إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إمكانية تفاعل الرئيس واردة.. جمعيات ومنظمات حقوقية تدعو إلى سحب المرسوم 54



تونس الصباح

دعت جمعيات ومنظمات حقوقية، رئيس الجمهورية إلى سحب المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال لما يمثله من خطر على مكسب حرية التعبير، وما يحمله من تهديدات غير مسبوقة لحرية الصحافة بالبلاد، على أن يكون ذلك بالتوازي مع تنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الانترنات مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية والحريات للجميع في تونس.

وأعربت المنظمات والجمعيات الحقوقية عن عزمها إبلاغ المقرر الخاص المعني بحرية التعبير والرأي بخطورة المرسوم عدد 54 والوضع غير المسبوق لحرية التعبير والصحافة منذ إعلان الحالة الاستثنائية في 25 جويلية 2021. وتهدف من ذلك بان تجعل المرسوم 54 في أولوية النظر والنقاش والطرح خلال تقديم تونس لتقريرها لحقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان المبرمج خلال شهر نوفمبر 2022.

وحول فرضيات سحب القانون من قبل رئيس الجمهورية يوضح أيمن الزغدودي أستاذ القانون العام والخبير في مجال حرية الصحافة والتعبير، أن الفكرة من دعوة رئيس الجمهورية، هي انه كلما تحرك المجتمع المدني بكل ثقله، إلا وكانت فرص نجاحه اكبر. فمثلا تحرك الجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية في مناسبات سابقة في علاقة بالتسريب المتعلق بقانون الجمعيات استطاع أن يوقف صدوره كما وعلى خلفية التحركات والقراءات النقدية التي قدمها في علاقة بالنسخة الأولى للدستور تفاعل رئيس الجمهورية وأدرج تعديلات وتصحيح في النص ليصدر نسخة ثانية.

ويشير أيمن الزغدودي أستاذ في القانون العام في تصريحه لـ"الصباح"، انه وبالعودة إلى كل النصوص المنظم لجرائم المعلومات في المنطقة العربية، النص التونسي يعتبر الأسوأ على الإطلاق من ناحية الصياغة وفي مراعاة مبدأ التناسب. أسوأ من النص القانوني الصادر في سوريا والسعودية ومصر وليبيا والإمارات.. فجميعها مثلا اعتمدت التدرج في العقوبة فخصت الثلب والشتم بمستوى من العقاب وشددت في جرائم التحريض على القتل وزادت في التشديد في جرائم المساس بالأمن الوطني وهو عكس ما ورد في النص التونسي الذي وضع كل هذه الجرائم في خانة واحدة وأمام نفس العقوبة.

ويقول أستاذ القانون، أن المرسوم يشكل تهديدا بصفة خاصة على الحقوق والحريات الرقمية، من بينها انه نص يستعمل عبارات فضفاضة على غرار ما جاء في الفصل 24 منه الذي لم يوضح الأفعال المجرمة ومعنى خطاب الكراهية والإشاعات والبيانات الزائفة.. وهو ما يمكن أن يشكل مطية لإطلاق يد القضاء والأجهزة الأمنية وبالأساس في علاقة بالأشخاص الذين يمارسون حرية التعبير وبالخصوص عندما يتعلق الأمر بالمجال السياسي.

هذا بالإضافة إلى أن المرسوم يتعارض حسب قراء أيمن الزغدودي مع الضوابط الدستورية المنصوص عليها صلب الفصل 55 من الدستور والواجب احترامها عند تقييد الحقوق والحريات، حيث تضمّن عقوبات غير متناسبة مع الأفعال المجرمة بالإضافة إلى عدم دقة المفردات المستعملة.

ويكشف الزغدودي أن النص القانوني الخاص بالجرائم الالكترونية ترافق منذ 2015 بهالة من الغموض والتعتيم الكبير جدا، ففي مسار إعداده سجل تغييرا كليا للصحفيين والمنظمات الحقوقية المدافعة عن الحريات. وتم تسريب نسخة انذلك ليقع في ماي 2018، المصادقة من مجلس الوزراء على مشروع قانون مكافحة الجرائم المتعلقة بأنظمة المعلومات والاتصال وتقديمه لمجلس نواب الشعب. وقبل عرضه تقدمت منظمات مجتمع مدني بمطلب نفاذ للمعلومة من اجل الاطلاع على النص غير انه لم يتم الاستجابة لها. ووصولا إلى صدور المرسوم 54 في 13 سبتمبر 2022، والذي بدوره صدر بعد قرابة ثلاثة أشهر من تاريخ التداول فيه في مجلس الوزراء المنعقد في 27 جوان 2022 بإشراف من رئيسة الحكومة نجلاء بودن.

وهو مسار يثير تساؤلا حول أسباب هذا التأخير خاصة أن المراسيم والأوامر التي تمت المصادقة عليها في نفس الجلسة الوزارية صدرت مباشرة في تواريخ متقاربة، وهل تم تحويره من قبل رئيس الجمهورية بعد تداوله أمام مجلس الوزراء وقبل إصداره في الرائد الرسمي؟

وللإشارة تستنكر منظمات المجتمع المدني الداعية لسحب القانون،  قيام رئاسة الجمهورية بنشر مرسوم يهدد جوهر حرية التعبير والصحافة في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد وقبيل بضعة أسابيع من انطلاق الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها والمقررة ليوم 17 ديسمبر 2022.

وتحذر في نفس الوقت من خطورة هذا المرسوم على الحقوق والحريات الرقمية نظرا انه قد تضمن قيودا غير مسبوقة من شأن تطبيقها أن يؤدي إلى ترهيب الصحفيين والصحفيات وعموم المواطنين والمواطنات من التعبير عن آرائهم خاصة تجاه أعوان الدولة والمسؤولين السياسيين.

يشكل هذا الفصل تهديدا جديا لحق الصحفيين والصحفيات في سرية المصادر المنصوص عليه صلب الفصل 11 من المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والذي اشترط، للحصول على المعلومات التي بحوزة الصحفي، وجود إذن قضائي وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلقة بجرائم تشكل خطرا جسيما على السلامة الجسدية للغير وأن يكون الحصول عليها ضروريا لتفادي ارتكاب هذه الجرائم وأن تكون من فئة المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى. لكن أصبح بمقتضى الفصل 9 من المرسوم الجديد بإمكان أعوان الشرطة تعقب المعطيات التي تكون بحوزة الصحفيين والصحفيات دون أي ضمانات قانونية.

ريم سوودي

إمكانية تفاعل الرئيس واردة.. جمعيات ومنظمات حقوقية تدعو إلى سحب المرسوم 54



تونس الصباح

دعت جمعيات ومنظمات حقوقية، رئيس الجمهورية إلى سحب المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال لما يمثله من خطر على مكسب حرية التعبير، وما يحمله من تهديدات غير مسبوقة لحرية الصحافة بالبلاد، على أن يكون ذلك بالتوازي مع تنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الانترنات مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية والحريات للجميع في تونس.

وأعربت المنظمات والجمعيات الحقوقية عن عزمها إبلاغ المقرر الخاص المعني بحرية التعبير والرأي بخطورة المرسوم عدد 54 والوضع غير المسبوق لحرية التعبير والصحافة منذ إعلان الحالة الاستثنائية في 25 جويلية 2021. وتهدف من ذلك بان تجعل المرسوم 54 في أولوية النظر والنقاش والطرح خلال تقديم تونس لتقريرها لحقوق الإنسان خلال الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان المبرمج خلال شهر نوفمبر 2022.

وحول فرضيات سحب القانون من قبل رئيس الجمهورية يوضح أيمن الزغدودي أستاذ القانون العام والخبير في مجال حرية الصحافة والتعبير، أن الفكرة من دعوة رئيس الجمهورية، هي انه كلما تحرك المجتمع المدني بكل ثقله، إلا وكانت فرص نجاحه اكبر. فمثلا تحرك الجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية في مناسبات سابقة في علاقة بالتسريب المتعلق بقانون الجمعيات استطاع أن يوقف صدوره كما وعلى خلفية التحركات والقراءات النقدية التي قدمها في علاقة بالنسخة الأولى للدستور تفاعل رئيس الجمهورية وأدرج تعديلات وتصحيح في النص ليصدر نسخة ثانية.

ويشير أيمن الزغدودي أستاذ في القانون العام في تصريحه لـ"الصباح"، انه وبالعودة إلى كل النصوص المنظم لجرائم المعلومات في المنطقة العربية، النص التونسي يعتبر الأسوأ على الإطلاق من ناحية الصياغة وفي مراعاة مبدأ التناسب. أسوأ من النص القانوني الصادر في سوريا والسعودية ومصر وليبيا والإمارات.. فجميعها مثلا اعتمدت التدرج في العقوبة فخصت الثلب والشتم بمستوى من العقاب وشددت في جرائم التحريض على القتل وزادت في التشديد في جرائم المساس بالأمن الوطني وهو عكس ما ورد في النص التونسي الذي وضع كل هذه الجرائم في خانة واحدة وأمام نفس العقوبة.

ويقول أستاذ القانون، أن المرسوم يشكل تهديدا بصفة خاصة على الحقوق والحريات الرقمية، من بينها انه نص يستعمل عبارات فضفاضة على غرار ما جاء في الفصل 24 منه الذي لم يوضح الأفعال المجرمة ومعنى خطاب الكراهية والإشاعات والبيانات الزائفة.. وهو ما يمكن أن يشكل مطية لإطلاق يد القضاء والأجهزة الأمنية وبالأساس في علاقة بالأشخاص الذين يمارسون حرية التعبير وبالخصوص عندما يتعلق الأمر بالمجال السياسي.

هذا بالإضافة إلى أن المرسوم يتعارض حسب قراء أيمن الزغدودي مع الضوابط الدستورية المنصوص عليها صلب الفصل 55 من الدستور والواجب احترامها عند تقييد الحقوق والحريات، حيث تضمّن عقوبات غير متناسبة مع الأفعال المجرمة بالإضافة إلى عدم دقة المفردات المستعملة.

ويكشف الزغدودي أن النص القانوني الخاص بالجرائم الالكترونية ترافق منذ 2015 بهالة من الغموض والتعتيم الكبير جدا، ففي مسار إعداده سجل تغييرا كليا للصحفيين والمنظمات الحقوقية المدافعة عن الحريات. وتم تسريب نسخة انذلك ليقع في ماي 2018، المصادقة من مجلس الوزراء على مشروع قانون مكافحة الجرائم المتعلقة بأنظمة المعلومات والاتصال وتقديمه لمجلس نواب الشعب. وقبل عرضه تقدمت منظمات مجتمع مدني بمطلب نفاذ للمعلومة من اجل الاطلاع على النص غير انه لم يتم الاستجابة لها. ووصولا إلى صدور المرسوم 54 في 13 سبتمبر 2022، والذي بدوره صدر بعد قرابة ثلاثة أشهر من تاريخ التداول فيه في مجلس الوزراء المنعقد في 27 جوان 2022 بإشراف من رئيسة الحكومة نجلاء بودن.

وهو مسار يثير تساؤلا حول أسباب هذا التأخير خاصة أن المراسيم والأوامر التي تمت المصادقة عليها في نفس الجلسة الوزارية صدرت مباشرة في تواريخ متقاربة، وهل تم تحويره من قبل رئيس الجمهورية بعد تداوله أمام مجلس الوزراء وقبل إصداره في الرائد الرسمي؟

وللإشارة تستنكر منظمات المجتمع المدني الداعية لسحب القانون،  قيام رئاسة الجمهورية بنشر مرسوم يهدد جوهر حرية التعبير والصحافة في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد وقبيل بضعة أسابيع من انطلاق الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها والمقررة ليوم 17 ديسمبر 2022.

وتحذر في نفس الوقت من خطورة هذا المرسوم على الحقوق والحريات الرقمية نظرا انه قد تضمن قيودا غير مسبوقة من شأن تطبيقها أن يؤدي إلى ترهيب الصحفيين والصحفيات وعموم المواطنين والمواطنات من التعبير عن آرائهم خاصة تجاه أعوان الدولة والمسؤولين السياسيين.

يشكل هذا الفصل تهديدا جديا لحق الصحفيين والصحفيات في سرية المصادر المنصوص عليه صلب الفصل 11 من المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والذي اشترط، للحصول على المعلومات التي بحوزة الصحفي، وجود إذن قضائي وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلقة بجرائم تشكل خطرا جسيما على السلامة الجسدية للغير وأن يكون الحصول عليها ضروريا لتفادي ارتكاب هذه الجرائم وأن تكون من فئة المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى. لكن أصبح بمقتضى الفصل 9 من المرسوم الجديد بإمكان أعوان الشرطة تعقب المعطيات التي تكون بحوزة الصحفيين والصحفيات دون أي ضمانات قانونية.

ريم سوودي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews