عبّرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية اليوم الجمعة عن رفضها لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، معتبرة انه لن يؤدّي إلاّ إلى إيقاف مسار تطوّر الحريات في تونس.
وابرزت الجمعية خلال ندوة صحفية انعقدت بالعاصمة تحت عنوان "لماذا نرفض دستور الرئيس سعيّد" أنّ مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يثير التخوّفات نظرا للخطر الذي يشكّله على مجال الحقوق والحريات وعدم قدرته على تأسيس دولة ديمقراطية تحترم كيان الفرد وتضمن حقوقه.
وفي هذا الجانب قال أنور الزياني أستاذ القانون و الكاتب العام للجمعية إنّ تونس اليوم تعيش لحظة فارقة قد تعصف بمكتسبات الحقوق والحريات بالنظر إلى انّ هذا المشروع يمكن له أن يضرب كل ما تمّ العمل عليه منذ الاستقلال في مجال الحقوق والحريات.
وأوضح انّ الجمعية عبرت يوم 26 جويلية 2021 عن موقفها الرافض للإجراءات الاستثنائية التي اعلنها آنذاك رئيس الجمهورية ووصفت ما أقدم عليه بالانقلاب كما نشرت عدّة تقارير توثق للانتهاكات الحاصلة تلك الفترة في مجال الحقوق والحريات وانتهت أخيرا إلى التأكيد على أنّ مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء رجعي ويؤسس لنظام غير ديمقراطي.
كما أكد على انّ هذا المشروع وإضافة الى المغالطات التاريخية التي احاطت به فانّه لم يقدّم أيّ إضافة مقارنة بالدساتير السابقة (1959 و 2014) رغم استنساخه لعدّة فصول منهما وأخرى تعود الى الفصل التاسع عشر، وفق تعبيره.
بدورها قالت أستاذة القانون فاطمة فاتيني خلال مداخلتها المتعلّقة بتطوّر باب الحقوق والحريات في الدساتير التونسية إنّ محتوى مشروع دستور 2022 فرض بناء على مسار فاقد للشرعية القانونية والدستورية ويكرّس لشعار" الرئيس يريد عوض الشعب يريد" .
وأكدت انّ مشروع الدستور استنسخ بصفة شبه كليّة باب الحقوق والحريات من دستور 2014 واستمدّ أخرى من دستور 1959 على غرار الفصل 28 الذي ينص على حماية المعتقد ما لم يخل بالأمن العام الذي يعد استنساخا من دستور 1959.
كما أشارت إلى أنّه تمّ حذف ضمانة مراقبة الدولة لحياد المساجد من التوظيف الحزبي، وكذلك مسألة سعي الدولة لنشر قيم الاعتدال والتسامح ومنع خطاب الكراهية والعنف ودعوات التكفير، كما تم أيضا حذف الفصل 19 من دستور 2014 الذي ينص على ان الأمن الجمهوري يقوم على انفاذ القانون في كنف احترام الحريات وأبقى على امكانية بقاء عقوبة الاعدام كما نص عليها دستور 2014 .
في المقابل اعتبرت ان مشروع الدستور الجديد تفرّد بإدراج بعض الحقوق التي لم يقع ادراجها في دساتير سابقة كحماية الدولة للمسنين الذين لا سند لهم (الفصل 53) وتكفلها بالأطفال المتخلى عنهم ومجهولي النسب. كما تطرّق إلى التمييز الذي تمارسه الادارة في حق المواطنين على أساس الانتماء واعتبره جريمة يعاقب عليها القانون (الفصل 19) ، ولكنّ هذا المشروع، وفق قولها، استمر في تكريس نصوص تمييزية وإقصائية كإقصاء المواطنين الغير منتمين للديانة الاسلامية من الترشّح لمنصب رئاسة الجمهورية
وبخصوص ضمان حرية الفرد (الفصل 26) أكّدت أنّ الضمانة جاءت بصفة مبهمة تفتقر الى معاني التحديد كتحديد طبيعة الحرية التي سيقع ضمانها من قبل القضاء وغيره.
بدوره قال أستاذ القانون امين اللطيفي خلال تطرقه الى الآليات الدستورية لحماية الحقوق والحريات إنّ دسترة الحقوق الفردية أو الجماعية تعد ضمانة لاحترامها لكن بعضها يستوجب وضع ضوابط لها .
وأوضح ان الفصل 56 من مشزوع الدستور قد شهد تطوّرا ملحوظا مقارنة بالفصل 7 من دستور 59 أو الفصل 49 من دستور 2014 لكن عدم ذكر الدولة المدنية والتنصيص على نظام ديمقراطي غير كاف لانّ النظام الديمقراطي وحده غير كفيل بضمان الحريات الفردية، مؤكدا أنّ عدم التنصيص على مدنية الدولة صلب الدستور يشكل تراجعا جوهريا وخطيرا في مجال الحقوق والحريات.
من جهته قال الرئيس الشرفي للجمعية وحيد الفرشيشي إنّ رفض الجمعية لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يعود لأسباب وجيهة أهمّها انّه مبني على مغالطات وأنّ باب الحقوق والحريات ارتكز على أسس تهدم الحقوق والحريات كاعتماد مقاصد الاسلام، متطرقا في هذا الجانب إلى وضع الحقوق والحريات في بعض الدول التي تعتمد مقاصد الاسلام.
كما أشار إلى أنّ عدم ذكر عبارة حقوق الإنسان صلب الدستور ووضع شرط المعاملة بالمثل لتطبيق المعاهدات الدولية يعدّ مسألة خطيرة شأنها شأن التنصيص على نظام ديمقراطي شكلي بالنظر إلى هيمنة رئيس الجمهورية على كل دواليب الدولة دون مساءلته وضرب المؤسسات القادرة على ضمان الحقوق والحريات كالقضاء والمحكمة الدستورية.
يذكر أنّه تمّ خلال الندوة عرض التقرير الذي اعدته الجمعية تحت عنوان "لماذا يعتبر إقرار دستور 2022 خطرا على الحقوق والحريات ؟" والذي تضمن دراسة مقارنة لجميع دساتير الجمهورية التونسية بما فيها مشروع لدستور الجديد والتي طرحت عدة مسائل كالمغالطات التاريخية والتلاعب بالقانون الدستور التونسي من قبل الرئيس سعيّد واخرى تهتم باسباب رفض مشروع الدستور الجديد .
وات