- مختص في علم الاجتماع: "زطلة" وحبوب هلوسة في الوسط التلمذي"
-أمنيون لـ"الصباح نيوز": نقص التوعية العائلية وبالمدارس أحد أهم أسباب انتشار المخدرات
سجلت المصالح الامنية في الايام القليلة الماضية عدة إيقافات تتعلق بالقبض على أشخاص كانوا يرغبون في ترويج مواد مخدرة بمحيط المؤسسات التربوية، من بينهم ما سجل بجهة بنبلة من ولاية المنستير ويتمثل في إيقاف مروجين للمخدرات حيث تم حجز 120 غراما من "الكوكايين" وكذلك ما سجل بولاية بنزرت فضلا عن عدد من الجهات الاخرى.
في ذات السياق وسعيا لمعرفة الارقام والاحصائيات التي تم تسجيلها خلال الايام القليلة الماضية، أفادنا رئيس قسم الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية فاكر بوزغاية من خلاله في تصريح لـ"الصباح أن المصالح الامنية سجلت في الفترة المتراوحة بين 17 و 25 أكتوبر الجاري 103 قضية تتعلق باستهلاك المخدرات في المقابل تم ايقاف 138 شخصا.
وأضاف بوزغاية أنه بخصوص المسك بغاية الترويج فقد تم تسجيل 57 قضية مقابل ايقاف 102 شخصا، أما في ما يتعلق بتهريب المخدرات فقد سجل عدد 2 قضايا وايقاف شخص واحد.
وعن الكميات المحجوزة من المواد المخدرة في أسبوع، أوضح بوزغاية أنه تم حجز 214غ من مادة"الكوكايين" و12352 من الاقراص المخدرة و21 كغ من مادة القنب الهندي المعروفة بـ"الزطلة".
أمنيون يكشفون أسباب انتشار المخدرات
وسعيا لمعرفة الأسباب الداعمة لانتشار هذه المواد الخطيرة على التلاميذ والأطفال عموما استطلعت "الصباح نيوز" أراء عدد من الامنيين المباشرين لمثل هذه النوعية من الجرائم، حيث أوضح عدد منهم أن أسباب تفاقم ظاهرة ترويج المخدرات بالمحيط المدرسي تتلخص في عدة أسباب أولها نقص التوعية العائلية ثم في المحيط التربوي، كذلك انعدام الامن في ظل كثرة التظاهرات وخاصة السياسية.
ومن بين الاسباب ذكر عدد آخر من الامنيين أنها تهم انعدام الزجر في التعامل مع هؤلاء المستهلكين من الشريحة العمرية، نتيجة سجن أمنيين من جراء العنف وغيره بتعلة الاعتداء على "حقوق الانسان"، فيما ذهب أمنيون آخرون الى التعريج على مسألة قلة الامكانيات البشرية بفرق الاختصاص على غرار فرق الشرطة العدلية ومكافحة المخدرات والوسائل المهترئة...
أمنيون آخرون اوضحوا أن جل المروجين هم من القصر أي من تتراوح اعمارهم 15 و17 سنة في اغلب الحالات كما ان عملية الضبط عادة ما تكون منقوصة في الاجراءات لنقص في الخبرة او السرعة في الاجراءات في ظل مدة احتفاظ غير كافية بالمرة وهي من الاسباب التي اعتبرها محدثونا تحول المروج الى مستهلك وتكون عادة الاحكام خفيفة لا تتماشى والافعال المرتكبة مما يترتب عنها العودة الى ممارسة النشاط. علم الاجتماع: سهولة تواجد المواد المخدرة بالمدارس يشجع على تعاطيها
من جانبه أوضح المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي لـ"الصباح نيوز" أن تفشي المخدرات يعتبر من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع التونسي وخاصة الفئة الشابة منه، عبر انتشارها في مختلف الأحياء التونسية الشعبية منها أو الراقية، والأمر الأخطر هو انتشار المخدرات بأنواعها في الوسط المدرسي، حيث أصبحنا نتحدث عن سهولة تواجد المواد المخدرة من "زطلة" أو حبوب هلوسة في المحيط التلمذي، وهو أمر خطير يهدد السلامة الذهنية والاجتماعية لشبابنا، خاصة داخل المحيط التربوي الذي طالما كان إطارا للتهذيب والتعليم والتقويم وقد أصبح اليوم موصوما بأنه إطار يسهل فيه مرور الطفل من الحياة الأسرية العادية إلى الانحراف بأنواعه.
وبين الدكتور الطويلي أن انتشار المخدرات ليست ظاهرة مقتصرة على المجتمع التونسي، إنما هي متفشية في مختلف المجتمعات العربية، ففي الجزائر مثلا قامت وزارة العدل بتحقيق وطني حول تفشي ظاهرة المخدرات في الوسط المدرسي، وتوصلت إلى أن أكثر من 500 ألف تلميذ في الجزائر يتعاطون المخدرات بمختلف أنواعها.. كما تشير الدراسات إلى أن 24% من شباب المدارس في مصر يتعاطون المخدرات.. أما في تونس فلا وجود لإحصائيات دقيقة تحدد حجم الإدمان أو تحاول حصره.
وأكد محدثنا أنه من الضروري أن نذكر أن في الدول المجاورة هناك عديد المراكز العلاجية المخصصة للعلاج من الإدمان وهي تتبع هيكليا وزارات الصحة في تلك الدول، حيث يجدر الإشارة إلى أن الجزائر تحتوي على 39 مركزا لعلاج الإدمان استقبلت أكثر من 20 ألف مدمن سنة 2016، أما في تونس فهناك مركز استشفائي وحيد في صفاقس، لا يتبع وزارة الصحة، وقد تم إغلاقه إثر الصعوبات التمويلية العديدة التي مر بها.. ومحدثنا هنا أكد أنه يقوم بهذه المقارنة لتبيان الفرق في الجدية في التعامل مع الظاهرة بين البلدين سواء على المستوى العلاجي أو الوقائي أو الإحصائي، ما يفسر وفق قوله استشراء هذه الظاهرة في تونس.
غياب الحراسة بالمعاهد والمدارس
وذكر محدثنا أنهمن بين الاسباب ربما غياب الحراسة داخل المعاهد والمدارس التي تسببت في سهولة دخول المنحرفين داخل هذه الأطر التربوية ونشر سمومهم داخلها، حيث تشير عديد الشهادات إلى أن المخدرات متوفرة وبشكل يسير يشجع الأطفال على تجربتها، وبشتى أنواعها كالقنب الهندي (الزطلة) وشتى أنواع الحبوب المهلوسة كـ"الأرطان" و"السوبيتاكس" و"الاكستازي" و"الباركيزول" وحتى وصولا إلى "الهيروين"و"الكوكايين".. كل ذلك وسط صمت بحثي وإعلامي حاد وفق تعبيره، حيث لا نجد اعترافا بارتفاع تواجد هذه السموم لدى الشباب التونسي إلا في اعتراف وزارة الداخلية التي تتحدث عن ارتفاع عدد المتورطين في استهلاك أو بيع المخدرات من الأحداث وعن خطورته.
من بين الاسباب ايضا -وفق محدثنا -الانفلات داخل المدارس على مستوى الأمن وتوقيت الدروس وغيابات المدرسين وإضراباتهم ما يساهم بشكل هام في تفشي هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية في الوسط المدرسي، حيث يقصد التلميذ المدرسة حسب جدول الأوقات المضبوط لكي يكون محاطا بإطار تربوي كامل ويكون محميا داخل وسط معرفي تحت إشراف الدولة، ولكنه أحيانا يجد نفسه على قارعة الطريق قبالة المدرسة بسبب غياب المدرس أو "الساعات الجوفاء"، وبالتالي يكون عرضة إلى العصابات المنظمة التي تستعمل المنحرفين الذين يجدون من هؤلاء الأطفال فريسة سهلة ولقمة سائغة لترويج سمومهم.. علما وأن نجاح المنحرفين في إلحاق بعض الأطفال بصفوف المدمنين يسهل عليهم إثر ذلك إدخالهم في شبكات أخرى مثل الدعارة أو السرقة أو التسول أوالعنف.
وشدد الدكتور الطويلي على أنه من أخطر الأمور على الطفل هو أن يتم إخراجه من المدرسة بسبب غياب مدرس أو إضراب أو ساعة جوفاء، عبر الجملة الشهيرة التي تتكرر دائما "الأستاذ ماجاش اليوم.. تنجمو تروحو.." التي يتم عبرها منح الحرية للطالب لكي يخرج من بوتقة المدرسة ويمنح لنفسه شيئا من الحرية عبر الخروج لساعة أو ساعتين إلى الشارع، وهؤلاء التلاميذ الذين يخرجون إلى الشارع يكونون مهددين بشكل مباشر بالاستغلال في الجريمة المنظمة بشتى أشكالها، فالطفل الذي يجد نفسه بلا إطار أسري أو تربوي قادر على تأطيره والإحاطة به، يكون معرضا لشتى أشكال الهرسلة والعنف، ويكون فريسة سائغة لقادة العصابات الذين يحاولون استمالة هؤلاء الأطفال بالترغيب أو بالترهيب، واستغلال مقدرتهم وقابليتهم للإجرام، وتكون المخدرات الباب الأول لولوج عالم الإجرام باعتبار أنها تفقد متعاطيها القدرة على التحكم في نفسه، وتفصله عن الواقع وتجعله قادرا على القيام بأشياء لا يعيها، ولا يمكنه أن يقوم بها وهو في حالته الطبيعية.
وذكر الدكتور الطويلي أنه سبق وأن أورد في البداية التجربة الجزائرية في التعامل مع هذه الظاهرة حتى نعتبر من ضرورة التشخيص الحقيقي لهذا الداء والتعامل معه بشكل جدي وصارم، عبر اعتباره موضوعا بحثيا لا يمكننا التغافل عنه، فمن الضروري أن نشخص علميا وبطريقة إحصائية الظاهرة، كما يجب تمويل المراكز العلاجية من الإدمان وزرعها في شتى الولايات، وكذلك نشر الوعي بأخطار المخدرات في الأوساط الشبابية والتلمذية، وتكثيف المجهودات الرقابية والأمنية على الأوساط المدرسية التي أصبحت حلا مباحا لمختلف المتسكعين والمنحرفين الذين يتصيدون الشباب أمام المدارس، ويتحينون الفرص من أجل الدخول إلى الحرم المدرسي ونشر سمومهم المختلفة داخلها، وهذا المشروع الوقائي لا يمكن أن يتم عبر المؤسسات التعليمية وحدها، ولكن عبر مقاربة تشاركية تجمع بين مؤسسات التعليم وبين عائلات التلاميذ وبين الدولة التونسية المطالبة بتوفير الأمن والسلامة النفسية والجسدية لأبنائهم.
سعيدة الميساوي
- مختص في علم الاجتماع: "زطلة" وحبوب هلوسة في الوسط التلمذي"
-أمنيون لـ"الصباح نيوز": نقص التوعية العائلية وبالمدارس أحد أهم أسباب انتشار المخدرات
سجلت المصالح الامنية في الايام القليلة الماضية عدة إيقافات تتعلق بالقبض على أشخاص كانوا يرغبون في ترويج مواد مخدرة بمحيط المؤسسات التربوية، من بينهم ما سجل بجهة بنبلة من ولاية المنستير ويتمثل في إيقاف مروجين للمخدرات حيث تم حجز 120 غراما من "الكوكايين" وكذلك ما سجل بولاية بنزرت فضلا عن عدد من الجهات الاخرى.
في ذات السياق وسعيا لمعرفة الارقام والاحصائيات التي تم تسجيلها خلال الايام القليلة الماضية، أفادنا رئيس قسم الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية فاكر بوزغاية من خلاله في تصريح لـ"الصباح أن المصالح الامنية سجلت في الفترة المتراوحة بين 17 و 25 أكتوبر الجاري 103 قضية تتعلق باستهلاك المخدرات في المقابل تم ايقاف 138 شخصا.
وأضاف بوزغاية أنه بخصوص المسك بغاية الترويج فقد تم تسجيل 57 قضية مقابل ايقاف 102 شخصا، أما في ما يتعلق بتهريب المخدرات فقد سجل عدد 2 قضايا وايقاف شخص واحد.
وعن الكميات المحجوزة من المواد المخدرة في أسبوع، أوضح بوزغاية أنه تم حجز 214غ من مادة"الكوكايين" و12352 من الاقراص المخدرة و21 كغ من مادة القنب الهندي المعروفة بـ"الزطلة".
أمنيون يكشفون أسباب انتشار المخدرات
وسعيا لمعرفة الأسباب الداعمة لانتشار هذه المواد الخطيرة على التلاميذ والأطفال عموما استطلعت "الصباح نيوز" أراء عدد من الامنيين المباشرين لمثل هذه النوعية من الجرائم، حيث أوضح عدد منهم أن أسباب تفاقم ظاهرة ترويج المخدرات بالمحيط المدرسي تتلخص في عدة أسباب أولها نقص التوعية العائلية ثم في المحيط التربوي، كذلك انعدام الامن في ظل كثرة التظاهرات وخاصة السياسية.
ومن بين الاسباب ذكر عدد آخر من الامنيين أنها تهم انعدام الزجر في التعامل مع هؤلاء المستهلكين من الشريحة العمرية، نتيجة سجن أمنيين من جراء العنف وغيره بتعلة الاعتداء على "حقوق الانسان"، فيما ذهب أمنيون آخرون الى التعريج على مسألة قلة الامكانيات البشرية بفرق الاختصاص على غرار فرق الشرطة العدلية ومكافحة المخدرات والوسائل المهترئة...
أمنيون آخرون اوضحوا أن جل المروجين هم من القصر أي من تتراوح اعمارهم 15 و17 سنة في اغلب الحالات كما ان عملية الضبط عادة ما تكون منقوصة في الاجراءات لنقص في الخبرة او السرعة في الاجراءات في ظل مدة احتفاظ غير كافية بالمرة وهي من الاسباب التي اعتبرها محدثونا تحول المروج الى مستهلك وتكون عادة الاحكام خفيفة لا تتماشى والافعال المرتكبة مما يترتب عنها العودة الى ممارسة النشاط. علم الاجتماع: سهولة تواجد المواد المخدرة بالمدارس يشجع على تعاطيها
من جانبه أوضح المختص في علم الاجتماع الدكتور الطيب الطويلي لـ"الصباح نيوز" أن تفشي المخدرات يعتبر من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع التونسي وخاصة الفئة الشابة منه، عبر انتشارها في مختلف الأحياء التونسية الشعبية منها أو الراقية، والأمر الأخطر هو انتشار المخدرات بأنواعها في الوسط المدرسي، حيث أصبحنا نتحدث عن سهولة تواجد المواد المخدرة من "زطلة" أو حبوب هلوسة في المحيط التلمذي، وهو أمر خطير يهدد السلامة الذهنية والاجتماعية لشبابنا، خاصة داخل المحيط التربوي الذي طالما كان إطارا للتهذيب والتعليم والتقويم وقد أصبح اليوم موصوما بأنه إطار يسهل فيه مرور الطفل من الحياة الأسرية العادية إلى الانحراف بأنواعه.
وبين الدكتور الطويلي أن انتشار المخدرات ليست ظاهرة مقتصرة على المجتمع التونسي، إنما هي متفشية في مختلف المجتمعات العربية، ففي الجزائر مثلا قامت وزارة العدل بتحقيق وطني حول تفشي ظاهرة المخدرات في الوسط المدرسي، وتوصلت إلى أن أكثر من 500 ألف تلميذ في الجزائر يتعاطون المخدرات بمختلف أنواعها.. كما تشير الدراسات إلى أن 24% من شباب المدارس في مصر يتعاطون المخدرات.. أما في تونس فلا وجود لإحصائيات دقيقة تحدد حجم الإدمان أو تحاول حصره.
وأكد محدثنا أنه من الضروري أن نذكر أن في الدول المجاورة هناك عديد المراكز العلاجية المخصصة للعلاج من الإدمان وهي تتبع هيكليا وزارات الصحة في تلك الدول، حيث يجدر الإشارة إلى أن الجزائر تحتوي على 39 مركزا لعلاج الإدمان استقبلت أكثر من 20 ألف مدمن سنة 2016، أما في تونس فهناك مركز استشفائي وحيد في صفاقس، لا يتبع وزارة الصحة، وقد تم إغلاقه إثر الصعوبات التمويلية العديدة التي مر بها.. ومحدثنا هنا أكد أنه يقوم بهذه المقارنة لتبيان الفرق في الجدية في التعامل مع الظاهرة بين البلدين سواء على المستوى العلاجي أو الوقائي أو الإحصائي، ما يفسر وفق قوله استشراء هذه الظاهرة في تونس.
غياب الحراسة بالمعاهد والمدارس
وذكر محدثنا أنهمن بين الاسباب ربما غياب الحراسة داخل المعاهد والمدارس التي تسببت في سهولة دخول المنحرفين داخل هذه الأطر التربوية ونشر سمومهم داخلها، حيث تشير عديد الشهادات إلى أن المخدرات متوفرة وبشكل يسير يشجع الأطفال على تجربتها، وبشتى أنواعها كالقنب الهندي (الزطلة) وشتى أنواع الحبوب المهلوسة كـ"الأرطان" و"السوبيتاكس" و"الاكستازي" و"الباركيزول" وحتى وصولا إلى "الهيروين"و"الكوكايين".. كل ذلك وسط صمت بحثي وإعلامي حاد وفق تعبيره، حيث لا نجد اعترافا بارتفاع تواجد هذه السموم لدى الشباب التونسي إلا في اعتراف وزارة الداخلية التي تتحدث عن ارتفاع عدد المتورطين في استهلاك أو بيع المخدرات من الأحداث وعن خطورته.
من بين الاسباب ايضا -وفق محدثنا -الانفلات داخل المدارس على مستوى الأمن وتوقيت الدروس وغيابات المدرسين وإضراباتهم ما يساهم بشكل هام في تفشي هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية في الوسط المدرسي، حيث يقصد التلميذ المدرسة حسب جدول الأوقات المضبوط لكي يكون محاطا بإطار تربوي كامل ويكون محميا داخل وسط معرفي تحت إشراف الدولة، ولكنه أحيانا يجد نفسه على قارعة الطريق قبالة المدرسة بسبب غياب المدرس أو "الساعات الجوفاء"، وبالتالي يكون عرضة إلى العصابات المنظمة التي تستعمل المنحرفين الذين يجدون من هؤلاء الأطفال فريسة سهلة ولقمة سائغة لترويج سمومهم.. علما وأن نجاح المنحرفين في إلحاق بعض الأطفال بصفوف المدمنين يسهل عليهم إثر ذلك إدخالهم في شبكات أخرى مثل الدعارة أو السرقة أو التسول أوالعنف.
وشدد الدكتور الطويلي على أنه من أخطر الأمور على الطفل هو أن يتم إخراجه من المدرسة بسبب غياب مدرس أو إضراب أو ساعة جوفاء، عبر الجملة الشهيرة التي تتكرر دائما "الأستاذ ماجاش اليوم.. تنجمو تروحو.." التي يتم عبرها منح الحرية للطالب لكي يخرج من بوتقة المدرسة ويمنح لنفسه شيئا من الحرية عبر الخروج لساعة أو ساعتين إلى الشارع، وهؤلاء التلاميذ الذين يخرجون إلى الشارع يكونون مهددين بشكل مباشر بالاستغلال في الجريمة المنظمة بشتى أشكالها، فالطفل الذي يجد نفسه بلا إطار أسري أو تربوي قادر على تأطيره والإحاطة به، يكون معرضا لشتى أشكال الهرسلة والعنف، ويكون فريسة سائغة لقادة العصابات الذين يحاولون استمالة هؤلاء الأطفال بالترغيب أو بالترهيب، واستغلال مقدرتهم وقابليتهم للإجرام، وتكون المخدرات الباب الأول لولوج عالم الإجرام باعتبار أنها تفقد متعاطيها القدرة على التحكم في نفسه، وتفصله عن الواقع وتجعله قادرا على القيام بأشياء لا يعيها، ولا يمكنه أن يقوم بها وهو في حالته الطبيعية.
وذكر الدكتور الطويلي أنه سبق وأن أورد في البداية التجربة الجزائرية في التعامل مع هذه الظاهرة حتى نعتبر من ضرورة التشخيص الحقيقي لهذا الداء والتعامل معه بشكل جدي وصارم، عبر اعتباره موضوعا بحثيا لا يمكننا التغافل عنه، فمن الضروري أن نشخص علميا وبطريقة إحصائية الظاهرة، كما يجب تمويل المراكز العلاجية من الإدمان وزرعها في شتى الولايات، وكذلك نشر الوعي بأخطار المخدرات في الأوساط الشبابية والتلمذية، وتكثيف المجهودات الرقابية والأمنية على الأوساط المدرسية التي أصبحت حلا مباحا لمختلف المتسكعين والمنحرفين الذين يتصيدون الشباب أمام المدارس، ويتحينون الفرص من أجل الدخول إلى الحرم المدرسي ونشر سمومهم المختلفة داخلها، وهذا المشروع الوقائي لا يمكن أن يتم عبر المؤسسات التعليمية وحدها، ولكن عبر مقاربة تشاركية تجمع بين مؤسسات التعليم وبين عائلات التلاميذ وبين الدولة التونسية المطالبة بتوفير الأمن والسلامة النفسية والجسدية لأبنائهم.