إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

زوبعة في فنجان بالمؤسسات التربوية!!.. المظهر ليس دليلا على التربية أو عدمها

د.ريم بالخذيري

بداية السنة الدراسية كعادتها كل سنة بدت متذبذبة حيث تم الاحتفال بعودة التلاميذ الى مؤسساتهم التربوية بالبيانات المتشنجة لنقابات التعليم وتم تنفيذ وقفات احتجاجية في أول يوم دراسي مع التهديد بحجب الاعداد وهي رسالة سلبية ما كان للمربين أن يبعثوا بها للتلاميذ.

و في خضّم فرحة التلاميذ بالعودة المدرسية و ما يتخلّلها من طابع احتفالي يشجّع التلاميذ على الاندماج السريع في الدروس بعد راحة مطوّلة منها ما هو متعلّق باللباس ومنها ما هو متعلّق ببعض ما يراه المربوّن انفلاتات تابع التونسيون والأولياء على وجه الخصوص الضغوطات والمضايقات الكثيرة والهرسلة التي يتعرّض لها التلاميذ والتي وصل صداها للإعلام وأصبحت مادّة اعلامية بما يعطي صورة سيئة عن هؤلاء الناشئة وهم من براء.

وهنا لابدّ من اعطاء ملاحظات في شكل برقي للتدليل على أنّها زوبعة في فنجان كما يقال .حيث كان من المفروض التركيز على الجوانب العلمية والتكوينية للتلاميذ وعلى تعهّد البنية التحتيّة المهترئة بدل هرسلة هؤلاء .

* العالم أصبح قرية صغيرة وأنّ المؤسسات التربويّة عليها تفهّم تأثر التلاميذ بما يردتيه وبما يظهر عليه التلاميذ في دول أخرى يرون فيهم كما نرى فيها كل التونسيين قدوة ومثالا.

*مظهر التلميذ ولباسه ليس مقياسا علميا له ولا علاقة له بالتربية والأخلاق فتلك صفات مكتسبة ومتراكمة ولا يمكن حصرها في هذه الأشياء.

*المدارس والمعاهد ليست ثكنات عسكرية بقالب واحد ولباس موحدّ فهي خليط من الأفكار والثقافات وعلى المؤسسات التربوية أن تتعامل مع تلاميذها على هذا الأساس.

* هؤلاء التلاميذ هم مشاريع طلبة ومشاريع موظفين ومدرّسين وما يحرّم عليهم اليوم سيصبح متاح لهم في المستقبل وستعاملون مع الناشئة على هذا الأساس.

*حريّة اللباس والمظهر مكفولتان بالقانون التونس والدولي الاّ أن يكون لباسا أو مظهرا طائفيا.

وبناء عليه ندعو كلّ مديري المدارس والمعاهد للـ:

* الكف عن الطّرد التعسفي للتلاميذ(دون حتى اعلام أوليائهم) الذين يرى بعض المربين أن لباسهم غير لائق فهذا يحمّلهم مسؤولية قانونية عن سلامة التلاميذ الذين هم في عهدتها .

* التركيز على الجانب العلمي والمعرفي ومراقبة التلاميذ بدل التركيز على هذه السفاسف التي لاعلاقة لها بالعلم ولا بالأخلاق .

*اصدار ميثاق التلميذ والمؤسسة التربوية الذي يجب أن تشارك في صياغته كل الأطراف الفاعلة ينظم العلاقة بين الطرفين ويقطع مع التصرفات الفردية لبعض مديري المعاهد والمدارس.

**على وزارة التربية والتعليم التدخل لإنهاء هذا الجدل بسن قانون داخلي للمدارس والمعاهد يواكب العصر وتطلع عليه الأولياء والتلاميذ. وإغلاق الباب الباب امام الاجتهادات الفردية للمسؤولين في المدارس و المعاهد مع ما ينتج عن ذلك من احتقان.

تجارب مقارنة..

على الرغم من أن أغلب دول العالم لا تطبّق فكرة الزيّ الموحّد للتلاميذ إلا أنها مسألة لا تزال تتأرجح بين مؤيد ومعارض، ففي حين تفرض بعض الدول على تلاميذ المدارس لباساً موحداً، تترك دول أخرى للطلبة حرية اختيار ما يرغبون في ارتدائه.

ورغم اختلاف الآراء إلا أن هناك الكثير من الدول الغربية التي لا تطبق الزي الموحد الا أن أغلب الدول العربية تفرض على تلاميذها زيّا موحّدا.المؤيدون للزي المدرسي الموحد يرون فيه حلاّ للتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية التي من شأنها أن تصيب الفقراء من التلاميذ وتشعرهم بالاختلاف والنقص، كما أنه يضفي جمالية على المحيط المدرسي .وما يوفره من حلول لإشكالية اللباس غير المحتشم، الذي قد يظهر في بعض المدارس، .كما أن ارتداء الزي المدرسي مفيد أكاديمياً. فالتلاميذ لن يصبحوا منشغلين بماذا سيرتدون غداً وماذا سيرتدون بعد غد.

أما الرافضون له؛ فيرون أن فرض لباس موحد هو تدخل غير مبرر في خصوصيات التلاميذ واختياراتهم. فاللباس في نظرهم خيار ينبغي أن يُترك للفرد دون تدخل..

ويستشهد أصحاب هذا الرأي بالتجربة الغربية التي تخلت في السنوات الأخيرة عن اللباس الموحد، لرفض أولياء الأمور تدخل المدرسة في إلباس أبنائهم على غير رغباتهم.

ومعلوم أنّ فكرة الزي المدرسي الموحد بريطانية المنشأ، ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر، إذ فرض أولاً على تلاميذ المدارس الخيرية في بريطانيا، وذلك لأسباب اقتصادية بحتة، حتى يتم تمييزهم عن غيرهم.وقد تخلت بريطانيا لاحقا عن اجبارية الزيّ في بقية المدارس والمعاهد بعد اعتماده من طرف عدد من مستعمراتها العربية و الافريقية.

وفي ألمانيا لا يرتدي الطلبة الزي المدرسي الموحّد على الإطلاق، وحتى عام 2005 لا يوجد سوى ثلاث مدارس تفرضه ، إذ يرتدي التلاميذ ما يحلو لهم.

من هنا يظهر أن فكرة الزيّ المدرسي الموحّد لم تحلّ هذه الاشكاليات المتعلقة بالمظهر واللباس لذلك لم يعد الأمر مطروحا في الدول المتحضّرة والتي تركت لتلاميذها حرية اللباس والمظهر مقابل التشدّد في التكوين والتربية وهما الأساس في بناء شخصية التلميذ والطالب..

 

زوبعة في فنجان بالمؤسسات التربوية!!..  المظهر ليس دليلا على التربية أو عدمها

د.ريم بالخذيري

بداية السنة الدراسية كعادتها كل سنة بدت متذبذبة حيث تم الاحتفال بعودة التلاميذ الى مؤسساتهم التربوية بالبيانات المتشنجة لنقابات التعليم وتم تنفيذ وقفات احتجاجية في أول يوم دراسي مع التهديد بحجب الاعداد وهي رسالة سلبية ما كان للمربين أن يبعثوا بها للتلاميذ.

و في خضّم فرحة التلاميذ بالعودة المدرسية و ما يتخلّلها من طابع احتفالي يشجّع التلاميذ على الاندماج السريع في الدروس بعد راحة مطوّلة منها ما هو متعلّق باللباس ومنها ما هو متعلّق ببعض ما يراه المربوّن انفلاتات تابع التونسيون والأولياء على وجه الخصوص الضغوطات والمضايقات الكثيرة والهرسلة التي يتعرّض لها التلاميذ والتي وصل صداها للإعلام وأصبحت مادّة اعلامية بما يعطي صورة سيئة عن هؤلاء الناشئة وهم من براء.

وهنا لابدّ من اعطاء ملاحظات في شكل برقي للتدليل على أنّها زوبعة في فنجان كما يقال .حيث كان من المفروض التركيز على الجوانب العلمية والتكوينية للتلاميذ وعلى تعهّد البنية التحتيّة المهترئة بدل هرسلة هؤلاء .

* العالم أصبح قرية صغيرة وأنّ المؤسسات التربويّة عليها تفهّم تأثر التلاميذ بما يردتيه وبما يظهر عليه التلاميذ في دول أخرى يرون فيهم كما نرى فيها كل التونسيين قدوة ومثالا.

*مظهر التلميذ ولباسه ليس مقياسا علميا له ولا علاقة له بالتربية والأخلاق فتلك صفات مكتسبة ومتراكمة ولا يمكن حصرها في هذه الأشياء.

*المدارس والمعاهد ليست ثكنات عسكرية بقالب واحد ولباس موحدّ فهي خليط من الأفكار والثقافات وعلى المؤسسات التربوية أن تتعامل مع تلاميذها على هذا الأساس.

* هؤلاء التلاميذ هم مشاريع طلبة ومشاريع موظفين ومدرّسين وما يحرّم عليهم اليوم سيصبح متاح لهم في المستقبل وستعاملون مع الناشئة على هذا الأساس.

*حريّة اللباس والمظهر مكفولتان بالقانون التونس والدولي الاّ أن يكون لباسا أو مظهرا طائفيا.

وبناء عليه ندعو كلّ مديري المدارس والمعاهد للـ:

* الكف عن الطّرد التعسفي للتلاميذ(دون حتى اعلام أوليائهم) الذين يرى بعض المربين أن لباسهم غير لائق فهذا يحمّلهم مسؤولية قانونية عن سلامة التلاميذ الذين هم في عهدتها .

* التركيز على الجانب العلمي والمعرفي ومراقبة التلاميذ بدل التركيز على هذه السفاسف التي لاعلاقة لها بالعلم ولا بالأخلاق .

*اصدار ميثاق التلميذ والمؤسسة التربوية الذي يجب أن تشارك في صياغته كل الأطراف الفاعلة ينظم العلاقة بين الطرفين ويقطع مع التصرفات الفردية لبعض مديري المعاهد والمدارس.

**على وزارة التربية والتعليم التدخل لإنهاء هذا الجدل بسن قانون داخلي للمدارس والمعاهد يواكب العصر وتطلع عليه الأولياء والتلاميذ. وإغلاق الباب الباب امام الاجتهادات الفردية للمسؤولين في المدارس و المعاهد مع ما ينتج عن ذلك من احتقان.

تجارب مقارنة..

على الرغم من أن أغلب دول العالم لا تطبّق فكرة الزيّ الموحّد للتلاميذ إلا أنها مسألة لا تزال تتأرجح بين مؤيد ومعارض، ففي حين تفرض بعض الدول على تلاميذ المدارس لباساً موحداً، تترك دول أخرى للطلبة حرية اختيار ما يرغبون في ارتدائه.

ورغم اختلاف الآراء إلا أن هناك الكثير من الدول الغربية التي لا تطبق الزي الموحد الا أن أغلب الدول العربية تفرض على تلاميذها زيّا موحّدا.المؤيدون للزي المدرسي الموحد يرون فيه حلاّ للتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية التي من شأنها أن تصيب الفقراء من التلاميذ وتشعرهم بالاختلاف والنقص، كما أنه يضفي جمالية على المحيط المدرسي .وما يوفره من حلول لإشكالية اللباس غير المحتشم، الذي قد يظهر في بعض المدارس، .كما أن ارتداء الزي المدرسي مفيد أكاديمياً. فالتلاميذ لن يصبحوا منشغلين بماذا سيرتدون غداً وماذا سيرتدون بعد غد.

أما الرافضون له؛ فيرون أن فرض لباس موحد هو تدخل غير مبرر في خصوصيات التلاميذ واختياراتهم. فاللباس في نظرهم خيار ينبغي أن يُترك للفرد دون تدخل..

ويستشهد أصحاب هذا الرأي بالتجربة الغربية التي تخلت في السنوات الأخيرة عن اللباس الموحد، لرفض أولياء الأمور تدخل المدرسة في إلباس أبنائهم على غير رغباتهم.

ومعلوم أنّ فكرة الزي المدرسي الموحد بريطانية المنشأ، ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر، إذ فرض أولاً على تلاميذ المدارس الخيرية في بريطانيا، وذلك لأسباب اقتصادية بحتة، حتى يتم تمييزهم عن غيرهم.وقد تخلت بريطانيا لاحقا عن اجبارية الزيّ في بقية المدارس والمعاهد بعد اعتماده من طرف عدد من مستعمراتها العربية و الافريقية.

وفي ألمانيا لا يرتدي الطلبة الزي المدرسي الموحّد على الإطلاق، وحتى عام 2005 لا يوجد سوى ثلاث مدارس تفرضه ، إذ يرتدي التلاميذ ما يحلو لهم.

من هنا يظهر أن فكرة الزيّ المدرسي الموحّد لم تحلّ هذه الاشكاليات المتعلقة بالمظهر واللباس لذلك لم يعد الأمر مطروحا في الدول المتحضّرة والتي تركت لتلاميذها حرية اللباس والمظهر مقابل التشدّد في التكوين والتربية وهما الأساس في بناء شخصية التلميذ والطالب..

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews