إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العمل بالمراسيم التشريعية والأمر 117 قد يتواصل إلى غاية فيفري 2023

تونس- الصباح

رغم دخول دستور 25 جويلية 2022 حيز التنفيذ منذ الإعلان النهائي عن النتائج النهائية للاستفتاء الشعبي يوم 17 أوت الماضي، ونشره بالرائد الرسمي، ما تزال جل أحكام الدستور خارج نطاق التنفيذ عل اعتبار أن جانبا كبيرا منها يتعلق بإرساء مؤسسات دستورية مطابقة لأحكام الدستور على غرار المحكمة الدستورية، والبرلمان، ومجلس الأقاليم والجهات، والهيئات مثل هيئة الانتخابات، والمجلس الأعلى للتربية..

وبما أن الدستور "الجمهورية الجديدة" تضمن أحكاما انتقالية تنص على أن الأمر 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بإقرار حالة التدابير الاستثنائية سيتواصل العمل به إلى حين انتخاب برلمان جديد، وخاصة في ما يتعلق منه بالجانب التشريعي، ما يعني أن رئيس الجمهورية سيواصل ممارسة سلطة إصدار المراسيم التشريعية إلى حين قيام السلطة التشريعية بغرفتيها، البرلمان الذي سينتخب أعضاءه يوم 17 ديسمبر، ومجلس الجهات والأقاليم في مرحلة لاحقة.

وبالتالي فإنه يمكن القول أننا اليوم أمام مرحلة انتقالية يتعايش فيها دستور جديد دخل حيز النفاذ منذ 17 أوت 2022، والأمر الرئاسي عدد 117 المتعلق بإقرار حالة التدابير الاستثنائية. ويتوقع أن يستمر هذا التعايش إلى غاية بداية شهر فيفري من العام المقبل، تاريخ بداية العمل الفعلي لمجلس نواب الشعب الجديد في صورة إجراء احترام كامل مراحل الروزنامة الانتخابية وتمكن البرلمان الجديد من إرساء رئاسته ولجانه وفروعه لممارسة وظيفته التشريعية.

فقد جاء في روزنامة الانتخابات التشريعية المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، والتي نشرتها مؤخرا الهيئة المستقلة للانتخابات، أن الهيئة ستتولى التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات إثر انقضاء آجال الطعون يوم الخميس 19 جانفي 2023، ما يعني أن أول اجتماع لأعضاء البرلمان الجديد المكون من 161 عضوا سوف لن يلتئم إلا بعد ذلك التاريخ.

ويرجح أن يلتئم أول اجتماع للمجلس النيابي الجديد في أول دورة نيابية له، في مدة تتراوح بين يوم وأسبوعين، على اعتبار الدعوة إلى أول اجتماع للبرلمان الجديد سيقوم بها رئيس الجمهورية وفقا لما نص عليه دستور جويلية 2022، وذلك في أجل لا يتجاوز أسبوعين من تاريخ إعلان النتائج النهائية، أي خلال الفترة من 20 جانفي إلى 4 فيفري 2023.

وتنص الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد صراحة في الفصل 139، على أن "العمل في المجال التشريعي، يستمر وفقا لأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين تولي مجلس نواب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه".

غير أن هذا الفصل لم ينص صراحة على موعد نهاية العمل بالأمر 117، فهل سيتم مباشرة بعد انتصاب البرلمان وممارسة وظيفته التشريعية إيقاف العمل نهائيا بأحكام الأمر، وإلغاء حالة التدابير الاستثنائية التي تستند إلى مضمون الفصل 80 من دستور جانفي 2014 الذي تم إلغاء العمل به؟

علما أن شروط إقرار حالة التدابير الاستثنائية ومنها خاصة "حالة الخطر الداهم" تم التنصيص عليها في الدستور الجديد، الذي منح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية لإعلان عنها دون حتى استشارة المحكمة الدستورية، وحالة الخطر الداهم جاءت في صيغة الإطلاق وتحتمل تأويلات واسعة على غرار ما حصل في مضمون الفصل 80 من الدستور السابق.

إذ ينص الفصل 96 من دستور الجمهورية الجديدة، على أن "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها يتعذر معه السّير العادي لدواليب الدّولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نوّاب الشعب ورئيس المجــلس الوطني للجهات والأقاليم".

يذكر أن الأمر 117 كان وما يزال محل انتقادات واسعة من سياسيين وأحزاب وحقوقيين وخبراء في القانون ومنظمات مجتمع مدني، فضلا عن مواقف دولية من منظمات وهيئات ودول آخرها قرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان التي دعت الدولة التونسية إلى إلغاء العمل بالتدابير الاستثنائية، وإلغاء الأوامر التي تولد عنها، واعتبرت الأمر 117 غير قانوني وغير دستوري، ويتعارض مع المعايير الدولية والإقليمية.

مسألة أخرى لا تقل أهمية عن الوظيفة التشريعية للبرلمان المقبل، هي الغرفة البرلمانية الثانية "مجلس الجهات والأقاليم" التي لم يصدر في شأنها إطار قانوني يضبط طريقة انتخاب أعضاءه وشروط الترشح لعضوية المجلس، علما أن الفصل 81 من الدستور الجديد حدد ثلاث أعضاء عن كل مجلس جهوي، ما يعني أن العدد التقريبي لأعضاء المجلس سيقارب السبعون عضوا.

وكان رئيس الجمهورية قد أشار خلال ترؤسه لمجلس وزاري صادق خلاله على المرسوم الانتخابي أن النص التشريعي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم وضبط العلاقة بينه وبين البرلمان، سيتم المصادقة عليه ونشره في وقت لاحق. أي أن انتخاب أعضاء الغرفة الثانية ستتم مبدئيا خلال الثلاثي الأول من العام المقبل حتى لا تتزامن مع الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 ديسمبر. علما أن من صلاحيات هذا المجلس المصادقة على ميزانية الدولة وقانون المالية ومخططات التنمية الجهوية..

مهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سينتظر رئيس الجهورية استكمال انتصاب المؤسستين التشريعيتين حتى يتخلى عن سلطة إصدار المراسيم التشريعية، وإعلان نهاية العمل بأحكام الأمر 117 المتعلق بإقرار أحكام استثنائية والتي يترتب عنها أيضا استقالة الحكومة الحالية وتعويضها بحكومة جديدة مطابقة لأحكام الدستور الجديد لا إلى أحكام الأمر 117.؟

رفيق بن عبد الله

 

العمل بالمراسيم التشريعية والأمر 117 قد يتواصل إلى غاية فيفري 2023

تونس- الصباح

رغم دخول دستور 25 جويلية 2022 حيز التنفيذ منذ الإعلان النهائي عن النتائج النهائية للاستفتاء الشعبي يوم 17 أوت الماضي، ونشره بالرائد الرسمي، ما تزال جل أحكام الدستور خارج نطاق التنفيذ عل اعتبار أن جانبا كبيرا منها يتعلق بإرساء مؤسسات دستورية مطابقة لأحكام الدستور على غرار المحكمة الدستورية، والبرلمان، ومجلس الأقاليم والجهات، والهيئات مثل هيئة الانتخابات، والمجلس الأعلى للتربية..

وبما أن الدستور "الجمهورية الجديدة" تضمن أحكاما انتقالية تنص على أن الأمر 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بإقرار حالة التدابير الاستثنائية سيتواصل العمل به إلى حين انتخاب برلمان جديد، وخاصة في ما يتعلق منه بالجانب التشريعي، ما يعني أن رئيس الجمهورية سيواصل ممارسة سلطة إصدار المراسيم التشريعية إلى حين قيام السلطة التشريعية بغرفتيها، البرلمان الذي سينتخب أعضاءه يوم 17 ديسمبر، ومجلس الجهات والأقاليم في مرحلة لاحقة.

وبالتالي فإنه يمكن القول أننا اليوم أمام مرحلة انتقالية يتعايش فيها دستور جديد دخل حيز النفاذ منذ 17 أوت 2022، والأمر الرئاسي عدد 117 المتعلق بإقرار حالة التدابير الاستثنائية. ويتوقع أن يستمر هذا التعايش إلى غاية بداية شهر فيفري من العام المقبل، تاريخ بداية العمل الفعلي لمجلس نواب الشعب الجديد في صورة إجراء احترام كامل مراحل الروزنامة الانتخابية وتمكن البرلمان الجديد من إرساء رئاسته ولجانه وفروعه لممارسة وظيفته التشريعية.

فقد جاء في روزنامة الانتخابات التشريعية المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، والتي نشرتها مؤخرا الهيئة المستقلة للانتخابات، أن الهيئة ستتولى التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات إثر انقضاء آجال الطعون يوم الخميس 19 جانفي 2023، ما يعني أن أول اجتماع لأعضاء البرلمان الجديد المكون من 161 عضوا سوف لن يلتئم إلا بعد ذلك التاريخ.

ويرجح أن يلتئم أول اجتماع للمجلس النيابي الجديد في أول دورة نيابية له، في مدة تتراوح بين يوم وأسبوعين، على اعتبار الدعوة إلى أول اجتماع للبرلمان الجديد سيقوم بها رئيس الجمهورية وفقا لما نص عليه دستور جويلية 2022، وذلك في أجل لا يتجاوز أسبوعين من تاريخ إعلان النتائج النهائية، أي خلال الفترة من 20 جانفي إلى 4 فيفري 2023.

وتنص الأحكام الانتقالية في الدستور الجديد صراحة في الفصل 139، على أن "العمل في المجال التشريعي، يستمر وفقا لأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين تولي مجلس نواب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه".

غير أن هذا الفصل لم ينص صراحة على موعد نهاية العمل بالأمر 117، فهل سيتم مباشرة بعد انتصاب البرلمان وممارسة وظيفته التشريعية إيقاف العمل نهائيا بأحكام الأمر، وإلغاء حالة التدابير الاستثنائية التي تستند إلى مضمون الفصل 80 من دستور جانفي 2014 الذي تم إلغاء العمل به؟

علما أن شروط إقرار حالة التدابير الاستثنائية ومنها خاصة "حالة الخطر الداهم" تم التنصيص عليها في الدستور الجديد، الذي منح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية لإعلان عنها دون حتى استشارة المحكمة الدستورية، وحالة الخطر الداهم جاءت في صيغة الإطلاق وتحتمل تأويلات واسعة على غرار ما حصل في مضمون الفصل 80 من الدستور السابق.

إذ ينص الفصل 96 من دستور الجمهورية الجديدة، على أن "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها يتعذر معه السّير العادي لدواليب الدّولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نوّاب الشعب ورئيس المجــلس الوطني للجهات والأقاليم".

يذكر أن الأمر 117 كان وما يزال محل انتقادات واسعة من سياسيين وأحزاب وحقوقيين وخبراء في القانون ومنظمات مجتمع مدني، فضلا عن مواقف دولية من منظمات وهيئات ودول آخرها قرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان التي دعت الدولة التونسية إلى إلغاء العمل بالتدابير الاستثنائية، وإلغاء الأوامر التي تولد عنها، واعتبرت الأمر 117 غير قانوني وغير دستوري، ويتعارض مع المعايير الدولية والإقليمية.

مسألة أخرى لا تقل أهمية عن الوظيفة التشريعية للبرلمان المقبل، هي الغرفة البرلمانية الثانية "مجلس الجهات والأقاليم" التي لم يصدر في شأنها إطار قانوني يضبط طريقة انتخاب أعضاءه وشروط الترشح لعضوية المجلس، علما أن الفصل 81 من الدستور الجديد حدد ثلاث أعضاء عن كل مجلس جهوي، ما يعني أن العدد التقريبي لأعضاء المجلس سيقارب السبعون عضوا.

وكان رئيس الجمهورية قد أشار خلال ترؤسه لمجلس وزاري صادق خلاله على المرسوم الانتخابي أن النص التشريعي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الجهات والأقاليم وضبط العلاقة بينه وبين البرلمان، سيتم المصادقة عليه ونشره في وقت لاحق. أي أن انتخاب أعضاء الغرفة الثانية ستتم مبدئيا خلال الثلاثي الأول من العام المقبل حتى لا تتزامن مع الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 ديسمبر. علما أن من صلاحيات هذا المجلس المصادقة على ميزانية الدولة وقانون المالية ومخططات التنمية الجهوية..

مهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سينتظر رئيس الجهورية استكمال انتصاب المؤسستين التشريعيتين حتى يتخلى عن سلطة إصدار المراسيم التشريعية، وإعلان نهاية العمل بأحكام الأمر 117 المتعلق بإقرار أحكام استثنائية والتي يترتب عنها أيضا استقالة الحكومة الحالية وتعويضها بحكومة جديدة مطابقة لأحكام الدستور الجديد لا إلى أحكام الأمر 117.؟

رفيق بن عبد الله

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews