رغم أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت الجمعة الماضي، أنها قامت باتخاذ قرارين في الإقامة الجبرية وذلك عملا بالقانون المنظم لحالة الطوارئ.. إلا أن كل الأضواء سُلطت بالكامل على وضع وزير العدل السابق والقيادي بحركة النهضة نورالدين البحيري تحت الإقامة الجبرية مع تجاهل غريب لوضع المنتمي الآخر لحركة النهضة فتحي البلدي قيد نفس الإجراء، وقد بدا غريبا ومثيرا للانتباه أن تتجاهل تماما بيانات وبلاغات وندوات حركة النهضة للتعليق عمّا حصل، لفتحي البلدي، وقرار وضعه تحت الإقامة الجبرية مثله مثل نور الدين البحيري.
وإذا كان قرار وضع فتحي البلدي تحت الإقامة الجبرية لم يثر ضجة فان علاقته بحركة النهضة والاتهامات الخطيرة التي وجهتها له هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي خطيرة ومثيرة للاهتمام وتتطلب التحري والتدقيق من طرف الأجهزة الأمنية واطلاع الرأي العام الذي ما زال ينتظر مآل تلك الاتهامات التي وجهتها هيئة الدفاع عن الشهيدين والتي تهم بشكل مباشر أمن الدولة الداخلي والخارجي في علاقة بملف الاغتيالات وما يُسمى بالجهاز السرّي لحركة النهضة ومحتويات الغرفة السوداء بوزارة الداخلية.
وإذا كان القيادي المستقيل من حركة النهضة هو أول من أشار إلى إيقاف فتحي البلدي في حين حاولت أبرز قيادات حركة النهضة تفادي ذكره في تصريحاتها أسوة ببلاغات الحركة وقد تناقلت بعض المواقع استياء عائلة البلدي من هذا التجاهل المتعمد من الحركة والتنكر لأحد أبرز أبنائها.. وتشير بعض المصادر أن تجاهل حركة النهضة لفتحي البلدي متعمّد حتى لا تغذّي حولها الاتهامات بشأن تورطها في بعض الملفات الخطيرة كالاغتيالات والجهاز السرّي الذي تصر هيئة الدفاع عن الشهيدين على تورط البلدي في هذين الملفين.
من هو فتحي البلدي؟
تتضارب بعض المعلومات بشأن المسار المهني لفتحي البلدي ولكن هناك إجماع على أنه التحق بوزارة الداخلية في التسعينات كعون أمن في خطة مساعد محافظ شرطة ولكن تم عزله بعد ذلك بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخّص فيها وحكم عليه بـ15 سنة سجنا وعُزل من منصبه.. ليعود إلى الوزارة بعد الثورة وتحديدا إلى إدارة الحدود والأجانب كموظف أمني بهذه الإدارة ولكنه عند تولي علي لعريض لمنصب وزير الداخلية في حكومة الترويكا الأولى تم تكليفه بمهمة في ديوان الوزير وأصبح مستشارا لعلي لعريض وهي الخطة التي حافظ عليها حتى مع الوزير لطفي بن جدو وقيل وقتها أنه في مارس 2015 قام وزير الداخلية آنذاك ناجم الغرسلي بعزله.. ولكن في أواخر شهر نوفمبر الماضي كانت المفاجأة بورود اسم فتحي البلدي في قائمة المسؤولين "الصوريين" بديوان الوزير دون مهام واضحة وقد اتخذ وزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين قرارا بإحالتهم على التقاعد الوجوبي وقد ضمت القائمة حوالي 20 اسما، وهو ما يعني أن البلدي لم يغادر ديوان وزير الداخلية منذ دخوله مع علي لعريض ونجح في أن يضمن بقاءه مع كل الوزراء المتعاقبين.
وفتحي البلدي ظل على انتمائه لحركة النهضة منذ التسعينات رغم السجن والتضييقات وهو المنحدر من عائلة معروفة بانتماء عدد كبير منها لحركة الاتجاه الإسلامي في البداية ثم بعد ذلك حركة النهضة، ومن أبرز هؤلاء عمّه الفاضل البلدي الذي التحق بحركة الاتجاه الإسلامي بداية الثمانينات ومع حركة النهضة بعد ذلك، وكان من الممضين على ذلك البيان الشهير الذي نشرته جريدة "الصباح" بتاريخ 8 مارس 1991 بعد عملية باب سويقة وورد فيه حرفيا "نحن الممضين أسفله عبد الفتاح مورو وفاضل البلدي وبنعيسى الدمني بعد تورّط بعض الشباب المنتسب إلى حركة النهضة في حادث الاعتداء الأليم على مقر لجنة التنسيق الحزبي للتجمع الدستوري بباب سويقة وذلك بموافقة من بعض قيادييها. نحن نعتبر هذه التصرفات غير مسؤولة وقد استغربنا القيام بها من قبل أناس ينتسبون لحركتنا ".. وبعد هذا البيان تداولت أخبار عن خروج فاضل البلدي من حركة النهضة حتى انه بعد الثورة ورغم كونه من الوجوه التاريخية للحركة لم يبرز اسمه ولم يكن له حضور في الإعلام.
اتهامات تلاحق فتحي البلدي
يوم 3 فيفري الماضي أعادت النيابة العمومية فتح تحقيق جديد حول اختفاء وثائق ومعطيات تهم ملف قضية اغتيال شكري بلعيد وكذلك حول عملية إخفاء مسدسات تم استعمالها في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وتشتبه هيئة الدفاع عن الشهيدين البراهمي وبلعيد في ضلوع فتحي البلدي في ملف الاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة بالنظر لعلاقته المريبة مع مصطفى خذر الذي تؤكد هيئة الدفاع انه يقود هذا الجهاز السرّي حيث تم الكشف عن مكالمات متبادلة وبشكل لافت بين البلدي وخضر خاصة وأن واقعة مصطفى خذر واكتشاف الأوراق التي كان يخفيها في محل تعليم السياقة واعترافه بأنه كان يرد على البريد الشخصي لوزير الداخلية آنذاك علي لعريض حصل عندما كان فتحي البلدي مستشارا في وزارة الداخلية.
وفي فيفري الماضي كشفت عضو لجنة الدفاع عن الشهيدين الأستاذة إيمان عزازة صحة ما راج وقتها عن استدعاء راشد الغنوشي للتحقيق معه في ملفي الاغتيالات والجهاز السري وأكدت أن هناك 17 قياديا من قيادات حركة النهضة مورطون ومتهمون بتكوين الجهاز السري لحركة النهضة ومن بينهم أمنيون وهم فتحي البلدي وقيس بكار والطاهر بوبحري وبينهم من كان مستشارا لعلي لعريض.. وقالت وقتها الأستاذة إيمان عزازة أن الجهاز السري لحركة النهضة كان يراقب ويتنصت على أجانب اتضح أنهم يقومون بالتبشير في تونس. وأن مصطفى خضر قائد هذا الجهاز راسل الاتحاد الدولي للعلماء المسلمين من اجل إقامة دورة تدريب إستراتيجية في إعداد الجهاز الأمني للحزب. كما طلب التنظيم العالمي للخوان المسلمين من مصطفى خذر ضرورة تجنيس طلبة من حماس وتمتيعهم بمنح جامعية وأجاب خضر على هذا الطلب بأنه تم وتم توفير 20 منحة نصفها تمويل عمومي، وقالت عزازة ان هذه المراسلات كانت تتم عبر الايميل أو عبر الهاتف وباستعمال "تطبيقة السكرتيرة" وهي نوع من التشفير في قلب الأرقام المتعامل بها وأن وحدة الأبحاث بالعوينة تمكنت من فك التشفيرة.
كما يتهم فتحي البلدي خاصة من طرف النقابات الأمنية بأنه مسؤول عن تسميات مشبوهة وموالية لحركة النهضة بوزارة الداخلية. وفي انتظار ما ستسفر عنه التحريات الأمنية بعد قرار وضع فتحي البلدي تحت الإقامة الجبرية وما إذا كانت الأبحاث ستنتهي بإحالة قضائية أم سيتم رفع الإقامة الجبرية، فان ما حصل في وزارة الداخلية خلال العشر سنوات الماضية يتطلب تدقيقا وأعمال تحرّ معمقة في التعيينات وفي الانتدابات وفي طريقة تسيير الوزارة، كما يتطلب إجابات قاطعة حول الاتهامات التي توجهها هيئة الدفاع في علاقة بملف الاغتيالات وما يسمى بالجهاز السري لحركة النهضة.
منية العرفاوي
تونس- الصباح
رغم أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت الجمعة الماضي، أنها قامت باتخاذ قرارين في الإقامة الجبرية وذلك عملا بالقانون المنظم لحالة الطوارئ.. إلا أن كل الأضواء سُلطت بالكامل على وضع وزير العدل السابق والقيادي بحركة النهضة نورالدين البحيري تحت الإقامة الجبرية مع تجاهل غريب لوضع المنتمي الآخر لحركة النهضة فتحي البلدي قيد نفس الإجراء، وقد بدا غريبا ومثيرا للانتباه أن تتجاهل تماما بيانات وبلاغات وندوات حركة النهضة للتعليق عمّا حصل، لفتحي البلدي، وقرار وضعه تحت الإقامة الجبرية مثله مثل نور الدين البحيري.
وإذا كان قرار وضع فتحي البلدي تحت الإقامة الجبرية لم يثر ضجة فان علاقته بحركة النهضة والاتهامات الخطيرة التي وجهتها له هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي خطيرة ومثيرة للاهتمام وتتطلب التحري والتدقيق من طرف الأجهزة الأمنية واطلاع الرأي العام الذي ما زال ينتظر مآل تلك الاتهامات التي وجهتها هيئة الدفاع عن الشهيدين والتي تهم بشكل مباشر أمن الدولة الداخلي والخارجي في علاقة بملف الاغتيالات وما يُسمى بالجهاز السرّي لحركة النهضة ومحتويات الغرفة السوداء بوزارة الداخلية.
وإذا كان القيادي المستقيل من حركة النهضة هو أول من أشار إلى إيقاف فتحي البلدي في حين حاولت أبرز قيادات حركة النهضة تفادي ذكره في تصريحاتها أسوة ببلاغات الحركة وقد تناقلت بعض المواقع استياء عائلة البلدي من هذا التجاهل المتعمد من الحركة والتنكر لأحد أبرز أبنائها.. وتشير بعض المصادر أن تجاهل حركة النهضة لفتحي البلدي متعمّد حتى لا تغذّي حولها الاتهامات بشأن تورطها في بعض الملفات الخطيرة كالاغتيالات والجهاز السرّي الذي تصر هيئة الدفاع عن الشهيدين على تورط البلدي في هذين الملفين.
من هو فتحي البلدي؟
تتضارب بعض المعلومات بشأن المسار المهني لفتحي البلدي ولكن هناك إجماع على أنه التحق بوزارة الداخلية في التسعينات كعون أمن في خطة مساعد محافظ شرطة ولكن تم عزله بعد ذلك بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخّص فيها وحكم عليه بـ15 سنة سجنا وعُزل من منصبه.. ليعود إلى الوزارة بعد الثورة وتحديدا إلى إدارة الحدود والأجانب كموظف أمني بهذه الإدارة ولكنه عند تولي علي لعريض لمنصب وزير الداخلية في حكومة الترويكا الأولى تم تكليفه بمهمة في ديوان الوزير وأصبح مستشارا لعلي لعريض وهي الخطة التي حافظ عليها حتى مع الوزير لطفي بن جدو وقيل وقتها أنه في مارس 2015 قام وزير الداخلية آنذاك ناجم الغرسلي بعزله.. ولكن في أواخر شهر نوفمبر الماضي كانت المفاجأة بورود اسم فتحي البلدي في قائمة المسؤولين "الصوريين" بديوان الوزير دون مهام واضحة وقد اتخذ وزير الداخلية الحالي توفيق شرف الدين قرارا بإحالتهم على التقاعد الوجوبي وقد ضمت القائمة حوالي 20 اسما، وهو ما يعني أن البلدي لم يغادر ديوان وزير الداخلية منذ دخوله مع علي لعريض ونجح في أن يضمن بقاءه مع كل الوزراء المتعاقبين.
وفتحي البلدي ظل على انتمائه لحركة النهضة منذ التسعينات رغم السجن والتضييقات وهو المنحدر من عائلة معروفة بانتماء عدد كبير منها لحركة الاتجاه الإسلامي في البداية ثم بعد ذلك حركة النهضة، ومن أبرز هؤلاء عمّه الفاضل البلدي الذي التحق بحركة الاتجاه الإسلامي بداية الثمانينات ومع حركة النهضة بعد ذلك، وكان من الممضين على ذلك البيان الشهير الذي نشرته جريدة "الصباح" بتاريخ 8 مارس 1991 بعد عملية باب سويقة وورد فيه حرفيا "نحن الممضين أسفله عبد الفتاح مورو وفاضل البلدي وبنعيسى الدمني بعد تورّط بعض الشباب المنتسب إلى حركة النهضة في حادث الاعتداء الأليم على مقر لجنة التنسيق الحزبي للتجمع الدستوري بباب سويقة وذلك بموافقة من بعض قيادييها. نحن نعتبر هذه التصرفات غير مسؤولة وقد استغربنا القيام بها من قبل أناس ينتسبون لحركتنا ".. وبعد هذا البيان تداولت أخبار عن خروج فاضل البلدي من حركة النهضة حتى انه بعد الثورة ورغم كونه من الوجوه التاريخية للحركة لم يبرز اسمه ولم يكن له حضور في الإعلام.
اتهامات تلاحق فتحي البلدي
يوم 3 فيفري الماضي أعادت النيابة العمومية فتح تحقيق جديد حول اختفاء وثائق ومعطيات تهم ملف قضية اغتيال شكري بلعيد وكذلك حول عملية إخفاء مسدسات تم استعمالها في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وتشتبه هيئة الدفاع عن الشهيدين البراهمي وبلعيد في ضلوع فتحي البلدي في ملف الاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة بالنظر لعلاقته المريبة مع مصطفى خذر الذي تؤكد هيئة الدفاع انه يقود هذا الجهاز السرّي حيث تم الكشف عن مكالمات متبادلة وبشكل لافت بين البلدي وخضر خاصة وأن واقعة مصطفى خذر واكتشاف الأوراق التي كان يخفيها في محل تعليم السياقة واعترافه بأنه كان يرد على البريد الشخصي لوزير الداخلية آنذاك علي لعريض حصل عندما كان فتحي البلدي مستشارا في وزارة الداخلية.
وفي فيفري الماضي كشفت عضو لجنة الدفاع عن الشهيدين الأستاذة إيمان عزازة صحة ما راج وقتها عن استدعاء راشد الغنوشي للتحقيق معه في ملفي الاغتيالات والجهاز السري وأكدت أن هناك 17 قياديا من قيادات حركة النهضة مورطون ومتهمون بتكوين الجهاز السري لحركة النهضة ومن بينهم أمنيون وهم فتحي البلدي وقيس بكار والطاهر بوبحري وبينهم من كان مستشارا لعلي لعريض.. وقالت وقتها الأستاذة إيمان عزازة أن الجهاز السري لحركة النهضة كان يراقب ويتنصت على أجانب اتضح أنهم يقومون بالتبشير في تونس. وأن مصطفى خضر قائد هذا الجهاز راسل الاتحاد الدولي للعلماء المسلمين من اجل إقامة دورة تدريب إستراتيجية في إعداد الجهاز الأمني للحزب. كما طلب التنظيم العالمي للخوان المسلمين من مصطفى خذر ضرورة تجنيس طلبة من حماس وتمتيعهم بمنح جامعية وأجاب خضر على هذا الطلب بأنه تم وتم توفير 20 منحة نصفها تمويل عمومي، وقالت عزازة ان هذه المراسلات كانت تتم عبر الايميل أو عبر الهاتف وباستعمال "تطبيقة السكرتيرة" وهي نوع من التشفير في قلب الأرقام المتعامل بها وأن وحدة الأبحاث بالعوينة تمكنت من فك التشفيرة.
كما يتهم فتحي البلدي خاصة من طرف النقابات الأمنية بأنه مسؤول عن تسميات مشبوهة وموالية لحركة النهضة بوزارة الداخلية. وفي انتظار ما ستسفر عنه التحريات الأمنية بعد قرار وضع فتحي البلدي تحت الإقامة الجبرية وما إذا كانت الأبحاث ستنتهي بإحالة قضائية أم سيتم رفع الإقامة الجبرية، فان ما حصل في وزارة الداخلية خلال العشر سنوات الماضية يتطلب تدقيقا وأعمال تحرّ معمقة في التعيينات وفي الانتدابات وفي طريقة تسيير الوزارة، كما يتطلب إجابات قاطعة حول الاتهامات التي توجهها هيئة الدفاع في علاقة بملف الاغتيالات وما يسمى بالجهاز السري لحركة النهضة.