إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس أمام سيناريوهين.. إما مواصلة التأسيس للجمهورية الجديدة وإما العودة إلى المربع الأول

 تونس-الصباح

أقرت المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان أول أمس الخميس ببطلان الإجراءات الرئاسية الصادرة بالأمر الرئاسي 117 وكل الأوامر الصادرة على أساسه معتبرة في هذا السياق "ببطلان كل المراسيم لعدم دستوريتها أولا ولعدم مطابقتها للقوانين مع الدعوة بإلغاء الأوامر الَّتي تولَّد عنها وبالعودة للدِّيمقراطيَّة الدُّستوريَّة".

ووصف عدد من الدبلوماسيين هذا القرار بسابقة فقهيَّة إقليميَّة على اعتبار انه القرار الأول من نوعه بالنسبة لبلادنا وهو يتوافق مع مرور سنة كاملة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن الأمر الرئاسي 117 المثير للجدل.

وجاء حكم المحكمة الإفريقية من خلال ملخص حكم ردا على العريضة رقم 017/2021 التي تقدم لها الأستاذ إبراهيم بلغيث ضد الجمهورية التونسية وادعائه بوجود انتهاكات للحقوق المكفولة بعدد من المواثيق الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان وضرب القيم الديمقراطية والانقلاب على الدستور .

المحكمة تبرر موقفها

وبررت المحكمة قرارها هذا بقولها: "تلاحظ المحكمة أن الأحكام المشار إليها أعلاه من دستور الدولة المدعى عليها تمنح رئيس الجمهورية "اتخاذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية"، والتي قد يكون من بينها إصدار أوامر رئاسية لمجابهة "حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة".

وأضافت المحكمة "بيد أن سلطة رئيس الجمهورية في اتخاذ مثل تلك التدابير الاستثنائية مقيدة بالشروط الموضوعية والمتطلبات الإجرائية المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور بما في ذلك استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية".

وتُضيف المحكمة "أن الدولة المدعى عليها كان ينبغي أن تنظر في تدابير أٌقل تقييدا للتعامل مع الأوضاع قبل اتخاذ تدابير استثنائية صارمة كتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن كافة أعضائه المنتخبين من طرف المواطنين في إطار ممارسة حقوقهم في المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلادهم. وقد حدث ذلك في سياق من عدم التناسب بين الأهداف المعلنة والتدابير الاستثنائية المتخذة بل وأيضا عدم تماشي ذلك مع قوانين الدولة المدعى عليها نفسها".

وتخلص المحكمة إلى أن "التدابير الاستثنائية المتخذة من طرف الدولة المدعى عليها لم تصدر وفقا للقوانين المعمول بها في الدولة المدعى عليها ولم تكن متناسبة مع الغرض الذي اعتمدت من أجله".

"وعليه، تخلص المحكمة إلى أن الدولة المدعى عليها انتهكت حق الشعب في المشاركة في إدارة شؤونه العامة كما هو مكفول في المادة 13(1) من الميثاق.

الحقوق السياسية والمدنية

 أدانت المحكمة "انتهاك الحق في الحصول على ضمانات لحماية حقوق الإنسان والحريات كما هو مضمون في المادة 1 من الميثاق. تلاحظ المحكمة أن أحكام هذه المادة تتضمن التزامين تضعهما على عاتق الدول الأطراف وهما واجب الاعتراف بتلك الحقوق والحريات وبحمايتها من جهة، ومن جهة أخرى واجب اتخاذ التدابير التشريعية والإجراءات الأخرى لإنفاذ تلك الحقوق والحريات وضمانها".

وبالنسبة للتعويضات أمرت المحكمة الإفريقية "بإلغاء الأمر الرئاسي رقم 117 الصادر في 22 سبتمبر 2021 والمراسيم الرئاسية التي يشتملها أرقام 69، 80، 109 الصادرة في 26 و 29 جويلية 24 أوت 2021 والعودة إلى الديموقراطية الدستورية خلال أجل قدره سنتان من تاريخ تبليغ هذا الحكم".

ما هي المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

هي محكمة قارية أنشئت من طرف الدول الأطراف لحماية حقوق الإنسان والشعوب في إفريقيا. للمحكمة الاختصاص للنظر في كافة القضايا والنزاعات التي ترفع إليها بخصوص تفسير وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وكل صكّ آخر يتعلق بحقوق الإنسان صادقت عليه الدولة المعنية.

وقد صادقت تونس على النظام الأساسي للمحكمة الإفريقية منذ 11 أوت 2017 بما يجعل من قرارها هذا ملزما لسلطان التدابير الاستثنائية.

العودة إلى المربع الأول؟

بعد قرار المحكمة فان تونس أمام سيناريوهين إما مواصلة إجراءاتها السياسية وانجاز ما تبقى من مرحلة التأسيس للجمهورية الجديدة والحفاظ على موعد الانتخابات التشريعية، وإما العودة إلى المربع الأول خاصة بعد أن تسلمت الأمم المتحدة أمس نسخة من قرار المحكمة الإفريقية بأربع لغات وهو ما سيدفع بوزارة الخارجية التونسية لإيضاح موقفها من هذا القرار الإفريقي.

ولا شك أن قرار المحكمة الإفريقية فتح البوابات أمام سراب قانونية ومشروعية وشرعية كامل مسار 25جويلية ومحاولة الرئيس فرض سرديته وقراءته القانونية والدستورية التي قوضتها المحكمة أول أمس الخميس سيما وان قرارها ملزم إقليميا.

هكذا إلزام يدفع للتساؤل هل ستقبل تونس بقرار المحكمة الإفريقية؟ وما هي سيناريوهات الدفاع عن التدابير الاستثنائية؟ وهل ستتخذ سلطات سعيد خطوة إلى الوراء تجنبا لعزلة افريقية ممكنة قد تكلفها غيابات كبيرة في أشغال القمة الفرانكفونية القادمة؟

خليل الحناشي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس أمام سيناريوهين.. إما مواصلة التأسيس للجمهورية الجديدة وإما العودة إلى المربع الأول

 تونس-الصباح

أقرت المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان أول أمس الخميس ببطلان الإجراءات الرئاسية الصادرة بالأمر الرئاسي 117 وكل الأوامر الصادرة على أساسه معتبرة في هذا السياق "ببطلان كل المراسيم لعدم دستوريتها أولا ولعدم مطابقتها للقوانين مع الدعوة بإلغاء الأوامر الَّتي تولَّد عنها وبالعودة للدِّيمقراطيَّة الدُّستوريَّة".

ووصف عدد من الدبلوماسيين هذا القرار بسابقة فقهيَّة إقليميَّة على اعتبار انه القرار الأول من نوعه بالنسبة لبلادنا وهو يتوافق مع مرور سنة كاملة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد عن الأمر الرئاسي 117 المثير للجدل.

وجاء حكم المحكمة الإفريقية من خلال ملخص حكم ردا على العريضة رقم 017/2021 التي تقدم لها الأستاذ إبراهيم بلغيث ضد الجمهورية التونسية وادعائه بوجود انتهاكات للحقوق المكفولة بعدد من المواثيق الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان وضرب القيم الديمقراطية والانقلاب على الدستور .

المحكمة تبرر موقفها

وبررت المحكمة قرارها هذا بقولها: "تلاحظ المحكمة أن الأحكام المشار إليها أعلاه من دستور الدولة المدعى عليها تمنح رئيس الجمهورية "اتخاذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية"، والتي قد يكون من بينها إصدار أوامر رئاسية لمجابهة "حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة".

وأضافت المحكمة "بيد أن سلطة رئيس الجمهورية في اتخاذ مثل تلك التدابير الاستثنائية مقيدة بالشروط الموضوعية والمتطلبات الإجرائية المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور بما في ذلك استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية".

وتُضيف المحكمة "أن الدولة المدعى عليها كان ينبغي أن تنظر في تدابير أٌقل تقييدا للتعامل مع الأوضاع قبل اتخاذ تدابير استثنائية صارمة كتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن كافة أعضائه المنتخبين من طرف المواطنين في إطار ممارسة حقوقهم في المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلادهم. وقد حدث ذلك في سياق من عدم التناسب بين الأهداف المعلنة والتدابير الاستثنائية المتخذة بل وأيضا عدم تماشي ذلك مع قوانين الدولة المدعى عليها نفسها".

وتخلص المحكمة إلى أن "التدابير الاستثنائية المتخذة من طرف الدولة المدعى عليها لم تصدر وفقا للقوانين المعمول بها في الدولة المدعى عليها ولم تكن متناسبة مع الغرض الذي اعتمدت من أجله".

"وعليه، تخلص المحكمة إلى أن الدولة المدعى عليها انتهكت حق الشعب في المشاركة في إدارة شؤونه العامة كما هو مكفول في المادة 13(1) من الميثاق.

الحقوق السياسية والمدنية

 أدانت المحكمة "انتهاك الحق في الحصول على ضمانات لحماية حقوق الإنسان والحريات كما هو مضمون في المادة 1 من الميثاق. تلاحظ المحكمة أن أحكام هذه المادة تتضمن التزامين تضعهما على عاتق الدول الأطراف وهما واجب الاعتراف بتلك الحقوق والحريات وبحمايتها من جهة، ومن جهة أخرى واجب اتخاذ التدابير التشريعية والإجراءات الأخرى لإنفاذ تلك الحقوق والحريات وضمانها".

وبالنسبة للتعويضات أمرت المحكمة الإفريقية "بإلغاء الأمر الرئاسي رقم 117 الصادر في 22 سبتمبر 2021 والمراسيم الرئاسية التي يشتملها أرقام 69، 80، 109 الصادرة في 26 و 29 جويلية 24 أوت 2021 والعودة إلى الديموقراطية الدستورية خلال أجل قدره سنتان من تاريخ تبليغ هذا الحكم".

ما هي المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

هي محكمة قارية أنشئت من طرف الدول الأطراف لحماية حقوق الإنسان والشعوب في إفريقيا. للمحكمة الاختصاص للنظر في كافة القضايا والنزاعات التي ترفع إليها بخصوص تفسير وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وكل صكّ آخر يتعلق بحقوق الإنسان صادقت عليه الدولة المعنية.

وقد صادقت تونس على النظام الأساسي للمحكمة الإفريقية منذ 11 أوت 2017 بما يجعل من قرارها هذا ملزما لسلطان التدابير الاستثنائية.

العودة إلى المربع الأول؟

بعد قرار المحكمة فان تونس أمام سيناريوهين إما مواصلة إجراءاتها السياسية وانجاز ما تبقى من مرحلة التأسيس للجمهورية الجديدة والحفاظ على موعد الانتخابات التشريعية، وإما العودة إلى المربع الأول خاصة بعد أن تسلمت الأمم المتحدة أمس نسخة من قرار المحكمة الإفريقية بأربع لغات وهو ما سيدفع بوزارة الخارجية التونسية لإيضاح موقفها من هذا القرار الإفريقي.

ولا شك أن قرار المحكمة الإفريقية فتح البوابات أمام سراب قانونية ومشروعية وشرعية كامل مسار 25جويلية ومحاولة الرئيس فرض سرديته وقراءته القانونية والدستورية التي قوضتها المحكمة أول أمس الخميس سيما وان قرارها ملزم إقليميا.

هكذا إلزام يدفع للتساؤل هل ستقبل تونس بقرار المحكمة الإفريقية؟ وما هي سيناريوهات الدفاع عن التدابير الاستثنائية؟ وهل ستتخذ سلطات سعيد خطوة إلى الوراء تجنبا لعزلة افريقية ممكنة قد تكلفها غيابات كبيرة في أشغال القمة الفرانكفونية القادمة؟

خليل الحناشي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews