إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد عام من إصداره الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية: سعيد يسن 77 مرسوما أغلبها قروض وامتيازات استغلال للمحروقات

 

تونس: الصباح

منذ عام من إصداره الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، مرر رئيس الجمهورية قيس سعيد 77 مرسوما 22 منها تم تمريرها سنة 2021 و55 سنة 2022 أغلبها قروض واتفاقيات ضمان وامتيازات استغلال محروقات، وهناك مراسيم قيدت الحقوق والحريات وكان أولها المرسوم عدد 1 لسنة 2021 المتعلق بجواز التلقيح ضد فيروس كورونا وآخرها المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال ، وتوجد مراسيم كانت لها تداعيات سياسية خطيرة وأهمها تلك المتعلقة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء وهيئة الانتخابات وهناك مراسيم عدلت القانون الانتخابي ومجلة الشغل وقانون التقاعد فضلا عن المراسيم التي نزلت وعودا سياسية للرئيس وخاصة منها المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالشركات الأهلية والمرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها والمرسوم عدد 14 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة والمرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته و المرســـوم عدد 10 لسنة 2022 المؤرّخ في 10 فيفري 2022 المتعلّق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد.

وفي قراءة لحصيلة هذه المراسيم قال وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام بجامعة قرطاج ومدير قسم القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس إنه لا بد من التذكير بأن الأمر عدد 117 الذي مر اليوم قرابة العام عن صدوره جاء لتجميع كل السلط في يد رئيس الجمهورية، وتأكد هذا التوجه بعد عشرة أشهر وتحديدا عندما جاء الدستور الجديد الذي أعطى صبغة دستورية لهذا الأمر..، وذكر أن الفترة الممتدة بين 22 سبتمبر 2021 وبين 25 جويلية 2022 هي فترة تمهيدية انتقالية لكي يقع وضع دستور جديد جاء ليعكس مباشرة وبصفة صريحة الأمر عدد 117، وهو ما يدل على أنه قبل الاستفتاء كانت تونس في فترة انتقالية يحكمها دستور صغير تحت عنوان تدابير استثنائية.

ولاحظ الجامعي في تصريح لـ "الصباح"  أن الأمر عدد 117 وضع نفسه في أعلى هرم السلطة ونصب نفسه في أعلى هرم الترتيب القانوني رغم أنه مجرد أمر صدر عن رئيس الجمهورية وهو ما يعكس وجود رغبة لدى الرئيس في تجميع كل السلطات، وذكر أن ما يقيم الدليل على هذا التوجه هو الانسجام الكبير بين مضامين الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وبين المراسيم الصادرة بعد هذا الأمر، وأضاف أن الأهم من ذلك هو أن هناك نصوصا قانونية صدرت استنادا إلى الأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية لكنها لم تتقيد بهذا الأمر ولم تحترمه.

وفسر الفرشيشي أن الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية نص في المادة 22 على أن يتولى رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي ويجب أن تهدف مشاريع هذه التعديلات إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها ويكرس دولة القانون ويضمن الحقوق والحريات العامة والفردية وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء للمصادقة عليها، وبالتالي هذا الأمر لم يتحدث مطلقا عن دستور جديد وإنما عن إصلاحات سياسية، لكن بعد مدة من إصدار هذا الأمر فهم التونسيون من خلال خطاب رئيس الجمهورية وجود توجه نحو سن دستور جديد. كما أن نتائج الاستشارة الوطنية التي قرر الرئيس تنظيمها لم تعبر عن مطلب شعبي بوضع دستور جديد بل كان المطلب تعديل هذا الدستور وتغيير النظام السياسي إذ بلغت نسبة المشاركين في الاستشارة ممن عبروا عن رغبتهم في سن دستور جديد 36 بالمائة فقط، وأضاف أنه يجب ألا ننسى أن العدد الجملي للمشاركين في الاستشارة الوطنية لم يتجاوز 540 ألفا.

ولاحظ أستاذ القانون العام أن الأمر عدد 117 جاء ليؤكد على أن رئيس الجمهورية يبقى مقيدا بالدستور وخاصة الفصل 80 منه وبالأمر الرئاسي عـدد 80 لسنة 2021 المؤرخ في 29 جويلية 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، والأمر الرئاسي عدد 109 لسنة 2021 المؤرخ في 24 أوت2021 المتعلق بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتعلقة بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، كما نص الأمر على أن يتواصل العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي أي الأمر عدد 117 لكن رئيس الجمهورية خالف أحكام الأمر الذي وضعه بنفسه وأعلن عن حل البرلمان كما أعلن عن حل المجلس الأعلى للقضاء وغير هيئة الانتخابات فكل هذه الإجراءات تتعارض مع الأمر عدد 117.

وبين وحيد الفشيشي أن المرسوم الذي سنه رئيس الجمهورية والذي بموجبه نقح القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء تمت مخالفته إذ لم يستشر رئيس الجمهورية المجلس الأعلى في  القرار الذي اتخذه بعزل قضاة ولم يكن هناك رأي صادر عن المجلس الأعلى بخصوص العزل.

وبخصوص أمد سريان الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بالتدابير الاستثنائية، بين أستاذ القانون العام وحيد الفرشيشي أنه من المفروض أن هذا الأمر الذي دخل حيز النفاذ في 22 سبتمبر الماضي يتواصل العمل به إلى غاية 25 جويلية أو إلى غاية ختم الدستور الجديد وإصداره في 17 أوت 2022 لكن الأمر عدد 117 مازال ساري المفعول طالما لم تدخل مؤسسات الدستور حيز النفاذ.. وبالتالي فإننا اليوم ومنذ 17 أوت الماضي في فترة يتزامن فيها تنفيذ الدستور والأمر عدد 117 وهو ما يقيم الدليل على أن رئيس الجمهورية وانطلاقا من يوم 25 جويلية 2021 وإلى غاية اليوم قوض ما يعرف بدولة القانون، وأشار محدثنا إلى أن دولة القانون تقوم على هرمية النصوص القانونية وعلى احترام المؤسسات لكن الرئيس هدم دولة القانون فهو فضلا على عدم تقديه بالنصوص التي يصدرها بنفسه لا يلتزم بتنفيذ الأحكام التي تصدر عن المحاكم مثل القرارات المتصلة بإيقاف تنفيذ قرارات إعفاء القضاة..

انتهاك للحقوق والحريات

تعقيبا عن سؤال حول تقييمه لمدى احترام مؤسسات الدولة لمقتضيات الأمر عدد 117 المتعلقة بالحقوق والحريات، أجاب الجامعي وحيد الفرشيشي أن هذا الأمر نص على تواصل العمل بباب الحقوق والحريات الوارد في دستور 2014 كما أن رئيس الجمهورية أكد في خطابه السياسي مرارا وتكرارا على أنه تم احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور ولكن في رصد للممارسات والانتهاكات والاعتداءات التي حصلت منذ 22 سبتمبر الماضي يتضح خلاف ذلك حيث تكررت إيقافات المدنيين  والإحالة على المحاكم العسكرية، بل زادت بشكل مفزع إذا تكفي الإشارة إلى أن عدد المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2020 بلغ 10 أشخاص فقط لكن منذ 25 جويلية 2021 وإلى غاية شهر مارس الماضي أي في غضون عشرة أشهر تجاوز عدد الأشخاص الذين تمت إحالتهم على المحاكم العسكرية 16 فردا.. وبين أنه إضافة إلى الإحالات على المحاكم العسكرية فقد تم خلال فترة التدابير الاستثنائية استعمال إجراء الوضع تحت الإقامة الجبرية بصفة مشطة، كما تم منع التظاهر والتجمهر في عدة مناسبات لعل أبرزها ما حصل يوم 22 جويلية في المظاهرة الاحتجاجية على الدستور الجديد من قمع للمتظاهرين وإحالة شباب على المحاكم. ولم تتوقع الممارسات عند هذا الحد حسب قول الجامعي بل كان هناك تضييق كبير على الأحزاب السياسية، حيث تمت عرقله أنشطة الأحزاب المعارضة للرئيس مثل الحزب الدستوري الحر والنهضة.

وعن سؤال آخر حول تقييمه للتوجهات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة الحاكمة منذ انطلاق العمل بالأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وذلك من خلال المراسيم التي مررها رئيس الجمهورية منذ 22 سبتمبر الماضي، أشار وحيد الفرشيشي إلى أنه عند الاطلاع على فحوى هذه المراسيم يتضح أن هناك غياب للبرامج العامة وللسياسات العامة، وإضافة إلى ذلك نجد أن حكومة نجلاء بودن تشتغل في واد وخطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد في واد آخر.. وفسر أن الخطاب السياسي للرئيس سعيد يتناقض تماما مع سياسات الحكومة، فرئيس الجمهورية في خطابه ندد بالاقتراض لكن منذ 25 جويلية 2021 كان عدد اتفاقيات القروض التي وقع تمريرها في شكل مراسيم مهولا، كما كان الرئيس في خطابه ضد التفريط في المؤسسات العمومية وضد منع الزيادات في الأجور وفي المقابل كانت كل جهود الحكومة منصبة حول الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي والتي فيها توجهات تتعارض مع مقولات الرئيس.

وذكر أستاذ القانون العام أن رئيس الجمهورية وحكومته لم يعالجا القضايا الاجتماعية وفي مقدمتها ملف الهجرة، إذ واصلت تونس قبول إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى أراضيها فهي الدولة الوحيدة في جنوب المتوسط التي تقبل إعادة المهاجرين غير النظاميين في ضرب للحقوق والحريات.  ولاحظ أن رئيس الجمهورية وبما أنه منذ 25 جويلية 2021 يحظى بجميع السلطات فهو يتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية نظرا لانعدام الرؤية الواضحة لمعالجة المشاكل وفي مقدمتها المديونية والتضخم وارتفاع الأسعار وهجرة الكفاءات..

سعيدة بوهلال

بعد عام من إصداره الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية:  سعيد يسن 77 مرسوما أغلبها قروض وامتيازات استغلال للمحروقات

 

تونس: الصباح

منذ عام من إصداره الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، مرر رئيس الجمهورية قيس سعيد 77 مرسوما 22 منها تم تمريرها سنة 2021 و55 سنة 2022 أغلبها قروض واتفاقيات ضمان وامتيازات استغلال محروقات، وهناك مراسيم قيدت الحقوق والحريات وكان أولها المرسوم عدد 1 لسنة 2021 المتعلق بجواز التلقيح ضد فيروس كورونا وآخرها المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال ، وتوجد مراسيم كانت لها تداعيات سياسية خطيرة وأهمها تلك المتعلقة بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء وهيئة الانتخابات وهناك مراسيم عدلت القانون الانتخابي ومجلة الشغل وقانون التقاعد فضلا عن المراسيم التي نزلت وعودا سياسية للرئيس وخاصة منها المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالشركات الأهلية والمرسوم عدد 20 لسنة 2022 المؤرخ في 9 أفريل 2022 المتعلق بمؤسسة فداء للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة وبأولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها والمرسوم عدد 14 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة والمرسوم عدد 13 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته و المرســـوم عدد 10 لسنة 2022 المؤرّخ في 10 فيفري 2022 المتعلّق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد.

وفي قراءة لحصيلة هذه المراسيم قال وحيد الفرشيشي أستاذ القانون العام بجامعة قرطاج ومدير قسم القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس إنه لا بد من التذكير بأن الأمر عدد 117 الذي مر اليوم قرابة العام عن صدوره جاء لتجميع كل السلط في يد رئيس الجمهورية، وتأكد هذا التوجه بعد عشرة أشهر وتحديدا عندما جاء الدستور الجديد الذي أعطى صبغة دستورية لهذا الأمر..، وذكر أن الفترة الممتدة بين 22 سبتمبر 2021 وبين 25 جويلية 2022 هي فترة تمهيدية انتقالية لكي يقع وضع دستور جديد جاء ليعكس مباشرة وبصفة صريحة الأمر عدد 117، وهو ما يدل على أنه قبل الاستفتاء كانت تونس في فترة انتقالية يحكمها دستور صغير تحت عنوان تدابير استثنائية.

ولاحظ الجامعي في تصريح لـ "الصباح"  أن الأمر عدد 117 وضع نفسه في أعلى هرم السلطة ونصب نفسه في أعلى هرم الترتيب القانوني رغم أنه مجرد أمر صدر عن رئيس الجمهورية وهو ما يعكس وجود رغبة لدى الرئيس في تجميع كل السلطات، وذكر أن ما يقيم الدليل على هذا التوجه هو الانسجام الكبير بين مضامين الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وبين المراسيم الصادرة بعد هذا الأمر، وأضاف أن الأهم من ذلك هو أن هناك نصوصا قانونية صدرت استنادا إلى الأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية لكنها لم تتقيد بهذا الأمر ولم تحترمه.

وفسر الفرشيشي أن الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية نص في المادة 22 على أن يتولى رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي ويجب أن تهدف مشاريع هذه التعديلات إلى التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي بينها ويكرس دولة القانون ويضمن الحقوق والحريات العامة والفردية وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، ويعرضها رئيس الجمهورية على الاستفتاء للمصادقة عليها، وبالتالي هذا الأمر لم يتحدث مطلقا عن دستور جديد وإنما عن إصلاحات سياسية، لكن بعد مدة من إصدار هذا الأمر فهم التونسيون من خلال خطاب رئيس الجمهورية وجود توجه نحو سن دستور جديد. كما أن نتائج الاستشارة الوطنية التي قرر الرئيس تنظيمها لم تعبر عن مطلب شعبي بوضع دستور جديد بل كان المطلب تعديل هذا الدستور وتغيير النظام السياسي إذ بلغت نسبة المشاركين في الاستشارة ممن عبروا عن رغبتهم في سن دستور جديد 36 بالمائة فقط، وأضاف أنه يجب ألا ننسى أن العدد الجملي للمشاركين في الاستشارة الوطنية لم يتجاوز 540 ألفا.

ولاحظ أستاذ القانون العام أن الأمر عدد 117 جاء ليؤكد على أن رئيس الجمهورية يبقى مقيدا بالدستور وخاصة الفصل 80 منه وبالأمر الرئاسي عـدد 80 لسنة 2021 المؤرخ في 29 جويلية 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، والأمر الرئاسي عدد 109 لسنة 2021 المؤرخ في 24 أوت2021 المتعلق بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتعلقة بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، كما نص الأمر على أن يتواصل العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي أي الأمر عدد 117 لكن رئيس الجمهورية خالف أحكام الأمر الذي وضعه بنفسه وأعلن عن حل البرلمان كما أعلن عن حل المجلس الأعلى للقضاء وغير هيئة الانتخابات فكل هذه الإجراءات تتعارض مع الأمر عدد 117.

وبين وحيد الفشيشي أن المرسوم الذي سنه رئيس الجمهورية والذي بموجبه نقح القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء تمت مخالفته إذ لم يستشر رئيس الجمهورية المجلس الأعلى في  القرار الذي اتخذه بعزل قضاة ولم يكن هناك رأي صادر عن المجلس الأعلى بخصوص العزل.

وبخصوص أمد سريان الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بالتدابير الاستثنائية، بين أستاذ القانون العام وحيد الفرشيشي أنه من المفروض أن هذا الأمر الذي دخل حيز النفاذ في 22 سبتمبر الماضي يتواصل العمل به إلى غاية 25 جويلية أو إلى غاية ختم الدستور الجديد وإصداره في 17 أوت 2022 لكن الأمر عدد 117 مازال ساري المفعول طالما لم تدخل مؤسسات الدستور حيز النفاذ.. وبالتالي فإننا اليوم ومنذ 17 أوت الماضي في فترة يتزامن فيها تنفيذ الدستور والأمر عدد 117 وهو ما يقيم الدليل على أن رئيس الجمهورية وانطلاقا من يوم 25 جويلية 2021 وإلى غاية اليوم قوض ما يعرف بدولة القانون، وأشار محدثنا إلى أن دولة القانون تقوم على هرمية النصوص القانونية وعلى احترام المؤسسات لكن الرئيس هدم دولة القانون فهو فضلا على عدم تقديه بالنصوص التي يصدرها بنفسه لا يلتزم بتنفيذ الأحكام التي تصدر عن المحاكم مثل القرارات المتصلة بإيقاف تنفيذ قرارات إعفاء القضاة..

انتهاك للحقوق والحريات

تعقيبا عن سؤال حول تقييمه لمدى احترام مؤسسات الدولة لمقتضيات الأمر عدد 117 المتعلقة بالحقوق والحريات، أجاب الجامعي وحيد الفرشيشي أن هذا الأمر نص على تواصل العمل بباب الحقوق والحريات الوارد في دستور 2014 كما أن رئيس الجمهورية أكد في خطابه السياسي مرارا وتكرارا على أنه تم احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور ولكن في رصد للممارسات والانتهاكات والاعتداءات التي حصلت منذ 22 سبتمبر الماضي يتضح خلاف ذلك حيث تكررت إيقافات المدنيين  والإحالة على المحاكم العسكرية، بل زادت بشكل مفزع إذا تكفي الإشارة إلى أن عدد المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2020 بلغ 10 أشخاص فقط لكن منذ 25 جويلية 2021 وإلى غاية شهر مارس الماضي أي في غضون عشرة أشهر تجاوز عدد الأشخاص الذين تمت إحالتهم على المحاكم العسكرية 16 فردا.. وبين أنه إضافة إلى الإحالات على المحاكم العسكرية فقد تم خلال فترة التدابير الاستثنائية استعمال إجراء الوضع تحت الإقامة الجبرية بصفة مشطة، كما تم منع التظاهر والتجمهر في عدة مناسبات لعل أبرزها ما حصل يوم 22 جويلية في المظاهرة الاحتجاجية على الدستور الجديد من قمع للمتظاهرين وإحالة شباب على المحاكم. ولم تتوقع الممارسات عند هذا الحد حسب قول الجامعي بل كان هناك تضييق كبير على الأحزاب السياسية، حيث تمت عرقله أنشطة الأحزاب المعارضة للرئيس مثل الحزب الدستوري الحر والنهضة.

وعن سؤال آخر حول تقييمه للتوجهات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة الحاكمة منذ انطلاق العمل بالأمر المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وذلك من خلال المراسيم التي مررها رئيس الجمهورية منذ 22 سبتمبر الماضي، أشار وحيد الفرشيشي إلى أنه عند الاطلاع على فحوى هذه المراسيم يتضح أن هناك غياب للبرامج العامة وللسياسات العامة، وإضافة إلى ذلك نجد أن حكومة نجلاء بودن تشتغل في واد وخطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد في واد آخر.. وفسر أن الخطاب السياسي للرئيس سعيد يتناقض تماما مع سياسات الحكومة، فرئيس الجمهورية في خطابه ندد بالاقتراض لكن منذ 25 جويلية 2021 كان عدد اتفاقيات القروض التي وقع تمريرها في شكل مراسيم مهولا، كما كان الرئيس في خطابه ضد التفريط في المؤسسات العمومية وضد منع الزيادات في الأجور وفي المقابل كانت كل جهود الحكومة منصبة حول الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي والتي فيها توجهات تتعارض مع مقولات الرئيس.

وذكر أستاذ القانون العام أن رئيس الجمهورية وحكومته لم يعالجا القضايا الاجتماعية وفي مقدمتها ملف الهجرة، إذ واصلت تونس قبول إعادة المهاجرين غير النظاميين إلى أراضيها فهي الدولة الوحيدة في جنوب المتوسط التي تقبل إعادة المهاجرين غير النظاميين في ضرب للحقوق والحريات.  ولاحظ أن رئيس الجمهورية وبما أنه منذ 25 جويلية 2021 يحظى بجميع السلطات فهو يتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية نظرا لانعدام الرؤية الواضحة لمعالجة المشاكل وفي مقدمتها المديونية والتضخم وارتفاع الأسعار وهجرة الكفاءات..

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews