إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ألف لتر من المياه المعدنية تبيعها الدولة للمستثمرين بـ 50 مليم فقط.. تباع للمواطن بـ 700 مليم؟

 

تشكو المحلات التجارية الكبرى وبعض المدن التونسية اضطرابا في التزود بالمياه المعدنية المعلبة سيما بعض العلامات التجارية التي تعود على شربها المواطنون. 

اضطراب يثير مخاوف الكثيرين من خطة مشتركة بين منتجي المياه المعدنية للضغط من أجل الاحتكار والترفيع في الأسعار.

في بلاغ له وردا على هذه المخاوف عبر الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء على أن ضعف تزود السوق ظرفي وسيتم تجاوزه في فترة قادمة كما شرح انه توجد أسباب موضوعية وراء النقص في المياه المعلبة. ولكن ما هي أهم أسباب هذا الاضطراب؟ وهل نحن فعلا أمام مستثمرين في مجال المياه المعدنية يعملون على معالجة هذا الاضطراب الحاصل؟

أسباب عديدة واضطراب في تزود السوق بالمياه المعدنية...

تنتج البلاد التونسية 29 علامة تجارية من المياه المعدنية المعلبة تتوزع داخل العديد من ولايات الجمهورية سيما منها الولايات ذات العيون المائية وتنتشر فيها السلاسل الجبلية او هي المناطق التي تتميز مياهها الجوفية بالجودة العالية.

 وتفيد المعطيات أن وحدتين لإنتاج معطلتان بالكامل في ولاية سيدي بوزيد حيث تعيش بعض المناطق على وقع اعتصامات واحتجاجات اجتماعية منذ حوالي اسبوعين على مستوى وحدتي تعليب مما أدى الى غلق الطرقات المؤدية لها وهو ما عطل في البداية عملية توزيع المياه وفي مرحلة ثانية تعذر على العاملين دخول مقرات العمل وبالتالي توقف الإنتاج كليا بهاتين الوحدتين التي يوجد بها حاليا حوالي 8 ملايين قارورة منها مليون ونصف قارورة حجم صغير تعذر نقلها وتزويد السوق بها. 

ولكن ولئن تم فك الاعتصامات في منطقة سيدي بوزيد التي انتشرت فيها الآبار التي تمنح للمستثمرين في مجال إنتاج المياه المعدنية وتعليبها إلا أن الاحتجاجات نفسها نابعة من غياب العدالة المائية.

 اذ تمنح لزمات استغلال الابار لاستخراج المياه المعدنية في مناطق يعاني مواطنوها العطش وعدم تزويد مناطقهم بالمياه الصالحة للشرب وهو ما خلق حالة من الغبن الاجتماعي الذي تحول الى احتجاجات يطالب فيها سكان تلك المناطق بحقهم في المياه التي تستخرج من مائدتهم المائية ليتم تعليبها وتوزيعها من قبل المستثمرين.

ولئن يقوم المستثمرون أحيانا بتركيز حنفيات عمومية لمد المواطنين بالمياه غير أنها عادة ما تكون بعيدة عن الاحياء السكنية وهنا فان غياب الحوكمة الرشيدة سياسة توزيع المياه ومنح الرخص لحفر ابار وتركيز مصانع تعليب المياه المعدنية نتج عنه غبن اجتماعي توقفت معه إشغال بعض هذه الوحدات لتعليب المياه المعدنية بالتالي فلا بد من إيجاد مقاربة أخرى تمكن المستثمر من العمل والمواطن من المياه التي تضمن له البقاء.

وبالعودة الى بقية الأسباب أيضا، توقف الإنتاج بوحدتين أخريين في ولايتي الكاف والقيروان نتيجة وجود عطل فني على مستوى سلسلة الإنتاج بها بسبب تعذر إنجاز أعمال الصيانة الوقائية الموسمية في آجالها بسبب جائحة كورونا ويسعى أصحابها الى تجاوز هذا الخلل في أقرب الآجال. 

وتوقف وحدتي سيدي بوزيد ووحدتي ولايات الكاف والقيروان فإن طاقة إنتاج الوحدات المتوقفة حاليا عن العمل تمثل ربع طاقة الإنتاج الجملية وهو ما يعكس حجم تأثير توقف الإنتاج والتوزيع بهذه الوحدات.

أما عن العامل الثالث الذي ساهم في اضطراب تزود السوق بالمياه المعدنية المعلبة فهو ارتفاع درجات الحرارة في الفترة الأخيرة ما جعل الإقبال على استهلاك المياه المعدنية المعلبة يشهد معدلات قياسية.

وقد كان هذا الاضطراب الظرفي بنسب متفاوتة حسب الجهات وحسب نقاط البيع (مساحات تجارية كبرى، تجار تفصيل).

وزد على كل هذه الأسباب سبب آخر وهو الثقافة الاستهلاكية مع توجه المستهلك لاستعمال نوع من الماء دون آخر مما تسبب في ضغط على مستوى علامات معينة في حين تتوفر علامات تجارية أخرى بنفس الجودة.

وتجدر الإشارة أن منتجي المياه المعلبة بادروا تطوعيا بالمشاركة في إنجاح الحملة الوطنية للتلقيح بتوفير كميات من المياه على مستوى جل مراكز التلقيح الموزعة على كامل تراب الجمهورية كما بادرت الغرفة الوطنية لمنتجي المياه المعلبة بالانخراط في دعوة رئيس الجمهورية الداعية الى دعم القدرة الشرائية للمواطن بالتخفيض في أسعار المياه المعبأة.

وللعلم فقد بلغ الاستهلاك الجملي من المياه المعدنية المعلبة خلال السداسي الأول من سنة 2021 حوالي مليار و500 مليون لتر أي بزيادة تقدر ب 9 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية أمنته 29 وحدة موزعة على كامل تراب الجمهورية ومن المنتظر أن تبلغ نسبة تطور الاستهلاك 25 بالمائة مع موفى سنة 2021 بعدما قدر الاستهلاك سنة 2020 حوالي مليارين و 700 مليون لتر.

1000 لتر من المياه المعدنية تبيعها الدولة للمستثمر بـ 50 مليما؟

يتطلب الاستثمار في قطاع المياه المعدنية المعلبة الحصول على رخصة حفر آبار مياه جوفية تمنحها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. تمنح لزمات استخراج المياه من هذه الابار ثم تبدأ عملية استغلال الابار بشروط وكميات تحددها الوزارة.

غير أن الثمن الذي تبيع به الدولة للمستثمرين ثمن زهيد جدا ويحتاج مراجعات اذ ان كثرة المستثمرين في هذا القطاع ساهم كثيرا المس من منسوب المياه الجوفية من مخزون تونس من المياه. ففي بلد صغير مثل تونس يوجد 29 علامة تجارية لمياه معدنية في حين أن بعض الدول الأوربية التي يبلغ عدد سكانها أضعاف سكان تونس لا يوجد بها سوي علامتان أو ثلاث علامات تجارية لمياه معدنية.

في السنوات الأخيرة تكاثرت وبرزت الكثير من العلامات التجارية الجديدة بما يعني انه كان هناك سياسة لتكثيف منح مزيد من رخص استغلال الآبار قصد استخراج المياه المعدنية وتعليبها. ولكن الدعوات ما فتأت تحذر من خطورة هذا التوجه الذي يمكن أن يضر من المائدة المائية في بلد يعيش حالة من الجفاف التي تمتد منذ سنوات و تتعمق أكثر في السنوات القادمة.

وامام هذا الوضع أكد الخبير في التنمية والتصرف في الموارد حسين الرحيلي أن الدولة تبيع الألف لتر من المياه المعلبة للمستثمر بـ 50 مليم فقط إلا أن اللتر الواحد يباع بـ 700 مليم في الأسواق وأكثر، وفق قوله.

واعتبر الخبير أن تراجع الدولة على الاستثمار في جودة المياه و تفريطها فيها بأسعار زهيدة جدا جعلت الجميع تحت رحمة لولبيات المياه المعلبة، وفق تعبيره.

ومن هنا يطالب الكثيرون ان تراجع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سياستها في منح الرخص استغلال الآبار لمستثمرين في مجال المياه المعدنية علاوة على ضرورة مراجعة أسعار بيع اللزمات للمستثمرين وكذلك تحقيق العدالة المائية في بعض مناطق الجمهورية التي تعاني عطش سكانها مقابل منح رخص الاستثمار في هذه المناطق رغم معاناة المواطنين.

مبروكة خذير 

 

ألف لتر من المياه المعدنية تبيعها الدولة للمستثمرين بـ 50 مليم فقط.. تباع للمواطن بـ 700 مليم؟

 

تشكو المحلات التجارية الكبرى وبعض المدن التونسية اضطرابا في التزود بالمياه المعدنية المعلبة سيما بعض العلامات التجارية التي تعود على شربها المواطنون. 

اضطراب يثير مخاوف الكثيرين من خطة مشتركة بين منتجي المياه المعدنية للضغط من أجل الاحتكار والترفيع في الأسعار.

في بلاغ له وردا على هذه المخاوف عبر الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء على أن ضعف تزود السوق ظرفي وسيتم تجاوزه في فترة قادمة كما شرح انه توجد أسباب موضوعية وراء النقص في المياه المعلبة. ولكن ما هي أهم أسباب هذا الاضطراب؟ وهل نحن فعلا أمام مستثمرين في مجال المياه المعدنية يعملون على معالجة هذا الاضطراب الحاصل؟

أسباب عديدة واضطراب في تزود السوق بالمياه المعدنية...

تنتج البلاد التونسية 29 علامة تجارية من المياه المعدنية المعلبة تتوزع داخل العديد من ولايات الجمهورية سيما منها الولايات ذات العيون المائية وتنتشر فيها السلاسل الجبلية او هي المناطق التي تتميز مياهها الجوفية بالجودة العالية.

 وتفيد المعطيات أن وحدتين لإنتاج معطلتان بالكامل في ولاية سيدي بوزيد حيث تعيش بعض المناطق على وقع اعتصامات واحتجاجات اجتماعية منذ حوالي اسبوعين على مستوى وحدتي تعليب مما أدى الى غلق الطرقات المؤدية لها وهو ما عطل في البداية عملية توزيع المياه وفي مرحلة ثانية تعذر على العاملين دخول مقرات العمل وبالتالي توقف الإنتاج كليا بهاتين الوحدتين التي يوجد بها حاليا حوالي 8 ملايين قارورة منها مليون ونصف قارورة حجم صغير تعذر نقلها وتزويد السوق بها. 

ولكن ولئن تم فك الاعتصامات في منطقة سيدي بوزيد التي انتشرت فيها الآبار التي تمنح للمستثمرين في مجال إنتاج المياه المعدنية وتعليبها إلا أن الاحتجاجات نفسها نابعة من غياب العدالة المائية.

 اذ تمنح لزمات استغلال الابار لاستخراج المياه المعدنية في مناطق يعاني مواطنوها العطش وعدم تزويد مناطقهم بالمياه الصالحة للشرب وهو ما خلق حالة من الغبن الاجتماعي الذي تحول الى احتجاجات يطالب فيها سكان تلك المناطق بحقهم في المياه التي تستخرج من مائدتهم المائية ليتم تعليبها وتوزيعها من قبل المستثمرين.

ولئن يقوم المستثمرون أحيانا بتركيز حنفيات عمومية لمد المواطنين بالمياه غير أنها عادة ما تكون بعيدة عن الاحياء السكنية وهنا فان غياب الحوكمة الرشيدة سياسة توزيع المياه ومنح الرخص لحفر ابار وتركيز مصانع تعليب المياه المعدنية نتج عنه غبن اجتماعي توقفت معه إشغال بعض هذه الوحدات لتعليب المياه المعدنية بالتالي فلا بد من إيجاد مقاربة أخرى تمكن المستثمر من العمل والمواطن من المياه التي تضمن له البقاء.

وبالعودة الى بقية الأسباب أيضا، توقف الإنتاج بوحدتين أخريين في ولايتي الكاف والقيروان نتيجة وجود عطل فني على مستوى سلسلة الإنتاج بها بسبب تعذر إنجاز أعمال الصيانة الوقائية الموسمية في آجالها بسبب جائحة كورونا ويسعى أصحابها الى تجاوز هذا الخلل في أقرب الآجال. 

وتوقف وحدتي سيدي بوزيد ووحدتي ولايات الكاف والقيروان فإن طاقة إنتاج الوحدات المتوقفة حاليا عن العمل تمثل ربع طاقة الإنتاج الجملية وهو ما يعكس حجم تأثير توقف الإنتاج والتوزيع بهذه الوحدات.

أما عن العامل الثالث الذي ساهم في اضطراب تزود السوق بالمياه المعدنية المعلبة فهو ارتفاع درجات الحرارة في الفترة الأخيرة ما جعل الإقبال على استهلاك المياه المعدنية المعلبة يشهد معدلات قياسية.

وقد كان هذا الاضطراب الظرفي بنسب متفاوتة حسب الجهات وحسب نقاط البيع (مساحات تجارية كبرى، تجار تفصيل).

وزد على كل هذه الأسباب سبب آخر وهو الثقافة الاستهلاكية مع توجه المستهلك لاستعمال نوع من الماء دون آخر مما تسبب في ضغط على مستوى علامات معينة في حين تتوفر علامات تجارية أخرى بنفس الجودة.

وتجدر الإشارة أن منتجي المياه المعلبة بادروا تطوعيا بالمشاركة في إنجاح الحملة الوطنية للتلقيح بتوفير كميات من المياه على مستوى جل مراكز التلقيح الموزعة على كامل تراب الجمهورية كما بادرت الغرفة الوطنية لمنتجي المياه المعلبة بالانخراط في دعوة رئيس الجمهورية الداعية الى دعم القدرة الشرائية للمواطن بالتخفيض في أسعار المياه المعبأة.

وللعلم فقد بلغ الاستهلاك الجملي من المياه المعدنية المعلبة خلال السداسي الأول من سنة 2021 حوالي مليار و500 مليون لتر أي بزيادة تقدر ب 9 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية أمنته 29 وحدة موزعة على كامل تراب الجمهورية ومن المنتظر أن تبلغ نسبة تطور الاستهلاك 25 بالمائة مع موفى سنة 2021 بعدما قدر الاستهلاك سنة 2020 حوالي مليارين و 700 مليون لتر.

1000 لتر من المياه المعدنية تبيعها الدولة للمستثمر بـ 50 مليما؟

يتطلب الاستثمار في قطاع المياه المعدنية المعلبة الحصول على رخصة حفر آبار مياه جوفية تمنحها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. تمنح لزمات استخراج المياه من هذه الابار ثم تبدأ عملية استغلال الابار بشروط وكميات تحددها الوزارة.

غير أن الثمن الذي تبيع به الدولة للمستثمرين ثمن زهيد جدا ويحتاج مراجعات اذ ان كثرة المستثمرين في هذا القطاع ساهم كثيرا المس من منسوب المياه الجوفية من مخزون تونس من المياه. ففي بلد صغير مثل تونس يوجد 29 علامة تجارية لمياه معدنية في حين أن بعض الدول الأوربية التي يبلغ عدد سكانها أضعاف سكان تونس لا يوجد بها سوي علامتان أو ثلاث علامات تجارية لمياه معدنية.

في السنوات الأخيرة تكاثرت وبرزت الكثير من العلامات التجارية الجديدة بما يعني انه كان هناك سياسة لتكثيف منح مزيد من رخص استغلال الآبار قصد استخراج المياه المعدنية وتعليبها. ولكن الدعوات ما فتأت تحذر من خطورة هذا التوجه الذي يمكن أن يضر من المائدة المائية في بلد يعيش حالة من الجفاف التي تمتد منذ سنوات و تتعمق أكثر في السنوات القادمة.

وامام هذا الوضع أكد الخبير في التنمية والتصرف في الموارد حسين الرحيلي أن الدولة تبيع الألف لتر من المياه المعلبة للمستثمر بـ 50 مليم فقط إلا أن اللتر الواحد يباع بـ 700 مليم في الأسواق وأكثر، وفق قوله.

واعتبر الخبير أن تراجع الدولة على الاستثمار في جودة المياه و تفريطها فيها بأسعار زهيدة جدا جعلت الجميع تحت رحمة لولبيات المياه المعلبة، وفق تعبيره.

ومن هنا يطالب الكثيرون ان تراجع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سياستها في منح الرخص استغلال الآبار لمستثمرين في مجال المياه المعدنية علاوة على ضرورة مراجعة أسعار بيع اللزمات للمستثمرين وكذلك تحقيق العدالة المائية في بعض مناطق الجمهورية التي تعاني عطش سكانها مقابل منح رخص الاستثمار في هذه المناطق رغم معاناة المواطنين.

مبروكة خذير 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews