أكّد اليوم وزير الصحة مصطفى الفرجاني خلال جلسة عامة برلمانية مُخصصة للمصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس، أن الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية تعملان بتكامل وانسجام لخدمة الصالح العام.
واعتبر أن قطاع الصحة سيظلّ ركناً أساسياً من أركان السيادة الوطنية، وأن خيار التعويل على الذات يشمل الأمن القومي الصحي والدوائي.
كما شدّد الوزير على أن الاستراتيجية التي يقودها رئيس الجمهورية تهدف إلى إعادة بناء المنظومة الصحية برمّتها، بما يعيد ثقة المواطن في المرفق العمومي، مع الالتزام بتحقيق العدالة الصحية ومواجهة التحديات والصعوبات الهيكلية المتراكمة.
وأكّد، في هذا الإطار، أنّ إعادة هيكلة المنظومة الصحية ستكون على أسس الإنصاف والجودة، مع إيلاء اهتمام خاص بالمناطق الداخلية التي تفتقر إلى أبسط مقوّمات التنمية الصحية.
تدعيم الحضور الإقليمي لتونس
ونوّه وزير الصحة بأهمية المشروع المتعلّق باتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس، باعتباره مؤسسة علمية وبحثية مرموقة في المجال الطبي، مؤكّداً أنّ هذه الخطوة تمثّل فرصة استراتيجية لتدعيم الحضور الإقليمي لتونس في هذا المجال الحيوي.
وبيّن أن المجلس العربي للاختصاصات الصحية هو هيكل ذو طبيعة علمية بالأساس تابع لمجلس وزراء الصحة العرب في إطار جامعة الدول العربية.
وأوضح الوزير أن دور المكتب التنسيقي لتونس يتمثل في تقريب وجهات النظر بين المنظومة الأكاديمية المعتمدة بتونس في تكوين الاختصاصات الصحية والمنظومة المهنية المعتمدة من قبل المجلس العربي للاختصاصات الصحية بما يعزز مساهمة الجمهورية التونسية في تحقيق الرؤية الإقليمية للمجلس خاصة في ظلّ توجّه الدولة نحو التدريس بثلاث لغات: العربية، الفرنسية، والإنقليزية.
الطلبة الأجانب الدارسين في المجالات الطبية وشبه الطبية
واشار الوزير إلى أن عدد الطلبة الأجانب الدارسين في المجالات الطبية وشبه الطبية بتونس يناهز 500 طالب، وهم يُعدّون سفراء تونس في بلدانهم، معتبراً أن فتح هذا المكتب سيبسط الإجراءات الإدارية ويسمح لهم بالحصول على شهادات اختصاص معترف بها عربياً، مما يُعزّز مكانة تونس كوجهة للسياحة الطبية وتصدير الخدمات الصحية.
كما أفاد أن المكتب، الذي يضمّ ستة أعضاء ويرأسه وزير الصحة التونسي بصفته، سيُتيح فرصة لتقريب الرؤى بين منظومات التعليم العالي واحتياجات سوق الشغل.
آليات تحفيزية للحدّ من هجرة الأطباء
في السياق ذاته، أبرز وجود آليات تحفيزية للحدّ من هجرة الأطباء، حيث تفيد الإحصائيات أن 75% من الكفاءات الطبية الشابة تفضّل البقاء في تونس إذا توفرت الظروف الملائمة. واعتبر أن النجاحات الطبية المحقّقة لا تعود فقط للكفاءات البشرية، بل تتطلب أيضاً توفير تجهيزات ومعدّات تقنية متطورة.
وفي إطار دعم المنظومة الصحية، أعلن عن مشروع لإحداث مستشفى مختصّ في طب الأطفال بمنطقة "صنهاجة "من ولاية "منوبة " لتعزيز رعاية الطفولة الصحية.
واكّد أن الصحة لا تقتصر على توفير الأدوية والعلاج، بل تتطلب أيضاً تكويناً مستمراً للمهنيين.
واعتبر وزير الصحة أنّ تناظر الشهادات العلمية للأطباء والإطارات شبه الطبية في إطار المجلس العربي للاختصاصات الصحية من شأنه أن يسهّل تنقّل الكفاءات الطبية التونسية خارج أرض الوطن ويعزز الاعتراف بشهاداتهم على المستوى العربي والدولي، مما يفتح آفاقاً أوسع أمامهم.
تعميم الرقمنة على كافة المستشفيات
وفي إطار سعي الوزارة إلى تحسين نجاعة الخدمات، أشار الوزير إلى أنّ من بين أولويات العمل تعميم الرقمنة على كافة المستشفيات، لما لذلك من أثر مباشر على تسريع استقبال المرضى وتحسين جودة الخدمات المسداة.
كما اكد مراهنة الوزارة على اعتماد التكنولوجيا الحديثة والعمل بالشراكة مع الكفاءات التونسية المقيمة بالخارج، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يتم توظيفه بشكل طوعي ومجاني في قراءة صور الأشعة والتصوير بالرنين المغناطيسي، مما يساهم في تطوير الطب الرقمي.
واعتبر الوزير أن ملامح ممارسة مهنة الطب ستشهد تحوّلاً جذرياً خلال السنوات القادمة بفعل الثورة التكنولوجية المتسارعة، مشيداً في هذا الصدد بمبادرات الأطباء التونسيين في المهجر ودورهم في دعم التقدّم نحو الطب الافتراضي.
دعوات النواب لزيارة الجهات
وفي تفاعله مع دعوات النواب لزيارة الجهات، أكّد الوزير أنه يحرص على أخذ جميع الولايات بعين الاعتبار عند وضع برامج الزيارات، مشيراً إلى أن هذه الزيارات يجب أن تكون موجّهة نحو الإنجاز والتطوير. كما نوّه بالكفاءات التونسية في المجال الطبي، معلناً أن تونس ستنظم قريباً أكبر مؤتمر للصيادلة في إفريقيا، تأكيداً على ريادتها في عدة مجالات طبية متقدمة.