بعد الإعلان عن تركيبة الحكومة التونسية الجديدة المتكونة من 24 وزيرا مع خطة وحيدة لكتابة الدولة تابعة لوزارة الشؤون الخارجية، اتضحت الرؤية في المجال المالي والاقتصادي مع 4 حقائب وزارية، بعيدا عن فكرة تجميعها في قطب مالي واحد كما تم تداوله في الآونة الأخيرة باعتبار أن هذه المرحلة اقتصادية بامتياز ..
وجاءت هذه الحقائب بشكل جديد طغى عليها نموذج الدمج بين الوزارات، على غرار وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، ووزارة التجارة وتنمية الصادرات ووزارة الاقتصاد والتخطيط، في حين انفردت وزارة وحيدة بحقيبة المالية، ليعود بنا هذا الشكل الى تجربة الدمج التي جاءت بها حكومة هشام المشيشي وبدت متغيرة الملامح شكلا مقارنة ببقية الحكومات السابقة، حيث تم التقليص وقتها من الحقائب الوزارية من خلال دمجها في شكل أقطاب من بينها القطب المالي والاقتصادي الذي جمع بين وزارتي المالية والاستثمار لتكون وزارة واحدة تحت اسم وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار ...
وفي الحكومة الجديدة التي ترأسها نجلاء بودن، توجه الشكل تقريبا إلى نفس الحكومة السابقة في ما يتعلق بوزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الصناعة والطاقة ...ومن الملفت للنظر أن تجربة المزج بين الوزارات في شكل قطب مالي، لم تكن ناجعة في ظل الوضع المالي الصعب الذي وصلت إليه البلاد على مستوى المالية العمومية، بما يؤكد فشل هذه التجربة لعدة اعتبارات ...
وبالرغم من طرح هذه التجربة بصفة جدية مع حكومة يوسف الشاهد منذ سنة 2017 مباشرة منذ تعيين فاضل عبد الكافي وزير الاستثمار والتعاون الدولي،وزيرا بالنيابة لوزارة المالية، إلا أنها لم تلق استجابة من قبل الطيف السياسي وقتها على أساس ان الظرف غير مناسب لخلق قطب اقتصادي يضم كل الوزارات ذات العلاقة بالملف الاقتصادي بالنظر إلى حساسية الوضع الاقتصادي وتواصل التحركات الاجتماعية المطالبة بالتشغيل والتنمية وما يتطلبه ذلك من وقت طويل لوضع تركيبة وهياكل القطب المحدث...
وهذا ما لاحظناه في تجربة دمج وزارة المالية مع وزارة الاستثمار في هيكل واحد، في حكومة المشيشي ، والتي لم تلق نجاحا في ما يتعلق بمعالجة الملفات الموكولة على عاتق هذا الهيكل، خاصة تلك المرتبطة بمجال الاستثمار والتعاون الدولي ودفع التنمية، وبقي تركيز الوزارة فقط موجها في المالية العمومية وكيفية الحصول على تمويلات جديدة وإيجاد حلول لتسديد الديون التي حلت اجالها والتحكم في العجز وكل الإشكاليات المتعلقة بالسياسة المالية للبلاد...
واليوم، وبعد الفصل بين المالية والتنمية في اتجاه انفراد ملفات المالية العمومية وما يرتبط بها من جباية وموازنات في حقيبة وزارية لوحدها، مقابل دمج الاقتصاد بمفهوم الاستثمار مع التخطيط على مستوى المخططات التنموية التي تحدد بوصلة التنمية في البلاد، مازالت الاراء بين الأوساط التونسية متباينة حول فكرة المزج، فمنهم من اعتبرها تجربة قديمة ونجاعتها رهينة نجاح تناول الملفات الموكولة لها، في حين أكد عدد اخر من بينهم فشل هذه الفكرة وعدم نجاعتها على ارض الواقع.
وفي الحقيقة، هذه التجربة ليست سابقة في تاريخ تونس، حيث اعتمدتها البلاد ما قبل الثورة مع منصور معلى ومزج وزارة المالية والتخطيط وكذلك ما بعد الثورة مع وزارة الاقتصاد والمالية مع حكيم بن حمودة وحتى في فترة وجيزة مع فاضل عبد الكافي من خلال مزج الوزارتين بالنيابة.
والاهم حسب العديد من المتدخلين في الشان الاقتصادي، ان تكون هذه التجربة مرتبطة ببرنامج متكامل حتى تكون ناجحة وتلقى نتائج ايجابية لدفع الاقتصاد والمالية العمومية، يتم من خلاله تنزيل البرامج والإصلاحات التي وعدت بها الحكومات المتعاقبة، مع ضرورة تنويع الشراكات الخارجية واستنباط حلول جديدة بعيدا عن الحلول التقليدية بعد تبين عدم نجاعتها.
وتبقى فكرة المزج رغم فشلها في الحكومات السابقة، مهمة خاصة اذا ما ركزت الحقائب الوزارية التي شملها المزج في الملفات الحقيقية الموكولة على عاتقها والتي من شانها ان تغير في المشهد الاقتصادي عموما في المرحلة القادمة نحو الأفضل ...
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
بعد الإعلان عن تركيبة الحكومة التونسية الجديدة المتكونة من 24 وزيرا مع خطة وحيدة لكتابة الدولة تابعة لوزارة الشؤون الخارجية، اتضحت الرؤية في المجال المالي والاقتصادي مع 4 حقائب وزارية، بعيدا عن فكرة تجميعها في قطب مالي واحد كما تم تداوله في الآونة الأخيرة باعتبار أن هذه المرحلة اقتصادية بامتياز ..
وجاءت هذه الحقائب بشكل جديد طغى عليها نموذج الدمج بين الوزارات، على غرار وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، ووزارة التجارة وتنمية الصادرات ووزارة الاقتصاد والتخطيط، في حين انفردت وزارة وحيدة بحقيبة المالية، ليعود بنا هذا الشكل الى تجربة الدمج التي جاءت بها حكومة هشام المشيشي وبدت متغيرة الملامح شكلا مقارنة ببقية الحكومات السابقة، حيث تم التقليص وقتها من الحقائب الوزارية من خلال دمجها في شكل أقطاب من بينها القطب المالي والاقتصادي الذي جمع بين وزارتي المالية والاستثمار لتكون وزارة واحدة تحت اسم وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار ...
وفي الحكومة الجديدة التي ترأسها نجلاء بودن، توجه الشكل تقريبا إلى نفس الحكومة السابقة في ما يتعلق بوزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الصناعة والطاقة ...ومن الملفت للنظر أن تجربة المزج بين الوزارات في شكل قطب مالي، لم تكن ناجعة في ظل الوضع المالي الصعب الذي وصلت إليه البلاد على مستوى المالية العمومية، بما يؤكد فشل هذه التجربة لعدة اعتبارات ...
وبالرغم من طرح هذه التجربة بصفة جدية مع حكومة يوسف الشاهد منذ سنة 2017 مباشرة منذ تعيين فاضل عبد الكافي وزير الاستثمار والتعاون الدولي،وزيرا بالنيابة لوزارة المالية، إلا أنها لم تلق استجابة من قبل الطيف السياسي وقتها على أساس ان الظرف غير مناسب لخلق قطب اقتصادي يضم كل الوزارات ذات العلاقة بالملف الاقتصادي بالنظر إلى حساسية الوضع الاقتصادي وتواصل التحركات الاجتماعية المطالبة بالتشغيل والتنمية وما يتطلبه ذلك من وقت طويل لوضع تركيبة وهياكل القطب المحدث...
وهذا ما لاحظناه في تجربة دمج وزارة المالية مع وزارة الاستثمار في هيكل واحد، في حكومة المشيشي ، والتي لم تلق نجاحا في ما يتعلق بمعالجة الملفات الموكولة على عاتق هذا الهيكل، خاصة تلك المرتبطة بمجال الاستثمار والتعاون الدولي ودفع التنمية، وبقي تركيز الوزارة فقط موجها في المالية العمومية وكيفية الحصول على تمويلات جديدة وإيجاد حلول لتسديد الديون التي حلت اجالها والتحكم في العجز وكل الإشكاليات المتعلقة بالسياسة المالية للبلاد...
واليوم، وبعد الفصل بين المالية والتنمية في اتجاه انفراد ملفات المالية العمومية وما يرتبط بها من جباية وموازنات في حقيبة وزارية لوحدها، مقابل دمج الاقتصاد بمفهوم الاستثمار مع التخطيط على مستوى المخططات التنموية التي تحدد بوصلة التنمية في البلاد، مازالت الاراء بين الأوساط التونسية متباينة حول فكرة المزج، فمنهم من اعتبرها تجربة قديمة ونجاعتها رهينة نجاح تناول الملفات الموكولة لها، في حين أكد عدد اخر من بينهم فشل هذه الفكرة وعدم نجاعتها على ارض الواقع.
وفي الحقيقة، هذه التجربة ليست سابقة في تاريخ تونس، حيث اعتمدتها البلاد ما قبل الثورة مع منصور معلى ومزج وزارة المالية والتخطيط وكذلك ما بعد الثورة مع وزارة الاقتصاد والمالية مع حكيم بن حمودة وحتى في فترة وجيزة مع فاضل عبد الكافي من خلال مزج الوزارتين بالنيابة.
والاهم حسب العديد من المتدخلين في الشان الاقتصادي، ان تكون هذه التجربة مرتبطة ببرنامج متكامل حتى تكون ناجحة وتلقى نتائج ايجابية لدفع الاقتصاد والمالية العمومية، يتم من خلاله تنزيل البرامج والإصلاحات التي وعدت بها الحكومات المتعاقبة، مع ضرورة تنويع الشراكات الخارجية واستنباط حلول جديدة بعيدا عن الحلول التقليدية بعد تبين عدم نجاعتها.
وتبقى فكرة المزج رغم فشلها في الحكومات السابقة، مهمة خاصة اذا ما ركزت الحقائب الوزارية التي شملها المزج في الملفات الحقيقية الموكولة على عاتقها والتي من شانها ان تغير في المشهد الاقتصادي عموما في المرحلة القادمة نحو الأفضل ...