إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لماذا التأخير في تركيز المحكمة الدستورية؟

 

تونس-الصباح

طلب سابقا رئيس الجمهورية قيس سعيد من رئيسة الحكومة نجلاء بودن إعداد مشروع مرسوم خاص بالمحكمة الدستورية بالتوازي مع دعوته حينها لتحضير مشروع مرسوم القانون الانتخابي ورغم صدور هذا الأخير إلا أن المحكمة الدستورية مازالت في حكم المجهول.

وإثارة مسألة المحكمة الدستورية اليوم يعود أساسا إلى ما اعتبره الملاحظون والمختصون هنات أو خروقات في القانون الانتخابي الجديد حيث أكد البعض أن وجود المحكمة الدستورية كان سيمنع الوقوع في تلك الأخطاء.

كما يقول آخرون أنه مع إصرار الرئيس على عدم التشاور عند إعداد المراسيم وإصدارها، كان بإمكان المحكمة الدستورية لعب هذا الدور الاستشاري الغائب على الأقل لضمان مطابقة القوانين لأحكام الدستور الجديد.

إخلالات دستورية

يقول في هذا الصدد أحمد إدريس مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية ومدير معهد تونس للسياسة أن القانون الانتخابي الجديد "سيء الصياغة وكتب على عجل.. وكنت أعتقد أنه جاهز من فترة طويلة لأن برنامج قيس سعيد كان واضحا منذ البداية لكن المرسوم أثبت العكس حيث تضمن إخلالات دستورية واضحة وكبيرة".

ويضيف في تصريح إذاعي أنه "كان من المفترض بعد الانتهاء من الاستفتاء وصياغة الدستور تنصيب محكمة دستورية بشكل مباشر للنظر في أي نص تشريعي وهذا الأمر لم يحدث مما يعتبر إخلالا في كلّ المسار".

وأشار أيضا مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية إلى أنه "في حال كانت المحكمة الدستورية موجودة فالأكيد أنها لن تقبل بالفصول الواردة في مرسوم الانتخابات لأنها تضرب مبدأ المساواة وهناك تمييز للمواطنين وعدم احترام تكافؤ الفرص ونسف مبدأ التناصف بشكل تام". معتبرا أن المرسوم "تضمن تناقضات وثغرات في ما يتعلق بسحب الوكالة والتمويل لعدم تحديد آليات التمويل". 

مشروع مرسوم

يذكر أنه في 27 جويلية الفارط كان رئيس الجمهورية قد دعا رئيسة الحكومة نجلاء بودن إلى "ضرورة إعداد مشروع مرسوم يتعلق بالانتخابات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب المقبل ثم لانتخاب أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقتضي نظاما انتخابيا خاصا مع ضرورة إعداد مشروع نصّ آخر للمحكمة الدستورية، تطبيقا لأحكام الدستور الجديد وضمانا حقيقيا لعلويته".

وربما الترتيب التفاضلي استنادا إلى الأهمية وعلوية الدستور كما جاء في كلمة الرئيس كانت تقتضى التسريع في إصدار مرسوم المحكمة الدستورية وتركيزها في أقرب الآجل.

في المقابل يعتبر كثيرون ومن بينهم معارضو الرئيس قيس سعيد أن المحكمة الدستورية في الدستور الجديد تشوبها الكثير من نقاط الضعف من أبرزها أنها محكمة معينة من رئيس الجمهورية الذي سيختار قضاة موالين له وبالتالي لن يعارضوا رغبته ومراسيمه.

ويعتبر هؤلاء أن الدستور الجديد أوجد محكمة دستورية محدودة الصلاحيات والتركيبة بعد أن تم حصرها في تركيبة قضائية بحتة.

حيث نص  الفصل 125 من الدستور الجديد على  أنّ "المحكمة الدستورية تتركب من تسعة أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات".

و"ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيساً لها، طبقاً لما يضبطه القانون. وإذا بلغ أحد الأعضاء سن الإحالة على التقاعد، يتم تعويضه آلياً بمن يليه في الأقدمية، على ألا تقل مدّة العضوية في كل الحالات عن سنة واحدة".

ومنع الفصل 126 من مشروع الدستور، "الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى".

تجدر الإشارة إلى أن النخبة السياسية المتعاقبة منذ 2014 فشلت في إحداث المحكمة الدستورية وظلت التجاذبات والحسابات الضيقة سيدة الموقف خلال سبع سنوات، ولم يتم انتخاب سوى عضو وحيد من 12 عضواً، خلال المدة البرلمانية 2014-2019.

وبعد أن أخفق البرلمان السابق المحل في  انتخاب المحكمة الدستورية خير تعديل القانون الأساسي المحدِث للمحكمة الدستورية في مارس 2021، لتجاوز الأزمة  وذلك بخفض الأغلبية المطلوبة للانتخاب من الثلثين (145 صوتاً من 217 نائباً) إلى الأغلبية المطلقة (109 من 217 نائباً)، مع حذف إلزام مجلس القضاء ورئيس الجمهورية بانتظار البرلمان لحين انتخاب نصيبه من التركيبة (الثلث).

غير أن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض في ماي 2021 ختم قانون التعديلات المدرجة على قانون المحكمة الدستورية.

م.ي

 لماذا التأخير في تركيز المحكمة الدستورية؟

 

تونس-الصباح

طلب سابقا رئيس الجمهورية قيس سعيد من رئيسة الحكومة نجلاء بودن إعداد مشروع مرسوم خاص بالمحكمة الدستورية بالتوازي مع دعوته حينها لتحضير مشروع مرسوم القانون الانتخابي ورغم صدور هذا الأخير إلا أن المحكمة الدستورية مازالت في حكم المجهول.

وإثارة مسألة المحكمة الدستورية اليوم يعود أساسا إلى ما اعتبره الملاحظون والمختصون هنات أو خروقات في القانون الانتخابي الجديد حيث أكد البعض أن وجود المحكمة الدستورية كان سيمنع الوقوع في تلك الأخطاء.

كما يقول آخرون أنه مع إصرار الرئيس على عدم التشاور عند إعداد المراسيم وإصدارها، كان بإمكان المحكمة الدستورية لعب هذا الدور الاستشاري الغائب على الأقل لضمان مطابقة القوانين لأحكام الدستور الجديد.

إخلالات دستورية

يقول في هذا الصدد أحمد إدريس مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية ومدير معهد تونس للسياسة أن القانون الانتخابي الجديد "سيء الصياغة وكتب على عجل.. وكنت أعتقد أنه جاهز من فترة طويلة لأن برنامج قيس سعيد كان واضحا منذ البداية لكن المرسوم أثبت العكس حيث تضمن إخلالات دستورية واضحة وكبيرة".

ويضيف في تصريح إذاعي أنه "كان من المفترض بعد الانتهاء من الاستفتاء وصياغة الدستور تنصيب محكمة دستورية بشكل مباشر للنظر في أي نص تشريعي وهذا الأمر لم يحدث مما يعتبر إخلالا في كلّ المسار".

وأشار أيضا مدير مركز الدراسات المتوسطية والدولية إلى أنه "في حال كانت المحكمة الدستورية موجودة فالأكيد أنها لن تقبل بالفصول الواردة في مرسوم الانتخابات لأنها تضرب مبدأ المساواة وهناك تمييز للمواطنين وعدم احترام تكافؤ الفرص ونسف مبدأ التناصف بشكل تام". معتبرا أن المرسوم "تضمن تناقضات وثغرات في ما يتعلق بسحب الوكالة والتمويل لعدم تحديد آليات التمويل". 

مشروع مرسوم

يذكر أنه في 27 جويلية الفارط كان رئيس الجمهورية قد دعا رئيسة الحكومة نجلاء بودن إلى "ضرورة إعداد مشروع مرسوم يتعلق بالانتخابات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب المقبل ثم لانتخاب أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقتضي نظاما انتخابيا خاصا مع ضرورة إعداد مشروع نصّ آخر للمحكمة الدستورية، تطبيقا لأحكام الدستور الجديد وضمانا حقيقيا لعلويته".

وربما الترتيب التفاضلي استنادا إلى الأهمية وعلوية الدستور كما جاء في كلمة الرئيس كانت تقتضى التسريع في إصدار مرسوم المحكمة الدستورية وتركيزها في أقرب الآجل.

في المقابل يعتبر كثيرون ومن بينهم معارضو الرئيس قيس سعيد أن المحكمة الدستورية في الدستور الجديد تشوبها الكثير من نقاط الضعف من أبرزها أنها محكمة معينة من رئيس الجمهورية الذي سيختار قضاة موالين له وبالتالي لن يعارضوا رغبته ومراسيمه.

ويعتبر هؤلاء أن الدستور الجديد أوجد محكمة دستورية محدودة الصلاحيات والتركيبة بعد أن تم حصرها في تركيبة قضائية بحتة.

حيث نص  الفصل 125 من الدستور الجديد على  أنّ "المحكمة الدستورية تتركب من تسعة أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات".

و"ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيساً لها، طبقاً لما يضبطه القانون. وإذا بلغ أحد الأعضاء سن الإحالة على التقاعد، يتم تعويضه آلياً بمن يليه في الأقدمية، على ألا تقل مدّة العضوية في كل الحالات عن سنة واحدة".

ومنع الفصل 126 من مشروع الدستور، "الجمع بين عضوية المحكمة الدستورية ومباشرة أيّ وظائف أو مهام أخرى".

تجدر الإشارة إلى أن النخبة السياسية المتعاقبة منذ 2014 فشلت في إحداث المحكمة الدستورية وظلت التجاذبات والحسابات الضيقة سيدة الموقف خلال سبع سنوات، ولم يتم انتخاب سوى عضو وحيد من 12 عضواً، خلال المدة البرلمانية 2014-2019.

وبعد أن أخفق البرلمان السابق المحل في  انتخاب المحكمة الدستورية خير تعديل القانون الأساسي المحدِث للمحكمة الدستورية في مارس 2021، لتجاوز الأزمة  وذلك بخفض الأغلبية المطلوبة للانتخاب من الثلثين (145 صوتاً من 217 نائباً) إلى الأغلبية المطلقة (109 من 217 نائباً)، مع حذف إلزام مجلس القضاء ورئيس الجمهورية بانتظار البرلمان لحين انتخاب نصيبه من التركيبة (الثلث).

غير أن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض في ماي 2021 ختم قانون التعديلات المدرجة على قانون المحكمة الدستورية.

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews