إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

آليات وحدود التداول السلمي على السلطة في بلدان الغرب

بقلم د. الصحراوي قمعون(*)

   لازالت الدول العربية تعاني من أزمة التداول السلمي على السلطة، وهي عقدة حضارية تجاوزتها دول الغرب في أروربا وأمريكا وحتى في بلدان كبيرة من العالم الثالث مثل الهند.

  ولازال انتقال السلطة من جناح إلى أخر يجري في بحر من الخلافات وسفك الدماء والبطش ومن الحروب الأهلية لعدم توفر الآليات المنظمة لذلك الانتقال، إلى جانب عدم الجاهزية الحضارية وانعدام الحاضنة الفكرية الناجمة عن قرون من الانحطاط والأحادية الفكرية في العالم العربي الإسلامي وفي سائر بلاد العالم الثالث.

أما في الغرب الأورو- أمريكي، فقد تطورت السلطة السياسية فيه، وانتقلت إلى الحكم المقيد بالدستور والمؤسسات، وأضحى التناوب السلمي على السلطة هو السائد منذ أكثر من قرن ونصف من الزمن.

وفي كتابه المرجع الذي خصصه لدراسة دورالأحزاب السياسية في الانتقال السلمي للسلطة تحت عنوان "الأحزاب السياسية"، حلل أستاذ العلوم السياسية الفرنسي ،موريس ديفارجي، آليات التداول السلمي معتبرا أن التداول السلمي على السلطة في بلدان الغرب سواء أمريكا أو أوروبا ظل السمة البارزة للحياة السياسية وممارسة السلطة بواسطة الانتخابات التي تفرز قوة مدعوة إلى استلام مقاليد الحكم بشكل سلمي، مما يسمح بتحقيق الاستقرار السياسي وخلق تقاليد سياسية في إطار النظام السياسي الذي يقع تطعيمه بالإضافات والإصلاحات الناجمة عن التطور التاريخي لكل أمة وخصوصياتها. ولاحظ أنه في الولايات المتحدة استمرت عملية التداول على الحكم، بفضل الحصول على الأغلبية في الكونغرس ومجلس الشيوخ وعلى رأس البيت الأبيض. وقد تراوحت فيها سجالا بين الديمقراطيين والجمهوريين منذ 1861 إلى اليوم، مع ظهور أحزاب صغيرة لا تأثير لها على مجرى المسار، في حين ظل التداول قائما في أوروبا بين اليمين الوطني واليسار العمالي، مع خصوصيات كل بلاد، حيث ظل في بلجيكيا متراوحا بين 1874 و1914 بين الأغلبية الليبرالية والأغلبية الكاتوليكية، حسب ديفارجي في كتابه (ص.404-415) .

 ورغم ما عاشته أوروبا خلال القرنين الماضيين من نجاح التداول السلمي على السلطة، فقد عرفت فيها المأسي والحروب المحلية والإقليمية والحروب الاستعمارية وتجارة العبيد، وكانت أبرز مأسيها في ظل الديمقراطية التناوبية الحربان العالميتان الأولى والثانية اللتين تسببتا في ملايين القتلي. وقد كانت الديمقراطية وصندوق الاقتراع هي التي أوصلت الزعيم النازي الألماني هتلر إلى الحكم ليقضي على الديمقراطية ويشن حربا عالمية ومعه التفويض الشعبي الخارج من قمقم صندوق الاقتراع. وقد ظنت أوروبا مدعومة بابنتها الغربية الصاعدة أمريكا أن الأمر استتب لهما بعد القضاء علي النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا والنزعة القومية في اليابان نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد فرض المنتصرون على المغلوبين أنظمة برلمانية تقوم على تشتيت السلطة بين أيدي ثلاث سلطات وهي رئيس البرلمان ورئيس الدولة ورئيس الحكومة، مع آليات تمنع مركزة السلطة بأيدي شخص واحد يمكن أن يتنطع أو يتمرد ويعيد تجربة الحرب العالمية الثانية. ولكن هذا النظام المسقط لم ينجح إلا بفضل مشروع "مارشال" الأمريكي للإعمار الاقتصادي لهذه الدول، بؤرة الاستبداد السياسي في تلك الفترة. وقد تحقق استقرار تلك الأنظمة التي أصبح التداول السلمي على السلطة فيها يجري بكل ميكانيكية دستورية وبكل انضباط للسلام الأمريكي (بَاكْسْ أمَرِيكَانَا)، كما كان في السابق علي الطريقة الرومانية (بَاكْسْ رُومَانَا) مع قرطاج المهزومة. وتلك شروط الغالب على المغلوب كما بينها العلامة بن خلدون في "المقدمة" .

وهم التعددية والديمقراطية زمن الأحادية القطبية في العالم

لقد تكرس هذا السلم المفروض بعد الانتصار الذي حققه الغرب بسقوط الشيوعية عام 1990 وتحول العالم إلى أحادية قطبية، مما قلل من أهمية التعددية في الفكر الغربي، حيث لم يعد هناك من يعارض أو يهدد الغرب. وتحولت التعددية إلى أحادية طاغية جعلت من الغرب الأوحد نبراس العالم، وهو ما يؤدي إلى طرح السؤال: هل إن الديمقراطيات الغربية ربحت رهان التعددية الحضارية بإقصائها منافسيها على الساحة العالمية؟. وما الخطر الذي يترصدها ؟.

لقد تناول العديد من المفكرين الغربيين في أوروبا وأمريكا المفارقة الجدلية في انتصار الغرب وفرض مسار التعددية والديمقراطية عبر العالم، في الوقت الذي عاد فيه إلى أحضان الأحادية . وحلل المفكر الأمريكي باسكال بْروكْنار، في كتابه المعنون "الاكتئاب الديمقراطي "(ص 167) هذه المفارقة الحضارية مستنتجا أن الغرب أصبح يعيش أوضاعا جديدة: ففي الوقت الذي تشهد فيه الديمقراطية توسعا في أرجاء المعمورة، يتقلص تدريجيا وهج الديمقراطية في الغرب بسبب سيطرة المال والمصالح على السياسة والإعلام والاقتصاد. وفي رأيه، فقد تحول المجتمع الغربي إلى ما يشبه الصورة التي كانت عليها أوروبا خلال القرن الماضي، بسبب استشراء الفقر وهيمنة قوى السوق على الأفكار والمؤسسات وإدارة دفة الشؤون السياسية والحزبية وسيطرة لوبيات رأس المال على وسائل الإعلام المحددة لمسارات الرأي العام. وأصبح الغرب يتباهى بكل مظاهر انتشار النموذج الكلاسيكي الأمريكي في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا دون الخوض في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزت فقراء وبيوتا قصديرية في العواصم وكبريات المدن لديه . كما تنتهي محاولاته فرض الديمقراطية بالفشل الذريع في كثير من المجتمعات المحافظة. ولم ينجح ربيع الثورات الديمقراطية في أوروبا الشرقية إلا بفضل المساعدات المالية الامريكية والأوربية الغربية السخية ضمن مخطط "مارشال" جديد لانجاح الانتقال الديمقراطي، لا يختلف في حجمه عن مخطط مارشال الأمريكي لما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تركت عدة تجارب انتقالية في العالم الثالث بدون دعم من الغرب ومن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتواجه تخبطها وتعثرها الانتقالي مما أدى إلى فشل تلك التجارب وعودتها إلى المربع السابق.

التعثر الديمقراطي الغربي

ومما يزيد الأمر قتامة أن النموذج الغربي في الديمقراطية الأورو- أمريكية يعيش مأزقا تاريخيا في ظل المخاطر التي تحدق بهذا النموذخ، الذي يظل رغم كل ذلك الأفضل في الحكم عبر تفادي النزاعات على السلطة. ولكنه يقف عاجزا اليوم أمام تنامي النزعات الشعبوية وقوى التطرف اليميني التي أصبحت تكتسح صناديق الاقتراع وتصل إلى سدة الحكم بكل الوسائل المالية والإعلامية والانترنات وشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما حدث في أمريكا عام 2015 مع صعود الرئيس الأمريكي السابق اليميني المحافظ دونالد ترامب إلى الحكم، ثم رفضه التنحي وقبول الهزيمة والاعتراف بنتيجة الانتخابات، مرددا أمام أنصاره والعالم إلى اليوم أنه لازال الرئيس الشرعي للولايات المتحدة وأن النصر سرق منه من طرف من أسماهم "الجماعات الحقوقية اليسارية في أمريكا ممثلة في الحزب الديمقراطي"، وهو ما قد يتطور إلى اقتتال داخلي في الولايات المتحدة. وقد عاشت الديمقراطية الأمريكية العريقة التي أشاد بها منذ القرن التاسع عشر عالم السياسة الفرنسي طوكفيل، أياما سوداء في الأيام الاخيرة لحكم ترامب باقتحام مناصريه مقر البرلمان الأمريكي في واشنطن، في صورة كانت مذلة للنموذج السياسي الأمريكي المسوق له نموذجا معلبا صالحا للاستعمال لكل شعوب المعمورة .

  وفي أوروبا الغربية والشرقية، تتكرر هذه الأيام التحالفات الانتخابية بين اليمين التقليدي وأقصى اليمين العنصري، كما جرى مؤخرا في السويد وايطاليا، بما يهدد باقي دول أوروبا المأزومة التي تدق على أبوابها طبول الحرب الشاملة والمدمرة ، مما سيؤدي إلى "تداول سلمي" صاخب على السلطة لفائدة غلاة العنصريين أحفاد هتلر وموسيليني وسالازار وفرانكو، في أوروبا أطلسية متطرفة كعهدها تتنكر لقيم الحرية والديمقراطية والمساواة التي قامت عليها نهضتها وجبروتها المعاصر.

* صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

 

 

 

 

آليات وحدود التداول السلمي على السلطة في بلدان الغرب

بقلم د. الصحراوي قمعون(*)

   لازالت الدول العربية تعاني من أزمة التداول السلمي على السلطة، وهي عقدة حضارية تجاوزتها دول الغرب في أروربا وأمريكا وحتى في بلدان كبيرة من العالم الثالث مثل الهند.

  ولازال انتقال السلطة من جناح إلى أخر يجري في بحر من الخلافات وسفك الدماء والبطش ومن الحروب الأهلية لعدم توفر الآليات المنظمة لذلك الانتقال، إلى جانب عدم الجاهزية الحضارية وانعدام الحاضنة الفكرية الناجمة عن قرون من الانحطاط والأحادية الفكرية في العالم العربي الإسلامي وفي سائر بلاد العالم الثالث.

أما في الغرب الأورو- أمريكي، فقد تطورت السلطة السياسية فيه، وانتقلت إلى الحكم المقيد بالدستور والمؤسسات، وأضحى التناوب السلمي على السلطة هو السائد منذ أكثر من قرن ونصف من الزمن.

وفي كتابه المرجع الذي خصصه لدراسة دورالأحزاب السياسية في الانتقال السلمي للسلطة تحت عنوان "الأحزاب السياسية"، حلل أستاذ العلوم السياسية الفرنسي ،موريس ديفارجي، آليات التداول السلمي معتبرا أن التداول السلمي على السلطة في بلدان الغرب سواء أمريكا أو أوروبا ظل السمة البارزة للحياة السياسية وممارسة السلطة بواسطة الانتخابات التي تفرز قوة مدعوة إلى استلام مقاليد الحكم بشكل سلمي، مما يسمح بتحقيق الاستقرار السياسي وخلق تقاليد سياسية في إطار النظام السياسي الذي يقع تطعيمه بالإضافات والإصلاحات الناجمة عن التطور التاريخي لكل أمة وخصوصياتها. ولاحظ أنه في الولايات المتحدة استمرت عملية التداول على الحكم، بفضل الحصول على الأغلبية في الكونغرس ومجلس الشيوخ وعلى رأس البيت الأبيض. وقد تراوحت فيها سجالا بين الديمقراطيين والجمهوريين منذ 1861 إلى اليوم، مع ظهور أحزاب صغيرة لا تأثير لها على مجرى المسار، في حين ظل التداول قائما في أوروبا بين اليمين الوطني واليسار العمالي، مع خصوصيات كل بلاد، حيث ظل في بلجيكيا متراوحا بين 1874 و1914 بين الأغلبية الليبرالية والأغلبية الكاتوليكية، حسب ديفارجي في كتابه (ص.404-415) .

 ورغم ما عاشته أوروبا خلال القرنين الماضيين من نجاح التداول السلمي على السلطة، فقد عرفت فيها المأسي والحروب المحلية والإقليمية والحروب الاستعمارية وتجارة العبيد، وكانت أبرز مأسيها في ظل الديمقراطية التناوبية الحربان العالميتان الأولى والثانية اللتين تسببتا في ملايين القتلي. وقد كانت الديمقراطية وصندوق الاقتراع هي التي أوصلت الزعيم النازي الألماني هتلر إلى الحكم ليقضي على الديمقراطية ويشن حربا عالمية ومعه التفويض الشعبي الخارج من قمقم صندوق الاقتراع. وقد ظنت أوروبا مدعومة بابنتها الغربية الصاعدة أمريكا أن الأمر استتب لهما بعد القضاء علي النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا والنزعة القومية في اليابان نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد فرض المنتصرون على المغلوبين أنظمة برلمانية تقوم على تشتيت السلطة بين أيدي ثلاث سلطات وهي رئيس البرلمان ورئيس الدولة ورئيس الحكومة، مع آليات تمنع مركزة السلطة بأيدي شخص واحد يمكن أن يتنطع أو يتمرد ويعيد تجربة الحرب العالمية الثانية. ولكن هذا النظام المسقط لم ينجح إلا بفضل مشروع "مارشال" الأمريكي للإعمار الاقتصادي لهذه الدول، بؤرة الاستبداد السياسي في تلك الفترة. وقد تحقق استقرار تلك الأنظمة التي أصبح التداول السلمي على السلطة فيها يجري بكل ميكانيكية دستورية وبكل انضباط للسلام الأمريكي (بَاكْسْ أمَرِيكَانَا)، كما كان في السابق علي الطريقة الرومانية (بَاكْسْ رُومَانَا) مع قرطاج المهزومة. وتلك شروط الغالب على المغلوب كما بينها العلامة بن خلدون في "المقدمة" .

وهم التعددية والديمقراطية زمن الأحادية القطبية في العالم

لقد تكرس هذا السلم المفروض بعد الانتصار الذي حققه الغرب بسقوط الشيوعية عام 1990 وتحول العالم إلى أحادية قطبية، مما قلل من أهمية التعددية في الفكر الغربي، حيث لم يعد هناك من يعارض أو يهدد الغرب. وتحولت التعددية إلى أحادية طاغية جعلت من الغرب الأوحد نبراس العالم، وهو ما يؤدي إلى طرح السؤال: هل إن الديمقراطيات الغربية ربحت رهان التعددية الحضارية بإقصائها منافسيها على الساحة العالمية؟. وما الخطر الذي يترصدها ؟.

لقد تناول العديد من المفكرين الغربيين في أوروبا وأمريكا المفارقة الجدلية في انتصار الغرب وفرض مسار التعددية والديمقراطية عبر العالم، في الوقت الذي عاد فيه إلى أحضان الأحادية . وحلل المفكر الأمريكي باسكال بْروكْنار، في كتابه المعنون "الاكتئاب الديمقراطي "(ص 167) هذه المفارقة الحضارية مستنتجا أن الغرب أصبح يعيش أوضاعا جديدة: ففي الوقت الذي تشهد فيه الديمقراطية توسعا في أرجاء المعمورة، يتقلص تدريجيا وهج الديمقراطية في الغرب بسبب سيطرة المال والمصالح على السياسة والإعلام والاقتصاد. وفي رأيه، فقد تحول المجتمع الغربي إلى ما يشبه الصورة التي كانت عليها أوروبا خلال القرن الماضي، بسبب استشراء الفقر وهيمنة قوى السوق على الأفكار والمؤسسات وإدارة دفة الشؤون السياسية والحزبية وسيطرة لوبيات رأس المال على وسائل الإعلام المحددة لمسارات الرأي العام. وأصبح الغرب يتباهى بكل مظاهر انتشار النموذج الكلاسيكي الأمريكي في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا دون الخوض في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزت فقراء وبيوتا قصديرية في العواصم وكبريات المدن لديه . كما تنتهي محاولاته فرض الديمقراطية بالفشل الذريع في كثير من المجتمعات المحافظة. ولم ينجح ربيع الثورات الديمقراطية في أوروبا الشرقية إلا بفضل المساعدات المالية الامريكية والأوربية الغربية السخية ضمن مخطط "مارشال" جديد لانجاح الانتقال الديمقراطي، لا يختلف في حجمه عن مخطط مارشال الأمريكي لما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تركت عدة تجارب انتقالية في العالم الثالث بدون دعم من الغرب ومن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتواجه تخبطها وتعثرها الانتقالي مما أدى إلى فشل تلك التجارب وعودتها إلى المربع السابق.

التعثر الديمقراطي الغربي

ومما يزيد الأمر قتامة أن النموذج الغربي في الديمقراطية الأورو- أمريكية يعيش مأزقا تاريخيا في ظل المخاطر التي تحدق بهذا النموذخ، الذي يظل رغم كل ذلك الأفضل في الحكم عبر تفادي النزاعات على السلطة. ولكنه يقف عاجزا اليوم أمام تنامي النزعات الشعبوية وقوى التطرف اليميني التي أصبحت تكتسح صناديق الاقتراع وتصل إلى سدة الحكم بكل الوسائل المالية والإعلامية والانترنات وشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما حدث في أمريكا عام 2015 مع صعود الرئيس الأمريكي السابق اليميني المحافظ دونالد ترامب إلى الحكم، ثم رفضه التنحي وقبول الهزيمة والاعتراف بنتيجة الانتخابات، مرددا أمام أنصاره والعالم إلى اليوم أنه لازال الرئيس الشرعي للولايات المتحدة وأن النصر سرق منه من طرف من أسماهم "الجماعات الحقوقية اليسارية في أمريكا ممثلة في الحزب الديمقراطي"، وهو ما قد يتطور إلى اقتتال داخلي في الولايات المتحدة. وقد عاشت الديمقراطية الأمريكية العريقة التي أشاد بها منذ القرن التاسع عشر عالم السياسة الفرنسي طوكفيل، أياما سوداء في الأيام الاخيرة لحكم ترامب باقتحام مناصريه مقر البرلمان الأمريكي في واشنطن، في صورة كانت مذلة للنموذج السياسي الأمريكي المسوق له نموذجا معلبا صالحا للاستعمال لكل شعوب المعمورة .

  وفي أوروبا الغربية والشرقية، تتكرر هذه الأيام التحالفات الانتخابية بين اليمين التقليدي وأقصى اليمين العنصري، كما جرى مؤخرا في السويد وايطاليا، بما يهدد باقي دول أوروبا المأزومة التي تدق على أبوابها طبول الحرب الشاملة والمدمرة ، مما سيؤدي إلى "تداول سلمي" صاخب على السلطة لفائدة غلاة العنصريين أحفاد هتلر وموسيليني وسالازار وفرانكو، في أوروبا أطلسية متطرفة كعهدها تتنكر لقيم الحرية والديمقراطية والمساواة التي قامت عليها نهضتها وجبروتها المعاصر.

* صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews