مع مطلع السنة الجديدة من المنتظر أن تنطلق فعاليات الاستشارة الشعبية الالكترونية التي سبق أن أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 13 ديسمبر الماضي بمناسبة تقديمه خارطة الطريق للفترة القادمة.. وهي عملية تباينت بشأنها آراء الناشطين في الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، إذ هناك من رحبوا بها بشروط وهناك من عبروا عن احترازهم عليها في حين هناك من طالبوا الشعب التونسي بمقاطعتها.
فحركة الشعب وفق ما أشار إليه النائب حاتم البوبكري تداولت حول هذه المسألة في إطار ندوة وطنية ومجلس وطني وبلورت موقفا واضحا منها، فهي موافقة من حيث المبدأ على الاستشارة الوطنية الالكترونية في شكل حوار مع الشباب ومختلف فئات الشعب التونسي، لكنها في نفس الوقت تطرح نقاط استفهام حول كيفية تشريك متساكني الأرياف لأن هناك جزءا كبيرا من التراب الوطني غير مغطى بشبكة الانترنيت كما أن هناك فئة من الشعب غير قادرة على التعاطي مع الوسائط الالكترونية..
وأضاف البوبكري أن حركة الشعب ترى أن الحوار الأفقي عبر الوسائط الإلكترونية يجب أن يشفع بحوار عمودي، إذ هناك لجنة ستقوم بتأليف نتائج الاستشارة الإلكترونية ويجب أن تمرر تلك النتائج لنقاشها في إطار حوار مباشر تشارك فيه الأحزاب السياسية المؤمنة بإجراءات 25 جويلية وكذلك المنظمات الوطنية، ويقع خلاله بلورة الحلول العاجلة والآجلة الكفيلة بإخراج البلاد من الوضع الصعب الذي هي عليه. وفسر عضو مجلس نواب الشعب المعلقة أشغاله أن حركة الشعب لا تعترض من حيث المبدأ على الاستشارة الشعبية الالكترونية فهذه الآلية معمول بها في بلدان أخرى وقد سبق للرئيس الفرنسي ماكرون أن استعمل نفس الآليات ونفس التطبيقة التي سيتم استعمالها في تونس.. وذكر أنه إلى جانب نقطة الاستفهام التي تطرحها الحركة حول كيفية تشريك متساكني الأرياف والفئات التي لا تحسن التعاطي مع الوسائط الالكترونية، هناك مؤاخذة ثانية تثيرها حركة الشعب في علاقة بلجنة تأليف مخرجات الاستشارة الالكترونية فالسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستكون هذه اللجنة محايدة ومنضبطة وعلى معرفة بحدود الدولة وسقف إمكانياتها أم لا؟ وخلص البوبكري إلى أنهم في حركة الشعب موافقون على المبدأ لكن الشيطان يكمن في التفاصيل لذلك لا بد من الحذر.
ويرى النائب عن الحزب الدستوري الحر مصطفى الغربي أن علمية الاستفتاء الالكتروني لن يكتب لها النجاح، لأنه من الصعب جدا في الظرف الراهن أن تثير اهتمام التونسيين، وعبر الغربي عن خشيته من تدليس النتيجة، وقال إن العملية ليست آمنة ولا يمكن الوثوق في نتائج التصويت الالكتروني، وأضاف أن رئيس الجمهورية لو قام بإصلاح النصوص التشريعية ومنظومة الانتخابات كان الأمر سيكون أفضل من إعلانه عن إجراء استفتاء الكتروني، فهذه العملية حسب رأيه من الصعب جدا أن تنجح لأن أغلب التونسيين ليس لديهم القدر الكافي من المعرفة بالوسائط الالكترونية من ناحية ومن ناحية أخرى لا يتمتعون بسعة البال الضرورية للإجابة عن المسائل التي سيتم طرحها في إطار الاستفتاء الالكتروني..
أما اللجنة المركزية لحزب الوطنيّين الديمقراطيّين الموحد فقد أوردت في بيانها الصادر أول أمس أنها تعتبر أنّ آليّة الاستشارة الإلكترونيّة والمنصّات الرّقميّة لا تضمن شروط النّقاش السياسي داخل المجتمع ولا تعكس التنوّع الفكري والسياسيّ لدى عموم الشعب.
دعوات للمقاطعة
في المقابل أعلنت مجموعة مواطنون ضد الانقلاب عن مقاطعتها للاستفتاء الالكتروني الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد وأعلن أنه سينطلق مفتتح السنة الجارية، وفي هذا السياق أشار عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الديمقراطية جوهر بن مبارك أول أمس في لقاء صحفي بمقر إضراب الجوع الذي ينفذه عدد من معارضي ما وصفوه بالانقلاب إلى استئثار الرئيس سعيد بالسلطة التأسيسية التي تعتبر السلطة السيادية الأصلية، وقال إن المنقلب، ويقصد الرئيس، يريد احتكار السلطة التأسيسية من خلال ما أسماه بالاستشارة الالكترونية. وبين أنه يعتبر أن هذه العملية هي عملية تحيل إلكتروني على الشعب، ودعا بن مبارك الشعب التونسي بمختلف أطيافه بشبابه ونسائه ورجاله وشيوخه إلى مقاطعتها واصفا إياها بالاستشارة التحيلية وطالبهم بعدم المشاركة فيها والتصدي لها بكل الوسائل السلمية والديمقراطية. وأضاف أن المبادرة الديمقراطية تدعو الجميع لمقاطعة التطبيقة الإلكترونية ومقاطعة الاستشارة التحيلية على السلطة التأسيسية، وذكر أن السبب الأول الذي يدعو للمقاطعة يتمثل في أن الاستشارة المذكورة غير شرعية وفيها تحيل على الدستور وانقلاب عليه ولأنها غير شفافة ولا يمكن أن تعكس إرادة الشعب التونسي على اعتبار سيطرة ما وصفه بسلطة الانقلاب على مدخلاتها ومخرجاتها وهي تقنيا غير خاضعة لأي شكل من أشكال الرقابة الشفافة.. وأضاف أن احتكار سعيد للسلطة التشريعية واستئثاره بها عن طريق المراسيم مرفوض، وبين أن كل المراسيم والنصوص والأوامر الصادرة منذ 25 جويلية غير شرعية ولا ترتب أثرا في الحاضر والمستقبل وعندما يسقط الانقلاب ستسقط معه كل تلك النصوص.
ولا يختلف بشير الخليفي النائب عن حركة النهضة بالبرلمان المعلقة أشغاله منذ 25 جويلية في الرأي مع مجموعة مواطنون ضد الانقلاب، وقال إنهم في حركة النهضة سيقاطعون الاستفتاء الالكتروني الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد وإنهم لا يعترفون به لأن أسئلته موجهة ومآلاته معلومة مسبقا، ونظرا لوجود إمكانية للتحكم في نتائجه كما أن السرية غير مضمونة. وأشار الخليفي إلى أن الاستفتاء الالكتروني هو مواصلة لإجراءات خرق الدستور منذ يوم 25 جويلية إلى اليوم وإنه لا يمكن أن يكون مدخلا لأي إصلاح سياسي أو انتخابي أو اقتصادي لتونس، وفسر أن الحصول على آراء المواطنين لا بد أن يكون بطرق معروفة وتحت إشراف جهة مستقلة لكن الاستفتاء المراد انجازه تتحكم فيه الجهة المنظمة وبالتالي فإن سرية المعطيات غير مضمونة وخلص إلى أن الاستفتاء الإلكتروني هو مواصلة في مسار الخرق الجسيم للدستور الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021.
وفي نفس السياق أشار غازي الشواشي الأمين العام للتيار الديمقراطي إلى أن روزنامة الاستفتاء التي أعلن عنها رئيس الجمهورية هي روزنامة مسقطة لمحاولة إضفاء شرعية على مشروعه المتمثل في البناء القاعدي وتغيير الدستور على مقاسه. وأضاف قائلا:" نحن غير معنيين بهذا الاستفتاء وهناك نقاط استفهام عديدة حوله وحول مدى شرعيته وقانونيتيه وشفافيته ومصداقيته وحوكمته، فهناك نقاط غموض كثيرة تحيط به، وهو مشروع متخلف لتأسيس جماهيرية في تونس والتيار الديمقراطي غير موافق على هذا التمشي ويرفضه ويعتبر الروزنامة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية خارجة عن الأطر الدستورية والقانونية وهي عملية تحيل بأتم معنى الكلمة ولا يمكن أن تنجح، ثم أنها فضلا عن ذلك لا تمثل أولية التونسيين، فالاستفتاء في الوقت الراهن ليس أولوية بالنسبة للتونسيين الذين يعانون من الفقر والبطالة والتهميش".
وخلص الشواشي إلى أن التيار الديمقراطي يرفض الاستفتاء الالكتروني جملة وتفصيلا ويعترض على التمشي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية وعلى خارطة الطريق المسقطة وهي حسب وصفه علمية فاشلة ومرفوضة وقال أنه يدعو كل التونسيين إلى مقاطعة الاستفتاء الالكتروني وذكر أن الاستفتاء حول الدستور الجديد لا يمكن أن يكون أولية للتونسيين في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تنذر بالخطر.
التقيد بالآجال
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد عقد يوم 29 ديسمبر الماضي جلسة تمهيدية حول الاستفتاء الالكتروني حضرها بالخصوص نجلاء بودن رئيسة الحكومة ومالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية وفتحي السلاوتي وزير التربية وكمال دقيش وزير الشباب والرياضة ونزار بن ناجي وزير تكنولوجيات الاتصال، وبين يومها أن بعض من يدعون المعرفة قالوا إنه لا وجود لهذا النوع من الاستفتاء والحال أنه موجود ويمكن أن يوجد خاصة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية ففي بعض الدول الاسكندينافية يتم اعتماد الاقتراع الآلي عن طريق الانترنيت وأشار إلى أن الجلسة مخصصة للحديث عن التصور الأول للمرحلة الأولى التي تم الإعلان عنها في إطار خارطة الطريق وهي استشارة شعبية عن طريق الوسائل الحديثة للتواصل.. وذكر أن وزير تكنولوجيا الاتصال بذل جهدا كبيرا لتأمين هذه العملية من كل تدخل ومن كل محاولات للانحراف بالاستفتاء عن مقاصده الأصلية وفسر أنه بعد هذه الاستشارة سيتم التأليف بين مختلف الآراء التي سيقع وضعها في هذه المنصات الالكترونية وتأتي لجنة ثالثة لتتولى بعد ذلك تجسيد هذه المقترحات في نصوص قانونية . وذكر سعيد أن الاستشارة ستنطلق يوم الفاتح من شهر جانفي 2022 وستتواصل إلى حدود تاريخ الاستقلال أي 20 مارس 2022 ثم سيتم تنظيم استفتاء حول الإصلاحات الدستورية والإصلاحات القانونية بوجه عام ومنها على وجه الخصوص القانون الانتخابي، وسيتم لاحقا وتحديدا في 17 ديسمبر المقبل تنظيم انتخابات تشريعية بناء على إرادة الشعب لا إرادة من حاول أن ينحرف بإرادة الشعب.
وحسب ما أشار إليه وزير تكنولوجيا الاتصال خلال الاجتماع المذكور ستكون هناك في المنصة ستة فروع مع إمكانية التعديل وكل فرع سيكون فيه خمسة أسئلة ومساحة للتعبير الحر أما الهوية فستكون مخفية.
وجاء في بلاغ رسمي لرئاسة الجمهورية أن الاجتماع خُصّص للوقوف على مدى تقدّم التحضيرات الجارية لإطلاق المنصة الإلكترونية المتعلقة بالاستشارة الشعبية وأن رئيس الجمهورية استمع إلى عرض حول مختلف الجوانب التقنية الخاصة بهذه المنصة الإلكترونية وآليات عملها وطريقة المشاركة فيها وأنه أسدى تعليماته بضرورة أن تنطلق الاستشارة الشعبية في الموعد المحدد لها يوم 1 جانفي 2022 تنفيذا للقرارات المتخذة يوم 13 ديسمبر 2021. وأنه شدّد على أهمية توفير كلّ الضمانات التقنية حتى تكون هذه المنصّة الإلكترونية إطارا تفاعليا مؤمّنا يُمكّن من رصد مقترحات المواطنات والمواطنين في الداخل وفي الخارج وتشريكهم في صياغة مقترحات في مجالات مختلفة ليتم تأليفها لاحقا والشروع، بعد ذلك، في تنفيذ باقي المحطات المقبلة عليها تونس خلال سنة 2022 وجدد التأكيد على أن تنظيم هذه الاستشارة يندرج في إطار صياغة تصوّر جديد يُمكّن الشعب التونسي صاحب السيادة من التعبير عن إرادته بكلّ حرية.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
مع مطلع السنة الجديدة من المنتظر أن تنطلق فعاليات الاستشارة الشعبية الالكترونية التي سبق أن أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 13 ديسمبر الماضي بمناسبة تقديمه خارطة الطريق للفترة القادمة.. وهي عملية تباينت بشأنها آراء الناشطين في الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، إذ هناك من رحبوا بها بشروط وهناك من عبروا عن احترازهم عليها في حين هناك من طالبوا الشعب التونسي بمقاطعتها.
فحركة الشعب وفق ما أشار إليه النائب حاتم البوبكري تداولت حول هذه المسألة في إطار ندوة وطنية ومجلس وطني وبلورت موقفا واضحا منها، فهي موافقة من حيث المبدأ على الاستشارة الوطنية الالكترونية في شكل حوار مع الشباب ومختلف فئات الشعب التونسي، لكنها في نفس الوقت تطرح نقاط استفهام حول كيفية تشريك متساكني الأرياف لأن هناك جزءا كبيرا من التراب الوطني غير مغطى بشبكة الانترنيت كما أن هناك فئة من الشعب غير قادرة على التعاطي مع الوسائط الالكترونية..
وأضاف البوبكري أن حركة الشعب ترى أن الحوار الأفقي عبر الوسائط الإلكترونية يجب أن يشفع بحوار عمودي، إذ هناك لجنة ستقوم بتأليف نتائج الاستشارة الإلكترونية ويجب أن تمرر تلك النتائج لنقاشها في إطار حوار مباشر تشارك فيه الأحزاب السياسية المؤمنة بإجراءات 25 جويلية وكذلك المنظمات الوطنية، ويقع خلاله بلورة الحلول العاجلة والآجلة الكفيلة بإخراج البلاد من الوضع الصعب الذي هي عليه. وفسر عضو مجلس نواب الشعب المعلقة أشغاله أن حركة الشعب لا تعترض من حيث المبدأ على الاستشارة الشعبية الالكترونية فهذه الآلية معمول بها في بلدان أخرى وقد سبق للرئيس الفرنسي ماكرون أن استعمل نفس الآليات ونفس التطبيقة التي سيتم استعمالها في تونس.. وذكر أنه إلى جانب نقطة الاستفهام التي تطرحها الحركة حول كيفية تشريك متساكني الأرياف والفئات التي لا تحسن التعاطي مع الوسائط الالكترونية، هناك مؤاخذة ثانية تثيرها حركة الشعب في علاقة بلجنة تأليف مخرجات الاستشارة الالكترونية فالسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستكون هذه اللجنة محايدة ومنضبطة وعلى معرفة بحدود الدولة وسقف إمكانياتها أم لا؟ وخلص البوبكري إلى أنهم في حركة الشعب موافقون على المبدأ لكن الشيطان يكمن في التفاصيل لذلك لا بد من الحذر.
ويرى النائب عن الحزب الدستوري الحر مصطفى الغربي أن علمية الاستفتاء الالكتروني لن يكتب لها النجاح، لأنه من الصعب جدا في الظرف الراهن أن تثير اهتمام التونسيين، وعبر الغربي عن خشيته من تدليس النتيجة، وقال إن العملية ليست آمنة ولا يمكن الوثوق في نتائج التصويت الالكتروني، وأضاف أن رئيس الجمهورية لو قام بإصلاح النصوص التشريعية ومنظومة الانتخابات كان الأمر سيكون أفضل من إعلانه عن إجراء استفتاء الكتروني، فهذه العملية حسب رأيه من الصعب جدا أن تنجح لأن أغلب التونسيين ليس لديهم القدر الكافي من المعرفة بالوسائط الالكترونية من ناحية ومن ناحية أخرى لا يتمتعون بسعة البال الضرورية للإجابة عن المسائل التي سيتم طرحها في إطار الاستفتاء الالكتروني..
أما اللجنة المركزية لحزب الوطنيّين الديمقراطيّين الموحد فقد أوردت في بيانها الصادر أول أمس أنها تعتبر أنّ آليّة الاستشارة الإلكترونيّة والمنصّات الرّقميّة لا تضمن شروط النّقاش السياسي داخل المجتمع ولا تعكس التنوّع الفكري والسياسيّ لدى عموم الشعب.
دعوات للمقاطعة
في المقابل أعلنت مجموعة مواطنون ضد الانقلاب عن مقاطعتها للاستفتاء الالكتروني الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد وأعلن أنه سينطلق مفتتح السنة الجارية، وفي هذا السياق أشار عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الديمقراطية جوهر بن مبارك أول أمس في لقاء صحفي بمقر إضراب الجوع الذي ينفذه عدد من معارضي ما وصفوه بالانقلاب إلى استئثار الرئيس سعيد بالسلطة التأسيسية التي تعتبر السلطة السيادية الأصلية، وقال إن المنقلب، ويقصد الرئيس، يريد احتكار السلطة التأسيسية من خلال ما أسماه بالاستشارة الالكترونية. وبين أنه يعتبر أن هذه العملية هي عملية تحيل إلكتروني على الشعب، ودعا بن مبارك الشعب التونسي بمختلف أطيافه بشبابه ونسائه ورجاله وشيوخه إلى مقاطعتها واصفا إياها بالاستشارة التحيلية وطالبهم بعدم المشاركة فيها والتصدي لها بكل الوسائل السلمية والديمقراطية. وأضاف أن المبادرة الديمقراطية تدعو الجميع لمقاطعة التطبيقة الإلكترونية ومقاطعة الاستشارة التحيلية على السلطة التأسيسية، وذكر أن السبب الأول الذي يدعو للمقاطعة يتمثل في أن الاستشارة المذكورة غير شرعية وفيها تحيل على الدستور وانقلاب عليه ولأنها غير شفافة ولا يمكن أن تعكس إرادة الشعب التونسي على اعتبار سيطرة ما وصفه بسلطة الانقلاب على مدخلاتها ومخرجاتها وهي تقنيا غير خاضعة لأي شكل من أشكال الرقابة الشفافة.. وأضاف أن احتكار سعيد للسلطة التشريعية واستئثاره بها عن طريق المراسيم مرفوض، وبين أن كل المراسيم والنصوص والأوامر الصادرة منذ 25 جويلية غير شرعية ولا ترتب أثرا في الحاضر والمستقبل وعندما يسقط الانقلاب ستسقط معه كل تلك النصوص.
ولا يختلف بشير الخليفي النائب عن حركة النهضة بالبرلمان المعلقة أشغاله منذ 25 جويلية في الرأي مع مجموعة مواطنون ضد الانقلاب، وقال إنهم في حركة النهضة سيقاطعون الاستفتاء الالكتروني الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد وإنهم لا يعترفون به لأن أسئلته موجهة ومآلاته معلومة مسبقا، ونظرا لوجود إمكانية للتحكم في نتائجه كما أن السرية غير مضمونة. وأشار الخليفي إلى أن الاستفتاء الالكتروني هو مواصلة لإجراءات خرق الدستور منذ يوم 25 جويلية إلى اليوم وإنه لا يمكن أن يكون مدخلا لأي إصلاح سياسي أو انتخابي أو اقتصادي لتونس، وفسر أن الحصول على آراء المواطنين لا بد أن يكون بطرق معروفة وتحت إشراف جهة مستقلة لكن الاستفتاء المراد انجازه تتحكم فيه الجهة المنظمة وبالتالي فإن سرية المعطيات غير مضمونة وخلص إلى أن الاستفتاء الإلكتروني هو مواصلة في مسار الخرق الجسيم للدستور الذي انطلق منذ 25 جويلية 2021.
وفي نفس السياق أشار غازي الشواشي الأمين العام للتيار الديمقراطي إلى أن روزنامة الاستفتاء التي أعلن عنها رئيس الجمهورية هي روزنامة مسقطة لمحاولة إضفاء شرعية على مشروعه المتمثل في البناء القاعدي وتغيير الدستور على مقاسه. وأضاف قائلا:" نحن غير معنيين بهذا الاستفتاء وهناك نقاط استفهام عديدة حوله وحول مدى شرعيته وقانونيتيه وشفافيته ومصداقيته وحوكمته، فهناك نقاط غموض كثيرة تحيط به، وهو مشروع متخلف لتأسيس جماهيرية في تونس والتيار الديمقراطي غير موافق على هذا التمشي ويرفضه ويعتبر الروزنامة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية خارجة عن الأطر الدستورية والقانونية وهي عملية تحيل بأتم معنى الكلمة ولا يمكن أن تنجح، ثم أنها فضلا عن ذلك لا تمثل أولية التونسيين، فالاستفتاء في الوقت الراهن ليس أولوية بالنسبة للتونسيين الذين يعانون من الفقر والبطالة والتهميش".
وخلص الشواشي إلى أن التيار الديمقراطي يرفض الاستفتاء الالكتروني جملة وتفصيلا ويعترض على التمشي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية وعلى خارطة الطريق المسقطة وهي حسب وصفه علمية فاشلة ومرفوضة وقال أنه يدعو كل التونسيين إلى مقاطعة الاستفتاء الالكتروني وذكر أن الاستفتاء حول الدستور الجديد لا يمكن أن يكون أولية للتونسيين في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة التي تنذر بالخطر.
التقيد بالآجال
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد عقد يوم 29 ديسمبر الماضي جلسة تمهيدية حول الاستفتاء الالكتروني حضرها بالخصوص نجلاء بودن رئيسة الحكومة ومالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية وفتحي السلاوتي وزير التربية وكمال دقيش وزير الشباب والرياضة ونزار بن ناجي وزير تكنولوجيات الاتصال، وبين يومها أن بعض من يدعون المعرفة قالوا إنه لا وجود لهذا النوع من الاستفتاء والحال أنه موجود ويمكن أن يوجد خاصة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية ففي بعض الدول الاسكندينافية يتم اعتماد الاقتراع الآلي عن طريق الانترنيت وأشار إلى أن الجلسة مخصصة للحديث عن التصور الأول للمرحلة الأولى التي تم الإعلان عنها في إطار خارطة الطريق وهي استشارة شعبية عن طريق الوسائل الحديثة للتواصل.. وذكر أن وزير تكنولوجيا الاتصال بذل جهدا كبيرا لتأمين هذه العملية من كل تدخل ومن كل محاولات للانحراف بالاستفتاء عن مقاصده الأصلية وفسر أنه بعد هذه الاستشارة سيتم التأليف بين مختلف الآراء التي سيقع وضعها في هذه المنصات الالكترونية وتأتي لجنة ثالثة لتتولى بعد ذلك تجسيد هذه المقترحات في نصوص قانونية . وذكر سعيد أن الاستشارة ستنطلق يوم الفاتح من شهر جانفي 2022 وستتواصل إلى حدود تاريخ الاستقلال أي 20 مارس 2022 ثم سيتم تنظيم استفتاء حول الإصلاحات الدستورية والإصلاحات القانونية بوجه عام ومنها على وجه الخصوص القانون الانتخابي، وسيتم لاحقا وتحديدا في 17 ديسمبر المقبل تنظيم انتخابات تشريعية بناء على إرادة الشعب لا إرادة من حاول أن ينحرف بإرادة الشعب.
وحسب ما أشار إليه وزير تكنولوجيا الاتصال خلال الاجتماع المذكور ستكون هناك في المنصة ستة فروع مع إمكانية التعديل وكل فرع سيكون فيه خمسة أسئلة ومساحة للتعبير الحر أما الهوية فستكون مخفية.
وجاء في بلاغ رسمي لرئاسة الجمهورية أن الاجتماع خُصّص للوقوف على مدى تقدّم التحضيرات الجارية لإطلاق المنصة الإلكترونية المتعلقة بالاستشارة الشعبية وأن رئيس الجمهورية استمع إلى عرض حول مختلف الجوانب التقنية الخاصة بهذه المنصة الإلكترونية وآليات عملها وطريقة المشاركة فيها وأنه أسدى تعليماته بضرورة أن تنطلق الاستشارة الشعبية في الموعد المحدد لها يوم 1 جانفي 2022 تنفيذا للقرارات المتخذة يوم 13 ديسمبر 2021. وأنه شدّد على أهمية توفير كلّ الضمانات التقنية حتى تكون هذه المنصّة الإلكترونية إطارا تفاعليا مؤمّنا يُمكّن من رصد مقترحات المواطنات والمواطنين في الداخل وفي الخارج وتشريكهم في صياغة مقترحات في مجالات مختلفة ليتم تأليفها لاحقا والشروع، بعد ذلك، في تنفيذ باقي المحطات المقبلة عليها تونس خلال سنة 2022 وجدد التأكيد على أن تنظيم هذه الاستشارة يندرج في إطار صياغة تصوّر جديد يُمكّن الشعب التونسي صاحب السيادة من التعبير عن إرادته بكلّ حرية.