*المطلوب اليوم محاسبة "من يقولون ما لا يفعلون" ومن تسببوا في تراجع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية
*يكفينا ضحايانا .. لسنا في حاجة لضحايا جدد في المسرح فالفنان بعد 30 سنة مهنة يتقاضى 180 دينارا
تونس - الصباح
جمال العروي .. هو الممثل، المخرج والمنتج المسرحي، وهو كذلك مدير الفضاء الثقافي "الفتح" في باب سويقة ورئيس النقابة المستقلة لمهن الفنون الدرامية ولكن قبل كل هذا يعتبر جمال العروي أحد أبرز الوجوه التلفزيونية، التي أَضاءت سنوات "نهضة الدراما" التونسية ولعّل الإعادة المستمرة لأعمال الوطنية بقناتيها الأولى والثانية (من مسلسلات على غرار أمواج، شرع الحب، العاصفة، حكم الأيام ..) تعكس مشوار هذا الممثل في زمن لم تكن "النجومية" مصطلحا تقاس من خلاله مكانة الفنان ولا مواقع للتواصل الاجتماعي تحدد وتصنف وتقيم الانتاج الفني ..
"الصباح" التقت "العروي" العائد للسينما مؤخرا عبر بوابة فيلم "قدحة" لأنيس الأسود ليحدثنا عن مشاريعه القادمة، مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي، استيائه من غياب المقاييس في أيام قرطاج السينمائية، أسباب غيابه عن الدراما وغيرها من قضايا ومشاغل القطاع الفني في تونس.
*سبق وقدمت الكثير من الإنتاجات المسرحية الموجهة للطفل لكن تقديم فيلم في هذا الطرح مع أنيس الاسود في دور تجسده سينمائيا لأول مرة كيف تم وما المختلف فنيا؟
- أعتقد أن أنيس الأسود مخرج مهموم وشغوف بعمله وواعي بصعوبة المسار، الذي اختاره وأحييه على ذلك وهو متابع جيد للحركة المسرحية والثقافية في تونس أمّا بالنسبة لتجربتي في فيلم "قدحة" فقد زارني أنيس للحديث عن دور "معز" وهو أب يحاول انقاذ ابنه من الموت والذي يعاني قصورا في الكلى بإيجاد متبرع وفي الان نفسه يصارع مبادئه وضميره وقد شدني حقيقة هذا الدور، الذي أجسده لأول مرة وعشت كل أبعاده النفسية والاجتماعية في تماهي كبير مع ذاتي قبل تقمصه.
ومن خلال تعاملي مع المخرج أنيس الأسود - وهو يهتم كثيرا للتفاصيل ويعيد تصوير المشاهد في حالات عدة - تمكنا من التفاعل على مستوى الرؤية خاصة وأن الأسود كان يبحث عن ممثل متمكن من أدواته الفنية وجدي وصادق في أدائه وأعتقد أنه وجد هذه الصفات في شخصي ونحن نتقاسم كذلك الاهتمام نفسه بدور الفن الموجه للطفل في تغيير المجتمع عبر المسرح أو السينما وعلينا الاستثمار في هذه الفنون ومهمة الدولة دعم مثل هذه التجارب فالفن أداة علاج وإصلاح وتوعية.
*"قدحة" كان مشاركا في منافسات القاهرة السينمائي لكن غاب عن خيارات أيام قرطاج السينمائية هل تعتقد أنه تعرض لمظلمة مقاييس الاختيار؟
- المقاييس مفقودة والمعايير غير واضحة وبالتالي تم ظلم فيلم أنيس الأسود ومن الضروري مراجعة تصور المهرجان وعلى النقابات وصناع السينما من منتجين ومخرجين التدخل لإنقاذ ما تبقى من "أعرق" مهرجان للسينما في المنطقة العربية والإفريقية .. اليوم نشاهد مهرجان القاهرة السينمائي في أوجه فرغم أنه تراجع في سنوات سابقة إلا أن القائمين عليه لم يقفوا مكتفي الأيادي وأعادوا اشعاع وبريق هذه التظاهرة السينمائية الدولية الهامة فلماذا لا نفعل الشيء نفسه ونحن نملك جمهورا استثنائيا نحسد على وفائه وتذوقه للفنون من مهرجانات كبرى في العالم ولنا سينما مهمة بعيدة عن المستهلك والتجاري ومع ذلك تحظى بالاهتمام الدولي ودعم الجمهور وفي المقابل يتراجع أيام قرطاج السينمائية من دورة إلى أخرى.
*كيف كانت زيارتك لمهرجان القاهرة السينمائي وهل العودة مرة أخرى لـ"هوليود الشرق"أحيت ذكرياتك حول الاستقرار والعمل الفني بمصر؟
- سعدت بالردود الفعل الإيجابية من النقاد والجمهور المصري بعد عرض فيلم "قدحة" في مهرجان القاهرة السينمائي كما التقيت عددا كبيرا من الفنانين وصناع السينما في هذا المهرجان الكبير فنيا مع كرم الضيافة المميز والأكيد أني استعدت الكثير من الذكريات فقد سبق وزرت مصر في مهرجان المسرح التجريبي لكن زيارتي الاستثنائية كانت مع المسرحي الكبير الراحل المنصف السويسي حين جسدت بطولة مسرحية "السندباد" باللغة العربية وهي للكاتب شوقي خميس وشاهدها عدد من المنتجين المصريين وطلبوا مني زيارة القاهرة وعبرها التوجه للعمل في المشهد الفني العربي بحكم وجود فرص أكبر في مصر حتى أنهم اختاروا لي اسم فني "جمال حسين" وكان من بين هؤلاء الفنانين والمنتجين أحمد النحاس، برلينتي عبد الحميد ورجاء يوسف.
*ألا تندم اليوم على هذه الفرصة الفنية خاصة في ظل هشاشة القطاع الثقافي في بلادنا؟
- أؤمن بالقدر فحين ألغيت زيارتي لمصر بعد تعرضي لسرقة أوراقي الرسمية قبل أيام قليلة من السفر بدعوة من مهرجان القاهرة السينمائي رشحني أًصدقائي من المنتجين المصريين للمخرج رشيد فرشيو، الذي كان حاضرا في نفس الفترة في القاهرة ويبحث عن وجه رجالي جديد لفيلمه وحين تحدث عني المصريون بإعجاب التقاني بعد عودته وعرض علي المشاركة في بطولة فيلمه "خريف 86" مع كل من سنية المؤدب ومنى نور الدين لذلك لم أندم على خياراتي في الحياة فأنا سعيد بوضعي الحالي مهنيا وعائليا صحيح في ذاك الزمن وقبل 25 سنة كانت لي طموحات فنية كبيرة على مستوى العمل الدرامي والسينمائي مع اهتمام كبير بالشأن المسرحي وأعتبر أني حققت الكثير منها رغم كم الخيبات والأبواب، التي تغلق في أحيان كثيرة أمامي، استثمرت من مال عائلتي وإرثي في المسرح ولم أندم فمن الشاق والممتع في الان نفسه أن تخلق مجالا للثقافة والفن في فضاء انتاجه موجه لجمهور الأحياء الشعبية (فضاء الفتح بباب سويقة) وتقدم مسرحا للطفل أو للكبار هدفه تنمية الجانب الفني في المتلقي وتوعيته بقضايا مجتمعه.
*وهل غيابك عن الدراما سببه انشغالك بالمسرح؟
- لم يمنعني المسرح يوما من مواصلة العمل التلفزيوني ولكن اعتبر مغيبا من قبل عدد من المخرجين لا أعرف أسبابهم أو دوافعهم لكن أًصبحنا اليوم في زمن اللوبيات والعلاقات الشخصية تحدد كاستينغ الدراما وحقيقة تؤلمني عبارة "فينك" من التونسيين، الذين ألتقيهم في حياتي اليومية وهم يرددونها من منطلق محبتهم لي وغير عارفين بخفايا وكواليس مجال عملنا.
*القطاع الثقافي ككل يعاني الكثير من النقائص فماهي أسوأ عاهاته من منظورك الفني والنقابي؟
- نحن نعيش اليوم وضعا اجتماعيا واقتصاديا صعبا والطريق أمام ثورتنا الثقافية مازال طويلا وشاقا فلا يمكن الحديث عن قوى ناعمة ترتقي ببلادنا دون استثمار في السينما والمسرح والتلفزيون أذكر في هذا السياق أن الدراما التونسية شهدت بداية انتعاشها الاول قبل فترة قليلة من انطلاق الدراما السورية، التي تعاونت في ذاك الوقت مع علي محسن العرفاوي وبمشاركة عبد المجيد الاكحل وكوثر الباردي وغيرهم من الممثلين التونسيين واليوم نحن مازالنا نعاني "موسمية" الانتاجات الدرامية وسوريا تملك صناعة في المجال ذاته وتروج أعمالها في مختلف الدول العربية وهذا التهميش للمشروع الثقافي ينسحب على السينما فرغم امتلاكنا لمواهب وكفاءات هامة في هذا القطاع لم نستثمر كما ينبغي في الفن السابع فيما يعاني المسرح من الكثير من النقائص فما معنى أن نشجع الفنان المسرحي على الاستثمار وندعو لخوصصة القطاع حيث يوجد أكثر من 400 شركة للانتاج المسرحي ثم نؤسس مراكز للفنون الدرامية تعمل دون "تقنين وتشريعات" (إلى حد الآن) وذلك على أنقاض الفرق الجهوية للمسرح التي تملك 50 سنة من التجربة ونصنع ضحايا جدد ألا يكفينا ضحايانا من مسرحيين ممن يتقاضون 180 دينارا في الشهر بعد 30 سنة من العطاء.
علينا إذن مراجعة مشروعنا الثقافي وأسسه ومحاسبة من أعاق تحقق ثورتنا الثقافية فكيف لميزانية وزارة الشؤون الثقافية، التي كانتتمثل 1بالمائة في العهد البائد أن تتراجع إلى 0.60 بالمائة والفاعلين في القطاع تضاعف عددهم وذلك على مرأى النقابات فيما ترتفع ميزانية وزارات أخرى على غرار وزارة الشؤون الدينية، المطلوب اليوم محاسبة
خفافيش الظلام والمسؤولين الذين يقولون ما لا يفعلون، ومن تسبب في تداخل العمل السياسي بالثقافي فلقد وصلنا بعد الكوفيد 19 لمرحلة أًصبح فيها المبدع يبحث عن مصدر ليقتات ولا يمكن الصمت أكثر على وضع القطاع الفني والثقافي بمختلف مجالاته أكثر.
*المطلوب اليوم محاسبة "من يقولون ما لا يفعلون" ومن تسببوا في تراجع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية
*يكفينا ضحايانا .. لسنا في حاجة لضحايا جدد في المسرح فالفنان بعد 30 سنة مهنة يتقاضى 180 دينارا
تونس - الصباح
جمال العروي .. هو الممثل، المخرج والمنتج المسرحي، وهو كذلك مدير الفضاء الثقافي "الفتح" في باب سويقة ورئيس النقابة المستقلة لمهن الفنون الدرامية ولكن قبل كل هذا يعتبر جمال العروي أحد أبرز الوجوه التلفزيونية، التي أَضاءت سنوات "نهضة الدراما" التونسية ولعّل الإعادة المستمرة لأعمال الوطنية بقناتيها الأولى والثانية (من مسلسلات على غرار أمواج، شرع الحب، العاصفة، حكم الأيام ..) تعكس مشوار هذا الممثل في زمن لم تكن "النجومية" مصطلحا تقاس من خلاله مكانة الفنان ولا مواقع للتواصل الاجتماعي تحدد وتصنف وتقيم الانتاج الفني ..
"الصباح" التقت "العروي" العائد للسينما مؤخرا عبر بوابة فيلم "قدحة" لأنيس الأسود ليحدثنا عن مشاريعه القادمة، مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي، استيائه من غياب المقاييس في أيام قرطاج السينمائية، أسباب غيابه عن الدراما وغيرها من قضايا ومشاغل القطاع الفني في تونس.
*سبق وقدمت الكثير من الإنتاجات المسرحية الموجهة للطفل لكن تقديم فيلم في هذا الطرح مع أنيس الاسود في دور تجسده سينمائيا لأول مرة كيف تم وما المختلف فنيا؟
- أعتقد أن أنيس الأسود مخرج مهموم وشغوف بعمله وواعي بصعوبة المسار، الذي اختاره وأحييه على ذلك وهو متابع جيد للحركة المسرحية والثقافية في تونس أمّا بالنسبة لتجربتي في فيلم "قدحة" فقد زارني أنيس للحديث عن دور "معز" وهو أب يحاول انقاذ ابنه من الموت والذي يعاني قصورا في الكلى بإيجاد متبرع وفي الان نفسه يصارع مبادئه وضميره وقد شدني حقيقة هذا الدور، الذي أجسده لأول مرة وعشت كل أبعاده النفسية والاجتماعية في تماهي كبير مع ذاتي قبل تقمصه.
ومن خلال تعاملي مع المخرج أنيس الأسود - وهو يهتم كثيرا للتفاصيل ويعيد تصوير المشاهد في حالات عدة - تمكنا من التفاعل على مستوى الرؤية خاصة وأن الأسود كان يبحث عن ممثل متمكن من أدواته الفنية وجدي وصادق في أدائه وأعتقد أنه وجد هذه الصفات في شخصي ونحن نتقاسم كذلك الاهتمام نفسه بدور الفن الموجه للطفل في تغيير المجتمع عبر المسرح أو السينما وعلينا الاستثمار في هذه الفنون ومهمة الدولة دعم مثل هذه التجارب فالفن أداة علاج وإصلاح وتوعية.
*"قدحة" كان مشاركا في منافسات القاهرة السينمائي لكن غاب عن خيارات أيام قرطاج السينمائية هل تعتقد أنه تعرض لمظلمة مقاييس الاختيار؟
- المقاييس مفقودة والمعايير غير واضحة وبالتالي تم ظلم فيلم أنيس الأسود ومن الضروري مراجعة تصور المهرجان وعلى النقابات وصناع السينما من منتجين ومخرجين التدخل لإنقاذ ما تبقى من "أعرق" مهرجان للسينما في المنطقة العربية والإفريقية .. اليوم نشاهد مهرجان القاهرة السينمائي في أوجه فرغم أنه تراجع في سنوات سابقة إلا أن القائمين عليه لم يقفوا مكتفي الأيادي وأعادوا اشعاع وبريق هذه التظاهرة السينمائية الدولية الهامة فلماذا لا نفعل الشيء نفسه ونحن نملك جمهورا استثنائيا نحسد على وفائه وتذوقه للفنون من مهرجانات كبرى في العالم ولنا سينما مهمة بعيدة عن المستهلك والتجاري ومع ذلك تحظى بالاهتمام الدولي ودعم الجمهور وفي المقابل يتراجع أيام قرطاج السينمائية من دورة إلى أخرى.
*كيف كانت زيارتك لمهرجان القاهرة السينمائي وهل العودة مرة أخرى لـ"هوليود الشرق"أحيت ذكرياتك حول الاستقرار والعمل الفني بمصر؟
- سعدت بالردود الفعل الإيجابية من النقاد والجمهور المصري بعد عرض فيلم "قدحة" في مهرجان القاهرة السينمائي كما التقيت عددا كبيرا من الفنانين وصناع السينما في هذا المهرجان الكبير فنيا مع كرم الضيافة المميز والأكيد أني استعدت الكثير من الذكريات فقد سبق وزرت مصر في مهرجان المسرح التجريبي لكن زيارتي الاستثنائية كانت مع المسرحي الكبير الراحل المنصف السويسي حين جسدت بطولة مسرحية "السندباد" باللغة العربية وهي للكاتب شوقي خميس وشاهدها عدد من المنتجين المصريين وطلبوا مني زيارة القاهرة وعبرها التوجه للعمل في المشهد الفني العربي بحكم وجود فرص أكبر في مصر حتى أنهم اختاروا لي اسم فني "جمال حسين" وكان من بين هؤلاء الفنانين والمنتجين أحمد النحاس، برلينتي عبد الحميد ورجاء يوسف.
*ألا تندم اليوم على هذه الفرصة الفنية خاصة في ظل هشاشة القطاع الثقافي في بلادنا؟
- أؤمن بالقدر فحين ألغيت زيارتي لمصر بعد تعرضي لسرقة أوراقي الرسمية قبل أيام قليلة من السفر بدعوة من مهرجان القاهرة السينمائي رشحني أًصدقائي من المنتجين المصريين للمخرج رشيد فرشيو، الذي كان حاضرا في نفس الفترة في القاهرة ويبحث عن وجه رجالي جديد لفيلمه وحين تحدث عني المصريون بإعجاب التقاني بعد عودته وعرض علي المشاركة في بطولة فيلمه "خريف 86" مع كل من سنية المؤدب ومنى نور الدين لذلك لم أندم على خياراتي في الحياة فأنا سعيد بوضعي الحالي مهنيا وعائليا صحيح في ذاك الزمن وقبل 25 سنة كانت لي طموحات فنية كبيرة على مستوى العمل الدرامي والسينمائي مع اهتمام كبير بالشأن المسرحي وأعتبر أني حققت الكثير منها رغم كم الخيبات والأبواب، التي تغلق في أحيان كثيرة أمامي، استثمرت من مال عائلتي وإرثي في المسرح ولم أندم فمن الشاق والممتع في الان نفسه أن تخلق مجالا للثقافة والفن في فضاء انتاجه موجه لجمهور الأحياء الشعبية (فضاء الفتح بباب سويقة) وتقدم مسرحا للطفل أو للكبار هدفه تنمية الجانب الفني في المتلقي وتوعيته بقضايا مجتمعه.
*وهل غيابك عن الدراما سببه انشغالك بالمسرح؟
- لم يمنعني المسرح يوما من مواصلة العمل التلفزيوني ولكن اعتبر مغيبا من قبل عدد من المخرجين لا أعرف أسبابهم أو دوافعهم لكن أًصبحنا اليوم في زمن اللوبيات والعلاقات الشخصية تحدد كاستينغ الدراما وحقيقة تؤلمني عبارة "فينك" من التونسيين، الذين ألتقيهم في حياتي اليومية وهم يرددونها من منطلق محبتهم لي وغير عارفين بخفايا وكواليس مجال عملنا.
*القطاع الثقافي ككل يعاني الكثير من النقائص فماهي أسوأ عاهاته من منظورك الفني والنقابي؟
- نحن نعيش اليوم وضعا اجتماعيا واقتصاديا صعبا والطريق أمام ثورتنا الثقافية مازال طويلا وشاقا فلا يمكن الحديث عن قوى ناعمة ترتقي ببلادنا دون استثمار في السينما والمسرح والتلفزيون أذكر في هذا السياق أن الدراما التونسية شهدت بداية انتعاشها الاول قبل فترة قليلة من انطلاق الدراما السورية، التي تعاونت في ذاك الوقت مع علي محسن العرفاوي وبمشاركة عبد المجيد الاكحل وكوثر الباردي وغيرهم من الممثلين التونسيين واليوم نحن مازالنا نعاني "موسمية" الانتاجات الدرامية وسوريا تملك صناعة في المجال ذاته وتروج أعمالها في مختلف الدول العربية وهذا التهميش للمشروع الثقافي ينسحب على السينما فرغم امتلاكنا لمواهب وكفاءات هامة في هذا القطاع لم نستثمر كما ينبغي في الفن السابع فيما يعاني المسرح من الكثير من النقائص فما معنى أن نشجع الفنان المسرحي على الاستثمار وندعو لخوصصة القطاع حيث يوجد أكثر من 400 شركة للانتاج المسرحي ثم نؤسس مراكز للفنون الدرامية تعمل دون "تقنين وتشريعات" (إلى حد الآن) وذلك على أنقاض الفرق الجهوية للمسرح التي تملك 50 سنة من التجربة ونصنع ضحايا جدد ألا يكفينا ضحايانا من مسرحيين ممن يتقاضون 180 دينارا في الشهر بعد 30 سنة من العطاء.
علينا إذن مراجعة مشروعنا الثقافي وأسسه ومحاسبة من أعاق تحقق ثورتنا الثقافية فكيف لميزانية وزارة الشؤون الثقافية، التي كانتتمثل 1بالمائة في العهد البائد أن تتراجع إلى 0.60 بالمائة والفاعلين في القطاع تضاعف عددهم وذلك على مرأى النقابات فيما ترتفع ميزانية وزارات أخرى على غرار وزارة الشؤون الدينية، المطلوب اليوم محاسبة
خفافيش الظلام والمسؤولين الذين يقولون ما لا يفعلون، ومن تسبب في تداخل العمل السياسي بالثقافي فلقد وصلنا بعد الكوفيد 19 لمرحلة أًصبح فيها المبدع يبحث عن مصدر ليقتات ولا يمكن الصمت أكثر على وضع القطاع الفني والثقافي بمختلف مجالاته أكثر.