إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ماذا عن المسؤولية الجزائية للطبيب؟

 

 

بقلم: العربي الذيب: مستشار بمجلس نواب الشعب

من حيث المبدأ تنتج المسؤولية الجزائية للطبيب عن جُرم ارتكبه الطبيب في حق المجتمع وبذلك تتولاها النيابة العمومية في حقّه.

تختلف المسؤولية الجزائية عن بقية الأنواع الأخرى من المسؤوليات التي تترتب عنها عقوبات غير سالبة للحرية، كالمسؤولية المدنية التي أساسها دعوى للحصول على تعويض، أو المسؤولية التأديبية التي يكون فيها الطبيب مسؤولا أخلاقيا أمام زملائه من الأطباء ممثلين في هيكل يجمعهم يكون عادة عمادة الأطباء.

من حيث المبدأ تنتج المسؤولية الجزائية للطبيب عن جُرم ارتكبه الطبيب في حق المجتمع وبذلك تتولاها النيابة العمومية في حقّه. ولتأسيس هذه المسؤولية الجزائية يمكن القول إنها مسؤولية بحكم القانون وتتأسس في ظل عدم وجود نص خاص بمهنة الطبيب.

وعمليّا يتمّ تطبيق نصين عامين يتعلقان بالجرح والقتل بدون عمد. ونعني بذلك الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية. حيث ينص الفصل 217 (نقح بالأمر المؤرخ في 17 فيفري 1936) على ما يلي: "يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون دينارا مرتكب القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين". بينما ينصّ الفصل 225 (نقح بالأمر المؤرخ في 17 فيفري 1936)أن:"يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها أربعمائة وثمانون دينارا كل من يتسبب بقصوره أو بجهله ما كانت تلزمه معرفته، أو عدم احتياطه، أو عدم تنبهه، أو تغافله، أو عدم مراعاته للقوانين في إلحاق أضرار بدنية بغيره أو يتسبب فيها عن غير قصد".

والجنحتان تشتركان في أنهما جريمتان غير قصديتين ولا يشترط فيهما ركن العمد. وفي حال ثبت من الأبحاث أن إلحاق الأذى بالمريض كان مقصودا يتم إعادة تكييف الفعلة على أساس أنها محاولة قتل أو قتل أو حتى اعتداء بالعنف نجم عنه تشويه أو سقوط أو بتر جزء من البدن.

ومن الملاحظ أن عبارة الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية وردت فضفاضة واشترطت ركنا معنويا وآخر ماديّا لقيام الجريمة. أما الركن المعنوي فهو انتفاء القصد الإجرامي. بينما يقوم الركن المادي بتسبب الطبيب في المضرة جراء قصور، أو عدم احتياط، أو إهمال، أو عدم مراعاة القوانين. والإهمال قد يكون في علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية. بينما الخطأ المكون للجريمة واسع للغاية.

أما بخصوص أن المسؤولية الجزائية للطبيب هي مسؤولية بحكم القانون. فيرجع أساسه أن القانون يوجب على الطبيب واجبات ليس له خرقها وتمّ التنصيص عليها بأحكام الفصل 217 و225 من المجلة الجزائية سواء كانت العلاقة بين المريض والطبيب تعاقدية في إطار عقد علاج أو عقد تجميل، أو حتى إذا ما انتفت العلاقة العقدية باعتبار أن الطبيب يعمل موظفا بمستشفى أو حتى بمصحة خاصة.

وقد تدخل المشرع لتجريم الإخلال بالواجبات الطبية، حيث يجرّم القانون امتناع الطبيب من إنجاد المريض الذي يكون في خطر. ومن ذلك ما نصّ عليه الفصل 2 من القانون عدد 48 لسنة 1966 المؤرخ في 03 جوان 1966المتعلق بجريمة الامتناع المحظور أن: "يعاقب بخمسة أعوام سجنا وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من كان قادرا على أن يغيث بفعله الشخصي أو بالاستنجاد شخصا في حالة خطر وامتنع عمدا عن ذلك دون خشية خطر على نفسه أو على الغير إن ترتب عن عدم الإغاثة هلاك الشخص أو إصابته بضرر بدني أو تعكير حالته. ويعاقب بالعقوبات المذكورة كل من تفرض على قواعد مهنته مساعدة الغير وإغاثته ويمتنع عن ذلك في الظروف المقررة بالفقرة المتقدمة. ولا تنطبق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية على الجريمة المقررة بالفقرة الثانية أعلاه". علما أن أحكام الفصل 53 المذكور تتعلّق بظروف التخفيف من العقاب.

ويقدّر القاضي مدى خرق الطبيب لواجباته بالاعتماد على تقرير الطبيب الشرعي. وفي انتظار التقرير الشرعي يمكن للقاضي تقدير الوضعية حسب طبيعة الواجب المحمول على الطبيب إن كان فيه ملزما بتحقيق نتيجة أو بمجرد بذل عناية، حيث أن القضاء يكون أكثر صرامة في حال خرق الطبيب لواجب يكون حتميّا القيام به من قبيل التثبت في نوعية الدم قبل نقله للمريض.

 

 

 

 

ماذا عن المسؤولية الجزائية للطبيب؟

 

 

بقلم: العربي الذيب: مستشار بمجلس نواب الشعب

من حيث المبدأ تنتج المسؤولية الجزائية للطبيب عن جُرم ارتكبه الطبيب في حق المجتمع وبذلك تتولاها النيابة العمومية في حقّه.

تختلف المسؤولية الجزائية عن بقية الأنواع الأخرى من المسؤوليات التي تترتب عنها عقوبات غير سالبة للحرية، كالمسؤولية المدنية التي أساسها دعوى للحصول على تعويض، أو المسؤولية التأديبية التي يكون فيها الطبيب مسؤولا أخلاقيا أمام زملائه من الأطباء ممثلين في هيكل يجمعهم يكون عادة عمادة الأطباء.

من حيث المبدأ تنتج المسؤولية الجزائية للطبيب عن جُرم ارتكبه الطبيب في حق المجتمع وبذلك تتولاها النيابة العمومية في حقّه. ولتأسيس هذه المسؤولية الجزائية يمكن القول إنها مسؤولية بحكم القانون وتتأسس في ظل عدم وجود نص خاص بمهنة الطبيب.

وعمليّا يتمّ تطبيق نصين عامين يتعلقان بالجرح والقتل بدون عمد. ونعني بذلك الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية. حيث ينص الفصل 217 (نقح بالأمر المؤرخ في 17 فيفري 1936) على ما يلي: "يعاقب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها سبعمائة وعشرون دينارا مرتكب القتل عن غير قصد الواقع أو المتسبب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين". بينما ينصّ الفصل 225 (نقح بالأمر المؤرخ في 17 فيفري 1936)أن:"يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها أربعمائة وثمانون دينارا كل من يتسبب بقصوره أو بجهله ما كانت تلزمه معرفته، أو عدم احتياطه، أو عدم تنبهه، أو تغافله، أو عدم مراعاته للقوانين في إلحاق أضرار بدنية بغيره أو يتسبب فيها عن غير قصد".

والجنحتان تشتركان في أنهما جريمتان غير قصديتين ولا يشترط فيهما ركن العمد. وفي حال ثبت من الأبحاث أن إلحاق الأذى بالمريض كان مقصودا يتم إعادة تكييف الفعلة على أساس أنها محاولة قتل أو قتل أو حتى اعتداء بالعنف نجم عنه تشويه أو سقوط أو بتر جزء من البدن.

ومن الملاحظ أن عبارة الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية وردت فضفاضة واشترطت ركنا معنويا وآخر ماديّا لقيام الجريمة. أما الركن المعنوي فهو انتفاء القصد الإجرامي. بينما يقوم الركن المادي بتسبب الطبيب في المضرة جراء قصور، أو عدم احتياط، أو إهمال، أو عدم مراعاة القوانين. والإهمال قد يكون في علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية. بينما الخطأ المكون للجريمة واسع للغاية.

أما بخصوص أن المسؤولية الجزائية للطبيب هي مسؤولية بحكم القانون. فيرجع أساسه أن القانون يوجب على الطبيب واجبات ليس له خرقها وتمّ التنصيص عليها بأحكام الفصل 217 و225 من المجلة الجزائية سواء كانت العلاقة بين المريض والطبيب تعاقدية في إطار عقد علاج أو عقد تجميل، أو حتى إذا ما انتفت العلاقة العقدية باعتبار أن الطبيب يعمل موظفا بمستشفى أو حتى بمصحة خاصة.

وقد تدخل المشرع لتجريم الإخلال بالواجبات الطبية، حيث يجرّم القانون امتناع الطبيب من إنجاد المريض الذي يكون في خطر. ومن ذلك ما نصّ عليه الفصل 2 من القانون عدد 48 لسنة 1966 المؤرخ في 03 جوان 1966المتعلق بجريمة الامتناع المحظور أن: "يعاقب بخمسة أعوام سجنا وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من كان قادرا على أن يغيث بفعله الشخصي أو بالاستنجاد شخصا في حالة خطر وامتنع عمدا عن ذلك دون خشية خطر على نفسه أو على الغير إن ترتب عن عدم الإغاثة هلاك الشخص أو إصابته بضرر بدني أو تعكير حالته. ويعاقب بالعقوبات المذكورة كل من تفرض على قواعد مهنته مساعدة الغير وإغاثته ويمتنع عن ذلك في الظروف المقررة بالفقرة المتقدمة. ولا تنطبق أحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية على الجريمة المقررة بالفقرة الثانية أعلاه". علما أن أحكام الفصل 53 المذكور تتعلّق بظروف التخفيف من العقاب.

ويقدّر القاضي مدى خرق الطبيب لواجباته بالاعتماد على تقرير الطبيب الشرعي. وفي انتظار التقرير الشرعي يمكن للقاضي تقدير الوضعية حسب طبيعة الواجب المحمول على الطبيب إن كان فيه ملزما بتحقيق نتيجة أو بمجرد بذل عناية، حيث أن القضاء يكون أكثر صرامة في حال خرق الطبيب لواجب يكون حتميّا القيام به من قبيل التثبت في نوعية الدم قبل نقله للمريض.

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews