إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الاعلام مسؤولية أوّلا وأخيرا

بقلم:مصدّق الشّريف

من حق أيّ مواطن أو مواطنة أن يتبنى الفكر الذي يقنعه ويساند الرّأي أو الموقف الذي يعتبره الصواب عينه. ولكن أن يميل المرء مع النعماء حيث تميل ويميح مع الرياح حيث تتجه فهذا النفاق بعينه والانتهازية في أبهى مظاهرها. ومن ذلك تغيير المواقف بنسبة مائة وثمانين درجة والتقلّب بين كيل المديح لأحدهم والثناء عليه وبين قدحه وصبّ جام السّخط والغضب عليه.

في هذه الأيام تعيش بلادنا على وقع قضية ما يعرف بالتسفير إلى بؤر التوتر. ويخوض إعلامنا المكتوب والمرئي بالتّحديد في مسؤوليّة المتّهمين فيها من الشخصيّات السياسيّة التي كانت لها سلطة القرار واعتلت دفة الحكم في السنوات 2011 إلى 2019. واحتراما لذاتي، فإني أقف دون الادلاء برأيي في مجرى هذه القضية أو الجزم في حيثياتها لأنّ المسألة تهم الأمن الوطني لبلادنا والبلدان الشقيقة والصديقة. والقضاء وحده هو الكفيل بالبتّ فيها. ولا صوت غير صوت السّادة القضاة للنّطق بالأحكام والقرارات حولها.

ولكنني متابعا لما يجدّ من أحداث وتعاليق وآراء يطلقها العديد من الصحفيّات والصحفيّين والمحلّلين والسياسيّين، أرى أنّ من واجبي ألاّ أسكت عمّا أسمعه اليوم من شهادات تدين الرّئيس الأسبق الباجي قائد السبسي، رحمه الله، وتعتبره رأس الحرباء في قضية التّسفير بالادعاء أنه تستّر على القضية المذكورة كي يحقق مآربه السياسية. ويضيف أغلب الحاضرين اليوم في السّاحة الإعلامية أن الباجي قائد السبسي، رحمه الله، تواطأ بجميع الطرق مع من كانوا حلفاءه في الحكم وكانوا وراء عملية التسفير. وقد صرّح أحد البرلمانيّين أخيرا بعد صمت مطبق أنّ النهضة والمؤتمر مورّطان في التسفير وأنّ النهضة ونداء تونس هما من منعا البحث في الملف.

وإذا بلغت الصعب فاح *** ذر أن يؤخرك الوجل (1)

هؤلاء الذين يكيلون القدح للرّئيس السبسي ولحركة النهضة ويحملونهما مسؤولية الزجّ ببلادنا وشبابها خاصة في أتون خطير نتائجه الوخيمة لا حدّ لها ولا حصر قد كانوا فرحين بسياسة السبسي، رحمه الله، ويضيفون لاسمه صيغة التّصغير الدّالة على العطف والتودّد "البجبوج". فهل يستقيم التحليل حين نفتح أعيننا على فترة مهمة في تاريخ بلادنا ثم نغلقها فجأة لتهميش ما يقع، ويا لهول ما يقع، محاباة وتقرّبا وزلفى لأولي الأمر؟

وعين السّخط تبصر كلّ عيب *** وعين أخي الرّضا عن ذاك تعمى (2)

وبالإضافة إلى ذلك، تعمل جلّ وسائل الإعلام اليوم على قدم وساق للاتصال بعائلات ضحايا التّسفير إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق وغيرها. وتسعى الوجوه الإعلامية إلى معرفة حقيقة التغرير بأبناء تونس وفلذات أكبادها بعد أن قام مدبّرو عمليات التسفير بغسل أدمغتهم وجعلهم يوقنون أنهم بجهاد السلاح والنكاح شهداء عند الله وأنّ الحور العين في انتظارهم في الفردوس الأعلى. في حين كان من الأجدر أن يبذل الإعلاميات والإعلاميون والمحلّلون السياسيون هذه المجهودات سابقا إيمانا بأنّ رسالة الصّحافة النّبيلة تقتضي الإنجاز في الإبّان لا بعد فوات الأوان. فما دهاه الإعلام قد خرس حين أقيلت ليلى الشتاوي رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية حول شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر بمجلس نواب الشعب؟

الحزم قبل العزم، فاحزم واعزم *** وإذا استبان لك الصواب فصمّم (3)

وعلى العموم، فإنّ الضمير الوطني والإخلاص الحقّ لمهمّات الصحافة والإعلام يستوجب الصّدع بالحقيقة والبحث عنها في إبّانها. وما عدا ذلك يصبح ما نسمعه اليوم ونقرأه عبر وسائل إعلامنا جهدا مبذولا في الوقت بدل الضائع ويدخل تحت مسميات عديدة تأبى النفوس الأبيّة إلاّ الابتعاد عنها.

(1) و(3) عمرو بن يحى

(2) المسيب بن علس

 

 

 

 

الاعلام مسؤولية أوّلا وأخيرا

بقلم:مصدّق الشّريف

من حق أيّ مواطن أو مواطنة أن يتبنى الفكر الذي يقنعه ويساند الرّأي أو الموقف الذي يعتبره الصواب عينه. ولكن أن يميل المرء مع النعماء حيث تميل ويميح مع الرياح حيث تتجه فهذا النفاق بعينه والانتهازية في أبهى مظاهرها. ومن ذلك تغيير المواقف بنسبة مائة وثمانين درجة والتقلّب بين كيل المديح لأحدهم والثناء عليه وبين قدحه وصبّ جام السّخط والغضب عليه.

في هذه الأيام تعيش بلادنا على وقع قضية ما يعرف بالتسفير إلى بؤر التوتر. ويخوض إعلامنا المكتوب والمرئي بالتّحديد في مسؤوليّة المتّهمين فيها من الشخصيّات السياسيّة التي كانت لها سلطة القرار واعتلت دفة الحكم في السنوات 2011 إلى 2019. واحتراما لذاتي، فإني أقف دون الادلاء برأيي في مجرى هذه القضية أو الجزم في حيثياتها لأنّ المسألة تهم الأمن الوطني لبلادنا والبلدان الشقيقة والصديقة. والقضاء وحده هو الكفيل بالبتّ فيها. ولا صوت غير صوت السّادة القضاة للنّطق بالأحكام والقرارات حولها.

ولكنني متابعا لما يجدّ من أحداث وتعاليق وآراء يطلقها العديد من الصحفيّات والصحفيّين والمحلّلين والسياسيّين، أرى أنّ من واجبي ألاّ أسكت عمّا أسمعه اليوم من شهادات تدين الرّئيس الأسبق الباجي قائد السبسي، رحمه الله، وتعتبره رأس الحرباء في قضية التّسفير بالادعاء أنه تستّر على القضية المذكورة كي يحقق مآربه السياسية. ويضيف أغلب الحاضرين اليوم في السّاحة الإعلامية أن الباجي قائد السبسي، رحمه الله، تواطأ بجميع الطرق مع من كانوا حلفاءه في الحكم وكانوا وراء عملية التسفير. وقد صرّح أحد البرلمانيّين أخيرا بعد صمت مطبق أنّ النهضة والمؤتمر مورّطان في التسفير وأنّ النهضة ونداء تونس هما من منعا البحث في الملف.

وإذا بلغت الصعب فاح *** ذر أن يؤخرك الوجل (1)

هؤلاء الذين يكيلون القدح للرّئيس السبسي ولحركة النهضة ويحملونهما مسؤولية الزجّ ببلادنا وشبابها خاصة في أتون خطير نتائجه الوخيمة لا حدّ لها ولا حصر قد كانوا فرحين بسياسة السبسي، رحمه الله، ويضيفون لاسمه صيغة التّصغير الدّالة على العطف والتودّد "البجبوج". فهل يستقيم التحليل حين نفتح أعيننا على فترة مهمة في تاريخ بلادنا ثم نغلقها فجأة لتهميش ما يقع، ويا لهول ما يقع، محاباة وتقرّبا وزلفى لأولي الأمر؟

وعين السّخط تبصر كلّ عيب *** وعين أخي الرّضا عن ذاك تعمى (2)

وبالإضافة إلى ذلك، تعمل جلّ وسائل الإعلام اليوم على قدم وساق للاتصال بعائلات ضحايا التّسفير إلى بؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق وغيرها. وتسعى الوجوه الإعلامية إلى معرفة حقيقة التغرير بأبناء تونس وفلذات أكبادها بعد أن قام مدبّرو عمليات التسفير بغسل أدمغتهم وجعلهم يوقنون أنهم بجهاد السلاح والنكاح شهداء عند الله وأنّ الحور العين في انتظارهم في الفردوس الأعلى. في حين كان من الأجدر أن يبذل الإعلاميات والإعلاميون والمحلّلون السياسيون هذه المجهودات سابقا إيمانا بأنّ رسالة الصّحافة النّبيلة تقتضي الإنجاز في الإبّان لا بعد فوات الأوان. فما دهاه الإعلام قد خرس حين أقيلت ليلى الشتاوي رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية حول شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر بمجلس نواب الشعب؟

الحزم قبل العزم، فاحزم واعزم *** وإذا استبان لك الصواب فصمّم (3)

وعلى العموم، فإنّ الضمير الوطني والإخلاص الحقّ لمهمّات الصحافة والإعلام يستوجب الصّدع بالحقيقة والبحث عنها في إبّانها. وما عدا ذلك يصبح ما نسمعه اليوم ونقرأه عبر وسائل إعلامنا جهدا مبذولا في الوقت بدل الضائع ويدخل تحت مسميات عديدة تأبى النفوس الأبيّة إلاّ الابتعاد عنها.

(1) و(3) عمرو بن يحى

(2) المسيب بن علس

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews