المسؤولية على عاتق كل غيور على المنظمة وتاريخها العريق وما قدمته من تضحيات في سبيل حريتها واستقلال قرارها وتسييرها ديمقراطياً جسيمة اليوم أكثر من ذي قبل.
يُخطئ من يظن أنّ ما حدث في المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل أيام 5 و6 و7 سبتمبر 2024 هو حدث عارض قد مرّ مرور السحاب، وأنه في ظرف أيام قليلة سيُنسى ما جدّ من صراع بلغ أوجه داخل قاعة المجلس الوطني للاتحاد. حيث لم يشهد تاريخ منظمة حشاد العريقة على امتداد سبعة عقود مثل ما حدث من صياح وسباب.
لقد كانت أشغال المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل على امتداد ثلاثة أيام بعيدة كل البعد عن مصالح العمال والأهداف التي بُنيت من أجلها المنظمة. ولم يكن التوتر داخلها بسبب اختلاف الآراء والمواقف حول واقع المنظمة وآفاقها المستقبلية وانتظارات العاملات والعمال بالفكر والساعد من استحقاقات مطلبية أبرمت في شأنها اتفاقيات ومحاضر جلسات مرّت عليها سنوات ولم تر طريقها إلى التطبيق. كذلك لم يتداول المؤتمرون حول ما تعيشه العديد من القطاعات، إن لم نقل جلّها، من تردّ في ظروف العمل ونقص في الإمكانات المتاحة لتقديم الخدمات، خاصة في القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والنقل.بالإضافة إلى إهمال موضوع تفاقم الأوضاع البيئية يوماً بعد يوم وتأثيرها الجسيم على صحة المواطنين وسلامة عيشهم.
لم تدر رحى أشغال المجلس الوطني إلاّ حول الخلافات بشأن ضرورة تقديم المؤتمر الاستثنائي لينعقد سنة 2025 مقابل إصرار شق آخر يتزعمه الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي على أن يُنظم المؤتمر في موعده الطبيعي سنة 2027. كانت الصراعات بين الاتجاهات المختلفة تهدف إلى التموقع في المسؤوليات النقابية جهوياً ومركزياً ومعرفة إن كانت تركيبة القيادة المركزية ستبقى على حالها أم سيقع تجديدها. إن التموقع كان سيد الموقف بالتّنكر للمواقف والمبادئ.
والسّؤال المركزي الذي يطرح نفسه هو التالي: ما هو مآل المنظمة بعد ما شهدته من انقسامات من أجل "الكعكة"؟
إنّ الاعترافات المتتالية التي وردت على لسان أعلى هرم المنظمة بالقول "إنّنا فشلنا فشلاً ذريعاً وعلينا أن نرحل" وإنّ الانقلاب على الفصل العشرين كان سبب المصائب والانحرافات الخطيرة التي تعيشها المنظمة منذ مؤتمر صفاقس اللاشرعي، هو، في اعتقادنا، مجرّد كلام لإطفاء لهيب الصراع وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه "بوس خوك وتعدّى". وإنه لعمري أسلوب فيه كثير من الدهاء والمكر حتى يبلع جميع النقابيّين "الحربوشة" وتعود حليمة إلى عادتها القديمة وتبقى دار لقمان على حالها.
إنّنا نرى أنّ المسؤولية على عاتق كل غيور على المنظمة وتاريخها العريق وما قدمته من تضحيات في سبيل حريتها واستقلال قرارها وتسييرها ديمقراطياً جسيمة اليوم أكثر من ذي قبل. حيث لا فرق بين نقابي ونقابي إلاّ بدرجة النضال والسلوك الإيثاري ونكران الذات من أجل أن تبقى منظمة حشاد قوية شامخة لا تفرط في إرثها النضالي على المستوى الاجتماعي والسياسي في معركة التحرر الوطني زمن الاستعمار المباشر وغير المباشر.
لقد سجّلت المعارضة النقابية مواقف مشرفة رغم محاولات تكميم أصواتها والاعتداء عليها لفظياً وجسدياً لأنها تصدّت لخيارات التمديد والانقلاب على نظام المنظمة الداخلي وقوانينها. وأبرز تجاوزات القيادة الحالية كانت بالدّوس على الفصل العشرين وتجميد كل مناضل نقابي صنديد قال "لا" بصوت عالٍ في وجه البيروقراطية النقابية وتجريده، داعياً إلى محاسبتها ومعرفة طريقة تسييرها لمنظمة يلتفّ حولها مئات الآلاف من المنخرطين وتجني من انخراطاتهم مئات الآلاف من الدّنانير.
إنّ هبّة المعارضة النقابية التي امتدت على مرّ سنوات يجب ألاّ تُمنى بالفشل والرّكود وتذهب نضالاتها أدراج الرياح. ولذلك، فإنّ المسار النضالي الغيور على المنظمة والذي هو في بداية طريقه، أو قد تقدم خطوات تذكر، يجب أن يُحيّى تحية إكبار وتقدير. ويجب أن يتواصل هذا المسار وأن ينتشر أكثر فأكثر في كل جهات البلاد وفي كل مقرّات الاتحاد المحلية والجهوية حتى يصل إلى بطحاء محمد علي. ويكون ذلك بتكثيف الاجتماعات النقابية والوقفات الاحتجاجية وبلورة موقف موحد للقوى التقدمية المعارِضة داخل منظمة حشاد من خلال خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف، حتى تُدحرج كل من اعتبر الانتماء إليها فرصة لاستغلال خيراتها ومكاسبها. ويجب التصدي أيضاً لكلّ من اعتقد أن المنصب والكرسي ليس لهما غاية إلاّ بلوغ حلاوة الرضاع، وأن يأتمر المنخرطون والمنخرطات بأوامرهم وأن يكونوا في خدمة أهوائهم وخياراتهم التي تقودها المصلحة الذاتية الضيقة والزبونية والمحسوبية.
مصدّق الشّريف
المسؤولية على عاتق كل غيور على المنظمة وتاريخها العريق وما قدمته من تضحيات في سبيل حريتها واستقلال قرارها وتسييرها ديمقراطياً جسيمة اليوم أكثر من ذي قبل.
يُخطئ من يظن أنّ ما حدث في المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل أيام 5 و6 و7 سبتمبر 2024 هو حدث عارض قد مرّ مرور السحاب، وأنه في ظرف أيام قليلة سيُنسى ما جدّ من صراع بلغ أوجه داخل قاعة المجلس الوطني للاتحاد. حيث لم يشهد تاريخ منظمة حشاد العريقة على امتداد سبعة عقود مثل ما حدث من صياح وسباب.
لقد كانت أشغال المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل على امتداد ثلاثة أيام بعيدة كل البعد عن مصالح العمال والأهداف التي بُنيت من أجلها المنظمة. ولم يكن التوتر داخلها بسبب اختلاف الآراء والمواقف حول واقع المنظمة وآفاقها المستقبلية وانتظارات العاملات والعمال بالفكر والساعد من استحقاقات مطلبية أبرمت في شأنها اتفاقيات ومحاضر جلسات مرّت عليها سنوات ولم تر طريقها إلى التطبيق. كذلك لم يتداول المؤتمرون حول ما تعيشه العديد من القطاعات، إن لم نقل جلّها، من تردّ في ظروف العمل ونقص في الإمكانات المتاحة لتقديم الخدمات، خاصة في القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والنقل.بالإضافة إلى إهمال موضوع تفاقم الأوضاع البيئية يوماً بعد يوم وتأثيرها الجسيم على صحة المواطنين وسلامة عيشهم.
لم تدر رحى أشغال المجلس الوطني إلاّ حول الخلافات بشأن ضرورة تقديم المؤتمر الاستثنائي لينعقد سنة 2025 مقابل إصرار شق آخر يتزعمه الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي على أن يُنظم المؤتمر في موعده الطبيعي سنة 2027. كانت الصراعات بين الاتجاهات المختلفة تهدف إلى التموقع في المسؤوليات النقابية جهوياً ومركزياً ومعرفة إن كانت تركيبة القيادة المركزية ستبقى على حالها أم سيقع تجديدها. إن التموقع كان سيد الموقف بالتّنكر للمواقف والمبادئ.
والسّؤال المركزي الذي يطرح نفسه هو التالي: ما هو مآل المنظمة بعد ما شهدته من انقسامات من أجل "الكعكة"؟
إنّ الاعترافات المتتالية التي وردت على لسان أعلى هرم المنظمة بالقول "إنّنا فشلنا فشلاً ذريعاً وعلينا أن نرحل" وإنّ الانقلاب على الفصل العشرين كان سبب المصائب والانحرافات الخطيرة التي تعيشها المنظمة منذ مؤتمر صفاقس اللاشرعي، هو، في اعتقادنا، مجرّد كلام لإطفاء لهيب الصراع وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه "بوس خوك وتعدّى". وإنه لعمري أسلوب فيه كثير من الدهاء والمكر حتى يبلع جميع النقابيّين "الحربوشة" وتعود حليمة إلى عادتها القديمة وتبقى دار لقمان على حالها.
إنّنا نرى أنّ المسؤولية على عاتق كل غيور على المنظمة وتاريخها العريق وما قدمته من تضحيات في سبيل حريتها واستقلال قرارها وتسييرها ديمقراطياً جسيمة اليوم أكثر من ذي قبل. حيث لا فرق بين نقابي ونقابي إلاّ بدرجة النضال والسلوك الإيثاري ونكران الذات من أجل أن تبقى منظمة حشاد قوية شامخة لا تفرط في إرثها النضالي على المستوى الاجتماعي والسياسي في معركة التحرر الوطني زمن الاستعمار المباشر وغير المباشر.
لقد سجّلت المعارضة النقابية مواقف مشرفة رغم محاولات تكميم أصواتها والاعتداء عليها لفظياً وجسدياً لأنها تصدّت لخيارات التمديد والانقلاب على نظام المنظمة الداخلي وقوانينها. وأبرز تجاوزات القيادة الحالية كانت بالدّوس على الفصل العشرين وتجميد كل مناضل نقابي صنديد قال "لا" بصوت عالٍ في وجه البيروقراطية النقابية وتجريده، داعياً إلى محاسبتها ومعرفة طريقة تسييرها لمنظمة يلتفّ حولها مئات الآلاف من المنخرطين وتجني من انخراطاتهم مئات الآلاف من الدّنانير.
إنّ هبّة المعارضة النقابية التي امتدت على مرّ سنوات يجب ألاّ تُمنى بالفشل والرّكود وتذهب نضالاتها أدراج الرياح. ولذلك، فإنّ المسار النضالي الغيور على المنظمة والذي هو في بداية طريقه، أو قد تقدم خطوات تذكر، يجب أن يُحيّى تحية إكبار وتقدير. ويجب أن يتواصل هذا المسار وأن ينتشر أكثر فأكثر في كل جهات البلاد وفي كل مقرّات الاتحاد المحلية والجهوية حتى يصل إلى بطحاء محمد علي. ويكون ذلك بتكثيف الاجتماعات النقابية والوقفات الاحتجاجية وبلورة موقف موحد للقوى التقدمية المعارِضة داخل منظمة حشاد من خلال خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف، حتى تُدحرج كل من اعتبر الانتماء إليها فرصة لاستغلال خيراتها ومكاسبها. ويجب التصدي أيضاً لكلّ من اعتقد أن المنصب والكرسي ليس لهما غاية إلاّ بلوغ حلاوة الرضاع، وأن يأتمر المنخرطون والمنخرطات بأوامرهم وأن يكونوا في خدمة أهوائهم وخياراتهم التي تقودها المصلحة الذاتية الضيقة والزبونية والمحسوبية.