ما أن تطأ قدمك أرجاء المكان حتى يأخذك سحر الألوان المفعمة بالحياة والحديقة الغناء التي تحاوطه إلى عوالم وأزمنة مغايرة.. حتى أنه يخيل إليك للحظة أنك تتجول في شوارع وانهج أو أزقة احد بلدان أمريكيا اللاتينية..، لكن سٌرعان ما يعيدك العلم التونسي الذي يرفرف عاليا بشموخ، إلى حدود الجغرافيا وحدود الزمان والمكان.. ليذكّرك بأن هذا الفضاء البديع ليس إلا الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة.. لتغٌوص أكثر في تفاصيل هذا الصرح المعرفي والتّكويني الرّائد الذي قطع أشواطا هامة في التطور أضحت من خلاله الأكاديمية مركزا ذا إشعاع محلي ودولي وإفريقي هام...
لا يٌمكن لمن تٌتيح له فرصة زيارة الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة إلاّ أن يٌفتتن بسحر وعظمة المكان.. فأن تكون ضابطا بالبحرية يعني انك ولجت عالما له سحره وطقوسه الخاصّة وقطعت أشواطا هامة وفي مجالات عدة سواء من حيث أهمية التّكوين الذي تٌقدمه الأكاديمية والذي يواكب المستجدات التكنولوجية على الصعيد العالمي.. أو من حيث الفضاءات الترفيهية التي توفرها الأكاديمية والتي أضحت بدورها تمثل تبادلا ثقافيا وحضاريا بامتياز..
وهكذا هي الزيارات الميدانية التي تنظمها وزارة الدفاع الوطني لفائدة الصحفيين تمنحك فرصة ولوج عوالم من طراز خاص، عوالم استثنائية.. لا يمكن إلا أن تنبهر بها..، فلطالما كانت مختلف المؤسسات العسكرية التي تسنى لنا زيارتها عنوانا في الجدية والانضباط والالتزام والولاء للوطن ولا شيء غير الوطن...
"حق المروج الخضر.. والبحر والصحراء.. وحق الوفاء والصبر.. والود والعشرة.. وما فيك من وديان.. واد مجردة ومليان.. لا يوم عنا تهون.. يا زينة البلدان.. يا أم السّواعد سمر.. يا تونس الخضراء"...، رائعة المبدع صلاح مصباح اتخذت بعدا آخر بعد أن صدحت بها حنجرة طالب سينغالي يتلقى تكوينه صلب الأكاديمية في إطار التعاون الدولي بين الأكاديمية وعدد من البلدان..
بلكنة تونسية ممزوجة بلهجته الأم ردد الطالب السينغالي - كلمات واحدة من أغاني الزمن الجميل التي تغنّت بتونس الخضراء.. فنادي الموسيقي الذي تٌوفّره الأكاديمية– مثلما تٌوفّر نواد ترفيهية أخرى في الفنون والآداب والريّاضة- لهؤلاء الطلبة بطاقة سفر نحو موروث حضاري وثقافي مغاير.. وهو ما يعكس في جوهره مدى تأثير هذا النادي وانفتاحه على ثقافات مغايرة..
فالأكاديمية البحرية لمنزل بورقيبة تمنح فرصة التكوين لتلاميذ وضباط من دول شقيقة وصديقة على غرار الكاميرون والسينغال وهذا التمشي يندرج في إطار الانفتاح الإقليمي والدولي وضمن رؤية 2030 المتماهية مع رؤية وزارة الدفاع الوطني والتي تهدف إلى أن تكون الأكاديمية قبلة للتكوين ومنارة إقليمية ودولية مشعة.
في هذا الصرح التكويني الرائد الذي تأسس أواخر سبعينيات القرن الماضي تحت اسم "المعهد الأعلى البحري" قبل أن تطلق عليه لا حقا سنة 1984 تسمية 'الأكاديمية البحرية'' يتلقى التلامذة تكوينا نظريا وتطبيقيا على امتداد 5 سنوات تنتهي بالحصول على شهادة مهندس بثلاثة اختصاصات هي كالتالي:"قيادة سفن وأنظمة بحرية" و"طاقة وتقنيات بحرية" و"هندسة إعلامية" برتبة ضابط...
والأكاديمية البحرية هي أول مؤسسة تعليم عال تونسية تتحصل على شهادة معايير الجودة ايزو 9001 سنة 2005،
الأكاديمية البحرية رغم أنها تسر الناظرين وتمتد على مساحات شاسعة، إلا أنه جاري العمل على توسعتها بما يضفي نجاعة أكثر في التكوين الذي يتلقاه الطالب سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وفي هذا الخصوص أورد العميد البشير المنوبي عن وجود مشروع لتوسعة الأكاديمية قصد مضاعفة طاقة استيعابها وبلوغ نحو 150 تلميذا أجنبيا عوضا عن 50 تلميذا حاليا.
وستقوم الأكاديمية أيضا بتركيز محاكي جديد للملاحة البحرية سينضاف إلى المحاكي الحالي المعتمد والذي يضمّ قاعدة بيانات لعشر مناطق ملاحية، لافتا إلى أن المنظومة التعليمية في الأكاديمية تضاهي مثيلاتها في الدول الكبرى من حيث كفاءة خريجيها المعترف بهم دوليا، موضحا أن هذه المنظومة تعتمد على أحدث تجهيزات الملاحة البحرية وأكثرها تطورا على غرار محاكي الإبحار.
"الشغف ضروري في أي مجال"
ونحن نتجول في أرجاء الأكاديمية، مٌتنقّلين بين أقسامها تسنى لنا ملامسة مدى دقة وخصوصية التكوين الذي يتلقاه الطالب لاسيما على مستوى بعض المواد التي تدرس والتي تستوجب مهارات يتعين على الطالب اكتسابها قبل ولوج عالم البحار.. فالطالب عليه أن يخبر هذا العالم ويتعرف على أسراره قبل أن يغوص في أعماقه.. والإبداع في هذا المجال لن يتحقق دون أن يكون الطالب حقا شغوفا بالتكوين الذي يتلقاه..
"الشغف ضروري في أي مجال.. وللمجال العسكري خصوصياته فهو عمل لا يخضع للتوقيت الإداري ويقوم بالأساس على التضحيات والرغبة في التميز من أجل الوطن والعمل على إشعاع تونس والحفاظ على صورتها"، هكذا اعتبرت الرائد بالبحرية هناء بن الشيخ مديرة الدراسات البحرية والتجارية بالأكاديمية، مٌعرّجة في الإطار نفسه على مراحل التكوين في الأكاديمية في مختلف الاختصاصات وخصوصية كل مرحلة، والتي يعززها تنظيم دورات تكميلية وتنظيم دورات رسكلة، إلى جانب القيام ببحوث علمية وتقنية موضحة أن التكوين في الأكاديمية يشمل تكوينا عسكريا يحظى بالنسبة الأكبر، وتكوينا آخر علميا بنسبة أقل يليه التكوين التقني البحري ثم التكوين العام.
الملفت والمثير للانتباه داخل الأكاديمية البحرية أنك تشعر في بعض أقسامها وكأنك في عرض البحر من خلال المحاكيات التي توفرها الأكاديمية، كمحاكي عمليات بحرية، ومحاكي ملاحة، بهدف تدريب التلاميذ على حسن تطبيق قواعد الملاحة من خلال تدريبهم على تجنب التصادم في البحر وحسن استعمال المعينات البحرية إلى جانب التعرف على مختلف العمليات البحرية.
مركز التكوين في السلامة البحرية
وبعيدا عن جودة التكوين الذي توفره الأكاديمية والذي تعكسه مختلف المخابر الموجودة كالإعلامية والإلكترونيك والالكتروتكنيك والأنقليزية وغيرها هذا بالتوازي مع الاقتناءات لوسائل تدريس حديثة للأكاديمية سيتم تركيزها قريبا بهدف رفع كفاءة التلامذة ومجاراة نسق تطوّر الملاحة البحرية في العالم حفاظا على المستوى المتميّز لخريجي الأكاديمية.. تحظى الأكاديمية البحرية بمركز التكوين والتدريب في السلامة البحرية الذي تمّ بعثه في 1992، وكان حينها مركزا للتصدي للحرائق تابعا للأكاديمية قبل أن يصبح بهذه الصفة، وتتمثل ابرز مهامه في تكوين وتدريب أفراد جيش البحر، وطواقم الأسطول البحري التجاري التونسي والأجنبي، والعاملين على متن المصطبات البترولية في ميدان السلامة البحرية، إلى جانب العديد من الشركات العامة والخاصة العاملة في الميدان، هذا بالتوازي مع القيام بدراسات وتجارب في مجال السلامة البحرية.. كما في عهدته أيضا الخلاص في البحر في حالة إخلاء السفينة وتقليل مخاطر الحرائق والمحافظة على وضع التأهب للتصدي لحالات الطوارئ التي تشمل الحرائق فضلا عن مكافحة الحرائق وإخمادها، واتخاذ تدابير فورية عند مواجهة حادث أو حالة طوارئ طبية..
وقد تسنى لنا في إطار هذه الزيارة مواكبة تمرين يحاكي عملية حريق، فكان التدخل لمواجهة السنة اللهب التي عمت أرجاء المكان أكثر من ناجع حتى خلنا للحظة أن الحريق اندلع فعلا وان الأمر لا يتعلق مطلقا بمجرد سيناريو تم ضبط تفاصيله مسبقا..
الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة هذا الصرح التكويني والمنارة التعليمية الهامة ستبقى تفاصيلها حتما عالقة في الذاكرة.. اختتمت مؤخرا السنة الجامعية بها حيث تولى وزير الدفاع الوطني عماد مميش الإشراف على هذا الحفل بحضور المستشار الأوّل لدى رئيس الجمهورية المكلّف بمهام الكتابة القارة لمجلس الأمن القومي والسادة أعضاء المجلس الأعلى للجيوش وآمر الحرس الوطني وثلّة من سامي إطارات الوزارة من عسكريين ومدنيين
تخرج دورة "الطاهر صفر"
وتوجّه وزير الدّفاع الوطني بمناسبة تخرّج دورة “الطاهر صفر” وحصـولها على شهـــادة ضابط للأكاديمية البحرية، بالتهنئة للضبّاط المتخرّجين وعائلاتهم، مشيدا بمثابرتهم ونجاحهم في كسب زاد علمي ومعرفي وتقني متين وتكوين عسكري متكامل يؤهّلهم لتحمّل المسؤولية والقيام بالواجب كأفضل ما يكون.
كما ثمّن المجهودات التي بذلها القائمون على هذه المؤسّسة التعليمية العسكرية العليا من الإطارات والأساتذة الذين سهروا على تكوين الضباط المتخرّجين تكوينا علميّا يواكب روح العصر، معبّرا عن ارتياحه للمستوى الرفيع الذي بلغته هذه المؤسّسة العتيدة منذ انبعاثها سنة 1978، من خلال تطوير برامج التكوين والمناهج البيداغوجيّة.
ونوّه بانفتاح الأكاديميّة البحريّة على محيطها الخارجي وسعيها لمواكبة النسق السريع للتطوّر التكنولوجي ومسايرة حاجيات ومتطلّبات المؤسسة العسكرية في المجال من أجل المزيد من الإشعاع الدولي وحتّى تصير منارة وقطبا إقليميّا في مجال التكوين البحري تستقطب مُتكوّنين من مختلف الدّول الصديقة والشقيقة، معلنا في هذا السياق بعث “إجازة وماجستير في علوم البحار” على أن يتمّ الشروع في التكوين في هذا المسار الجديد بداية من السنة الدراسية المقبلة، وهو ما سيثري بقية المسالك التكوينية الموجودة حاليا بالأكاديمية البحرية ويستجيب لحاجيات جيش البحر.
وتولّى وزير الدفاع الوطني بالمناسبة تعليق شارات الرتب للمتخرّجين من الضباط الجدد وتوزيع الجوائز على المتفوّقين والاطلاع على مشاريع بحوثهم المنجزة، كما تخلّل الحفل استعراض عسكري وحركات رياضية جماعية وتمارين قتال عن قرب أمّنها التلامذة الضباط الدارسون بالأكاديمية البحرية.
منال حرزي
تونس-الصباح
ما أن تطأ قدمك أرجاء المكان حتى يأخذك سحر الألوان المفعمة بالحياة والحديقة الغناء التي تحاوطه إلى عوالم وأزمنة مغايرة.. حتى أنه يخيل إليك للحظة أنك تتجول في شوارع وانهج أو أزقة احد بلدان أمريكيا اللاتينية..، لكن سٌرعان ما يعيدك العلم التونسي الذي يرفرف عاليا بشموخ، إلى حدود الجغرافيا وحدود الزمان والمكان.. ليذكّرك بأن هذا الفضاء البديع ليس إلا الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة.. لتغٌوص أكثر في تفاصيل هذا الصرح المعرفي والتّكويني الرّائد الذي قطع أشواطا هامة في التطور أضحت من خلاله الأكاديمية مركزا ذا إشعاع محلي ودولي وإفريقي هام...
لا يٌمكن لمن تٌتيح له فرصة زيارة الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة إلاّ أن يٌفتتن بسحر وعظمة المكان.. فأن تكون ضابطا بالبحرية يعني انك ولجت عالما له سحره وطقوسه الخاصّة وقطعت أشواطا هامة وفي مجالات عدة سواء من حيث أهمية التّكوين الذي تٌقدمه الأكاديمية والذي يواكب المستجدات التكنولوجية على الصعيد العالمي.. أو من حيث الفضاءات الترفيهية التي توفرها الأكاديمية والتي أضحت بدورها تمثل تبادلا ثقافيا وحضاريا بامتياز..
وهكذا هي الزيارات الميدانية التي تنظمها وزارة الدفاع الوطني لفائدة الصحفيين تمنحك فرصة ولوج عوالم من طراز خاص، عوالم استثنائية.. لا يمكن إلا أن تنبهر بها..، فلطالما كانت مختلف المؤسسات العسكرية التي تسنى لنا زيارتها عنوانا في الجدية والانضباط والالتزام والولاء للوطن ولا شيء غير الوطن...
"حق المروج الخضر.. والبحر والصحراء.. وحق الوفاء والصبر.. والود والعشرة.. وما فيك من وديان.. واد مجردة ومليان.. لا يوم عنا تهون.. يا زينة البلدان.. يا أم السّواعد سمر.. يا تونس الخضراء"...، رائعة المبدع صلاح مصباح اتخذت بعدا آخر بعد أن صدحت بها حنجرة طالب سينغالي يتلقى تكوينه صلب الأكاديمية في إطار التعاون الدولي بين الأكاديمية وعدد من البلدان..
بلكنة تونسية ممزوجة بلهجته الأم ردد الطالب السينغالي - كلمات واحدة من أغاني الزمن الجميل التي تغنّت بتونس الخضراء.. فنادي الموسيقي الذي تٌوفّره الأكاديمية– مثلما تٌوفّر نواد ترفيهية أخرى في الفنون والآداب والريّاضة- لهؤلاء الطلبة بطاقة سفر نحو موروث حضاري وثقافي مغاير.. وهو ما يعكس في جوهره مدى تأثير هذا النادي وانفتاحه على ثقافات مغايرة..
فالأكاديمية البحرية لمنزل بورقيبة تمنح فرصة التكوين لتلاميذ وضباط من دول شقيقة وصديقة على غرار الكاميرون والسينغال وهذا التمشي يندرج في إطار الانفتاح الإقليمي والدولي وضمن رؤية 2030 المتماهية مع رؤية وزارة الدفاع الوطني والتي تهدف إلى أن تكون الأكاديمية قبلة للتكوين ومنارة إقليمية ودولية مشعة.
في هذا الصرح التكويني الرائد الذي تأسس أواخر سبعينيات القرن الماضي تحت اسم "المعهد الأعلى البحري" قبل أن تطلق عليه لا حقا سنة 1984 تسمية 'الأكاديمية البحرية'' يتلقى التلامذة تكوينا نظريا وتطبيقيا على امتداد 5 سنوات تنتهي بالحصول على شهادة مهندس بثلاثة اختصاصات هي كالتالي:"قيادة سفن وأنظمة بحرية" و"طاقة وتقنيات بحرية" و"هندسة إعلامية" برتبة ضابط...
والأكاديمية البحرية هي أول مؤسسة تعليم عال تونسية تتحصل على شهادة معايير الجودة ايزو 9001 سنة 2005،
الأكاديمية البحرية رغم أنها تسر الناظرين وتمتد على مساحات شاسعة، إلا أنه جاري العمل على توسعتها بما يضفي نجاعة أكثر في التكوين الذي يتلقاه الطالب سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وفي هذا الخصوص أورد العميد البشير المنوبي عن وجود مشروع لتوسعة الأكاديمية قصد مضاعفة طاقة استيعابها وبلوغ نحو 150 تلميذا أجنبيا عوضا عن 50 تلميذا حاليا.
وستقوم الأكاديمية أيضا بتركيز محاكي جديد للملاحة البحرية سينضاف إلى المحاكي الحالي المعتمد والذي يضمّ قاعدة بيانات لعشر مناطق ملاحية، لافتا إلى أن المنظومة التعليمية في الأكاديمية تضاهي مثيلاتها في الدول الكبرى من حيث كفاءة خريجيها المعترف بهم دوليا، موضحا أن هذه المنظومة تعتمد على أحدث تجهيزات الملاحة البحرية وأكثرها تطورا على غرار محاكي الإبحار.
"الشغف ضروري في أي مجال"
ونحن نتجول في أرجاء الأكاديمية، مٌتنقّلين بين أقسامها تسنى لنا ملامسة مدى دقة وخصوصية التكوين الذي يتلقاه الطالب لاسيما على مستوى بعض المواد التي تدرس والتي تستوجب مهارات يتعين على الطالب اكتسابها قبل ولوج عالم البحار.. فالطالب عليه أن يخبر هذا العالم ويتعرف على أسراره قبل أن يغوص في أعماقه.. والإبداع في هذا المجال لن يتحقق دون أن يكون الطالب حقا شغوفا بالتكوين الذي يتلقاه..
"الشغف ضروري في أي مجال.. وللمجال العسكري خصوصياته فهو عمل لا يخضع للتوقيت الإداري ويقوم بالأساس على التضحيات والرغبة في التميز من أجل الوطن والعمل على إشعاع تونس والحفاظ على صورتها"، هكذا اعتبرت الرائد بالبحرية هناء بن الشيخ مديرة الدراسات البحرية والتجارية بالأكاديمية، مٌعرّجة في الإطار نفسه على مراحل التكوين في الأكاديمية في مختلف الاختصاصات وخصوصية كل مرحلة، والتي يعززها تنظيم دورات تكميلية وتنظيم دورات رسكلة، إلى جانب القيام ببحوث علمية وتقنية موضحة أن التكوين في الأكاديمية يشمل تكوينا عسكريا يحظى بالنسبة الأكبر، وتكوينا آخر علميا بنسبة أقل يليه التكوين التقني البحري ثم التكوين العام.
الملفت والمثير للانتباه داخل الأكاديمية البحرية أنك تشعر في بعض أقسامها وكأنك في عرض البحر من خلال المحاكيات التي توفرها الأكاديمية، كمحاكي عمليات بحرية، ومحاكي ملاحة، بهدف تدريب التلاميذ على حسن تطبيق قواعد الملاحة من خلال تدريبهم على تجنب التصادم في البحر وحسن استعمال المعينات البحرية إلى جانب التعرف على مختلف العمليات البحرية.
مركز التكوين في السلامة البحرية
وبعيدا عن جودة التكوين الذي توفره الأكاديمية والذي تعكسه مختلف المخابر الموجودة كالإعلامية والإلكترونيك والالكتروتكنيك والأنقليزية وغيرها هذا بالتوازي مع الاقتناءات لوسائل تدريس حديثة للأكاديمية سيتم تركيزها قريبا بهدف رفع كفاءة التلامذة ومجاراة نسق تطوّر الملاحة البحرية في العالم حفاظا على المستوى المتميّز لخريجي الأكاديمية.. تحظى الأكاديمية البحرية بمركز التكوين والتدريب في السلامة البحرية الذي تمّ بعثه في 1992، وكان حينها مركزا للتصدي للحرائق تابعا للأكاديمية قبل أن يصبح بهذه الصفة، وتتمثل ابرز مهامه في تكوين وتدريب أفراد جيش البحر، وطواقم الأسطول البحري التجاري التونسي والأجنبي، والعاملين على متن المصطبات البترولية في ميدان السلامة البحرية، إلى جانب العديد من الشركات العامة والخاصة العاملة في الميدان، هذا بالتوازي مع القيام بدراسات وتجارب في مجال السلامة البحرية.. كما في عهدته أيضا الخلاص في البحر في حالة إخلاء السفينة وتقليل مخاطر الحرائق والمحافظة على وضع التأهب للتصدي لحالات الطوارئ التي تشمل الحرائق فضلا عن مكافحة الحرائق وإخمادها، واتخاذ تدابير فورية عند مواجهة حادث أو حالة طوارئ طبية..
وقد تسنى لنا في إطار هذه الزيارة مواكبة تمرين يحاكي عملية حريق، فكان التدخل لمواجهة السنة اللهب التي عمت أرجاء المكان أكثر من ناجع حتى خلنا للحظة أن الحريق اندلع فعلا وان الأمر لا يتعلق مطلقا بمجرد سيناريو تم ضبط تفاصيله مسبقا..
الأكاديمية البحرية بمنزل بورقيبة هذا الصرح التكويني والمنارة التعليمية الهامة ستبقى تفاصيلها حتما عالقة في الذاكرة.. اختتمت مؤخرا السنة الجامعية بها حيث تولى وزير الدفاع الوطني عماد مميش الإشراف على هذا الحفل بحضور المستشار الأوّل لدى رئيس الجمهورية المكلّف بمهام الكتابة القارة لمجلس الأمن القومي والسادة أعضاء المجلس الأعلى للجيوش وآمر الحرس الوطني وثلّة من سامي إطارات الوزارة من عسكريين ومدنيين
تخرج دورة "الطاهر صفر"
وتوجّه وزير الدّفاع الوطني بمناسبة تخرّج دورة “الطاهر صفر” وحصـولها على شهـــادة ضابط للأكاديمية البحرية، بالتهنئة للضبّاط المتخرّجين وعائلاتهم، مشيدا بمثابرتهم ونجاحهم في كسب زاد علمي ومعرفي وتقني متين وتكوين عسكري متكامل يؤهّلهم لتحمّل المسؤولية والقيام بالواجب كأفضل ما يكون.
كما ثمّن المجهودات التي بذلها القائمون على هذه المؤسّسة التعليمية العسكرية العليا من الإطارات والأساتذة الذين سهروا على تكوين الضباط المتخرّجين تكوينا علميّا يواكب روح العصر، معبّرا عن ارتياحه للمستوى الرفيع الذي بلغته هذه المؤسّسة العتيدة منذ انبعاثها سنة 1978، من خلال تطوير برامج التكوين والمناهج البيداغوجيّة.
ونوّه بانفتاح الأكاديميّة البحريّة على محيطها الخارجي وسعيها لمواكبة النسق السريع للتطوّر التكنولوجي ومسايرة حاجيات ومتطلّبات المؤسسة العسكرية في المجال من أجل المزيد من الإشعاع الدولي وحتّى تصير منارة وقطبا إقليميّا في مجال التكوين البحري تستقطب مُتكوّنين من مختلف الدّول الصديقة والشقيقة، معلنا في هذا السياق بعث “إجازة وماجستير في علوم البحار” على أن يتمّ الشروع في التكوين في هذا المسار الجديد بداية من السنة الدراسية المقبلة، وهو ما سيثري بقية المسالك التكوينية الموجودة حاليا بالأكاديمية البحرية ويستجيب لحاجيات جيش البحر.
وتولّى وزير الدفاع الوطني بالمناسبة تعليق شارات الرتب للمتخرّجين من الضباط الجدد وتوزيع الجوائز على المتفوّقين والاطلاع على مشاريع بحوثهم المنجزة، كما تخلّل الحفل استعراض عسكري وحركات رياضية جماعية وتمارين قتال عن قرب أمّنها التلامذة الضباط الدارسون بالأكاديمية البحرية.