تثبيت جهود التهدئة في ليبيا ومناقشة التطورات السياسية أبرز محاور اللقاء المفاجئ الذي جمع كلا من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر في العاصمة المصرية القاهرة، وهو ما يطرح تساؤلا عن علاقة هذا التقارب بالانتخابات
ويأتي هذا اللقاء بعد يوم من توافق رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري بخصوص الوثيقة الدستورية.
والتقى المنفي وحفتر في القاهرة بداية الأسبوع الحالي وبدعوة من الحكومة المصرية من أجل مناقشة آخر التطورات والوصول إلى صيغة توافقية تدعم ملفي الانتخابات والمصالحة الوطنية.
ويرى مراقبون للشأن الليبي بأن لقاء كل من حفتر والمنفي له خصائص سياسية وعسكرية، متوقعين الوصول إلى خارطة طريق تفتح الباب لانتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد.
ورغم نجاح القاهرة في عملية المصالحة بين كافة الأطراف المتنازعة في ليبيا وسعيها إلى تقريب وجهات النظر بينهم، بدءا باحتضانها اجتماعا لمجلسي النواب والأعلى للدولة الأسبوع الماضي، ثم لقاء المنفي وحفتر، إلا أنها لم تنجح في كسب ود رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الذي لم يسجل حضوره في أي من هذه الاجتماعات.
ملامح الحكم المقبل
يبدو أن أهم ما تحقق في هذه اللقاءات حسب المراقبين، تحديد معالم خارطة طريق الحكم القادم في ليبيا وفقا للوثيقة الدستورية التي تم الاتفاق عليها بين رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في القاهرة.
وحسب هذه الوثيقة فهي تتضمن سلطة تشريعية من غرفتين، وهما مجلسا النواب ومقره بنغازي، ومجلس الشيوخ ومقره طرابلس، وذلك بهدف إحداث توازن سياسي في البلاد.
وتتضمن هذه الوثيقة 67 مادة،كما تنص على ضرورة أن يتحصل كل مترشح في انتخابات مجلس الشيوخ على أكثر من 50 بالمائة زائد واحد من الأصوات.
وتنص الوثيقة بخصوص شروط الترشح لرئاسة الجمهورية التي تم الاتفاق عليها مع مجلس النواب، فإنه وجب على أي عسكري أو مسؤول آخر تقديم استقالته قبل الترشح لرئاسة البلاد، كما يُشترط ألا يكون قد صدر بحق المترشح حكم قضائي وإن لم يكن باتا بحسب ما ذكره المشريفي في لقاء تلفزيوني بعد لقائه صالح في القاهرة.
ويرى مراقبون ان هذا البند هو إقصاء ضمني للمرشح سيف الإسلام نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، والذي اعتبر في تصريحات سابقة أن إقصاء أطراف بعينها قد يقود إلى الطعن في نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها أو مقاطعتها.
يُذكر أن سيف الإسلام القذافي قدّم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الماضي، بعد أن واجه ترشحه آنذاك مشكلة كبيرة إثر إدانته من قبل محكمة ليبية وصدور مذكرة توقيف بحقّه من محكمة الجنايات الدولية.
وقد اتهم الأطراف السياسية المتصدرة للمشهد السياسي بإجهاض الانتخابات ومصادرة إرادة ملايين الليبيين من خلال الإبقاء على الخلافات حول القاعدة الدستورية للبقاء في السلطة.
غير أن خالد المشري أشار في القاهرة إلى أن كل المواد في الوثيقة الدستورية هي محل توافق، ولم يبق الخلاف قائما إلا حول مادة واحدة تتعلق بمزدوجي الجنسية، منوها إلى أنه تم التنصيص على أن يستفتى على المواد الخلافية بالوثيقة الدستورية حال عدم التوافق عليها، لأن الشعب هو مصدر السلطات.
صيغة توافقية
يحتاج إجراء الانتخابات في ليبيا إلى التوافق بين كافة المكونات، وهو ما عمل عليه كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي أو ما يسمى بـ "قوات شرق ليبيا" خليفة حفتر، خلال لقائهما الأخير في القاهرة، حيث اتفقا على إيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات.
كما اتفقا أيضا على إشراك جميع الأطراف الليبية في العملية السياسية ووضع ترتيبات مالية عادلة وشاملة، وتوحيد المؤسسة العسكرية لحماية الحدود وعمليات التهريب والهجرة غير النظامية، فضلًا عن آليات إنجاز المصالحة وإعادة المهجرين.
وتدعو من جهتها قوى دولية على غرار البعثة الأممية والسفارات الغربية إلى العودة للحوار والمسار السياسي، مشددة على ضرورة إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن وفق أساس دستوري.
غير أن كل هذه الجهود قد تصطدم برفض رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة إنهاء حكومته، مع تمسكه بأحقية حكومته في تنظيم الانتخابات، رغم عدم خضوع المناطق الشرقية والجنوبية لسلطته وهو ما يجعل مسار الانتخابات الليبية صعبا لأنه يحتاج إرادة قوية من الأطراف الداخلية ودعما من الجهات الخارجية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
ويرى متابعون للشأن الليبي أنه حتى ولو أجريت الانتخابات بسلاسة، فلا توجد ضمانات أن الطرف الخاسر سيقبل بنتائجها، خاصة إذا أدت إلى وصول شخصية جدلية إلى السلطة، فحينها سيتكرر سيناريو انتخابات 2014، بعنف أكثر.
ومنذ مارس الماضي، تشهد ليبيا صراعا سياسيا بين حكومتين، الأولى حكومة الوحدة بطرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة التي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب، والثانية حكومة برئاسة فتحي باشاغا معينة من مجلس النواب وتتخذ من سرت مقرا مؤقتا لها.
وقد أطلقت الأمم المتحدة مبادرة قادت إلى تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، لكن المسار لم يكتب له النجاح وبقي متعثّرا.
وإثر ذلك، أطلق المجلس الرئاسي في الثامن من ديسمبر الماضي مبادرة لعقد ملتقى للحوار بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والدولة) بحضور مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا عبد الله باتيلي.
منال العابدي
تثبيت جهود التهدئة في ليبيا ومناقشة التطورات السياسية أبرز محاور اللقاء المفاجئ الذي جمع كلا من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر في العاصمة المصرية القاهرة، وهو ما يطرح تساؤلا عن علاقة هذا التقارب بالانتخابات
ويأتي هذا اللقاء بعد يوم من توافق رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري بخصوص الوثيقة الدستورية.
والتقى المنفي وحفتر في القاهرة بداية الأسبوع الحالي وبدعوة من الحكومة المصرية من أجل مناقشة آخر التطورات والوصول إلى صيغة توافقية تدعم ملفي الانتخابات والمصالحة الوطنية.
ويرى مراقبون للشأن الليبي بأن لقاء كل من حفتر والمنفي له خصائص سياسية وعسكرية، متوقعين الوصول إلى خارطة طريق تفتح الباب لانتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد.
ورغم نجاح القاهرة في عملية المصالحة بين كافة الأطراف المتنازعة في ليبيا وسعيها إلى تقريب وجهات النظر بينهم، بدءا باحتضانها اجتماعا لمجلسي النواب والأعلى للدولة الأسبوع الماضي، ثم لقاء المنفي وحفتر، إلا أنها لم تنجح في كسب ود رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الذي لم يسجل حضوره في أي من هذه الاجتماعات.
ملامح الحكم المقبل
يبدو أن أهم ما تحقق في هذه اللقاءات حسب المراقبين، تحديد معالم خارطة طريق الحكم القادم في ليبيا وفقا للوثيقة الدستورية التي تم الاتفاق عليها بين رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في القاهرة.
وحسب هذه الوثيقة فهي تتضمن سلطة تشريعية من غرفتين، وهما مجلسا النواب ومقره بنغازي، ومجلس الشيوخ ومقره طرابلس، وذلك بهدف إحداث توازن سياسي في البلاد.
وتتضمن هذه الوثيقة 67 مادة،كما تنص على ضرورة أن يتحصل كل مترشح في انتخابات مجلس الشيوخ على أكثر من 50 بالمائة زائد واحد من الأصوات.
وتنص الوثيقة بخصوص شروط الترشح لرئاسة الجمهورية التي تم الاتفاق عليها مع مجلس النواب، فإنه وجب على أي عسكري أو مسؤول آخر تقديم استقالته قبل الترشح لرئاسة البلاد، كما يُشترط ألا يكون قد صدر بحق المترشح حكم قضائي وإن لم يكن باتا بحسب ما ذكره المشريفي في لقاء تلفزيوني بعد لقائه صالح في القاهرة.
ويرى مراقبون ان هذا البند هو إقصاء ضمني للمرشح سيف الإسلام نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، والذي اعتبر في تصريحات سابقة أن إقصاء أطراف بعينها قد يقود إلى الطعن في نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها أو مقاطعتها.
يُذكر أن سيف الإسلام القذافي قدّم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر من العام الماضي، بعد أن واجه ترشحه آنذاك مشكلة كبيرة إثر إدانته من قبل محكمة ليبية وصدور مذكرة توقيف بحقّه من محكمة الجنايات الدولية.
وقد اتهم الأطراف السياسية المتصدرة للمشهد السياسي بإجهاض الانتخابات ومصادرة إرادة ملايين الليبيين من خلال الإبقاء على الخلافات حول القاعدة الدستورية للبقاء في السلطة.
غير أن خالد المشري أشار في القاهرة إلى أن كل المواد في الوثيقة الدستورية هي محل توافق، ولم يبق الخلاف قائما إلا حول مادة واحدة تتعلق بمزدوجي الجنسية، منوها إلى أنه تم التنصيص على أن يستفتى على المواد الخلافية بالوثيقة الدستورية حال عدم التوافق عليها، لأن الشعب هو مصدر السلطات.
صيغة توافقية
يحتاج إجراء الانتخابات في ليبيا إلى التوافق بين كافة المكونات، وهو ما عمل عليه كل من رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وقائد الجيش الليبي أو ما يسمى بـ "قوات شرق ليبيا" خليفة حفتر، خلال لقائهما الأخير في القاهرة، حيث اتفقا على إيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات.
كما اتفقا أيضا على إشراك جميع الأطراف الليبية في العملية السياسية ووضع ترتيبات مالية عادلة وشاملة، وتوحيد المؤسسة العسكرية لحماية الحدود وعمليات التهريب والهجرة غير النظامية، فضلًا عن آليات إنجاز المصالحة وإعادة المهجرين.
وتدعو من جهتها قوى دولية على غرار البعثة الأممية والسفارات الغربية إلى العودة للحوار والمسار السياسي، مشددة على ضرورة إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن وفق أساس دستوري.
غير أن كل هذه الجهود قد تصطدم برفض رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة إنهاء حكومته، مع تمسكه بأحقية حكومته في تنظيم الانتخابات، رغم عدم خضوع المناطق الشرقية والجنوبية لسلطته وهو ما يجعل مسار الانتخابات الليبية صعبا لأنه يحتاج إرادة قوية من الأطراف الداخلية ودعما من الجهات الخارجية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
ويرى متابعون للشأن الليبي أنه حتى ولو أجريت الانتخابات بسلاسة، فلا توجد ضمانات أن الطرف الخاسر سيقبل بنتائجها، خاصة إذا أدت إلى وصول شخصية جدلية إلى السلطة، فحينها سيتكرر سيناريو انتخابات 2014، بعنف أكثر.
ومنذ مارس الماضي، تشهد ليبيا صراعا سياسيا بين حكومتين، الأولى حكومة الوحدة بطرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة التي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب، والثانية حكومة برئاسة فتحي باشاغا معينة من مجلس النواب وتتخذ من سرت مقرا مؤقتا لها.
وقد أطلقت الأمم المتحدة مبادرة قادت إلى تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، لكن المسار لم يكتب له النجاح وبقي متعثّرا.
وإثر ذلك، أطلق المجلس الرئاسي في الثامن من ديسمبر الماضي مبادرة لعقد ملتقى للحوار بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والدولة) بحضور مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا عبد الله باتيلي.