تتواتر الأخبار والمعطيات حول تواصل ارتفاع عدد الأميين في تونس بشكل يتنافى وانتظارات الجميع لتعميم التعليم على كل الشرائح العمرية والاجتماعية للتونسيين، وعلى نحو يؤكد وجود عد تنازلي في الغرض، ليصل إلى أكثر من مليونين أمّيا، حسب ما أكده وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي أمس الأول أثناء إشرافه على نشاط يعنى "بالتعلم مدى الحياة"، ليتواصل الحديث عن انتشار شريحة هامة من المجتمع ممن لا يتقنون القراءة ولا الكتابة في القرن الحادي والعشرين، بما يمثله من معان ورمزية للتطور العلمي والتكنولوجي انعكس إيجابيا على تطور المجتمعات والشعوب في إطار التفاعل مع المستجدات التي ترتقي بالإنسان وتعمل على ضمان حقوقه في حياة كريمة عبر تغيير المناهج في التعليم وابتكار منظومات اجتماعية وتربوية ترتقي بالشعوب وتهدف لتكريس منظومة تربية وتعليم وتنشئة "تصنع أجيالا ومجتمعات وشعوبا متطورة". ليعزز تصريح وزير الشؤون الاجتماعية الأخير صيحات الفزع التي ما انفكت تطلقها منظمات وهياكل ومختصين متابعين للظاهرة التي توسعت دائرتها في فترة ما بعد 2010 في بلادنا إلى حد أن مسألة "التجيهل" أصبحت الخطر الداهم الذي يهدد المجتمع والدولة نظرا لما يشكله ذلك من عوائق اقتصادية واجتماعية. والخطير في نفس التصريح المذكور أعلاه هو ما أكده الزاهي بأن المركز الوطني لتعليم الكبار لم يعد قادرا على استيعاب العدد الهائل من الأميين، بسبب النسبة الكبيرة للانقطاع المدرسي. الأمر الذي دفع سلطة الإشراف إلى الانتقال من تعليم الكبار إلى التعليم مدى الحياة.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تأكيد وزير التربية فتحي السلاوتي أن أكثر من 30 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا بصفة مبكرة أي بمعدل 300 تلميذ ينقطون عن التعليم يوميا، بعد أن أعلن في مفتتح السنة الدراسية الحالية أنه تم تسجيل انقطاع 69 ألف تلميذ عن الدراسة مبكرا في الموسم الدراسي الماضي. رغم ما يشكله ذلك من خطورة على النسيج المجتمعي نظرا لتفشي بعض السلوكيات والممارسات المحفوفة بالمخاطر من قبيل الإدمان والجريمة بجميع أنواعها كالسرقة والعنف والهجرة غير النظامية. ويذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بين مؤخرا أن عدد المشاركين في الهجرة غير النظامية من القصر تجاوز الثلاثة آلاف في السنة المنقضية ليساهم بذلك في تفاقم مسألة الانقطاع المبكر عن التعليم.
واعتبر البعض أن هذا العامل يشكل عائقا كبيرا للتنمية، بعد أن راهنت بلادنا منذ السنوات الأولى للاستقلال على الاستثمار في التعليم، ولا تزال تشكل إلى اليوم مصدرا دوليا هاما للكفاءات العلمية والبحثية في مجالات مختلفة.
واعتبر عبد الباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان أن الاستشارة الثالثة حول مستقبل التربية التي تنتظم ببلادنا بمشاركة كل من وزارة التربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدّة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة اليونيسيف، تهدف في جوانب منها إلى تطوير منظومة التربية والتعليم في بلادنا وذلك من خلال العمل على صياغة عقد جديد للتربية والتعليم في بلادنا يقوم على جملة من الأفكار الأساسية والمبادئ العامة من بينها تكريس التعليم كحقٌ من حقوق الإنسان وضمان جودة التعليم وإقراره ليكون مدى الحياة.
ويذكر أن هذه الاستشارة تأتي على ضوء تقرير اللجنة الدوليّة حول مستقبل التربية والتعليم الذي أصدرته منظمة اليونسكو سنة 2021، بعنوان "وضع تصورات جديدة لمستقبلنا معا: عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم".
وتدفع هذه الوضعية "الاجتماعية" اليوم جميع المؤسسات والمنظمات والهياكل إلى التحرك والعمل على إيجاد برامج واستراتجيات ومقاربات اقتصادية واجتماعية والتي من شأنها القطع مع العوامل والمؤشرات التي تدفع لانتشار الأمية أو الانقطاع المبكر عن الدراسة ووضع حد "لنزيف" الفقر والتهميش وغيرها من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظواهر السلبية، وتحمل سلطة الإشراف جانبا كبيرا من مسؤوليتها في هذا الجانب خاصة أن المدارس منتشرة في أغلب القرى والمناطق النائية بالجمهورية التونسية.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
تتواتر الأخبار والمعطيات حول تواصل ارتفاع عدد الأميين في تونس بشكل يتنافى وانتظارات الجميع لتعميم التعليم على كل الشرائح العمرية والاجتماعية للتونسيين، وعلى نحو يؤكد وجود عد تنازلي في الغرض، ليصل إلى أكثر من مليونين أمّيا، حسب ما أكده وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي أمس الأول أثناء إشرافه على نشاط يعنى "بالتعلم مدى الحياة"، ليتواصل الحديث عن انتشار شريحة هامة من المجتمع ممن لا يتقنون القراءة ولا الكتابة في القرن الحادي والعشرين، بما يمثله من معان ورمزية للتطور العلمي والتكنولوجي انعكس إيجابيا على تطور المجتمعات والشعوب في إطار التفاعل مع المستجدات التي ترتقي بالإنسان وتعمل على ضمان حقوقه في حياة كريمة عبر تغيير المناهج في التعليم وابتكار منظومات اجتماعية وتربوية ترتقي بالشعوب وتهدف لتكريس منظومة تربية وتعليم وتنشئة "تصنع أجيالا ومجتمعات وشعوبا متطورة". ليعزز تصريح وزير الشؤون الاجتماعية الأخير صيحات الفزع التي ما انفكت تطلقها منظمات وهياكل ومختصين متابعين للظاهرة التي توسعت دائرتها في فترة ما بعد 2010 في بلادنا إلى حد أن مسألة "التجيهل" أصبحت الخطر الداهم الذي يهدد المجتمع والدولة نظرا لما يشكله ذلك من عوائق اقتصادية واجتماعية. والخطير في نفس التصريح المذكور أعلاه هو ما أكده الزاهي بأن المركز الوطني لتعليم الكبار لم يعد قادرا على استيعاب العدد الهائل من الأميين، بسبب النسبة الكبيرة للانقطاع المدرسي. الأمر الذي دفع سلطة الإشراف إلى الانتقال من تعليم الكبار إلى التعليم مدى الحياة.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تأكيد وزير التربية فتحي السلاوتي أن أكثر من 30 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا بصفة مبكرة أي بمعدل 300 تلميذ ينقطون عن التعليم يوميا، بعد أن أعلن في مفتتح السنة الدراسية الحالية أنه تم تسجيل انقطاع 69 ألف تلميذ عن الدراسة مبكرا في الموسم الدراسي الماضي. رغم ما يشكله ذلك من خطورة على النسيج المجتمعي نظرا لتفشي بعض السلوكيات والممارسات المحفوفة بالمخاطر من قبيل الإدمان والجريمة بجميع أنواعها كالسرقة والعنف والهجرة غير النظامية. ويذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بين مؤخرا أن عدد المشاركين في الهجرة غير النظامية من القصر تجاوز الثلاثة آلاف في السنة المنقضية ليساهم بذلك في تفاقم مسألة الانقطاع المبكر عن التعليم.
واعتبر البعض أن هذا العامل يشكل عائقا كبيرا للتنمية، بعد أن راهنت بلادنا منذ السنوات الأولى للاستقلال على الاستثمار في التعليم، ولا تزال تشكل إلى اليوم مصدرا دوليا هاما للكفاءات العلمية والبحثية في مجالات مختلفة.
واعتبر عبد الباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان أن الاستشارة الثالثة حول مستقبل التربية التي تنتظم ببلادنا بمشاركة كل من وزارة التربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدّة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة اليونيسيف، تهدف في جوانب منها إلى تطوير منظومة التربية والتعليم في بلادنا وذلك من خلال العمل على صياغة عقد جديد للتربية والتعليم في بلادنا يقوم على جملة من الأفكار الأساسية والمبادئ العامة من بينها تكريس التعليم كحقٌ من حقوق الإنسان وضمان جودة التعليم وإقراره ليكون مدى الحياة.
ويذكر أن هذه الاستشارة تأتي على ضوء تقرير اللجنة الدوليّة حول مستقبل التربية والتعليم الذي أصدرته منظمة اليونسكو سنة 2021، بعنوان "وضع تصورات جديدة لمستقبلنا معا: عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم".
وتدفع هذه الوضعية "الاجتماعية" اليوم جميع المؤسسات والمنظمات والهياكل إلى التحرك والعمل على إيجاد برامج واستراتجيات ومقاربات اقتصادية واجتماعية والتي من شأنها القطع مع العوامل والمؤشرات التي تدفع لانتشار الأمية أو الانقطاع المبكر عن الدراسة ووضع حد "لنزيف" الفقر والتهميش وغيرها من العوامل والأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه الظواهر السلبية، وتحمل سلطة الإشراف جانبا كبيرا من مسؤوليتها في هذا الجانب خاصة أن المدارس منتشرة في أغلب القرى والمناطق النائية بالجمهورية التونسية.