إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الدكتور في القانون فريد بن جحا لـ"الصباح نيوز": قانون المسؤولية الطبية حدد المفاهيم وأوضح حقوق المرضى

+ قبل صدور قانون جوان 2024 كان الأطباء يحاكمون وفق نصوص حوادث المرور

ما يزال القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية، والصادر في جوان 2024، مدار جدل ونقاش، بالنظر إلى المفاهيم الجديدة وتوضيح العلاقة التعاقدية التي أسسها القانون بين المرضى ومسدي الخدمات الصحية..

ويقرّ القانون عدد 32 المؤرخ في 19 جوان 2024، حق المنتفعين بالخدمات الطبية في التعويض المادي والمعنوي والأدبي في حالة وجود ضرر ناتج عن خطأ طبي أو في الخدمات الصحية، وفي حالة التعفنات الجرثومية الناجمة عن التداوي.

كما نص القانون على اجبارية التأمين على الأخطاء الطبية بالنسبة للأطباء المنتصبين في القطاع الخاص فيما ستتولى وزارة الصحة التعويض عن الأخطاء الطبية سواء بالطريقة الموجودة حاليا (صندوق للتعويض) أو عن طريق القيام بالتأمين.

وفي هذا الصدد، أوضح القاضي والدكتور في القانون فريد بن جحا لـ"الصباح نيوز" أن موضوع المسؤولية الطبية أثار دائما الجدل بالنظر الى خصوصية العمل الطبي، وقال إن هذا الموضوع "قديم متجدد، ففي القرن 19 كانت المسؤولية الطبية هي مسؤولية تقصيرية يلزم إثبات خطأ وضرر ووجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر المرتكب حتى تقوم المسؤولية الطبية."

وأضاف، انه في بداية القرن العشرين أصبحت هاته المسؤولية تعاقدية مع القرار الشهير الصادر عن محكمة التعقيب الفرنسية سنة 1936، والذي يُعرف بـ "l’Affaire Mercier "، وهو القرار الذي ينشأ بين الطبيب والمريض، بمثابة عقد يلتزم بمقتضاه الطبيب ببذل العناية وتقديم العلاج طبقا للمعطيات العلمية الثابتة أو الراهنة.

ولاحظ بن جحا، أن في تونس تم تأسيس المسؤولية الطبية على نصوص عامة يقع على أساسها مؤاخذة كل من يرتكب خطأ بسبب التقصير أو الإهمال أو بعدم أخذ الاحتياط إذ أن نفس النصوص التي تحاكم بها حوادث المرور يمكن على أساسها مقاضاة الطبيب.

وقال محدثنا انه مع سنة 2004 اعتمد فقه القضاء المسؤولية موضوعية يقع في إطارها اعتبار خطأ الطبيب مفترض في صورة حصول ضرر للمريض، وهو ما يعرف بالمسؤولية على المخاطر "responsabilité pour risque" ويقع الاكتفاء بمقارنة بين حالة المريض قبل دخول المستشفى وبعد خروجه منها لتحديد المسؤولية من عدمها.

 وأوضح، انه يمكن الحديث عن ثلاث جوانب للمسؤولية الطبية؛ مسؤولية تأديبية تستند خاصة الى مجلة واجبات الطبيب الصادرة سنة 1993 والتي على أساسها يمكن لعمادة الأطباء تنظيم القطاع وإصدار عقوبات تأديبية تبدأ من الانذار والتوبيخ وصولا الى الشطب لكل من يخالف المجلة المذكورة، الى جانب ذلك توجد مسؤولية للأطباء العاملين في المستشفيات العمومية وهي تخضع في تحديدها الى أحكام المحكمة الادارية ويقع في صورة إثبات خطأ الطبيب التعويض للمريض من طرف الدولة ممثلة في وزارة الصحة ويمكن للدولة بعد دفع التعويضات الرجوع على الطبيب في صورة ارتكابه خطأ فاحشا.

اما اذا كان الطبيب يعمل لحسابه الخاص او في إطار مصحة هنا تكون المطالبة بالتعويض على المسؤولية الطبية أمام المحكمة الابتدائية والتي تلجأ عادة الى تكليف خبير أو خبراء لتحديد مدى وجود خطأ او مضاعفات تعرض لها المريض نتيجة استعمال تجهيزات طبية معينة مثل التعفنات الجرثومية وغيرها.

ويبقى للمريض الحق في كل الحالات في اختيار التتبعات الجزائية من خلال تقديم شكاية الى النيابة العمومية، وفي هاته الحالة تكون المسؤولية فردية ويجب إثبات أن الطبيب ارتكب تقصيرا أو اهمالا تسبب في إلحاق أضرار بدنية أو الى موت المريض، ويقع تتبعه ومقاضاته طبق الفصلين 217 او 225 من المجلة الجزائية بخصوص جنحتي الجرح او القتل على وجه الخطأ بسبب القصور والإهمال بعد أخذ الاحتياطات .

وبين محدثنا انه قبل صدور القانون الجديد، فان المسؤولية الطبية لم تكن تخضع الى نصوص خاصة تتلاءم مع طبيعة العمل الطبي، وإنما يقع تطبيق نصوص عامة سواء استنادا إلى مجلة الالتزامات والعقود الفصلين 82و83 أو المجلة الجزائية الفصلين 217 و225، مشيرا إلى ان الجديد في قانون سنة 2024، هو انه حدد المفاهيم مثل "الخطأ الطبي" أو " الحادث الطبي" أو "الخطأ الجسيم".

كما نص على حقوق للمرضى بصفة أكثر وضوحا من بينها نذكر حقه في الاعلام، إذ يتعين على مهنيي الصحة إعلام المنتفع بالخدمة الصحية بصفة مسبقة بهوية الطبيب المعالج ومختلف الكشوفات والعلاجات المقترحة وأخذ رأيه بشأنها واعلامه بالامكانيات والطرق والوسائل المتاحة لعلاجه مع ضرورة إعلامه بصفة مبسطة ومفهومة (الفصل 12 من القانون المذكور).

 كما أوجب الفصل 14 من نفس القانون، على الطبيب الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمريض بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا، كما تم التنصيص على حقوق المرضى في حماية حرمتهم الجسدية وحياتهم الخاصة ومعطياتهم الشخصية وخاصة حقهم في النفاذ للملف الطبي والحصول على نسخة كاملة منه طبقا للفصل 17 من القانون المذكور.

سعيدة الميساوي 

الدكتور في القانون فريد بن جحا لـ"الصباح نيوز": قانون المسؤولية الطبية حدد المفاهيم وأوضح حقوق المرضى

+ قبل صدور قانون جوان 2024 كان الأطباء يحاكمون وفق نصوص حوادث المرور

ما يزال القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية، والصادر في جوان 2024، مدار جدل ونقاش، بالنظر إلى المفاهيم الجديدة وتوضيح العلاقة التعاقدية التي أسسها القانون بين المرضى ومسدي الخدمات الصحية..

ويقرّ القانون عدد 32 المؤرخ في 19 جوان 2024، حق المنتفعين بالخدمات الطبية في التعويض المادي والمعنوي والأدبي في حالة وجود ضرر ناتج عن خطأ طبي أو في الخدمات الصحية، وفي حالة التعفنات الجرثومية الناجمة عن التداوي.

كما نص القانون على اجبارية التأمين على الأخطاء الطبية بالنسبة للأطباء المنتصبين في القطاع الخاص فيما ستتولى وزارة الصحة التعويض عن الأخطاء الطبية سواء بالطريقة الموجودة حاليا (صندوق للتعويض) أو عن طريق القيام بالتأمين.

وفي هذا الصدد، أوضح القاضي والدكتور في القانون فريد بن جحا لـ"الصباح نيوز" أن موضوع المسؤولية الطبية أثار دائما الجدل بالنظر الى خصوصية العمل الطبي، وقال إن هذا الموضوع "قديم متجدد، ففي القرن 19 كانت المسؤولية الطبية هي مسؤولية تقصيرية يلزم إثبات خطأ وضرر ووجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر المرتكب حتى تقوم المسؤولية الطبية."

وأضاف، انه في بداية القرن العشرين أصبحت هاته المسؤولية تعاقدية مع القرار الشهير الصادر عن محكمة التعقيب الفرنسية سنة 1936، والذي يُعرف بـ "l’Affaire Mercier "، وهو القرار الذي ينشأ بين الطبيب والمريض، بمثابة عقد يلتزم بمقتضاه الطبيب ببذل العناية وتقديم العلاج طبقا للمعطيات العلمية الثابتة أو الراهنة.

ولاحظ بن جحا، أن في تونس تم تأسيس المسؤولية الطبية على نصوص عامة يقع على أساسها مؤاخذة كل من يرتكب خطأ بسبب التقصير أو الإهمال أو بعدم أخذ الاحتياط إذ أن نفس النصوص التي تحاكم بها حوادث المرور يمكن على أساسها مقاضاة الطبيب.

وقال محدثنا انه مع سنة 2004 اعتمد فقه القضاء المسؤولية موضوعية يقع في إطارها اعتبار خطأ الطبيب مفترض في صورة حصول ضرر للمريض، وهو ما يعرف بالمسؤولية على المخاطر "responsabilité pour risque" ويقع الاكتفاء بمقارنة بين حالة المريض قبل دخول المستشفى وبعد خروجه منها لتحديد المسؤولية من عدمها.

 وأوضح، انه يمكن الحديث عن ثلاث جوانب للمسؤولية الطبية؛ مسؤولية تأديبية تستند خاصة الى مجلة واجبات الطبيب الصادرة سنة 1993 والتي على أساسها يمكن لعمادة الأطباء تنظيم القطاع وإصدار عقوبات تأديبية تبدأ من الانذار والتوبيخ وصولا الى الشطب لكل من يخالف المجلة المذكورة، الى جانب ذلك توجد مسؤولية للأطباء العاملين في المستشفيات العمومية وهي تخضع في تحديدها الى أحكام المحكمة الادارية ويقع في صورة إثبات خطأ الطبيب التعويض للمريض من طرف الدولة ممثلة في وزارة الصحة ويمكن للدولة بعد دفع التعويضات الرجوع على الطبيب في صورة ارتكابه خطأ فاحشا.

اما اذا كان الطبيب يعمل لحسابه الخاص او في إطار مصحة هنا تكون المطالبة بالتعويض على المسؤولية الطبية أمام المحكمة الابتدائية والتي تلجأ عادة الى تكليف خبير أو خبراء لتحديد مدى وجود خطأ او مضاعفات تعرض لها المريض نتيجة استعمال تجهيزات طبية معينة مثل التعفنات الجرثومية وغيرها.

ويبقى للمريض الحق في كل الحالات في اختيار التتبعات الجزائية من خلال تقديم شكاية الى النيابة العمومية، وفي هاته الحالة تكون المسؤولية فردية ويجب إثبات أن الطبيب ارتكب تقصيرا أو اهمالا تسبب في إلحاق أضرار بدنية أو الى موت المريض، ويقع تتبعه ومقاضاته طبق الفصلين 217 او 225 من المجلة الجزائية بخصوص جنحتي الجرح او القتل على وجه الخطأ بسبب القصور والإهمال بعد أخذ الاحتياطات .

وبين محدثنا انه قبل صدور القانون الجديد، فان المسؤولية الطبية لم تكن تخضع الى نصوص خاصة تتلاءم مع طبيعة العمل الطبي، وإنما يقع تطبيق نصوص عامة سواء استنادا إلى مجلة الالتزامات والعقود الفصلين 82و83 أو المجلة الجزائية الفصلين 217 و225، مشيرا إلى ان الجديد في قانون سنة 2024، هو انه حدد المفاهيم مثل "الخطأ الطبي" أو " الحادث الطبي" أو "الخطأ الجسيم".

كما نص على حقوق للمرضى بصفة أكثر وضوحا من بينها نذكر حقه في الاعلام، إذ يتعين على مهنيي الصحة إعلام المنتفع بالخدمة الصحية بصفة مسبقة بهوية الطبيب المعالج ومختلف الكشوفات والعلاجات المقترحة وأخذ رأيه بشأنها واعلامه بالامكانيات والطرق والوسائل المتاحة لعلاجه مع ضرورة إعلامه بصفة مبسطة ومفهومة (الفصل 12 من القانون المذكور).

 كما أوجب الفصل 14 من نفس القانون، على الطبيب الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمريض بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا، كما تم التنصيص على حقوق المرضى في حماية حرمتهم الجسدية وحياتهم الخاصة ومعطياتهم الشخصية وخاصة حقهم في النفاذ للملف الطبي والحصول على نسخة كاملة منه طبقا للفصل 17 من القانون المذكور.

سعيدة الميساوي 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews