إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

آلاف الهكتارات منها مهملة أو مسندة لغير مستحقيها.. ملف الأراضي الدولية تحت مجهر التدقيق والمتابعة

تونس – الصباح

مثل ملف الأراضي الدولية وتمكين الشركات الأهلية من التصرف فيها ومتابعة وضعية ديوان الأراضي الدولية، محور اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي جدد خلال لقائه، أول أمس، بكل من وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، وجدي الهذيلي، تأكيده على ضرورة الإسراع بتطهير الديوان، وإعداد نص قانوني يمنح الأولوية خاصة للشباب لبعث شركات أهلية.

ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، قال الرئيس سعيد إن حوالي 230 ألف هكتار من الأراضي الدولية، هي الآن "إما أنها مهملة وإما أنها مستغلة بأبخس الأثمان لفائدة أشخاص منذ عقود"، وأشار أيضا إلى وجود شبهات فساد في ما يتعلق بإسناد الأراضي الدولية والتصرف فيها، من خلال "الاستيلاء على مساحات كبرى دون أي وجه قانوني".

وأوضح رئيس الجمهورية أن الأولوية مبدأ مكرّس بالقانون ويجب أن يتم تكريسه في مجال استغلال الأراضي الدولية. وخلُص إلى أن "تونس في حاجة اليوم إلى جلاء زراعي جديد ينتفع به المواطنون ويعود بالنفع على الوطن كله، وتونس يمكن أن تحقق الاكتفاء الفلاحي لما تزخر به من ثروات."

وتنفيذا لتعليمات رئيس الدولة، أعلنت رئاسة الحكومة عن انعقاد مجلس وزاري مضيق في نفس اليوم بإشراف رئيس الحكومة كمال المدوري تداول في مشروع قانون يكرس مبدأ أولوية استغلال الأراضي الفلاحية الدولية من قبل الشركات الأهلية، مؤكدة انه تقرر عرض المشروع على أنظار مجلس الوزراء.

وأبرزت رئاسة الحكومة في بلاغ صدر عنها أمس، ان انعقاد المجلس يأتي تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهوريّة بمراجعة التّشريع المنظّم لاستغلال الأراضي الفلاحيّة الدوليّة وخاصّة الأراضي الفلاحيّة المسترجعة والموضوعة على ذمّة ديوان الأراضي الدوليّة وغير المستغلّة بما يتيح حسن توظيفها لبعث مشاريع منتجة وخلق القيمة المضافة وتحقيق مقوّمات التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

وأشارت الى أن المجلس الوزاري المضيق انعقد بحضور كل من وزير أملاك الدّولة والشؤون العقاريّة وجدي الهذيلي ووزير الفلاحة والموارد المائيّة والصيّد البحري عز الدّين بن الشيخ ووزير التّشغيل والتكوين المهني رياض شوّد وكاتبة الدّولة لدى وزير التّشغيل والتّكوين المهني المكلّفة بالشّركات الأهليّة حسنة جيب الله.

يذكر أن الديوان الوطني للأراضي الدولية يتصرف في الأراضي ذات الصّبغة الفلاحيّة، وتتوفّر لديه حوالي 156 ألف هكتار من الأراضي موزّعة على مختلف ولايات الجمهوريّة مستغلّة أساسا في غراسة الزّياتين والأشجار المثمرة الأخرى وفي الزراعات الكبرى والمراعي. ويعتمد نشاط الدّيوان أيضا على تربية الماشية وعلى تربية الدواجن، وفق ما ورد في تقرير رقابي صادر عن محكمة المحاسبات..

أما المساحة الجملية للأراضي الدولية الفلاحية، فتقدر بـحوالي 500 ألف هكتار، وهي مساحات متأتية أساسا من قانون التأميم حيث كانت على ملك الأجانب قبل الاستقلال، وفق ما أفاد به سمير العلاقي مدير عام التصرف والبيوعات بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية في تصريح إعلامي سابق.

وضعية الأراضي الدولية تحت المتابعة والتدقيق

وينتظر أن تصدر خلال الأيام المقبلة قرارات متعلقة بمراجعة كيفية التصرف في الأراضي الدولية، وتقييم الأراضي التي أسندت إلى بعض المستثمرين لاستغلالها، واتضح وجود تقصير في التصرف فيها أو استغلت لغير الغرض منها مثل تثمينها واستصلاحها زراعيا.. فضلا عن إمكانية إحالة بعض ملفات تلك الأراضي على القضاء بعد التأكد من وجود شبهات فساد في التصرف فيها أو في طرق إسنادها..

تجدر الإشارة إلى أن وضعية ديوان الأراضي الدولية هي الآن تحت مجهر المتابعة والتدقيق من قبل الحكومة، إذ سبق أن كانت محورا لمجلس وزاري انعقد في 8 أكتوبر 2024 وتقرر فيها عدد من الإجراءات بهدف "المحافظة على الدور الاقتصادي والاجتماعي للديوان والنهوض بأدائه وتطوير مردوديته"، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة.

وخصص المجلس للنظر في الإجراءات المالية والهيكلية الكفيلة بالنهوض بأداء الديوان. وأكّد رئيس الحكومة "على ضرورة بلورة إستراتيجية شاملة لتثمين الرصيد العقاري الفلاحي للدولة للعب دوره كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الأمن الغذائي الوطني وللتعديل الاستراتيجي للسوق من خلال توفير العرض وتحديد الأسعار المرجعية للمنتجات، وعلى الدور الاستراتيجي لديوان الأراضي الدوليّة في الإطار، مشدّدا على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات للنهوض بأداء هذه المؤسّسة وتطوير أنشطتها وتحسين مردوديتها."

وشدّد المدّوري على "أهمية تذليل العقبات وملاءمة التشريعات بما يمكّن من التوظيف الأمثل لهذا الرصيد العقاري الفلاحي وتحقيق القيمة المضافة المرجوّة منه والرفع من نجاعة طرق التصرف على مستوى الديوان والضيعات الفلاحية التابعة له وإيجاد معالجة جذرية لاستغلال الأراضي الفلاحية المسترجعة خاصّة، لتكون قاطرة للتنمية بالنسبة لمختلف أشكال الاستثمار المخوّلة قانونا لفائدة المستغلّين وكذلك للشركات الأهلية."

وأقرّ المجلس إجراءات لفائدة ديوان الأراضي الدولية تهدف إلى ضمان إيفائه بالتزاماته المالية لتأمين جاهزيّته للموسم الفلاحي 2024-2025، مع الدعوة إلى استكمال إعداد مخطط أعمال في موفّى الشهر الحالي وفق رؤية إستراتيجية طموحة بما من شأنه تطوير أنشطته الاقتصادية وأثره المجتمعي وتعصير أساليب وآليات إنتاجه ضمانا لديمومته.

قرارات لفائدة الشركات الأهلية

وفي إطار متصل بتسهيل عمل الشركات الأهلية وتمكينها من فرصة التصرف في الأراضي الدولية الفلاحية، سبق للحكومة أن اتخذت عدة قرارات وإجراءات وأصدرت أوامر ترتيبية للغرض. وذلك على غرار الإجراءات التي اتخذها مجلس وزاري انعقد في 20 جوان 2024، لفائدة الشركات الأهلية.

من بين الإجراءات، وضع التمويلات والضمانات اللازمة على ذمّة الشركات الأهلية، مع إمكانية دعمها في فترة لاحقة، علما أنه تمّ تخصيص مبلغ 20 مليون دينار في إطار قانون المالية لسنة 2023 وتدعيمه باعتمادات بـ20 مليون دينار في قانون المالية لسنة 2024، مع إمكانية استغلال الأراضي الدولية عند توفر الشروط اللازمة عبر مراجعة وتنقيح النصوص القانونية الجاري بها العمل.

كما تقرر إحداث لجنة عبر قطاعية تترأسها وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع ووزارة الداخلية وكتابة الدولة المكلفة بالشركات الأهلية صلب وزارة التكوين المهني والتشغيل لمتابعة وتأطير الشركات الأهلية على المستوي المحلي والجهوي وذلك قبل وبعد إحداثها.

امتيازات لدفع الاستثمار والتنمية الجهوية

كما وافق مجلس وزاري انعقد في شهر مارس الماضي، على مشروع أمر يتعلق بتنظيم إسناد الأراضي الدولية غير الفلاحية في صيغتي الكراء طويل الأمد أو بالدينار الرمزي لإنجاز المشاريع ذات الأهمية الوطنية، وقد صدر الأمر بتاريخ 13 مارس 2024 بالرائد الرسمي.

ويهدف الأمر إلى تشجيع الاستثمار ودفع الاستثمارات العمومية أو الخاصة، ويأتي تطبيقا للفصل 19 من القانون 2019-47 بتاريخ 29 ماي 2019 المتعلق بتحسين مناخ الاستثمار والقاضي ببلورة جملة من الحوافز ذات طابع عقاري تضاف الى الحوافز المالية والديوانية والجبائية وغيرها بهدف دفع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال في تونس.

ومن شأن هذا الامتياز أن يساهم أيضا في تذليل الصعوبات التي تعترض المستثمرين في عديد الجهات في تنفيذ مشاريعهم، على غرار الشركات الأهلية التي ثبت أنها تواجه صعوبات عقارية ومالية تعرقل نشاطها، وتحتاج إلى تسهيلات في التصرف في أراضي أو عقارات غير فلاحية لإقامة مشاريعها الاستثمارية..

يذكر أن الفصل 19 من قانون المتعلق بتحسين مناخ الاستثمار نص على "إسناد الأراضي الدولية غير الفلاحية في صيغة كراء طويل الأمد أو بالدينار الرمزي، ويسقط حق المستثمر على الأرض المسندة وتسترجعها الدولة في حالة توقفه عن النشاط نهائي..

وإلى جانب هذا الامتياز نص نفس الفصل على تمتع المستثمر بمنحة الاستثمار في حدود ثلث كلفة الاستثمار بما في ذلك المصاريف الناتجة عن أشغال البنية الأساسية الداخلية مع سقف بـثلاثين (30) مليون دينار، وطرح الأرباح من قاعدة الضريبة على الشركات لمدة عشر سنوات، ومساهمة الدولة في مصاريف البنية التحتية.

إلى جانب تكفل الدولة بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للأعوان التونسيين على فترة لا تتجاوز العشر سنوات الأولى ابتداء من تاريخ الدخول طور النشاط الفعلي.

وفي 30 سبتمبر 2024، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير التشغيل والتكوين المهني المكلفة بالشركات الأهلية حسنة جيب بالله ، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، لدى إشرافها على افتتاح شركات أهلية بسبيطلة في ولاية القصرين المختصة، أنه سيتم اتخاذ إجراءات لفائدة الشركات الأهلية تشمل الترفيع في التمويل ومنحة الدعم والتوجه نحو رقمنة ملف الشركات الأهلية للحدّ من الأخطاء عند التأسيس وتسريع إحداثها الى جانب حل مشكل الأراضي الدولية الفلاحية بموجب قرار مشترك بين وزارتي التشغيل والتكوين المهني والفلاحة والصيد البحري لتمكين أصحاب الشركات الأهلية من الاستثمار في هذا القطاع..

مبادرة قانونية

وفي سياق متصل، تقدمت مجموعة من النواب قبل أشهر، بمقترح قانون يتعلق بتنظيم التصرّف في الأراضي الدولية الفلاحية، ويهدف إلى منح أراضٍ زراعية للشباب وخاصة أصحاب الشركات الأهلية.

وقد عقدت في شأنه لجنة الفلاحة جلسة استماع في شهر جوان الماضي، وأوضح أصحاب المبادرة أنّ “الهدف من تقديم هذا المقترح هو إنقاذ المركبات الفلاحية الدولية من الوضع الكارثي الذي تعيشه حيث أصبحت مهملة تماماً، مع إدماجها من جديد في الدورة الاقتصادية في ظل غياب التوجهات الإصلاحية للنهوض بها”.

وتشير عدة دراسات ميدانية، إلى الوضعية الكارثية والإهمال الذي يطال لأراضي الدولية، وهي تتعرض إلى مسارات معقدة من السلب والانتهاك، وثلث هذه الأراضي الآن تحت تتصرف شركات استثمارية خاصة مثل شركات الإحياء والتنمية الفلاحية.

رفيق بن عبد الله

آلاف الهكتارات منها مهملة أو مسندة لغير مستحقيها..  ملف الأراضي الدولية تحت مجهر التدقيق والمتابعة

تونس – الصباح

مثل ملف الأراضي الدولية وتمكين الشركات الأهلية من التصرف فيها ومتابعة وضعية ديوان الأراضي الدولية، محور اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي جدد خلال لقائه، أول أمس، بكل من وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، وجدي الهذيلي، تأكيده على ضرورة الإسراع بتطهير الديوان، وإعداد نص قانوني يمنح الأولوية خاصة للشباب لبعث شركات أهلية.

ووفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، قال الرئيس سعيد إن حوالي 230 ألف هكتار من الأراضي الدولية، هي الآن "إما أنها مهملة وإما أنها مستغلة بأبخس الأثمان لفائدة أشخاص منذ عقود"، وأشار أيضا إلى وجود شبهات فساد في ما يتعلق بإسناد الأراضي الدولية والتصرف فيها، من خلال "الاستيلاء على مساحات كبرى دون أي وجه قانوني".

وأوضح رئيس الجمهورية أن الأولوية مبدأ مكرّس بالقانون ويجب أن يتم تكريسه في مجال استغلال الأراضي الدولية. وخلُص إلى أن "تونس في حاجة اليوم إلى جلاء زراعي جديد ينتفع به المواطنون ويعود بالنفع على الوطن كله، وتونس يمكن أن تحقق الاكتفاء الفلاحي لما تزخر به من ثروات."

وتنفيذا لتعليمات رئيس الدولة، أعلنت رئاسة الحكومة عن انعقاد مجلس وزاري مضيق في نفس اليوم بإشراف رئيس الحكومة كمال المدوري تداول في مشروع قانون يكرس مبدأ أولوية استغلال الأراضي الفلاحية الدولية من قبل الشركات الأهلية، مؤكدة انه تقرر عرض المشروع على أنظار مجلس الوزراء.

وأبرزت رئاسة الحكومة في بلاغ صدر عنها أمس، ان انعقاد المجلس يأتي تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهوريّة بمراجعة التّشريع المنظّم لاستغلال الأراضي الفلاحيّة الدوليّة وخاصّة الأراضي الفلاحيّة المسترجعة والموضوعة على ذمّة ديوان الأراضي الدوليّة وغير المستغلّة بما يتيح حسن توظيفها لبعث مشاريع منتجة وخلق القيمة المضافة وتحقيق مقوّمات التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

وأشارت الى أن المجلس الوزاري المضيق انعقد بحضور كل من وزير أملاك الدّولة والشؤون العقاريّة وجدي الهذيلي ووزير الفلاحة والموارد المائيّة والصيّد البحري عز الدّين بن الشيخ ووزير التّشغيل والتكوين المهني رياض شوّد وكاتبة الدّولة لدى وزير التّشغيل والتّكوين المهني المكلّفة بالشّركات الأهليّة حسنة جيب الله.

يذكر أن الديوان الوطني للأراضي الدولية يتصرف في الأراضي ذات الصّبغة الفلاحيّة، وتتوفّر لديه حوالي 156 ألف هكتار من الأراضي موزّعة على مختلف ولايات الجمهوريّة مستغلّة أساسا في غراسة الزّياتين والأشجار المثمرة الأخرى وفي الزراعات الكبرى والمراعي. ويعتمد نشاط الدّيوان أيضا على تربية الماشية وعلى تربية الدواجن، وفق ما ورد في تقرير رقابي صادر عن محكمة المحاسبات..

أما المساحة الجملية للأراضي الدولية الفلاحية، فتقدر بـحوالي 500 ألف هكتار، وهي مساحات متأتية أساسا من قانون التأميم حيث كانت على ملك الأجانب قبل الاستقلال، وفق ما أفاد به سمير العلاقي مدير عام التصرف والبيوعات بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية في تصريح إعلامي سابق.

وضعية الأراضي الدولية تحت المتابعة والتدقيق

وينتظر أن تصدر خلال الأيام المقبلة قرارات متعلقة بمراجعة كيفية التصرف في الأراضي الدولية، وتقييم الأراضي التي أسندت إلى بعض المستثمرين لاستغلالها، واتضح وجود تقصير في التصرف فيها أو استغلت لغير الغرض منها مثل تثمينها واستصلاحها زراعيا.. فضلا عن إمكانية إحالة بعض ملفات تلك الأراضي على القضاء بعد التأكد من وجود شبهات فساد في التصرف فيها أو في طرق إسنادها..

تجدر الإشارة إلى أن وضعية ديوان الأراضي الدولية هي الآن تحت مجهر المتابعة والتدقيق من قبل الحكومة، إذ سبق أن كانت محورا لمجلس وزاري انعقد في 8 أكتوبر 2024 وتقرر فيها عدد من الإجراءات بهدف "المحافظة على الدور الاقتصادي والاجتماعي للديوان والنهوض بأدائه وتطوير مردوديته"، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة.

وخصص المجلس للنظر في الإجراءات المالية والهيكلية الكفيلة بالنهوض بأداء الديوان. وأكّد رئيس الحكومة "على ضرورة بلورة إستراتيجية شاملة لتثمين الرصيد العقاري الفلاحي للدولة للعب دوره كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ولضمان الأمن الغذائي الوطني وللتعديل الاستراتيجي للسوق من خلال توفير العرض وتحديد الأسعار المرجعية للمنتجات، وعلى الدور الاستراتيجي لديوان الأراضي الدوليّة في الإطار، مشدّدا على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات للنهوض بأداء هذه المؤسّسة وتطوير أنشطتها وتحسين مردوديتها."

وشدّد المدّوري على "أهمية تذليل العقبات وملاءمة التشريعات بما يمكّن من التوظيف الأمثل لهذا الرصيد العقاري الفلاحي وتحقيق القيمة المضافة المرجوّة منه والرفع من نجاعة طرق التصرف على مستوى الديوان والضيعات الفلاحية التابعة له وإيجاد معالجة جذرية لاستغلال الأراضي الفلاحية المسترجعة خاصّة، لتكون قاطرة للتنمية بالنسبة لمختلف أشكال الاستثمار المخوّلة قانونا لفائدة المستغلّين وكذلك للشركات الأهلية."

وأقرّ المجلس إجراءات لفائدة ديوان الأراضي الدولية تهدف إلى ضمان إيفائه بالتزاماته المالية لتأمين جاهزيّته للموسم الفلاحي 2024-2025، مع الدعوة إلى استكمال إعداد مخطط أعمال في موفّى الشهر الحالي وفق رؤية إستراتيجية طموحة بما من شأنه تطوير أنشطته الاقتصادية وأثره المجتمعي وتعصير أساليب وآليات إنتاجه ضمانا لديمومته.

قرارات لفائدة الشركات الأهلية

وفي إطار متصل بتسهيل عمل الشركات الأهلية وتمكينها من فرصة التصرف في الأراضي الدولية الفلاحية، سبق للحكومة أن اتخذت عدة قرارات وإجراءات وأصدرت أوامر ترتيبية للغرض. وذلك على غرار الإجراءات التي اتخذها مجلس وزاري انعقد في 20 جوان 2024، لفائدة الشركات الأهلية.

من بين الإجراءات، وضع التمويلات والضمانات اللازمة على ذمّة الشركات الأهلية، مع إمكانية دعمها في فترة لاحقة، علما أنه تمّ تخصيص مبلغ 20 مليون دينار في إطار قانون المالية لسنة 2023 وتدعيمه باعتمادات بـ20 مليون دينار في قانون المالية لسنة 2024، مع إمكانية استغلال الأراضي الدولية عند توفر الشروط اللازمة عبر مراجعة وتنقيح النصوص القانونية الجاري بها العمل.

كما تقرر إحداث لجنة عبر قطاعية تترأسها وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع ووزارة الداخلية وكتابة الدولة المكلفة بالشركات الأهلية صلب وزارة التكوين المهني والتشغيل لمتابعة وتأطير الشركات الأهلية على المستوي المحلي والجهوي وذلك قبل وبعد إحداثها.

امتيازات لدفع الاستثمار والتنمية الجهوية

كما وافق مجلس وزاري انعقد في شهر مارس الماضي، على مشروع أمر يتعلق بتنظيم إسناد الأراضي الدولية غير الفلاحية في صيغتي الكراء طويل الأمد أو بالدينار الرمزي لإنجاز المشاريع ذات الأهمية الوطنية، وقد صدر الأمر بتاريخ 13 مارس 2024 بالرائد الرسمي.

ويهدف الأمر إلى تشجيع الاستثمار ودفع الاستثمارات العمومية أو الخاصة، ويأتي تطبيقا للفصل 19 من القانون 2019-47 بتاريخ 29 ماي 2019 المتعلق بتحسين مناخ الاستثمار والقاضي ببلورة جملة من الحوافز ذات طابع عقاري تضاف الى الحوافز المالية والديوانية والجبائية وغيرها بهدف دفع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال في تونس.

ومن شأن هذا الامتياز أن يساهم أيضا في تذليل الصعوبات التي تعترض المستثمرين في عديد الجهات في تنفيذ مشاريعهم، على غرار الشركات الأهلية التي ثبت أنها تواجه صعوبات عقارية ومالية تعرقل نشاطها، وتحتاج إلى تسهيلات في التصرف في أراضي أو عقارات غير فلاحية لإقامة مشاريعها الاستثمارية..

يذكر أن الفصل 19 من قانون المتعلق بتحسين مناخ الاستثمار نص على "إسناد الأراضي الدولية غير الفلاحية في صيغة كراء طويل الأمد أو بالدينار الرمزي، ويسقط حق المستثمر على الأرض المسندة وتسترجعها الدولة في حالة توقفه عن النشاط نهائي..

وإلى جانب هذا الامتياز نص نفس الفصل على تمتع المستثمر بمنحة الاستثمار في حدود ثلث كلفة الاستثمار بما في ذلك المصاريف الناتجة عن أشغال البنية الأساسية الداخلية مع سقف بـثلاثين (30) مليون دينار، وطرح الأرباح من قاعدة الضريبة على الشركات لمدة عشر سنوات، ومساهمة الدولة في مصاريف البنية التحتية.

إلى جانب تكفل الدولة بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للأعوان التونسيين على فترة لا تتجاوز العشر سنوات الأولى ابتداء من تاريخ الدخول طور النشاط الفعلي.

وفي 30 سبتمبر 2024، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير التشغيل والتكوين المهني المكلفة بالشركات الأهلية حسنة جيب بالله ، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، لدى إشرافها على افتتاح شركات أهلية بسبيطلة في ولاية القصرين المختصة، أنه سيتم اتخاذ إجراءات لفائدة الشركات الأهلية تشمل الترفيع في التمويل ومنحة الدعم والتوجه نحو رقمنة ملف الشركات الأهلية للحدّ من الأخطاء عند التأسيس وتسريع إحداثها الى جانب حل مشكل الأراضي الدولية الفلاحية بموجب قرار مشترك بين وزارتي التشغيل والتكوين المهني والفلاحة والصيد البحري لتمكين أصحاب الشركات الأهلية من الاستثمار في هذا القطاع..

مبادرة قانونية

وفي سياق متصل، تقدمت مجموعة من النواب قبل أشهر، بمقترح قانون يتعلق بتنظيم التصرّف في الأراضي الدولية الفلاحية، ويهدف إلى منح أراضٍ زراعية للشباب وخاصة أصحاب الشركات الأهلية.

وقد عقدت في شأنه لجنة الفلاحة جلسة استماع في شهر جوان الماضي، وأوضح أصحاب المبادرة أنّ “الهدف من تقديم هذا المقترح هو إنقاذ المركبات الفلاحية الدولية من الوضع الكارثي الذي تعيشه حيث أصبحت مهملة تماماً، مع إدماجها من جديد في الدورة الاقتصادية في ظل غياب التوجهات الإصلاحية للنهوض بها”.

وتشير عدة دراسات ميدانية، إلى الوضعية الكارثية والإهمال الذي يطال لأراضي الدولية، وهي تتعرض إلى مسارات معقدة من السلب والانتهاك، وثلث هذه الأراضي الآن تحت تتصرف شركات استثمارية خاصة مثل شركات الإحياء والتنمية الفلاحية.

رفيق بن عبد الله