الصادق الحمامي: "الميديا" العمومية مريضة.. بلا إصلاح وغير خاضعة لأي نوع من المساءلة
فتحية السعيدي:الإعلام التونسي ساهم في صعود الشعبوية دون أي وعي
تونس-الصباح
نظم أمس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي بمقره بالعاصمة ندوة علمية بعنوان "الإعلام التونسي: في سياق التدابير الاستثنائية: بين فرص الإصلاح ومخاطر الانتكاس، ندوة شارك فيها عدد من الخبراء والخبيرات في قطاع الإعلام وممثلين عن الهياكل المهنية كالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري ومجلس الصحافة. وتمحورت محاور الندوة حول الإعلام والديمقراطية والشعبوية وآثارها على الإعلام التونسي ورؤية هياكل التعديل لإصلاح قطاع الإعلام، وقد قام بإدارة الندوة الصحفي محمد اليوسفي.
وأكد الأستاذ الجامعي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، الدكتور الصادق الحمامي، في مداخلته حول الإعلام والديمقراطية "الانتقال المعطوب"، أن هذا الموضوع له أهمية خاصة في السياق التونسي، لأن الانتقال الإعلامي مزدوج ومعطل، وذلك من ناحية أولى كون أن الانتقال في المجال الإعلامي أي الميديا والصحافة في تونس ساهمت في تعطيل الانتقال الديمقراطي خاصة منه النظام الإعلامي وليس للصحفيين.
"ميديا" مريضة
وأضاف الحمامي، إن التقييم الإعلامي من زاوية التصنيف الديمقراطي للبلاد يؤكد إن تونس متقدمة عربيا، وفي علاقة بالاطار القانوني فإن المرسومين 115/116 ينظمان قطاع الإعلام، إلا أن التنوع في المشهد الإعلامي ما يزال محدودا حيث أن "الميديا" العمومية على سبيل المثال مريضة بلا إصلاح غير خاضعة لأي نوع من المساءلة. خاصة وأن المشهد لا يستجيب لحاجيات الجمهور وذلك نتيجة لغياب المؤسسات الاعلامية الشفافة، وهو ما جعلنا اليوم أمام مشهد إعلامي ومجال عمومي لا نعلم من يتحكم فيه، وهو ما يعني أن القوانين ظلت حبرا على ورق.
واشار الاستاذ الجامعي إلى ان التقييم الشامل للمنظومة القانونية غير مكتمل والذي أدى إلى ميديا عموميّة بلا إصلاح، ومؤسسات صحفية هشة وغير قابلة للحياة مع سوق اشهارية محدودة مما نتج عنه اوضاع مهنية لا تتيح للصحفيين التميز المهني، كما مثل غياب سياسة عمومية احد أبرز أسباب الأزمة الإعلامية في تونس، إضافة إلى التكوين الأكاديمي الذي لم يشمل الإصلاح، وتراجع التنوع في المضمون، وغياب الرقابة للسلطة وخلق منظومة تعديل إعلامي غير فعالة. فهذا الإخفاق النسقي أدى أولا إلى التفريط في دور الرقابة على الحكومة والسلطات التنفيذية ومساءلتها. وثانيا الانخراط في الاستقطاب الإيديولوجي والسياسي. وثالثا خدمة الاتصال السياسي( صحافة ناقلة/ حلقة وصل) أما رابعا المساهمة في شخصنة السياسة ومشهدة السياسة.
التوجه نحو التسلط
من جانبها الاستاذة الجامعية، فتحية السعيدي، بينت في مداخلتها تحت عنوان "الشعبوية وآثارها على الإعلام التونسي"، أن الشعبوية عامة دائما ما تتجه نحو التسلط، وقد ساهم الإعلام التونسي في صعود الشعبوية دون أي وعي لذلك من خلال تشريك من ساهموا في ترذيل الحياة السياسية وتبخيس النخبة السياسية. وأضافت في نفس السياق أن الشعبوية عززت تهميش دور الإعلام كوسيط بين الحاكم أي رئيس الجمهورية قيس سعيد حاليا وبين الجمهور لأن الشعبوية لا تعترف إلا بالخطاب المباشر.
وأكدت السعيدي، أن هناك صعوبة كبيرة اليوم يواجهها الصحفيون في الحصول على المعلومة وممارسة حق النفاذ الى المعلومة في ظل غياب ناطق رسمي لرئاسة الجمهورية وتسهيل عمل الصحفيين، إذ لا بد للعاملين في قطاع الإعلام في تونس مزيد التقيد بأخلاقيات المهنة والعمل بدورهم بمهنية وتفسير مخاطر الشعبوية ونتائجها على المجال العمومي والحق في المعلومة، إضافة إلى الابتعاد عن الإثارة في موادهم وبرامجهم الصحفية...، مع التأكيد على ان وسائل الإعلام وسيط بين الحاكم والجمهور.
حرية مهددة
واعتبر نقيب الصحفيين التونسيين، محمد ياسين الجلاصي، أن الحرية في تونس مهددة اليوم ويمكن أن تعود إلى مربع قبل 14 جانفي 2011 فكل الإصلاحات السياسية للإعلام قبل 2014 كانت الأولى والأخيرة لقطاع الإعلام وذلك نتيجة لكون الأطراف السياسية التي حكمت منذ 2011 الى اليوم لا توجد لديها نية لإصلاح الإعلام بل سعت إلى العودة بالإعلام إلى الوراء، وذلك من خلال التعامل بمنطق التطهير وليس منطق الإصلاح والعمل لخدمة الحزب والحكومات وليس الشعب والدولة.
واضاف الجلاصي، أنه وبالرغم من كل العراقيل فإن الإعلام والصحفيين في تونس لعبوا دورا كبيرا في المحافظة على حرية التعبير. إلا أن منطق الزبونية ما يزال متواصلا في تعامل السياسيين مع الإعلام. ولا يوجد مسؤول في الدولة حاليا يمكنه الحديث بحرية ومباشرة مع وسائل الإعلام، رغم أن أي مسؤول في الدولة مطالب بأن يخاطب الشعب ويوجه المعلومة إلى الرأي العام في إطار حقه في النفاذ إلى المعلومة.
جدير بالذكر أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، دعت قبل أيام رئاسة الجمهورية إلى القطع مع سياساتها الاتصالية القائمة على الانغلاق وتعيين مكلف أو ناطق رسمي باسم الرئاسة لضمان حق الصحفي ومن خلفه المواطن في الحصول على المعلومات. ودعت أيضا إلى عقد ندوة صحفية دورية وتفاعلية حول الوضع العام والخيارات الأساسية للدولة تجيب عن الأسئلة المطروحة من قبل وسائل الإعلام في إطار دورها الأساسي في ضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات.
وطالبت النقابة بالسحب الفوري للمنشور عدد 19 المعيق لحق الصحفي في الحصول على المعلومة وكل المناشير المكملة له والتي تمثل عوائق غير مشروعة على التدفق الحر للمعلومات. ودعتها إلى عقد ندوة صحفية أسبوعية دورية تفاعلية لإطلاع الرأي العام عن تقدم العمل الحكومي احتراما لمبدأ الشفافية وحق الصحفي ومن خلفه المواطن في الحصول على المعلومات وإلزام موظفيها بالتصريح الصحفي لوسائل الإعلام في مجال اختصاصاهم عند الطلب وتحديد آجال معقولة للرد على مطالب التصوير والتصريح لا تتجاوز 48 ساعة من تاريخ تقديمها دون اعتبار العطل الرسمية.
كما ارتفع نسق الاعتداءات على الصحفيين والمصورين الصحفيين للشهر الثاني على التوالي خلال شهر ديسمبر، وفق ما ورد بملخص التقرير الشهري لوحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابع للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث سجلت وحدة الرصد 20 اعتداء من أصل 28 إشعارا في شهر ديسمبر المنقضي، مقابل 17 اعتداء من أصل 21 إشعارا في شهر نوفمبر 2021.
صلاح الدين كريمي
الصادق الحمامي: "الميديا" العمومية مريضة.. بلا إصلاح وغير خاضعة لأي نوع من المساءلة
فتحية السعيدي:الإعلام التونسي ساهم في صعود الشعبوية دون أي وعي
تونس-الصباح
نظم أمس مركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي بمقره بالعاصمة ندوة علمية بعنوان "الإعلام التونسي: في سياق التدابير الاستثنائية: بين فرص الإصلاح ومخاطر الانتكاس، ندوة شارك فيها عدد من الخبراء والخبيرات في قطاع الإعلام وممثلين عن الهياكل المهنية كالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري ومجلس الصحافة. وتمحورت محاور الندوة حول الإعلام والديمقراطية والشعبوية وآثارها على الإعلام التونسي ورؤية هياكل التعديل لإصلاح قطاع الإعلام، وقد قام بإدارة الندوة الصحفي محمد اليوسفي.
وأكد الأستاذ الجامعي بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، الدكتور الصادق الحمامي، في مداخلته حول الإعلام والديمقراطية "الانتقال المعطوب"، أن هذا الموضوع له أهمية خاصة في السياق التونسي، لأن الانتقال الإعلامي مزدوج ومعطل، وذلك من ناحية أولى كون أن الانتقال في المجال الإعلامي أي الميديا والصحافة في تونس ساهمت في تعطيل الانتقال الديمقراطي خاصة منه النظام الإعلامي وليس للصحفيين.
"ميديا" مريضة
وأضاف الحمامي، إن التقييم الإعلامي من زاوية التصنيف الديمقراطي للبلاد يؤكد إن تونس متقدمة عربيا، وفي علاقة بالاطار القانوني فإن المرسومين 115/116 ينظمان قطاع الإعلام، إلا أن التنوع في المشهد الإعلامي ما يزال محدودا حيث أن "الميديا" العمومية على سبيل المثال مريضة بلا إصلاح غير خاضعة لأي نوع من المساءلة. خاصة وأن المشهد لا يستجيب لحاجيات الجمهور وذلك نتيجة لغياب المؤسسات الاعلامية الشفافة، وهو ما جعلنا اليوم أمام مشهد إعلامي ومجال عمومي لا نعلم من يتحكم فيه، وهو ما يعني أن القوانين ظلت حبرا على ورق.
واشار الاستاذ الجامعي إلى ان التقييم الشامل للمنظومة القانونية غير مكتمل والذي أدى إلى ميديا عموميّة بلا إصلاح، ومؤسسات صحفية هشة وغير قابلة للحياة مع سوق اشهارية محدودة مما نتج عنه اوضاع مهنية لا تتيح للصحفيين التميز المهني، كما مثل غياب سياسة عمومية احد أبرز أسباب الأزمة الإعلامية في تونس، إضافة إلى التكوين الأكاديمي الذي لم يشمل الإصلاح، وتراجع التنوع في المضمون، وغياب الرقابة للسلطة وخلق منظومة تعديل إعلامي غير فعالة. فهذا الإخفاق النسقي أدى أولا إلى التفريط في دور الرقابة على الحكومة والسلطات التنفيذية ومساءلتها. وثانيا الانخراط في الاستقطاب الإيديولوجي والسياسي. وثالثا خدمة الاتصال السياسي( صحافة ناقلة/ حلقة وصل) أما رابعا المساهمة في شخصنة السياسة ومشهدة السياسة.
التوجه نحو التسلط
من جانبها الاستاذة الجامعية، فتحية السعيدي، بينت في مداخلتها تحت عنوان "الشعبوية وآثارها على الإعلام التونسي"، أن الشعبوية عامة دائما ما تتجه نحو التسلط، وقد ساهم الإعلام التونسي في صعود الشعبوية دون أي وعي لذلك من خلال تشريك من ساهموا في ترذيل الحياة السياسية وتبخيس النخبة السياسية. وأضافت في نفس السياق أن الشعبوية عززت تهميش دور الإعلام كوسيط بين الحاكم أي رئيس الجمهورية قيس سعيد حاليا وبين الجمهور لأن الشعبوية لا تعترف إلا بالخطاب المباشر.
وأكدت السعيدي، أن هناك صعوبة كبيرة اليوم يواجهها الصحفيون في الحصول على المعلومة وممارسة حق النفاذ الى المعلومة في ظل غياب ناطق رسمي لرئاسة الجمهورية وتسهيل عمل الصحفيين، إذ لا بد للعاملين في قطاع الإعلام في تونس مزيد التقيد بأخلاقيات المهنة والعمل بدورهم بمهنية وتفسير مخاطر الشعبوية ونتائجها على المجال العمومي والحق في المعلومة، إضافة إلى الابتعاد عن الإثارة في موادهم وبرامجهم الصحفية...، مع التأكيد على ان وسائل الإعلام وسيط بين الحاكم والجمهور.
حرية مهددة
واعتبر نقيب الصحفيين التونسيين، محمد ياسين الجلاصي، أن الحرية في تونس مهددة اليوم ويمكن أن تعود إلى مربع قبل 14 جانفي 2011 فكل الإصلاحات السياسية للإعلام قبل 2014 كانت الأولى والأخيرة لقطاع الإعلام وذلك نتيجة لكون الأطراف السياسية التي حكمت منذ 2011 الى اليوم لا توجد لديها نية لإصلاح الإعلام بل سعت إلى العودة بالإعلام إلى الوراء، وذلك من خلال التعامل بمنطق التطهير وليس منطق الإصلاح والعمل لخدمة الحزب والحكومات وليس الشعب والدولة.
واضاف الجلاصي، أنه وبالرغم من كل العراقيل فإن الإعلام والصحفيين في تونس لعبوا دورا كبيرا في المحافظة على حرية التعبير. إلا أن منطق الزبونية ما يزال متواصلا في تعامل السياسيين مع الإعلام. ولا يوجد مسؤول في الدولة حاليا يمكنه الحديث بحرية ومباشرة مع وسائل الإعلام، رغم أن أي مسؤول في الدولة مطالب بأن يخاطب الشعب ويوجه المعلومة إلى الرأي العام في إطار حقه في النفاذ إلى المعلومة.
جدير بالذكر أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، دعت قبل أيام رئاسة الجمهورية إلى القطع مع سياساتها الاتصالية القائمة على الانغلاق وتعيين مكلف أو ناطق رسمي باسم الرئاسة لضمان حق الصحفي ومن خلفه المواطن في الحصول على المعلومات. ودعت أيضا إلى عقد ندوة صحفية دورية وتفاعلية حول الوضع العام والخيارات الأساسية للدولة تجيب عن الأسئلة المطروحة من قبل وسائل الإعلام في إطار دورها الأساسي في ضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات.
وطالبت النقابة بالسحب الفوري للمنشور عدد 19 المعيق لحق الصحفي في الحصول على المعلومة وكل المناشير المكملة له والتي تمثل عوائق غير مشروعة على التدفق الحر للمعلومات. ودعتها إلى عقد ندوة صحفية أسبوعية دورية تفاعلية لإطلاع الرأي العام عن تقدم العمل الحكومي احتراما لمبدأ الشفافية وحق الصحفي ومن خلفه المواطن في الحصول على المعلومات وإلزام موظفيها بالتصريح الصحفي لوسائل الإعلام في مجال اختصاصاهم عند الطلب وتحديد آجال معقولة للرد على مطالب التصوير والتصريح لا تتجاوز 48 ساعة من تاريخ تقديمها دون اعتبار العطل الرسمية.
كما ارتفع نسق الاعتداءات على الصحفيين والمصورين الصحفيين للشهر الثاني على التوالي خلال شهر ديسمبر، وفق ما ورد بملخص التقرير الشهري لوحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابع للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث سجلت وحدة الرصد 20 اعتداء من أصل 28 إشعارا في شهر ديسمبر المنقضي، مقابل 17 اعتداء من أصل 21 إشعارا في شهر نوفمبر 2021.