إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي .." لا صوت يعلو على صوت الفساد.."

بقلم: فوزي النوري(*)

لم يعد الفساد استثناءً يرتبط وجوده من عدمه بالإرادة السياسية أو بجاهزية الأجهزة بل أصبح أصلا وأساسا لكافّة الأنسجة (الاقتصادي والاجتماعي والسياسي) بما يرتهن الدّولة ومقدّراتها لبؤر الفساد ويستنزف جهود الجزء الوطني داخل الأجهزة في محاربة شبح يتراءى حيثما "ولّيت وجهك".

سوسيولوجيا الفساد

ما لا تخطئه العين أنّ الفساد ليس سلوكيات معزولة يرفضها الوعي الجمعي بل هوّ المحور الذي يحوم حوله المال والسياسة، فلا مال دون فساد ولا سياسة بدونه بحيث ترسّخ في عمق النسيج المجتمعي وحتّى في الشخصيّة المجتمعيّة وأصبح حقيقة ساطعة متواترة مقبولة وفي مستوى أعمق نسيجا مافيوزيّا يتحكّم في السّلم الاجتماعية والعمليّة السياسية.

الفساد مؤسّسة

على هذه الأرض لا يرتبط الفساد بشخص أو شخوص ولا يمكن رؤيته إلاّ بترصّد آثاره ونتائجه داخل كلّ الأنسجة التي تشكّل الدّولة بما يقرّبه ويماثله بمفهوم الدّولة كما تحدّدت عند جورج بيردو "ما من أحد رأى الدّولة ومع ذلك أفي استطاعة أحد أن ينكر أنّ الدولة واقع". إن ميكانيزمات اشتغال مؤسّسة الفساد ومدى عمقها لا يعلمها إلاّ "الراسخون في الفساد" وهم من يعيد إنتاج المؤسّسة وتحيينها وتحديد أولوياتها المرحليّة ودوائر اشتغالها وهم من يسند الأدوار والمهمّات  للاّعبين الكبار. 

الفساد والتشبيك

لتأمين مسارات الفساد حتّى تحقّق أهدافها لا بدّ من شبكات وخلايا مترابطة داخل مؤسّسات الدولة وخارجها يتمّ توزيع الأدوار بينها حتّى لا تتصادم المصالح والأجسام التي تشتغل لهدف موحّد تحقيق والأرباح والتخريب لإضعاف الدّولة.

الإعلام والتطبيع مع الفساد

لعب الإعلام دورا هامّا في التطبيع مع الفساد ونشر ثقافته حتّى تحوّل الحديث في الشأن العام من خارج الأبواق الرسميّة للفساد معزولا منبوذا وأفقد العمليّة السياسية معناها ومحتواها ليتحوّل إلى أداة في قبضة المخرّبين والمافيات.

الحصيلة الموضوعيّة لكلّ العناصر التي ذكرنا هوّ اقتياد البلاد لمنطقة اللاّحكم حيث لا صوت يعلو على صوت الفساد والدّولة الرّسميّة عاجزة عن مواجهة الدّولة الفاسدة التي أفلتت من قبضتها وأصبحت تمتلك ارتباطات مع مراكز النفوذ خارج البلاد لتبتزّ الدّولة وتتحكّم في المشهد السياسي بحيث تكون قادرة على اغتيال الإرادة السياسية في مهدها.

لقد ذكرت مرارا وتكرار أنّنا شعب الرهائن في إشارة لتحكّم المافيات بأنواعها في البلاد والعباد وأنّه لا معنى للمشاريع والبرامج والمخطّطات والدساتير دون تحويل مقاومة الفساد إلى ميل عام ومطلب مشترك وتحالف واسع لشعب المقهورين داخل الأجهزة مع السلطة والمزاج العام في إطار تنظيمي يقلّص المساحات في مرحلة أولى في انتظار تحييده والتخلّص منه في مرحلة أبعد.

  • كاتب ومحلّل سياسي
رأي .." لا صوت يعلو على صوت الفساد.."

بقلم: فوزي النوري(*)

لم يعد الفساد استثناءً يرتبط وجوده من عدمه بالإرادة السياسية أو بجاهزية الأجهزة بل أصبح أصلا وأساسا لكافّة الأنسجة (الاقتصادي والاجتماعي والسياسي) بما يرتهن الدّولة ومقدّراتها لبؤر الفساد ويستنزف جهود الجزء الوطني داخل الأجهزة في محاربة شبح يتراءى حيثما "ولّيت وجهك".

سوسيولوجيا الفساد

ما لا تخطئه العين أنّ الفساد ليس سلوكيات معزولة يرفضها الوعي الجمعي بل هوّ المحور الذي يحوم حوله المال والسياسة، فلا مال دون فساد ولا سياسة بدونه بحيث ترسّخ في عمق النسيج المجتمعي وحتّى في الشخصيّة المجتمعيّة وأصبح حقيقة ساطعة متواترة مقبولة وفي مستوى أعمق نسيجا مافيوزيّا يتحكّم في السّلم الاجتماعية والعمليّة السياسية.

الفساد مؤسّسة

على هذه الأرض لا يرتبط الفساد بشخص أو شخوص ولا يمكن رؤيته إلاّ بترصّد آثاره ونتائجه داخل كلّ الأنسجة التي تشكّل الدّولة بما يقرّبه ويماثله بمفهوم الدّولة كما تحدّدت عند جورج بيردو "ما من أحد رأى الدّولة ومع ذلك أفي استطاعة أحد أن ينكر أنّ الدولة واقع". إن ميكانيزمات اشتغال مؤسّسة الفساد ومدى عمقها لا يعلمها إلاّ "الراسخون في الفساد" وهم من يعيد إنتاج المؤسّسة وتحيينها وتحديد أولوياتها المرحليّة ودوائر اشتغالها وهم من يسند الأدوار والمهمّات  للاّعبين الكبار. 

الفساد والتشبيك

لتأمين مسارات الفساد حتّى تحقّق أهدافها لا بدّ من شبكات وخلايا مترابطة داخل مؤسّسات الدولة وخارجها يتمّ توزيع الأدوار بينها حتّى لا تتصادم المصالح والأجسام التي تشتغل لهدف موحّد تحقيق والأرباح والتخريب لإضعاف الدّولة.

الإعلام والتطبيع مع الفساد

لعب الإعلام دورا هامّا في التطبيع مع الفساد ونشر ثقافته حتّى تحوّل الحديث في الشأن العام من خارج الأبواق الرسميّة للفساد معزولا منبوذا وأفقد العمليّة السياسية معناها ومحتواها ليتحوّل إلى أداة في قبضة المخرّبين والمافيات.

الحصيلة الموضوعيّة لكلّ العناصر التي ذكرنا هوّ اقتياد البلاد لمنطقة اللاّحكم حيث لا صوت يعلو على صوت الفساد والدّولة الرّسميّة عاجزة عن مواجهة الدّولة الفاسدة التي أفلتت من قبضتها وأصبحت تمتلك ارتباطات مع مراكز النفوذ خارج البلاد لتبتزّ الدّولة وتتحكّم في المشهد السياسي بحيث تكون قادرة على اغتيال الإرادة السياسية في مهدها.

لقد ذكرت مرارا وتكرار أنّنا شعب الرهائن في إشارة لتحكّم المافيات بأنواعها في البلاد والعباد وأنّه لا معنى للمشاريع والبرامج والمخطّطات والدساتير دون تحويل مقاومة الفساد إلى ميل عام ومطلب مشترك وتحالف واسع لشعب المقهورين داخل الأجهزة مع السلطة والمزاج العام في إطار تنظيمي يقلّص المساحات في مرحلة أولى في انتظار تحييده والتخلّص منه في مرحلة أبعد.

  • كاتب ومحلّل سياسي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews