إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

محل توظيف و"استثمار": تجريم التطبيع.. قانون لدعم القضية الفلسطينية أم دافع للمزايدة السياسية؟

عاد قانون تجريم التطبيع الى ساحة النقاشات السياسية لا من باب دعمه كقانون يجرم التعامل مع الكيان الصهيوني فحسب بل ايضا من باب المزايدة الحزبية وبدافع الاحراج السياسي والتشكيك.

ولا خلاف ان موضوع التطبيع اضحى محل تجاذب كبير ومنطلقا لحملات انتخابية عند البعض مما حوله الى وسيط بين السياسي والناخب،وقد كان موضوع تجريم التطبيع حافزا انتخابيا لعموم التونسيين لانتخاب الرئيس قيس سعيد بعد رفعه لشعار "التطبيع خيانة".

وقد وجد التونسيون في سعيد ضالتهم لتجريم التعامل التونسي مع الكيان الاسرائيلي بيد ان الرئيس لم يتخذ اي خطوة في هذا الاتجاه مما دفع بخصومه للتساؤل عن الاسباب الحقيقية لتخلف ساكن قرطاج عن اتخاذه لنهج المبادرة بمشروع قانون يجرم التطبيع.

ولم يكن سعيد وحده محل احراج سياسي خاصة بعد تطور علاقاته مع جهات مطبعة على غرار جمهورية مصر العربية والامارات العربية المتحدة والتي رأى سعيد في تطبيعها مع الجانب الاسرائيلي مسالة داخلية لا تهم الشعوب.

وكانت حركة النهضة بدورها محل استهداف بعد اتهامها بتمادي الحزب مع خط التطبيع منذ انشاء دستور 2014 وقد اعتبر خصوم النهضة أن صمت "مونبليزير" هو نتيجة خوفها من محاصرتها دوليا خاصة وانها رفضت التنصيص على تجريم التطبيع سابقا.

وقد أكد النائب بمجلس نواب الشعب وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لـ"جوهرة أف أم"، "إن الفرصة حانت بشكل عملي لتجريم التطبيع وإن أحزاب المعارضة منكبة حاليا على إعداد جملة من مشاريع القوانين لتجريم كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني"، مضيفا أن "المجلس فوت على نفسه فرصة تاريخية عندما رفض تضمين تجريم التطبيع مع إسرائيل في بند من بنود الدستور بضغط من أمريكا وأطراف أخرى تتحكم في المشهد السياسي في البلاد رغم تشدق الأحزاب حينها بدعمها للقضية الفلسطينية"، على حد تعبيره.   موقف المغزاوي دعمته الكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) التي تقدمت في وقت سابق بمشروع قانون لتجريم التطبيع وذلك بمناسبة الذكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري على يد الموساد في تونس وبمناسبة سلسلة التطبيع مع عدد من الدول العربية وآخرها المملكة المغربية.

واذ يبدو موقف الكتلة الديمقراطية محسوما، فقد أعلنت حركة النهضة امس وعلى لسان رئيس الكتلة عماد الخميري بعد أن استعجل البرلمان لعقد جلسة عامة او تغيير جدول اعمال المجلس وتقديم القضية الفلسطينية للنقاش العام.

وشدد الخميري في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" أن حركة النهضة منفتحة على جميع المبادرات واللوائح بما فيها تجريم التطبيع، موضحا أنه لا يوجد أي نموذج ومثال في جميع الدول لإصدار هذا القانون وأن تونس ستكون سباقة في هذا المجال.

موقف النهضة لئن ترجمه بعض خصومها على انه محاولة فرار من مقصلة الاحراج امام الراي العام بعد رفض اصدار نص دستوري في 2014 وبعد احالة مشروع التجريم الذي تقدمت به الجبهة الشعبية فان آخرين يرون أن اتخاذ النهضة لخطوة الموافقة على قانون تجريم التطبيع قد أحرجت الكتلة الديمقراطية ورئيس الجمهورية في نفس الوقت.

فكما هو معلوم فان رفض التطبيع يشمل رفض التعامل مع الجهات المطبعة، فكيف سيكون التعامل مستقبلا مع جهات عربية مطبعة مثل مصر والامارات وفرنسا وهي المثلث الذي يتحرك فيه الرئيس قيس سعيد؟ بمعنى هل يمكن أن تعزل تونس نفسها عن محيطها العربي والاقليمي؟

كيف ستتصرف المعارضة مع هذا الواقع وخاصة الكتلة الديمقراطية صاحبة المبادرة فهل ستهرب كما فعلت مع قانون المحكمة الدستورية حيث انها كانت صاحبة تغييرات المدرجة على قانون المحكمة الا انها لم تصوت اصلا على مقترحها؟

وقد انتبه المفكر التونسي والمحلل السياسي زهير إسماعيل إلى هذه التفصيلة وتوجه بدعوة ملحّة إلى مكتب البرلمان لإخراج مشروع قانون تجريم التطبيع الذي تقدّمت به الكتلة الديمقراطيّة. والتصويت على القانون مهمّ من عدّة جوانب، وفي هذا الظرف بالذات، وقال في هذا السياق "لا أتوقّع من صاحب المقترح أن يصوّت ضدّ مقترحه هذه المرّة أيضا مثلما تراجع عن مقترحه في تنقيح قانون المحكمة الدستورية وصوّت ضدّه".

واضاف ان "فرنسا التي منعت مواطنيها من حقّ التظاهر تنديدا بالجرائم الصهيونيّة في الأرض المحتلّة وقتْل أهل غزّة وأطفالها بكلّ أسلحة الدمار، ستكون أشدّ المعارضين لقانون تجريم التطبيع. وستعمل من خلال أدواتها على تعطيل التصويت عليه لذا رجاء صوتوا على القانون حتّى نعرف المواقف، ونمرّ إلى فصل آخر من المزايدة والاستثمار في الحق الفلسطيني."

واذا كانت القضية الفلسطينية محل تجاذب واستثمار عند بعض السياسيين فان الواقع الشعبي مخالف لذلك تماما حيث التحركات الجماهرية ارقى من توصيفات الاطراف التي يشتغل بعضهم على استثمار القضية طورا والتمعش منها طورا آخر.

خليل الحناشي

محل توظيف و"استثمار": تجريم التطبيع.. قانون لدعم القضية الفلسطينية أم دافع للمزايدة السياسية؟

عاد قانون تجريم التطبيع الى ساحة النقاشات السياسية لا من باب دعمه كقانون يجرم التعامل مع الكيان الصهيوني فحسب بل ايضا من باب المزايدة الحزبية وبدافع الاحراج السياسي والتشكيك.

ولا خلاف ان موضوع التطبيع اضحى محل تجاذب كبير ومنطلقا لحملات انتخابية عند البعض مما حوله الى وسيط بين السياسي والناخب،وقد كان موضوع تجريم التطبيع حافزا انتخابيا لعموم التونسيين لانتخاب الرئيس قيس سعيد بعد رفعه لشعار "التطبيع خيانة".

وقد وجد التونسيون في سعيد ضالتهم لتجريم التعامل التونسي مع الكيان الاسرائيلي بيد ان الرئيس لم يتخذ اي خطوة في هذا الاتجاه مما دفع بخصومه للتساؤل عن الاسباب الحقيقية لتخلف ساكن قرطاج عن اتخاذه لنهج المبادرة بمشروع قانون يجرم التطبيع.

ولم يكن سعيد وحده محل احراج سياسي خاصة بعد تطور علاقاته مع جهات مطبعة على غرار جمهورية مصر العربية والامارات العربية المتحدة والتي رأى سعيد في تطبيعها مع الجانب الاسرائيلي مسالة داخلية لا تهم الشعوب.

وكانت حركة النهضة بدورها محل استهداف بعد اتهامها بتمادي الحزب مع خط التطبيع منذ انشاء دستور 2014 وقد اعتبر خصوم النهضة أن صمت "مونبليزير" هو نتيجة خوفها من محاصرتها دوليا خاصة وانها رفضت التنصيص على تجريم التطبيع سابقا.

وقد أكد النائب بمجلس نواب الشعب وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لـ"جوهرة أف أم"، "إن الفرصة حانت بشكل عملي لتجريم التطبيع وإن أحزاب المعارضة منكبة حاليا على إعداد جملة من مشاريع القوانين لتجريم كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني"، مضيفا أن "المجلس فوت على نفسه فرصة تاريخية عندما رفض تضمين تجريم التطبيع مع إسرائيل في بند من بنود الدستور بضغط من أمريكا وأطراف أخرى تتحكم في المشهد السياسي في البلاد رغم تشدق الأحزاب حينها بدعمها للقضية الفلسطينية"، على حد تعبيره.   موقف المغزاوي دعمته الكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) التي تقدمت في وقت سابق بمشروع قانون لتجريم التطبيع وذلك بمناسبة الذكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري على يد الموساد في تونس وبمناسبة سلسلة التطبيع مع عدد من الدول العربية وآخرها المملكة المغربية.

واذ يبدو موقف الكتلة الديمقراطية محسوما، فقد أعلنت حركة النهضة امس وعلى لسان رئيس الكتلة عماد الخميري بعد أن استعجل البرلمان لعقد جلسة عامة او تغيير جدول اعمال المجلس وتقديم القضية الفلسطينية للنقاش العام.

وشدد الخميري في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" أن حركة النهضة منفتحة على جميع المبادرات واللوائح بما فيها تجريم التطبيع، موضحا أنه لا يوجد أي نموذج ومثال في جميع الدول لإصدار هذا القانون وأن تونس ستكون سباقة في هذا المجال.

موقف النهضة لئن ترجمه بعض خصومها على انه محاولة فرار من مقصلة الاحراج امام الراي العام بعد رفض اصدار نص دستوري في 2014 وبعد احالة مشروع التجريم الذي تقدمت به الجبهة الشعبية فان آخرين يرون أن اتخاذ النهضة لخطوة الموافقة على قانون تجريم التطبيع قد أحرجت الكتلة الديمقراطية ورئيس الجمهورية في نفس الوقت.

فكما هو معلوم فان رفض التطبيع يشمل رفض التعامل مع الجهات المطبعة، فكيف سيكون التعامل مستقبلا مع جهات عربية مطبعة مثل مصر والامارات وفرنسا وهي المثلث الذي يتحرك فيه الرئيس قيس سعيد؟ بمعنى هل يمكن أن تعزل تونس نفسها عن محيطها العربي والاقليمي؟

كيف ستتصرف المعارضة مع هذا الواقع وخاصة الكتلة الديمقراطية صاحبة المبادرة فهل ستهرب كما فعلت مع قانون المحكمة الدستورية حيث انها كانت صاحبة تغييرات المدرجة على قانون المحكمة الا انها لم تصوت اصلا على مقترحها؟

وقد انتبه المفكر التونسي والمحلل السياسي زهير إسماعيل إلى هذه التفصيلة وتوجه بدعوة ملحّة إلى مكتب البرلمان لإخراج مشروع قانون تجريم التطبيع الذي تقدّمت به الكتلة الديمقراطيّة. والتصويت على القانون مهمّ من عدّة جوانب، وفي هذا الظرف بالذات، وقال في هذا السياق "لا أتوقّع من صاحب المقترح أن يصوّت ضدّ مقترحه هذه المرّة أيضا مثلما تراجع عن مقترحه في تنقيح قانون المحكمة الدستورية وصوّت ضدّه".

واضاف ان "فرنسا التي منعت مواطنيها من حقّ التظاهر تنديدا بالجرائم الصهيونيّة في الأرض المحتلّة وقتْل أهل غزّة وأطفالها بكلّ أسلحة الدمار، ستكون أشدّ المعارضين لقانون تجريم التطبيع. وستعمل من خلال أدواتها على تعطيل التصويت عليه لذا رجاء صوتوا على القانون حتّى نعرف المواقف، ونمرّ إلى فصل آخر من المزايدة والاستثمار في الحق الفلسطيني."

واذا كانت القضية الفلسطينية محل تجاذب واستثمار عند بعض السياسيين فان الواقع الشعبي مخالف لذلك تماما حيث التحركات الجماهرية ارقى من توصيفات الاطراف التي يشتغل بعضهم على استثمار القضية طورا والتمعش منها طورا آخر.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews