثة التي جدت مؤخرا بإحدى المدارس الابتدائية بباردو حيث عمد والد تلميذ إلى الاعتداء على معلمة بواسطة سكين بيدها اليمني وبطنها احتجاجا على منحها عددا تقييميا ضعيفا لابنه.
وفي ذات السياق بينت جمعية أصوات نساء أن عدد الجرائم التي استهدفت النساء منذ بداية السنة الى حدود يوم أمس الأول بلغ 25 جريمة.
جرائم قتل بشعة ومتتالية تدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات هل أصبح مرتكبو هذه الجرائم يطبعون مع سفك الدماء وإزهاق أرواح بشرية بغير حق ودون اي وازع ديني او أخلاقي او قانوني؟ . ام ان بعض البشر تحولوا إلى وحوش بشرية زادهم ولغتهم العنف المادي؟
ويرى المختصون في علم الاجتماع ان العديد من الأسباب التي ساهمت في تفشي العنف الذي تكون ردود أفعاله حينية خطيرة تصل حد القتل من بينها تراجع دور المؤسسات اهمها الأسرة التي تخلت عن واجبها كذلك غياب الوازع الديني وغيرها من الأسباب الأخرى العديدة والمتعددة.
وقد اعتبر المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين وخلال تعليقه على الموضوع ان أول ما يمكن ملاحظته فيما يخص الجريمة في تونس تطور جريمة "النقمة" والانتقام وتحول الجريمة إلى ثقافة يتم التطبيع معها.
موضحا في تصريحه لـ"الصباح" أن أهم ملامح ثقافة العنف في تونس الانتشار الواسع في كل الفضاءات حتى في المساجد ولم يعد تحتكره فئة معينة واحدة والتطبيع مع ظاهرة العنف إذ لم يعد هناك اشمئزاز واستنكار اللذين أعتبرهما عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم أقوى من القانون.
اللغة العنيفة..
اللغة أصبحت عنيفة يغلب عليها الاستعمال المكثف للكلمات ذات الإيحاء العنيف والفاحش.
ويعتبر محدثنا ان اهم أسباب ارتفاع نسبة العنف في تونس، ضعف الارتداع بالقانون إذ نسبة العود للسجن ما زالت مرتفعة إذ تتجاوز 40 بالمائة، ٱلة إنتاج ثقافة العنف أقوى من ٱلة محاربته، غياب أو ضعف هيبة السلطة، سلطة العائلة والمدرسة والدولة، غياب نموذج القدوة فالجميع تقريبا يمارس العنف بدرجات متفاوتة.
كما اعتبر ان الدور السلبي للإعلام الذي يبحث عن الإثارة أكثر من التوعية والتثقيف كذلك ضعف الاشمئزاز والاستنكار والتطبيع مع السلوك الإجرامي.
أضف الى ذلك استبطان العنف وإعادة إنتاجه ما يعبر عنه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو ب" الهابيتوس".
مع تقلص مظاهر التضامن المجتمعي مما ساهم في ارتفاع نسبة الجريمة.
وتمدد الثقافة المغذية لها حيث أصبحت عابرة للتصنيفات العمرية والجندرية والطبقية والجهوية وهي بالأساس ثقافة يأس وإحباط و سوسيولوجيا يمكن فهم الجريمة في تونس حسب المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين عبر ثلاث مستويات، أولا تصاعد الفردانية بمعنى تمركز الفرد حول ذاته في مجتمع استهلاكي مشهدي حيث أرتفع الثقل الذي يوجد على الأفراد دون أن يكونوا قادرين على مواجهة متطلبات الحياة الصعبة وبالتالي تصبح الجريمة لدى البعض حلا متاحا لتلبية هذه المتطلبات.
تراجع دور المؤسسات..
ثانيا تراجع دور المؤسسات إذ عندما تتآكل مؤسسات المجتمع كالأسرة و المدرسة يصبح الفرد يواجه الصدمات بمفرده دون سند مؤسسي فلا العائلة تساند ولا الانتماءات المختلفة تساند لتخفيف وطأة الصدمات التي يواجهها الأفراد ،يصبح التصرف من خلال الجريمة هو الحل المتاح مما يؤشر إلى وجود هشاشة نفسية واجتماعية فالفرد يواجه مصيره وحده دون سند مؤسسي في ظل ضعف أدوار المؤسسات وانحلالها.
ثالثا غياب المرجعية القيمية إذ عندما يعجز الفرد على تقييم سلوكه لغياب المرجعية القيمية وطغيان المعيارية وتشوش خريطة القيم مثل تراجع قيمة العلم والعمل والأخلاق الحميدة والحيس المدني والإحساس بالواجب والمسؤولية واحترام الملك العمومي والمال العام يصبح عنيفا مع نفسه ومع الآخرين ويغلب عليه التشنج والانفعال الشديد وردود الفعل القوية والوحشية غير محسوبة العواقب.
واعتبر انه عندما تحدث تحولات كبرى في المجتمعات بشكل مفاجئ و دون إعداد مسبق يحدث ارتباك قيمي حاد وإحساس عميق بالقلق الوجودي وغياب الأمان النفسي وارتفاع منسوب الانفعالات العنيفة مما يرفع في نسبة الجرائم العنيفة نتيجة حالة اللايقين.
ففي التحولات الكبرى تضيع البوصلة ويدخل المجتمع حالة عنف شديد فمجرد حدث بسيط قد يؤدي إلى القتل كما أن غياب الأجوبة لصعوبات الحياة اليومية يؤدي إلى الإحباط وبالتالي حالات عنف شديدة موجهة نحو الذات ونحو الٱخر.
والحل حسب رأيه يكمن في اعتماد سياسة اقتصادية أكثر جدوى وعدالة مع ضرورة الاتفاق على مشروع مجتمعي واضح المعالم يحرك ماكينة الاقتصاد وتتراجع معدلات الفقر مع ضرورة إصلاح مؤسسات التنشئة الاجتماعية حتى تقوم بدورها في التربية السليمة للأجيال القادمة.
ولمعرفة آخر الإحصائيات عن عدد جرائم القتل المسجلة منذ بداية السنة حاولت "الصباح" الاتصال بالعميد عماد مماشة الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني لإفادتنا حول هذا الموضوع الا انه رغم اتصالنا مرارا وتكرارا لم نتحصل على الإجابة.
ارتفاع عدد قضايا القتل العمد
وفي إحصائية كان قدمها مماشة مؤخرا في تصريح إعلامي عن عدد قضايا القتل أفاد أن عدد القضايا العدلية من أجل القتل العمد ارتفع من 83 قضية عدلية من أجل القتل العمد خلال سنة 2023، إلى 126 قضية في التسعة أشهر الأولى من سنة 2024.
وأضاف العميد عماد مماشة، أنه تم إنجاح 117 قضية من أجل القتل العمد من بين 126 قضية، وإيقاف 204 عنصرا مورطا في هذه القضايا.
أمّا بالنسبة لعدد قضايا العنف الخفيف فقد انخفض في التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 حيث بلغ 22 ألف و855 قضية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023، حيث بلغت 23 ألفا و273 قضية.
ودعا مشاشة جميع مؤسسات الدولة إلى معاضدة مجهودات وزارة الداخلية في مجابهة العنف والحد من ارتفاع منسوب الجرائم واستعمال المخدرات في صفوف التلاميذ من خلال توفير قاعات مراجعة للتلاميذ أثناء ساعات الراحة وعدم ترك التلاميذ في الشارع عرضة لكل أنواع الاستغلال.
تفشي السلوك الإجرامي في مجتمعنا حسب المختصون في علم الاجتماع هو نتاج عوامل عديدة اجتماعية، الى نفسية، واقتصادية بالإضافة إلى عوامل أخرى كطغيان وهيمنة ثقافة العنف التي أصبحت لغة العديد من الفئات والشرائح وتراجع دور الأسرة.
مختص في علم الاجتماع لـ"الصباح" : تراجع دور المؤسسات وغياب المرجعية القيمية من بين عوامل تفشي الجريمة
تونس - الصباح
جرائم كثيرة شهدتها بلادنا خلال الفترة الأخيرة اكتست طابع العدوانية والفظاعة، ذبح، تنكيل، تخلص من جثث بشكل مريع، جرائم تكشف ردات فعل عنيفة وصلت حد إزهاق روح بشرية لاتفه الأسباب.
صباح الشابي
جريمة صادمة تم الكشف عنها الأسبوع الجاري.. أب يقتل أبنه و يدفنه داخل حفرة للصرف الصحي في منطقة بوحجلة من ولاية القيروان وبعد عامين من الواقعة يتم استخراج جثة الشاب البالغ من العمر 31 سنة من داخل (حفرة) مخصّصة للصرف الصحي بعمادة الشرايطية الشمالية.
وحسب رواية الأهالي، فإن المتوفي كان قد اختفى منذ أكثر من عامين وهو أب لطفلين ومفقود منذ أواخر سنة 2022، وروّج على أنه غادر البلاد في هجرة غير نظامية، وتوفي غرقا في البحر، لكن منذ أيام أدلى والده لابنه الثاني المقيم معه في ليبيا بغرض العمل أنه قتل ابنه، ودفنه بالقرب من منزلهم.
جريمة ثانية تشير وقائعها ان خلافا جد بين طفل يبلغ من العمر 17 سنة مع احد الركاب داخل حافلة للنقل العمومي كانت متجهة الى منطقة الجديدة ينتهي بإزهاق روحه من قبل ذلك الراكب بمجرد نزولهما من الحافلة بشارع 20 مارس بباردو بطلب من السائق حيث سدد الثاني للأول طعنة على مستوى الرقبة انهت حياته وهو لا يزال في عمر الزهور.
جريمة قتل أخرى راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 35 سنة كان عثر عليه فجر الخميس المنقضي ملقى بطريق منطقة القابل من معتمدية سليانة الجنوبية، وكان يحمل أثار عنف وبنقله إلى المستشفى الجهوي بسليانة توفي متأثرا بالاعتداء المادي الذي لحقه على مستوى الرقبة بآلة حادة وعلى مستوى الفم.
وقد أذنت النيابة العمومية بفتح بحث عهدت به لفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني لمزيد التحري.
جرائم قتل فظيعة البعض منها أسبابها تافهة والبعض الآخر لم تكشف الأبحاث بعد عما وراءها على غرار الأب الذي قتل ابنه ودفنه بكل برودة دم بحفرة للصرف الصحي فضلا عن جرائم عدة أخرى ولا ننسى الحادثة التي جدت مؤخرا بإحدى المدارس الابتدائية بباردو حيث عمد والد تلميذ إلى الاعتداء على معلمة بواسطة سكين بيدها اليمني وبطنها احتجاجا على منحها عددا تقييميا ضعيفا لابنه.
وفي ذات السياق بينت جمعية أصوات نساء أن عدد الجرائم التي استهدفت النساء منذ بداية السنة الى حدود يوم أمس الأول بلغ 25 جريمة.
جرائم قتل بشعة ومتتالية تدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات هل أصبح مرتكبو هذه الجرائم يطبعون مع سفك الدماء وإزهاق أرواح بشرية بغير حق ودون اي وازع ديني او أخلاقي او قانوني؟ . ام ان بعض البشر تحولوا إلى وحوش بشرية زادهم ولغتهم العنف المادي؟
ويرى المختصون في علم الاجتماع ان العديد من الأسباب التي ساهمت في تفشي العنف الذي تكون ردود أفعاله حينية خطيرة تصل حد القتل من بينها تراجع دور المؤسسات اهمها الأسرة التي تخلت عن واجبها كذلك غياب الوازع الديني وغيرها من الأسباب الأخرى العديدة والمتعددة.
وقد اعتبر المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين وخلال تعليقه على الموضوع ان أول ما يمكن ملاحظته فيما يخص الجريمة في تونس تطور جريمة "النقمة" والانتقام وتحول الجريمة إلى ثقافة يتم التطبيع معها.
موضحا في تصريحه لـ"الصباح" أن أهم ملامح ثقافة العنف في تونس الانتشار الواسع في كل الفضاءات حتى في المساجد ولم يعد تحتكره فئة معينة واحدة والتطبيع مع ظاهرة العنف إذ لم يعد هناك اشمئزاز واستنكار اللذين أعتبرهما عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم أقوى من القانون.
اللغة العنيفة..
اللغة أصبحت عنيفة يغلب عليها الاستعمال المكثف للكلمات ذات الإيحاء العنيف والفاحش.
ويعتبر محدثنا ان اهم أسباب ارتفاع نسبة العنف في تونس، ضعف الارتداع بالقانون إذ نسبة العود للسجن ما زالت مرتفعة إذ تتجاوز 40 بالمائة، ٱلة إنتاج ثقافة العنف أقوى من ٱلة محاربته، غياب أو ضعف هيبة السلطة، سلطة العائلة والمدرسة والدولة، غياب نموذج القدوة فالجميع تقريبا يمارس العنف بدرجات متفاوتة.
كما اعتبر ان الدور السلبي للإعلام الذي يبحث عن الإثارة أكثر من التوعية والتثقيف كذلك ضعف الاشمئزاز والاستنكار والتطبيع مع السلوك الإجرامي.
أضف الى ذلك استبطان العنف وإعادة إنتاجه ما يعبر عنه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو ب" الهابيتوس".
مع تقلص مظاهر التضامن المجتمعي مما ساهم في ارتفاع نسبة الجريمة.
وتمدد الثقافة المغذية لها حيث أصبحت عابرة للتصنيفات العمرية والجندرية والطبقية والجهوية وهي بالأساس ثقافة يأس وإحباط و سوسيولوجيا يمكن فهم الجريمة في تونس حسب المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين عبر ثلاث مستويات، أولا تصاعد الفردانية بمعنى تمركز الفرد حول ذاته في مجتمع استهلاكي مشهدي حيث أرتفع الثقل الذي يوجد على الأفراد دون أن يكونوا قادرين على مواجهة متطلبات الحياة الصعبة وبالتالي تصبح الجريمة لدى البعض حلا متاحا لتلبية هذه المتطلبات.
تراجع دور المؤسسات..
ثانيا تراجع دور المؤسسات إذ عندما تتآكل مؤسسات المجتمع كالأسرة و المدرسة يصبح الفرد يواجه الصدمات بمفرده دون سند مؤسسي فلا العائلة تساند ولا الانتماءات المختلفة تساند لتخفيف وطأة الصدمات التي يواجهها الأفراد ،يصبح التصرف من خلال الجريمة هو الحل المتاح مما يؤشر إلى وجود هشاشة نفسية واجتماعية فالفرد يواجه مصيره وحده دون سند مؤسسي في ظل ضعف أدوار المؤسسات وانحلالها.
ثالثا غياب المرجعية القيمية إذ عندما يعجز الفرد على تقييم سلوكه لغياب المرجعية القيمية وطغيان المعيارية وتشوش خريطة القيم مثل تراجع قيمة العلم والعمل والأخلاق الحميدة والحيس المدني والإحساس بالواجب والمسؤولية واحترام الملك العمومي والمال العام يصبح عنيفا مع نفسه ومع الآخرين ويغلب عليه التشنج والانفعال الشديد وردود الفعل القوية والوحشية غير محسوبة العواقب.
واعتبر انه عندما تحدث تحولات كبرى في المجتمعات بشكل مفاجئ و دون إعداد مسبق يحدث ارتباك قيمي حاد وإحساس عميق بالقلق الوجودي وغياب الأمان النفسي وارتفاع منسوب الانفعالات العنيفة مما يرفع في نسبة الجرائم العنيفة نتيجة حالة اللايقين.
ففي التحولات الكبرى تضيع البوصلة ويدخل المجتمع حالة عنف شديد فمجرد حدث بسيط قد يؤدي إلى القتل كما أن غياب الأجوبة لصعوبات الحياة اليومية يؤدي إلى الإحباط وبالتالي حالات عنف شديدة موجهة نحو الذات ونحو الٱخر.
والحل حسب رأيه يكمن في اعتماد سياسة اقتصادية أكثر جدوى وعدالة مع ضرورة الاتفاق على مشروع مجتمعي واضح المعالم يحرك ماكينة الاقتصاد وتتراجع معدلات الفقر مع ضرورة إصلاح مؤسسات التنشئة الاجتماعية حتى تقوم بدورها في التربية السليمة للأجيال القادمة.
ولمعرفة آخر الإحصائيات عن عدد جرائم القتل المسجلة منذ بداية السنة حاولت "الصباح" الاتصال بالعميد عماد مماشة الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني لإفادتنا حول هذا الموضوع الا انه رغم اتصالنا مرارا وتكرارا لم نتحصل على الإجابة.
ارتفاع عدد قضايا القتل العمد
وفي إحصائية كان قدمها مماشة مؤخرا في تصريح إعلامي عن عدد قضايا القتل أفاد أن عدد القضايا العدلية من أجل القتل العمد ارتفع من 83 قضية عدلية من أجل القتل العمد خلال سنة 2023، إلى 126 قضية في التسعة أشهر الأولى من سنة 2024.
وأضاف العميد عماد مماشة، أنه تم إنجاح 117 قضية من أجل القتل العمد من بين 126 قضية، وإيقاف 204 عنصرا مورطا في هذه القضايا.
أمّا بالنسبة لعدد قضايا العنف الخفيف فقد انخفض في التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 حيث بلغ 22 ألف و855 قضية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023، حيث بلغت 23 ألفا و273 قضية.
ودعا مشاشة جميع مؤسسات الدولة إلى معاضدة مجهودات وزارة الداخلية في مجابهة العنف والحد من ارتفاع منسوب الجرائم واستعمال المخدرات في صفوف التلاميذ من خلال توفير قاعات مراجعة للتلاميذ أثناء ساعات الراحة وعدم ترك التلاميذ في الشارع عرضة لكل أنواع الاستغلال.
تفشي السلوك الإجرامي في مجتمعنا حسب المختصون في علم الاجتماع هو نتاج عوامل عديدة اجتماعية، الى نفسية، واقتصادية بالإضافة إلى عوامل أخرى كطغيان وهيمنة ثقافة العنف التي أصبحت لغة العديد من الفئات والشرائح وتراجع دور الأسرة.