إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس بوابة إفريقيا.. الفرصة المهدورة

تتأكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عمقها‭ ‬الإفريقي‭ ‬ظلت‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب‭ ‬مما‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬لدول‭ ‬مجاورة‭ ‬لقطع‭ ‬أشواط‭ ‬متقدمة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المغرب‭.‬

ولولا‭ ‬هذا‭ ‬التسابق‭ ‬المحموم‭ ‬دوليا‭ ‬وإقليميا‭ ‬لبسط‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬القارة‭ ‬واقتصادياتها‭ ‬ومحاولات‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمي‭( ‬فرنسا‭ ‬وأوروبا‭ ‬مقابل‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا‭) ‬لما‭ ‬كان‭ ‬للقمة‭ ‬الباريسية‭ ‬المنعقدة‭ ‬أمس‭ ‬حول‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬النور‭ ‬وتسعى‭ ‬لتأمين‭ ‬مشاركة‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬ورئيس‭ ‬حكومة‭ ‬من‭ ‬افريقيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬مالية‭.‬

ما‭ ‬يهم‭ ‬الجانب‭ ‬التونسي‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬تونس‭ ‬بوابة‭ ‬افريقيا‭ ‬وتلك‭ ‬الفرصة‭ ‬المهدورة‭ ‬لسنوات‭ ‬لتضطلع‭ ‬تونس‭ ‬بريادة‭ ‬المجموعة‭ ‬الافريقية‭ ‬بحكم‭ ‬مقوماتها‭ ‬الجغرافية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ (‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬14‭ ‬جانفي‭)‬،‭ ‬مازالت‭ ‬ممكنة‭ ‬اليوم‭ ‬بل‭ ‬لعل‭ ‬الفرصة‭ ‬سانحة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬وما‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعه‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬ومحيطها‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬ورهانات‭ ‬وتحديات‭ ‬فرضتها‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وزعزعت‭ ‬كل‭ ‬ثوابت‭ ‬وتوازنات‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وأخلاقيا‭.‬

وتؤكد‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬قمة‭ ‬باريس‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬وغيرهم‭ ‬أن‭ ‬أرضية‭ ‬تنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬ومحيطها‭ ‬الافريقي‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أفريقي‭ ‬–أفريقي‭ ‬أو‭ ‬أفريقي‭- ‬أوروبي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أفريقي‭- ‬دولي‭ ‬متوفرة‭ ‬وتحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬المصلحة‭ ‬المشتركة‭ ‬لدول‭ ‬القارة‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬استنزاف‭ ‬ثروات‭ ‬أفريقيا‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا‭.  

التعاون‭ ‬الافريقي‭ ‬وتنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬

وقد‭ ‬استهل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الافريقية‭ ‬بباريس،‭ ‬بإجراء‭ ‬محادثة،‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار،‭ ‬الحسن‭ ‬واتارا‭.‬

حيث‭ ‬أعرب‭ ‬الرئيس‭ ‬الايفواري،‭ ‬وفق‭ ‬بلاغ‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬عن‭ ‬تطلع‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬والخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬التعاون‭ ‬الطبي‭ ‬وتكوين‭ ‬الطلبة‭ ‬الايفواريين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬التونسية‭.‬

كما‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬الحسن‭ ‬واتارا‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬تواجده‭ ‬في‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬ومزيد‭ ‬استكشاف‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬والشراكة‭ ‬فيها‭.‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬استعداد‭ ‬تونس‭ ‬التام‭ ‬لمزيد‭ ‬تدعيم‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬إحداث‭ ‬مدينة‭ ‬الأغالبة‭ ‬الطبية‭ ‬بالقيروان،‭ ‬ووجه‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬لزيارة‭ ‬تونس‭ ‬للرئيس‭ ‬الايفواري‭ ‬الذي‭ ‬رحب‭ ‬بها‭ ‬ووعد‭ ‬بتلبيتها‭ ‬قريبا‭.‬

واجتمع‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬Félix Tshisekedi،‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬وكان‭ ‬لقاء‭ ‬اقتصاديا‭ ‬بالأساس‭.‬

التقى‭ ‬كذلك‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭  ‬الثلاثاء،‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكي‭ ‬سال‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬السنغال‭ ‬ودعا‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلى‭ ‬تنسيق‭ ‬المواقف‭ ‬بخصوص‭ ‬التوزيع‭ ‬العادل‭ ‬للقاحات‭ ‬ضد‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬الافريقية،‭ ‬ومعالجة‭ ‬مسألة‭ ‬الديون‭ ‬الافريقية‭ ‬بالتعاون‭ ‬والتشاور‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬القارة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬شعوبها‭ ‬للتنمية‭ ‬والاستقرار‭.‬

تصور‭ ‬جديد‭ ‬للعلاقات‭ ‬

وفي‭ ‬تصريح‭ ‬خاص‭ ‬لإذاعة‭ ‬‮«‬موزاييك‮»‬‭ ‬إثر‭ ‬اجتماعه‭ ‬بالرئيس‭ ‬السينغالي،‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬وضرورة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاختلال‭ ‬الحاصل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭.‬

وذكر‭ ‬كمثال‭ ‬تمتع‭ ‬حوالي‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بالتلقيح‭ ‬للتوقي‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬فقط‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬التفاوت‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الفقيرة‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬فقرها‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬ثرواتها‭ ‬الطبيعية‭.‬

وشدد‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬إفريقيا‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تصور‭ ‬مختلف‭ ‬وعلى‭ ‬مقاربة‭ ‬إنسانية‭ ‬جديدة‭ ‬ومختلفة‭ ‬عن‭ ‬المقاربات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬عبر‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكي‭ ‬سال‭ ‬عن‭ ‬ارتياحه‭ ‬لمستوى‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتطلعه‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬السنغال‭ ‬وتطوير‭ ‬التبادل‭ ‬في‭ ‬محالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭. ‬كما‭ ‬شدد،‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬التنسيق‭ ‬بخصوص‭ ‬الملفات‭ ‬الافريقية‭ ‬الراهنة‭ ‬مشيرا‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التلاقيح‭ ‬وأيضا‭ ‬عدم‭ ‬تمكين‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬ذاتها‭ ‬والطرق‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬تسهيلات‭ ‬وتعليق‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬منح‭ ‬ذلك‭ ‬لبقية‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.‬

وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬حصول‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الحوكمة‭ ‬العالمية‭ ‬وطريقة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬شروطا‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬اغلب‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬مستعمرة‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لتغييرها‭ ‬لتتمكن‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬والتمويلات‭ ‬لمرافقة‭ ‬الشباب‭ ‬وليس‭ ‬بتمويلات‭ ‬تجارية‭ ‬بشروط‭ ‬مستحيلة،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره‭.‬

◗‭ ‬م‭.‬ي

تونس بوابة إفريقيا.. الفرصة المهدورة

تتأكد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬جهود‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عمقها‭ ‬الإفريقي‭ ‬ظلت‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب‭ ‬مما‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬لدول‭ ‬مجاورة‭ ‬لقطع‭ ‬أشواط‭ ‬متقدمة‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬القارة‭ ‬الافريقية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المغرب‭.‬

ولولا‭ ‬هذا‭ ‬التسابق‭ ‬المحموم‭ ‬دوليا‭ ‬وإقليميا‭ ‬لبسط‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬القارة‭ ‬واقتصادياتها‭ ‬ومحاولات‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمي‭( ‬فرنسا‭ ‬وأوروبا‭ ‬مقابل‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا‭) ‬لما‭ ‬كان‭ ‬للقمة‭ ‬الباريسية‭ ‬المنعقدة‭ ‬أمس‭ ‬حول‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬النور‭ ‬وتسعى‭ ‬لتأمين‭ ‬مشاركة‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬ورئيس‭ ‬حكومة‭ ‬من‭ ‬افريقيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬مالية‭.‬

ما‭ ‬يهم‭ ‬الجانب‭ ‬التونسي‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬تونس‭ ‬بوابة‭ ‬افريقيا‭ ‬وتلك‭ ‬الفرصة‭ ‬المهدورة‭ ‬لسنوات‭ ‬لتضطلع‭ ‬تونس‭ ‬بريادة‭ ‬المجموعة‭ ‬الافريقية‭ ‬بحكم‭ ‬مقوماتها‭ ‬الجغرافية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ (‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬14‭ ‬جانفي‭)‬،‭ ‬مازالت‭ ‬ممكنة‭ ‬اليوم‭ ‬بل‭ ‬لعل‭ ‬الفرصة‭ ‬سانحة‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬وما‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعه‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬ومحيطها‭ ‬من‭ ‬تغيرات‭ ‬ورهانات‭ ‬وتحديات‭ ‬فرضتها‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وزعزعت‭ ‬كل‭ ‬ثوابت‭ ‬وتوازنات‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وأخلاقيا‭.‬

وتؤكد‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬قمة‭ ‬باريس‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الافريقية‭ ‬وغيرهم‭ ‬أن‭ ‬أرضية‭ ‬تنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬ومحيطها‭ ‬الافريقي‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أفريقي‭ ‬–أفريقي‭ ‬أو‭ ‬أفريقي‭- ‬أوروبي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أفريقي‭- ‬دولي‭ ‬متوفرة‭ ‬وتحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬المصلحة‭ ‬المشتركة‭ ‬لدول‭ ‬القارة‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬استنزاف‭ ‬ثروات‭ ‬أفريقيا‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا‭.  

التعاون‭ ‬الافريقي‭ ‬وتنسيق‭ ‬الجهود‭ ‬

وقد‭ ‬استهل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاديات‭ ‬الافريقية‭ ‬بباريس،‭ ‬بإجراء‭ ‬محادثة،‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار،‭ ‬الحسن‭ ‬واتارا‭.‬

حيث‭ ‬أعرب‭ ‬الرئيس‭ ‬الايفواري،‭ ‬وفق‭ ‬بلاغ‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬عن‭ ‬تطلع‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬والخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬التعاون‭ ‬الطبي‭ ‬وتكوين‭ ‬الطلبة‭ ‬الايفواريين‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬التونسية‭.‬

كما‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬الحسن‭ ‬واتارا‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬تواجده‭ ‬في‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬ومزيد‭ ‬استكشاف‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬والشراكة‭ ‬فيها‭.‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬استعداد‭ ‬تونس‭ ‬التام‭ ‬لمزيد‭ ‬تدعيم‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬الكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬إحداث‭ ‬مدينة‭ ‬الأغالبة‭ ‬الطبية‭ ‬بالقيروان،‭ ‬ووجه‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬لزيارة‭ ‬تونس‭ ‬للرئيس‭ ‬الايفواري‭ ‬الذي‭ ‬رحب‭ ‬بها‭ ‬ووعد‭ ‬بتلبيتها‭ ‬قريبا‭.‬

واجتمع‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬Félix Tshisekedi،‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬وكان‭ ‬لقاء‭ ‬اقتصاديا‭ ‬بالأساس‭.‬

التقى‭ ‬كذلك‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭  ‬الثلاثاء،‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكي‭ ‬سال‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬السنغال‭ ‬ودعا‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلى‭ ‬تنسيق‭ ‬المواقف‭ ‬بخصوص‭ ‬التوزيع‭ ‬العادل‭ ‬للقاحات‭ ‬ضد‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬الافريقية،‭ ‬ومعالجة‭ ‬مسألة‭ ‬الديون‭ ‬الافريقية‭ ‬بالتعاون‭ ‬والتشاور‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬القارة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬شعوبها‭ ‬للتنمية‭ ‬والاستقرار‭.‬

تصور‭ ‬جديد‭ ‬للعلاقات‭ ‬

وفي‭ ‬تصريح‭ ‬خاص‭ ‬لإذاعة‭ ‬‮«‬موزاييك‮»‬‭ ‬إثر‭ ‬اجتماعه‭ ‬بالرئيس‭ ‬السينغالي،‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬التطرق‭ ‬إلى‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬وضرورة‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاختلال‭ ‬الحاصل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭.‬

وذكر‭ ‬كمثال‭ ‬تمتع‭ ‬حوالي‭ ‬مليار‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بالتلقيح‭ ‬للتوقي‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬فقط‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬التفاوت‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬والدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الفقيرة‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬فقرها‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬ثرواتها‭ ‬الطبيعية‭.‬

وشدد‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬إفريقيا‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تصور‭ ‬مختلف‭ ‬وعلى‭ ‬مقاربة‭ ‬إنسانية‭ ‬جديدة‭ ‬ومختلفة‭ ‬عن‭ ‬المقاربات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬عبر‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكي‭ ‬سال‭ ‬عن‭ ‬ارتياحه‭ ‬لمستوى‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتطلعه‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬تحفيز‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬السنغال‭ ‬وتطوير‭ ‬التبادل‭ ‬في‭ ‬محالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭. ‬كما‭ ‬شدد،‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬التنسيق‭ ‬بخصوص‭ ‬الملفات‭ ‬الافريقية‭ ‬الراهنة‭ ‬مشيرا‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التلاقيح‭ ‬وأيضا‭ ‬عدم‭ ‬تمكين‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬ذاتها‭ ‬والطرق‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬تسهيلات‭ ‬وتعليق‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬منح‭ ‬ذلك‭ ‬لبقية‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭.‬

وشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬حصول‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الحوكمة‭ ‬العالمية‭ ‬وطريقة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬شروطا‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬حين‭ ‬كانت‭ ‬اغلب‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬مستعمرة‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لتغييرها‭ ‬لتتمكن‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬والتمويلات‭ ‬لمرافقة‭ ‬الشباب‭ ‬وليس‭ ‬بتمويلات‭ ‬تجارية‭ ‬بشروط‭ ‬مستحيلة،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره‭.‬

◗‭ ‬م‭.‬ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews