إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"الهجرة" من قسم إلى آخر متواصلة.. تلاميذ وأولياء في رحلة البحث عن "كفاءة" الأساتذة و"ملازمة الأصدقاء" !!

تونس-الصباح

من المتعارف عليه أن تتعثّر العودة المدرسية في بعض المدن والمناطق جراء إشكاليات باتت وللأسف مألوفة كتردي البنية التحتية أو غياب الإطارات التربوية اللازمة، لكن أن تتعثر عمدا بسبب "نزوات" بعض الأولياء فهذه معضلة أخرى تعاني منها كل سنة المنظومة التربوية..، لينطلق بٌعيد أيام من العودة المدرسية موسم الهجرة الى أقسام بعينها.

من هذا المنطلق وككل سنة دراسية جديدة يرفض بعض الأولياء الأقسام الدراسية التي أدرج بها أبناؤهم مطالبين بنقلتهم إلى أقسام أخرى لاعتقاد راسخ لديهم بان هذه الأقسام تتوفر بها إطارات تربوية كفأة الأمر الذي ولد مطالب نٌقل بالجملة الى صفوف بعينها واكتظاظ على أقسام دون أخرى.. ولعل المستفز في الأمر أن الأولياء يرفضون إلحاق أبنائهم بالقسم المسجل فيه مفضلين بقاءه في المنزل الى حين قبول إدارة المعهد أو المدرسة طلب نقلته إلى القسم المرغوب فيه..، وكأن عنصر الاستفادة لن يتحقق إلا في الفصل المزعوم..

في المقابل ولئن استنكر كثيرون هذه الظاهرة إلا أن بعض المتابعين للشأن الدراسي أكدوا أنه لا يمكن إلقاء المسؤولية على عاتق الأولياء فحسب على اعتبار أن بعض المدارس أو المعاهد تتحمل المسؤولية في ترسيخ هذه الظاهرة حيث تعمد هذه المؤسسات التربوية إلى تخصيص قسم أو اثنين يضم خيرة التلاميذ النجباء وبالتالي يتهافت الأولياء على تسجيل أبنائهم بهذه الفصول. وعزا البعض أسباب لجوء بعض المؤسسات التربوية الى القيام بهذه الممارسات كون بعض الإطارات التربوية طالبت بتخصيص أقسام للنجباء وأخرى للتلاميذ الذين يعتبر تحصيلهم العلمي متوسطا..

وفي تفاعله مع هذه الظاهرة التي تكرس الفوارق بين التلاميذ يرى المربي سعيد الجديدي في تصريح أمس لـ "الصباح" أن هذه المسالة لن تساهم إلا في مزيد تذبذب التلميذ وتشتيت تركيزه داعيا بعض الأولياء الى التعقل والابتعاد عما وصفه "بالأحكام المسبقة" على اعتبار أن كل مرب داخل القسم يؤدي رسالته على الوجه المطلوب.

واعتبر الجديدي أن هذه الممارسات لها تداعيات خطيرة على نفسية التلميذ حيث من شانه أن تٌنفّره من الدراسة في القسم المسجل فيه ومن الإطارات التربوية التي يتفاعل معها داعيا في السياق ذاته جميع المؤسسات المدرسية الى عدم الاستجابة لأي مطلب نقلة (باستثناء الحالات الخاصة) حتى يكون جميع التلاميذ سواسي.

وبدورها استنكرت المربية لبنى الطرابلسي في تصريح لـ "الصباح" هذه الظاهرة معتبرة أنها تكرس لعدم استقرار التلميذ كما أنها تؤشر لمسألة خطيرة تتمثل في قيام بعض الأولياء بتصنيفات للمدرسين لا تستجيب الى أدنى أسس علمية الأمر الذي سينعكس لاحقا سلبا على نفسية التلميذ وعلى مساره الدراسي داعية في الإطار نفسه سلطة الإشراف وجميع المندوبيات الجهوية للتربية الى مراسلة جميع المؤسسات التربوية من خلال مذكرة تفاهم تنص على عدم الاستجابة لأي طلب نقلة باستثناء الحالات الخاصة.

من جهة أخرى وبخصوص آخر مستجدات الشأن المدرسي جدير بالذكر أن الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ قد أصدرت أمس رسالة مفتوحة الى وزير التربية فتحي السلاوتي تمحورت حول واقع المدرسة التّونسية وأفاق إعادة بنائها تعرضت فيها بالأساس الى محاولات الجمعية في إطار سعيها لإصلاح المدرسة التونسية حيث جاء في نص الرسالة انه ومنذ نوفمبر 2019 تمحورت جميع مراسلات الجمعية حول موضوع إصلاح المدرسة التونسية تضمن اقتراح مجلة للتربية والتعليم لمراجعة القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 والجاري به العمل منذ أكثر من عقدين.

كما تضمنت هذه المراسلات العديد من الاقتراحات الأخرى منها ما يمكن الانطلاق في تنفيذه فورا ومن الآن ومنها ما يتطلب تنفيذه سنوات. وتعلقت بالأساس بتعميم السنة التحضيرية تدريجيا وبتدعيم قدرة التلاميذ على القراءة والكتابة والحساب والاحترام وبتحديد موقع اللغات في المنظومة التربوية وبمراجعة المناهج والبرامج التعليمية ومنظومة التقييم والزمن المدرسي وبمراجعة كيفية حوكمة القطاع وبمزيد التحكم في الموارد البشرية تكوينا وتوظيفا وتأجيرا.

واعتبرت الجمعية أن كلّ الإجراءات المعلنة عنها ومهما كانت قيمتها المادية أو الاعتبارية أو المعنوية أو حتى السياسية وما دامت لا ترتقي إلى حلول جذرية لمعالجة نقائص المنظومة والتي يعاني منها على حدّ السواء التلميذ والمربي والولي والمجتمع والدّولة وذلك منذ سنوات إن لم نقل منذ عقود فلا يمكن اعتبارها إلّا أنصاف حلول أو حلول ظرفية أو ترقيعية تدخل في إطار سياسات أقل الأضرار. وبالتالي فهي تزيد الوضعية تعقيدا بسبب عدم قدرتها على استهداف المعضلات الفعلية والتي أصيبت بها المدرسة التونسية كالانقطاع المبكر عن الدراسة وتراجع قدرة المتعلم على التمكن من القراءة والكتابة والحساب.

كما تعرضت الرسالة إلى القانون عدد 2260 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 والمتعلق بضبط مشمولات المجلس الأعلى للتربية وتركيبته وسير عمله ليكلف هذه المؤسسة بإبداء الرأي بخصوص توجهات السياسة الوطنية في ميدان التربية والطرق الكفيلة بإنجازها.

وتساءلت في هذا الخصوص الجمعية عن الأسباب التي حالت دون تحديد مهام هذا المجلس إلى الآن وتحديد رئاسته وتركيبته وتفعيله وتكليفه من جملة مهامه بمشروع إصلاح المدرسة التونسية خاصة بعد دسترته.

منال حرزي

 

 

"الهجرة" من قسم إلى آخر متواصلة..  تلاميذ وأولياء في رحلة البحث عن "كفاءة" الأساتذة  و"ملازمة الأصدقاء" !!

تونس-الصباح

من المتعارف عليه أن تتعثّر العودة المدرسية في بعض المدن والمناطق جراء إشكاليات باتت وللأسف مألوفة كتردي البنية التحتية أو غياب الإطارات التربوية اللازمة، لكن أن تتعثر عمدا بسبب "نزوات" بعض الأولياء فهذه معضلة أخرى تعاني منها كل سنة المنظومة التربوية..، لينطلق بٌعيد أيام من العودة المدرسية موسم الهجرة الى أقسام بعينها.

من هذا المنطلق وككل سنة دراسية جديدة يرفض بعض الأولياء الأقسام الدراسية التي أدرج بها أبناؤهم مطالبين بنقلتهم إلى أقسام أخرى لاعتقاد راسخ لديهم بان هذه الأقسام تتوفر بها إطارات تربوية كفأة الأمر الذي ولد مطالب نٌقل بالجملة الى صفوف بعينها واكتظاظ على أقسام دون أخرى.. ولعل المستفز في الأمر أن الأولياء يرفضون إلحاق أبنائهم بالقسم المسجل فيه مفضلين بقاءه في المنزل الى حين قبول إدارة المعهد أو المدرسة طلب نقلته إلى القسم المرغوب فيه..، وكأن عنصر الاستفادة لن يتحقق إلا في الفصل المزعوم..

في المقابل ولئن استنكر كثيرون هذه الظاهرة إلا أن بعض المتابعين للشأن الدراسي أكدوا أنه لا يمكن إلقاء المسؤولية على عاتق الأولياء فحسب على اعتبار أن بعض المدارس أو المعاهد تتحمل المسؤولية في ترسيخ هذه الظاهرة حيث تعمد هذه المؤسسات التربوية إلى تخصيص قسم أو اثنين يضم خيرة التلاميذ النجباء وبالتالي يتهافت الأولياء على تسجيل أبنائهم بهذه الفصول. وعزا البعض أسباب لجوء بعض المؤسسات التربوية الى القيام بهذه الممارسات كون بعض الإطارات التربوية طالبت بتخصيص أقسام للنجباء وأخرى للتلاميذ الذين يعتبر تحصيلهم العلمي متوسطا..

وفي تفاعله مع هذه الظاهرة التي تكرس الفوارق بين التلاميذ يرى المربي سعيد الجديدي في تصريح أمس لـ "الصباح" أن هذه المسالة لن تساهم إلا في مزيد تذبذب التلميذ وتشتيت تركيزه داعيا بعض الأولياء الى التعقل والابتعاد عما وصفه "بالأحكام المسبقة" على اعتبار أن كل مرب داخل القسم يؤدي رسالته على الوجه المطلوب.

واعتبر الجديدي أن هذه الممارسات لها تداعيات خطيرة على نفسية التلميذ حيث من شانه أن تٌنفّره من الدراسة في القسم المسجل فيه ومن الإطارات التربوية التي يتفاعل معها داعيا في السياق ذاته جميع المؤسسات المدرسية الى عدم الاستجابة لأي مطلب نقلة (باستثناء الحالات الخاصة) حتى يكون جميع التلاميذ سواسي.

وبدورها استنكرت المربية لبنى الطرابلسي في تصريح لـ "الصباح" هذه الظاهرة معتبرة أنها تكرس لعدم استقرار التلميذ كما أنها تؤشر لمسألة خطيرة تتمثل في قيام بعض الأولياء بتصنيفات للمدرسين لا تستجيب الى أدنى أسس علمية الأمر الذي سينعكس لاحقا سلبا على نفسية التلميذ وعلى مساره الدراسي داعية في الإطار نفسه سلطة الإشراف وجميع المندوبيات الجهوية للتربية الى مراسلة جميع المؤسسات التربوية من خلال مذكرة تفاهم تنص على عدم الاستجابة لأي طلب نقلة باستثناء الحالات الخاصة.

من جهة أخرى وبخصوص آخر مستجدات الشأن المدرسي جدير بالذكر أن الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ قد أصدرت أمس رسالة مفتوحة الى وزير التربية فتحي السلاوتي تمحورت حول واقع المدرسة التّونسية وأفاق إعادة بنائها تعرضت فيها بالأساس الى محاولات الجمعية في إطار سعيها لإصلاح المدرسة التونسية حيث جاء في نص الرسالة انه ومنذ نوفمبر 2019 تمحورت جميع مراسلات الجمعية حول موضوع إصلاح المدرسة التونسية تضمن اقتراح مجلة للتربية والتعليم لمراجعة القانون التوجيهي عدد 80 لسنة 2002 والجاري به العمل منذ أكثر من عقدين.

كما تضمنت هذه المراسلات العديد من الاقتراحات الأخرى منها ما يمكن الانطلاق في تنفيذه فورا ومن الآن ومنها ما يتطلب تنفيذه سنوات. وتعلقت بالأساس بتعميم السنة التحضيرية تدريجيا وبتدعيم قدرة التلاميذ على القراءة والكتابة والحساب والاحترام وبتحديد موقع اللغات في المنظومة التربوية وبمراجعة المناهج والبرامج التعليمية ومنظومة التقييم والزمن المدرسي وبمراجعة كيفية حوكمة القطاع وبمزيد التحكم في الموارد البشرية تكوينا وتوظيفا وتأجيرا.

واعتبرت الجمعية أن كلّ الإجراءات المعلنة عنها ومهما كانت قيمتها المادية أو الاعتبارية أو المعنوية أو حتى السياسية وما دامت لا ترتقي إلى حلول جذرية لمعالجة نقائص المنظومة والتي يعاني منها على حدّ السواء التلميذ والمربي والولي والمجتمع والدّولة وذلك منذ سنوات إن لم نقل منذ عقود فلا يمكن اعتبارها إلّا أنصاف حلول أو حلول ظرفية أو ترقيعية تدخل في إطار سياسات أقل الأضرار. وبالتالي فهي تزيد الوضعية تعقيدا بسبب عدم قدرتها على استهداف المعضلات الفعلية والتي أصيبت بها المدرسة التونسية كالانقطاع المبكر عن الدراسة وتراجع قدرة المتعلم على التمكن من القراءة والكتابة والحساب.

كما تعرضت الرسالة إلى القانون عدد 2260 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 والمتعلق بضبط مشمولات المجلس الأعلى للتربية وتركيبته وسير عمله ليكلف هذه المؤسسة بإبداء الرأي بخصوص توجهات السياسة الوطنية في ميدان التربية والطرق الكفيلة بإنجازها.

وتساءلت في هذا الخصوص الجمعية عن الأسباب التي حالت دون تحديد مهام هذا المجلس إلى الآن وتحديد رئاسته وتركيبته وتفعيله وتكليفه من جملة مهامه بمشروع إصلاح المدرسة التونسية خاصة بعد دسترته.

منال حرزي

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews