إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيسة شبكة "مراقبون" لـ"الصباح": الحديث عن النظام القاعدي كان محتشما.. لكن المرسوم كرسه على أرض الواقع

تونس- الصباح:

قالت رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون" إن المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي جاء في بعض فصوله مخالفا لدستور 25 جويلية ولو كانت هناك محكمة دستورية قائمة لأسقطتها، وأضافت في تصريح لـ"الصباح" أن من بين هذه الأحكام ما تعلق بالتراجع عن مكسب مهم لم يكن من السهل في الماضي تحقيقه وهو تشريك الأميين والعسكريين في الانتخابات البلدية والجهوية.. وأشارت إلى أنه لا بد من التذكير في هذا السياق بالنقاشات الطويلة التي تمت حول هذه المسألة خلال المدة النيابية الأولى وكيف أنها كانت سببا في تعطيل تمرير القانون الانتخابي من قبل مجلس نواب الشعب لمدة سنة كاملة لأنه كانت هناك مخاوف لدى البعض من كشف التوجهات السياسية للأمنيين والعسكريين، ولكن بمرور الزمن ثبت أن هذه المخاوف لم تكن في محلها، إذ أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لا تقوم بفرز أصوات الناخبين الأمنيين والعسكريين بصفة منفردة بل يتم خلطها مع بقية الصناديق وبهذه الكيفية لا يتم التعرف على توجهاتهم السياسية.

وأشارت الجبري إلى أنه عندما يقع تنقيح قانون انتخابي، من المفروض أن يكون ذلك في اتجاه المزيد من الإتاحة وليس في اتجاه التضييق والمنع، وذكرت أنه بعد الانتخابات البلدية لسنة 2018 كانت هناك مطالب بتمكين الأمنيين والعسكريين من المشاركة حتى في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لكن المرسوم الجديد ألغى هذا الحق بصفة كلية. وذكرت أنه إضافة إلى حذف الفصول المتعلقة بالأمنيين والعسكريين من المرسوم كان هناك تراجع عن حقوق حاملي الجنسية المزدوجة في الترشح، حيث تم حرمانهم من الترشح في الدوائر الانتخابية بالداخل وهو ما يمس من جوهر الحقوق المدنية والسياسية ويتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين وبالتالي هناك خرق دستوري واضح لا لبس فيه، وأشارت إلى أنه من المرجح أن يتم المساس بهذا المبدأ مرة أخرى، لأنه في تصريح صحفي لعضو مجلس هيئة الانتخابات محمد تليلي منصري قال هذا الأخير إن عملية تجميع التزكيات بالنسبة للمترشحين في الدوائر الانتخابية بالخارج صعبة جدا وقد تتجه الهيئة إلى عدم اشتراطها على المترشحين بالخارج وهي إن فعلت تكون قد مست مبدأ دستوري هام وهو المساواة وتكافؤ الفرص..

ومن المسائل الأخرى التي أثارتها رئيسة شبكة "مراقبون" لدى حديثها عن أوجه التعارض بين المرسوم الانتخابي الجديد وبين دستور 25 جويلية، ما يتصل بالتناصف. وفسرت في هذا الصدد قائلة:" إن الدستور نص على أن تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة، ولكن لا يوجد في المرسوم الانتخابي ما يدل عن بذل العناية اللازمة لتحقيق التناصف بل تم التراجع عن هذا المكسب الذي تحقق لفائدة المرأة التونسية بعد نضال طويل، ففي الانتخابات التشريعية كان هناك تناصف عمودي وكان مطلب المجتمع المدني الأساسي هو التنصيص على التناصف الأفقي والعمودي ولكن واضع المرسوم أسقط كل شيء، وسنجد أنفسنا بعد انتخابات 17 ديسمبر أمام برلمان ذكوري لأننا نعلم جيدا طبيعة المجتمع وسلوك الناخب، ولعل ما يزيد في المخاوف ذلك الإجراء المتصل بحذف التمويل العمومي للحملات الانتخابية فبهذا الإجراء تم القضاء على حظوظ النساء والشباب في الفوز في الانتخابات التشريعية".

وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا كان حذف التناصف، نتيجة حتمية لخيار نظام الاقتراع على الأفراد، بينت رجاء الجبري أن إلغاء التناصف وتمثيلية الشباب دليل عن غياب إرادة سياسية في تشريك النساء والشباب لأن نظام الاقتراع المعتمد في المرسوم وهو نظام اقتراع على الأفراد في دورتين يمكن أن يضمن التناصف وتمثيل الشباب، وقد قامت شبكة "مراقبون" بتقديم مقترح في الغرض منذ 15 ديسمبر 2021 وكذلك الشأن بالنسبة إلى ائتلاف صمود فإن لديه مقترحا في نفس السياق وبالتالي فإن التصويت على الأفراد ليس تعلة لعدم ضمان مشاركة المرأة والشباب.

وأضافت محدثتنا أنه عند الاطلاع على الفصل المتعلق بموانع الترشح يتضح أنه تم الإبقاء على نفس الموانع الموجودة منذ سنة 2014 مع إضافة موانع أخرى خاصة ما تعلق بمنع الأئمة ورؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة من ممارسة وظائفهم، وذكرت أن هذه الإضافة هي مجرد ردة فعل ليس أكثر، وحسب رأيها، لا يوجد مبرر للتضييق على الترشحات لأنه بهذه الكيفية سينفر التونسيون من المشاركة في الحياة العامة. وبينت أنه عوضا عن التخلص من الموانع تمت إضافة موانع أخرى وذكرت أن القانون الانتخابي مازال إلى اليوم يقصي التجمعيين من عضوية مكاتب ومراكز الاقتراع والحال أنه من الناحية العملية يصعب على هيئة الانتخابات بعد مرور كل هذه السنوات أن تتعرف عليهم في صورة ترشحهم ..

ملامح نظام قاعدي

فضلا عن مخالفة بعض فصوله للدستور، لاحظت رئيسة شبكة "مراقبون" رجاء الجبري أن المرسوم الانتخابي الجديد جاء ليكرس بشكل واضح فكرة البناء القاعدي التي تم الحديث عنها في السابق باحتشام.. ويبرز ذلك حسب قولها في عملية تقسيم الدوائر الانتخابية، حيث أصبحت هناك دوائر صغيرة جدا كما تبرز ملامح هذا النظام في شرط التزكيات إذ يجب على المترشح تقديم تزكية 400 ناخب مسجل في نفس الدائرة الانتخابية كما لو أن الانتخابات هي انتخابات مجالس أحياء وبالتالي لم تعد هناك فكرة انتخاب نائب شعب ونائب أمة وسيتمخض هذا الخيار عن برلمان أفراد، وكل فرد منهم قادم من دائرة ولا يربط بينهم برنامج واضح لأن كل مترشح يقدم برنامج انتخابي خاص به لناخبيه وعلى أساس هذا البرنامج تقع محاسبته فهو عندما لا يبذل العناية اللازمة للوفاء بوعوده الانتخابية يعرض نفسه إلى عقوبة سحب الوكالة منه.. ونبهت الجبري إلى أن آلية سحب الوكالة من النائب ستجعل دور النائب يتحول إلى مجرد دور خدماتي لناخبيه في دائرته الانتخابية الضيقة وهو ما سيجعل المشهد البرلماني مشتتا أكثر فأكثر..

ثغرات لا بد من تجاوزها

تعقيبا عن سؤال يتعلق بأهم الثغرات القانونية التي تفطنت إليها شبكة مراقبون أثناء دراسة المرسوم الانتخابي الجديد أجابت رجاء الجبري، أن هناك ثغرة تتعلق باحتساب نتائج التصويت، فللفوز بالمعقد الانتخابي الوحيد، لا بد أن يتحصل المترشح على الأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها خلال الدورة الأولى، وفي صورة عدم الحصول على هذه الأغلبية، يقع تنظيم دورة ثانية يتقدم لها المرشحان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الأولى، لكن المرسوم سها وتغافل عن فرضية حصول مترشحين أو عدد من المترشحين على عدد متساو من الأصوات خلال الدورة الأولى وفرضية تساوي الأصوات بين المرشحين للدورة الثانية. وبينت أن هناك ثغرة أخرى في المرسوم وهي في علاقة بالنزاع الانتخابي أمام دوائر المحكمة الإدارية، إذ وزع المرسوم اختصاص النظر في نزاعات الترشح في طورها الابتدائي بين الدوائر الابتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية بالجهات المختصة ترابيا والدوائر الابتدائية للمحكمة الإدارية بتونس بالنسبة إلى نزاعات الترشح في الدوائر الانتخابية بالخارج لكن تم السهو عن النزاعات المتعلقة بقرارات الهيئات الفرعية الواقعة بتونس الكبرى ولم يأخذ المرسوم بعين الاعتبار عدم وجود دوائر ابتدائية متفرعة عن المحكمة الإدارية بتونس الكبرى.

ولاحظت الجبري أنه توجد ثغرة أو بالأخرى غموض في علاقة بعقوبة التمتع بتمويل مجهول المصدر لأن المرسوم نص على أن عقوبة الحصول على التمويل مجهول المصدر تتمثل في فقدان النائب عضويته بالمجلس المنتخب ولكن ماذا عن رئيس الجمهورية المنتخب في حال ثبوت تمتعه بتمويل مجهول المصدر وترى أنه لا بد من توضيح هذه النقطة وتجاوز الثغرات سالفة الذكر قبل الانتخابات وهذا غير ممكن إلا بتنقيح القانون الانتخابي مرة أخرى.

عقوبات مبالغ فيها

وباستفسارها عن رأيها في العقوبات التي جاء بها المرسوم الانتخابي، لم تخف رئيسة شبكة مراقبون رجاء الجبري مخاوفها من الصبغة الزجرية لهذا المرسوم ، وبينت أنه توجد عقوبات مبالغ فيها والحال أن المبدأ الأساسي التي يقوم عليه القانون هو مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة، ولكن ما أمكن ملاحظته في المرسوم الانتخابي هو وجود توجه نحو التشديد المشط في العقوبات خاصة العقوبات السجنية، حيث نص المرسوم على عقوبة سجنية من سنتين إلى خمس سنوات وخطية مالية من ألفين إلى خمسة آلاف دينار تسلط على كل شخص قام بتسريب ورقة التصويت خارج مكتب الاقتراع، وعلى كل شخص قام بتقديم عطايا نقدية أو مالية قصد التأثير على الناخب أو حتى لحمله على الامتناع على التصويت كما تقضي المحكمة وجوبا بفقدان المترشح حق الترشح مدى الحياة وحرمان المستفيد من العطايا من حقه في الانتخاب لمدة عشر سنوات، كما نص على عقوبة بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات تسلط على كل مترشح يتعمد النيل من عرض مترشح آخر أو كرامته أو شرفه أو من انتمائه الجهوي أو المحلي أو العائلي. ويمكن للهيئة في حال ثبوت ذلك إلغاء الأصوات التي تحصل عليها، وأضافت محدثتنا أن هناك استسهال في اعتماد العقوبات السجنية.

وخلصت رئيسة شبكة "مراقبون" إلى أن المرسوم الانتخابي الجديد لا يعبر عن إرادة حقيقية في إصلاح المنظومة القانونية للانتخابات من أجل تجاوز الثغرات والنقائص والاخلالات التي نبه إليها الناشطون في المجتمع المدني والهيئات المعنية بالانتخابات بل جاء ليزيد في منسوب الزجر والإقصاء لأنه من الغريب جدا حسب رأيها التنصيص على عقوبة عدم الترشح مدى الحياة وذكرت أنها لا تعرف ما هي الجدوى من هذه العقوبة.. وأشارت إلى أن القانون الانتخابي تم تنقيحه في مناسبات كثيرة الأمر الذي جعل قراءته صعبة حتى من قبل المختصين في الشأن الانتخابي، ولضمان المقروئية فهو يحتاج إلى مراجعة شاملة لجميع فصوله فصلا فصلا مع الأخذ بعين الاعتبار توصيات المجتمع المدني ومقترحاته. وأضافت أنه لا بد أيضا من التعجيل في تركيز المحكمة الدستورية لأنه لا يوجد أي مانع في ذلك لأنه بمقتضى الدستور الجديد لم تعد هناك عوائق من شأنها أن تحول دون إيجاد محكمة دستورية، وكل ما في الأمر هو توفر إرادة سياسية لتركيزها وهي لا تفهم لماذا لم يقع تركيز هذه المحكمة بعد خاصة وأن رئيس الجمهورية في نفس اليوم الذي طالب فيه رئيسة الحكومة بإعداد مرسوم انتخابي دعاها أيضا إلى سن قانون المحكمة الدستورية وكان من المفروض أن يصدر مرسوم المحكمة الدستورية في نفس وقت صدور المرسوم الانتخابي.

سعيدة بوهلال

 

رئيسة شبكة "مراقبون" لـ"الصباح": الحديث عن النظام القاعدي كان محتشما.. لكن  المرسوم كرسه على أرض الواقع

تونس- الصباح:

قالت رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون" إن المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي جاء في بعض فصوله مخالفا لدستور 25 جويلية ولو كانت هناك محكمة دستورية قائمة لأسقطتها، وأضافت في تصريح لـ"الصباح" أن من بين هذه الأحكام ما تعلق بالتراجع عن مكسب مهم لم يكن من السهل في الماضي تحقيقه وهو تشريك الأميين والعسكريين في الانتخابات البلدية والجهوية.. وأشارت إلى أنه لا بد من التذكير في هذا السياق بالنقاشات الطويلة التي تمت حول هذه المسألة خلال المدة النيابية الأولى وكيف أنها كانت سببا في تعطيل تمرير القانون الانتخابي من قبل مجلس نواب الشعب لمدة سنة كاملة لأنه كانت هناك مخاوف لدى البعض من كشف التوجهات السياسية للأمنيين والعسكريين، ولكن بمرور الزمن ثبت أن هذه المخاوف لم تكن في محلها، إذ أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لا تقوم بفرز أصوات الناخبين الأمنيين والعسكريين بصفة منفردة بل يتم خلطها مع بقية الصناديق وبهذه الكيفية لا يتم التعرف على توجهاتهم السياسية.

وأشارت الجبري إلى أنه عندما يقع تنقيح قانون انتخابي، من المفروض أن يكون ذلك في اتجاه المزيد من الإتاحة وليس في اتجاه التضييق والمنع، وذكرت أنه بعد الانتخابات البلدية لسنة 2018 كانت هناك مطالب بتمكين الأمنيين والعسكريين من المشاركة حتى في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لكن المرسوم الجديد ألغى هذا الحق بصفة كلية. وذكرت أنه إضافة إلى حذف الفصول المتعلقة بالأمنيين والعسكريين من المرسوم كان هناك تراجع عن حقوق حاملي الجنسية المزدوجة في الترشح، حيث تم حرمانهم من الترشح في الدوائر الانتخابية بالداخل وهو ما يمس من جوهر الحقوق المدنية والسياسية ويتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين وبالتالي هناك خرق دستوري واضح لا لبس فيه، وأشارت إلى أنه من المرجح أن يتم المساس بهذا المبدأ مرة أخرى، لأنه في تصريح صحفي لعضو مجلس هيئة الانتخابات محمد تليلي منصري قال هذا الأخير إن عملية تجميع التزكيات بالنسبة للمترشحين في الدوائر الانتخابية بالخارج صعبة جدا وقد تتجه الهيئة إلى عدم اشتراطها على المترشحين بالخارج وهي إن فعلت تكون قد مست مبدأ دستوري هام وهو المساواة وتكافؤ الفرص..

ومن المسائل الأخرى التي أثارتها رئيسة شبكة "مراقبون" لدى حديثها عن أوجه التعارض بين المرسوم الانتخابي الجديد وبين دستور 25 جويلية، ما يتصل بالتناصف. وفسرت في هذا الصدد قائلة:" إن الدستور نص على أن تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة، ولكن لا يوجد في المرسوم الانتخابي ما يدل عن بذل العناية اللازمة لتحقيق التناصف بل تم التراجع عن هذا المكسب الذي تحقق لفائدة المرأة التونسية بعد نضال طويل، ففي الانتخابات التشريعية كان هناك تناصف عمودي وكان مطلب المجتمع المدني الأساسي هو التنصيص على التناصف الأفقي والعمودي ولكن واضع المرسوم أسقط كل شيء، وسنجد أنفسنا بعد انتخابات 17 ديسمبر أمام برلمان ذكوري لأننا نعلم جيدا طبيعة المجتمع وسلوك الناخب، ولعل ما يزيد في المخاوف ذلك الإجراء المتصل بحذف التمويل العمومي للحملات الانتخابية فبهذا الإجراء تم القضاء على حظوظ النساء والشباب في الفوز في الانتخابات التشريعية".

وتعقيبا عن استفسار حول ما إذا كان حذف التناصف، نتيجة حتمية لخيار نظام الاقتراع على الأفراد، بينت رجاء الجبري أن إلغاء التناصف وتمثيلية الشباب دليل عن غياب إرادة سياسية في تشريك النساء والشباب لأن نظام الاقتراع المعتمد في المرسوم وهو نظام اقتراع على الأفراد في دورتين يمكن أن يضمن التناصف وتمثيل الشباب، وقد قامت شبكة "مراقبون" بتقديم مقترح في الغرض منذ 15 ديسمبر 2021 وكذلك الشأن بالنسبة إلى ائتلاف صمود فإن لديه مقترحا في نفس السياق وبالتالي فإن التصويت على الأفراد ليس تعلة لعدم ضمان مشاركة المرأة والشباب.

وأضافت محدثتنا أنه عند الاطلاع على الفصل المتعلق بموانع الترشح يتضح أنه تم الإبقاء على نفس الموانع الموجودة منذ سنة 2014 مع إضافة موانع أخرى خاصة ما تعلق بمنع الأئمة ورؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية من الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة من ممارسة وظائفهم، وذكرت أن هذه الإضافة هي مجرد ردة فعل ليس أكثر، وحسب رأيها، لا يوجد مبرر للتضييق على الترشحات لأنه بهذه الكيفية سينفر التونسيون من المشاركة في الحياة العامة. وبينت أنه عوضا عن التخلص من الموانع تمت إضافة موانع أخرى وذكرت أن القانون الانتخابي مازال إلى اليوم يقصي التجمعيين من عضوية مكاتب ومراكز الاقتراع والحال أنه من الناحية العملية يصعب على هيئة الانتخابات بعد مرور كل هذه السنوات أن تتعرف عليهم في صورة ترشحهم ..

ملامح نظام قاعدي

فضلا عن مخالفة بعض فصوله للدستور، لاحظت رئيسة شبكة "مراقبون" رجاء الجبري أن المرسوم الانتخابي الجديد جاء ليكرس بشكل واضح فكرة البناء القاعدي التي تم الحديث عنها في السابق باحتشام.. ويبرز ذلك حسب قولها في عملية تقسيم الدوائر الانتخابية، حيث أصبحت هناك دوائر صغيرة جدا كما تبرز ملامح هذا النظام في شرط التزكيات إذ يجب على المترشح تقديم تزكية 400 ناخب مسجل في نفس الدائرة الانتخابية كما لو أن الانتخابات هي انتخابات مجالس أحياء وبالتالي لم تعد هناك فكرة انتخاب نائب شعب ونائب أمة وسيتمخض هذا الخيار عن برلمان أفراد، وكل فرد منهم قادم من دائرة ولا يربط بينهم برنامج واضح لأن كل مترشح يقدم برنامج انتخابي خاص به لناخبيه وعلى أساس هذا البرنامج تقع محاسبته فهو عندما لا يبذل العناية اللازمة للوفاء بوعوده الانتخابية يعرض نفسه إلى عقوبة سحب الوكالة منه.. ونبهت الجبري إلى أن آلية سحب الوكالة من النائب ستجعل دور النائب يتحول إلى مجرد دور خدماتي لناخبيه في دائرته الانتخابية الضيقة وهو ما سيجعل المشهد البرلماني مشتتا أكثر فأكثر..

ثغرات لا بد من تجاوزها

تعقيبا عن سؤال يتعلق بأهم الثغرات القانونية التي تفطنت إليها شبكة مراقبون أثناء دراسة المرسوم الانتخابي الجديد أجابت رجاء الجبري، أن هناك ثغرة تتعلق باحتساب نتائج التصويت، فللفوز بالمعقد الانتخابي الوحيد، لا بد أن يتحصل المترشح على الأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها خلال الدورة الأولى، وفي صورة عدم الحصول على هذه الأغلبية، يقع تنظيم دورة ثانية يتقدم لها المرشحان الحاصلان على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الأولى، لكن المرسوم سها وتغافل عن فرضية حصول مترشحين أو عدد من المترشحين على عدد متساو من الأصوات خلال الدورة الأولى وفرضية تساوي الأصوات بين المرشحين للدورة الثانية. وبينت أن هناك ثغرة أخرى في المرسوم وهي في علاقة بالنزاع الانتخابي أمام دوائر المحكمة الإدارية، إذ وزع المرسوم اختصاص النظر في نزاعات الترشح في طورها الابتدائي بين الدوائر الابتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية بالجهات المختصة ترابيا والدوائر الابتدائية للمحكمة الإدارية بتونس بالنسبة إلى نزاعات الترشح في الدوائر الانتخابية بالخارج لكن تم السهو عن النزاعات المتعلقة بقرارات الهيئات الفرعية الواقعة بتونس الكبرى ولم يأخذ المرسوم بعين الاعتبار عدم وجود دوائر ابتدائية متفرعة عن المحكمة الإدارية بتونس الكبرى.

ولاحظت الجبري أنه توجد ثغرة أو بالأخرى غموض في علاقة بعقوبة التمتع بتمويل مجهول المصدر لأن المرسوم نص على أن عقوبة الحصول على التمويل مجهول المصدر تتمثل في فقدان النائب عضويته بالمجلس المنتخب ولكن ماذا عن رئيس الجمهورية المنتخب في حال ثبوت تمتعه بتمويل مجهول المصدر وترى أنه لا بد من توضيح هذه النقطة وتجاوز الثغرات سالفة الذكر قبل الانتخابات وهذا غير ممكن إلا بتنقيح القانون الانتخابي مرة أخرى.

عقوبات مبالغ فيها

وباستفسارها عن رأيها في العقوبات التي جاء بها المرسوم الانتخابي، لم تخف رئيسة شبكة مراقبون رجاء الجبري مخاوفها من الصبغة الزجرية لهذا المرسوم ، وبينت أنه توجد عقوبات مبالغ فيها والحال أن المبدأ الأساسي التي يقوم عليه القانون هو مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة، ولكن ما أمكن ملاحظته في المرسوم الانتخابي هو وجود توجه نحو التشديد المشط في العقوبات خاصة العقوبات السجنية، حيث نص المرسوم على عقوبة سجنية من سنتين إلى خمس سنوات وخطية مالية من ألفين إلى خمسة آلاف دينار تسلط على كل شخص قام بتسريب ورقة التصويت خارج مكتب الاقتراع، وعلى كل شخص قام بتقديم عطايا نقدية أو مالية قصد التأثير على الناخب أو حتى لحمله على الامتناع على التصويت كما تقضي المحكمة وجوبا بفقدان المترشح حق الترشح مدى الحياة وحرمان المستفيد من العطايا من حقه في الانتخاب لمدة عشر سنوات، كما نص على عقوبة بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات تسلط على كل مترشح يتعمد النيل من عرض مترشح آخر أو كرامته أو شرفه أو من انتمائه الجهوي أو المحلي أو العائلي. ويمكن للهيئة في حال ثبوت ذلك إلغاء الأصوات التي تحصل عليها، وأضافت محدثتنا أن هناك استسهال في اعتماد العقوبات السجنية.

وخلصت رئيسة شبكة "مراقبون" إلى أن المرسوم الانتخابي الجديد لا يعبر عن إرادة حقيقية في إصلاح المنظومة القانونية للانتخابات من أجل تجاوز الثغرات والنقائص والاخلالات التي نبه إليها الناشطون في المجتمع المدني والهيئات المعنية بالانتخابات بل جاء ليزيد في منسوب الزجر والإقصاء لأنه من الغريب جدا حسب رأيها التنصيص على عقوبة عدم الترشح مدى الحياة وذكرت أنها لا تعرف ما هي الجدوى من هذه العقوبة.. وأشارت إلى أن القانون الانتخابي تم تنقيحه في مناسبات كثيرة الأمر الذي جعل قراءته صعبة حتى من قبل المختصين في الشأن الانتخابي، ولضمان المقروئية فهو يحتاج إلى مراجعة شاملة لجميع فصوله فصلا فصلا مع الأخذ بعين الاعتبار توصيات المجتمع المدني ومقترحاته. وأضافت أنه لا بد أيضا من التعجيل في تركيز المحكمة الدستورية لأنه لا يوجد أي مانع في ذلك لأنه بمقتضى الدستور الجديد لم تعد هناك عوائق من شأنها أن تحول دون إيجاد محكمة دستورية، وكل ما في الأمر هو توفر إرادة سياسية لتركيزها وهي لا تفهم لماذا لم يقع تركيز هذه المحكمة بعد خاصة وأن رئيس الجمهورية في نفس اليوم الذي طالب فيه رئيسة الحكومة بإعداد مرسوم انتخابي دعاها أيضا إلى سن قانون المحكمة الدستورية وكان من المفروض أن يصدر مرسوم المحكمة الدستورية في نفس وقت صدور المرسوم الانتخابي.

سعيدة بوهلال

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews